في مسرح العرائس يعيش كطفل، يستحضر ذكريات الماضي في تحريك خيوطها بخفة، وابتكار حكايات لها من وحي الخيال. ليس هذا فحسب، بل يجد الفنان مُحسن عمر متعة فريدة في صناعة الدُّمى ورسم ملامح شخصياتها إلى أن تدب فيها الحياة على خشبة المسرح.

حول العرائس وأنواعها وطريقة صنعها والعروض التي يقدّمها كان اللقاء التالي معه.

Ad

كيف كانت بدايتك في مجال صناعة الدُمى؟

في عام 1995 انتدبتني وزارة الثقافة المصرية إلى المسرح القومي، وحظيت بمشاهدة عروض لكبار الفنانين مثل نور الشريف وفاروق الفيشاوي ومحمود ياسين ويحيى الفخراني وعبدلله غيث وغيرهم، ثم كُلفت بالعمل في مسرح العرائس، وهناك شاهدت أول عرض مسرحي للعرائس بعنوان «أبوعليّ»، ورأيت مدى توافق الأداء الصوتي للعرائس مع الحركة ومدى انفعال الممثل مع العرائس واندماجه معها. كذلك رأيت كيفية الوصول بالطفل إلى المتعة والإبهار من دون نجومية، فالفنان هنا قطعة خشبية ومجموعة خيوط تتحرك مع الدمى.

من ساهم في عشقك لهذا الفن؟

مدير عام المسرح السابق الفنان جمال الموجي، هكذا كانت بداية انبهاري بفن العرائس.

ما أبرز أنواع العرائس المتحركة؟

ثمة أربعة أنواع، «القفاز» عبارة عن مقبض سلك ويتم تحريك الدمى بالخيوط، «الجوانتي» مثل الأراجوز، «خيال الظل» عرائس بلاستيكية يتم تحريكها من خلف شاشة عرض، عرائس «البابيك» وتنقسم إلى نوعين: الأول يمكن ارتداء هيكل الدُمى، الثاني وضع يد الممثل داخل فم الدمى وتحريكه مع الكلام مثل عرائس «عالم سمسم» و»بوجي وطمطم»، إلى جانب أقنعة العرائس والحيوانات.

ما الخصوصيّة التي يتميّز بها عالم العرائس؟

ننطلق منه إلى عالم الخيال اللامحدود الذي يستهوي الطفل. عموماً، العرائس هي أقرب أنواع الفنون إلى الصغار.

ما الخامات التي تستخدمها فى تصنيعها؟

«الماريونيت» تصنع من قطعة خشبية على شكل صليب وخيوط تمسك بالدُمى من الأطراف كافة، أما «القفاز» فيصنع من الإسفنج أو الكاربه وهو عبارة عن ورق مخمر لعدة أيام ثم يحول إلى عجين ويُشكل على هيئة دُمية ثم نلوّنها، وبالنسبة إلى «الجوانتي» فهي قطعة من القماش وأدوات بسيطة يضع الممثل يده في داخلها مثل الأراجوز، أما «خيال الظل» فهي عرائس من البلاستيك لا تظهر هي بل خيالها.

إلى أي زمن يعود فن العرائس؟

إلى زمن الفراعنة عندما كانت تصنع الدمى كهدايا لأبناء الملوك لتسليتهم، وظهرت العرائس بقوة في العصر الفاطمي كنوع من الاستهزاء من الحاكم، وظل الأمر على هذا النحو لغاية اليوم، ولدينا كثير من العروض والإبداعات والأفكار في العصر الحديث، أبرزها «الليلة الكبيرة» للمبدعين سيد مكاوي وصلاح جاهين.

هل تم ابتكار أنواع جديدة من العروض؟

بالطبع، مثل عرض «عروسة خشب» وهو عبارة عن تدريب الأطفال على بعض المشاهد ليؤدوها بأنفسهم على خشبة المسرح.

صممت أنواعاً من العرائس لشخصيات فنية معروفة، حدثنا عن أبرزها.

صممت دمية على شكل الفنان الراحل اسماعيل يس وهو يرتدي البيجاما، وهي أقرب الدمى التي صممتها إلى قلبي وأقدمها، وجاءت في إطار عرض مسرحي شيق مصحوبة بأغنيته الشهيرة «عايز أروح»، وأيضاً صممت دمى «بكار ورشيدة» ودمية على شكل الفنانة نانسي عجرم.

كم تستغرق من وقت لتصنيع الدمى؟

بين شهر وشهر ونصف الشهر، لكل دمية تعبير تنقله للطفل، على سبيل المثال، العروسة التي لها أذنان كبيرتان، تعني أنها تتنصت على الناس، وصاحبة أنف كبير تعني أنها كاذبة أو فضولية... كل ذلك ينعكس على الطفل بطريقة مباشرة ويجعله يرفض أن يكون مثل هذه العرائس.

ما العوائق التي تواجهك في هذا المجال؟

فن العرائس مهمش، ولم ينل حقه مثل الفنون الأخرى، على رغم أنه يحمل الكثير من القيم والمعاني الإنسانية الجميلة التي يجب أن تنهض عليها تربية الأطفال، إلا أنه في نهاية كل عرض ومع وصول فكرتي إلى الأطفال أشعر بتعويض كبير واعتبر ذلك مكافأة لي.

ما الذي يشعرك بالتميز عن الآخرين في هذا الفن؟

الانفعالات الشخصية للدُمية لا بد من أن تكون جزءاً من الممثل، على سبيل المثال إذا شعرت الدمية بأي إحساس أو انفعال فيجب أن يكون نفسه لدى الممثل وتبدو الدمية كأنها شخص حقيقي، وأنا أشعر دائماً بأنني جزء من الدمية.

ما أبرز العروض التى قدمتها؟

«الأميرة والتنين، الرحلة العجيبة، سندريلا، مرجان والأميرة نورهان، سامر وسمر، كنز الكنوز، ليه يا بهلول، حلم الوزير سعدون، المغامرون»...

ما المشكلات التي تناقشها في عروضك؟

موضوعات كثيرة من بينها: تضييع الوقت والكسل، بمعنى تعليم الطفل كيفية الاستفادة من وقته، السلام والتسامح وتمسك الطفل بالكتاب، وفي عرض «الأميرة والتنين» ناقشت الفروق الطبقية والصراع بين الخير والشر, وثمة عروض أخرى تناقش أموراً سياسية.

ما الذي تطمح إلى تحقيقه لفن العرائس المتحركة مستقبلاً؟

تقديم عروض عالمية في الغرب، والتعرف بشكل أكبر إلى تجارب مشاهير هذا الفن حول العالم للاستفادة منها وتقديم أفكار مشتركة.