في هذه الأوراق، تصادف قتلة ومجرمين وقطاع طرق، ربما تعثر على بعض السكاكين والمسدسات وكثير من العدوانية، لكنك أيضاً ستعثر على أسباب غريبة للجريمة، وعلى ما لا يمكن أن تجده لدى المحللين والخبراء وصناع القرار... إنها أوراق حقيقية من أجندات ضباط مباحث، أتاحوها لقارئ «الجريدة» بما تضمه من وقائع وصور وذكريات مطارداتهم لتلك اليد الخفية، التي عرفتها البشرية منذ الأزل، وهي يد القاتل.

Ad

في الثامنة مساء، كانت سيارة حمراء تخرج من أحد شوارع المعادي المزروعة بالأشجار على الجانبين، داخل السيارة فتاة في عمر الزهور، لم يتجاوز عمرها 17 عاماً، تجلس وتبتسم إلى جوار خطيبها الذي يقود السيارة في اتجاه أحد الكازينوهات المطلة على النيل للاحتفال بعيد ميلاد الفتاة، التي خرجت بإذن من أسرتها من دون أن تعرف أنها ستكون ضحيَّة بريئة لجريمة، ستنتهي بإعدام خمسة ذئاب!!

ينزل من سيارة الأجرة شاب يتبعه ثلاثة شبان يقفون خلفه وهو يطلب من قائد السيارة 50 جنيهاً وإلا تعرض لما لا يُحمد عقباه، يتلفت قائد السيارة يميناً ويساراً فيكتشف أنه محاصر، فكَّر بسرعة ماذا يمكن أن يحدث لخطيبته لو نشبت مشاجرة بينه وبين الشبان الأربعة، الذين كانت أعينهم تلتهمها، بينما أصواتهم تدل على أنهم تحت تأثير المخدر!! أخرج الشاب كل ما في جيبه فلم يزد على 25 جنيهاً... لكن زعيم الشباب الأربعة رفض وراح يطلب من الفتاة أن تغادر السيارة وتركب معهم بعد أن أشهر سلاحاً أبيض في وجهها بينما فتح شاب آخر باب السيارة من ناحية الفتاة وأخرج سكيناً وضع نصله فوق رقبتها!

الهدوء الرهيب في شوارع المعادي القديمة لم يكن في صالح الفتاة وخطيبها... لكن سيارة أخرى زرقاء قديمة توقفت أمام السيارتين ونزل منها شاب يقدم نفسه على أنه ابن أحد رجال الشرطة في قسم المعادي وطلب من الشاب والفتاة وباقي الواقفين أن يتجهوا معه إلى قسم الشرطة للتحقيق في الواقعة... تركت الفتاة سيارة خطيبها تحت تهديد السلاح وركبت معه سيارة الشاب الأخير ومعهما زعيم الشبان الأربعة... بينما ركب الثلاثة الآخرون السيارة الثانية لتمضي السيارتان في اتجاه واحد وتظل سيارة الفتاة وخطيبها في مكانها!!

انقبض قلب الفتاة حينما شعرت أن السيارة التي تركبها مع خطيبها تخترق الشوارع غير المأهولة والمظلمة من دون أن تتجه إلى قسم الشرطة... سمعت قائد السيارة الذي ادعى أنه ابن أحد رجال الشرطة يحدث زعيم الشبان الأربعة باسمه أحمد... فأدركت وخطيبها أن الشبان الخمسة في السيارتين عصابة واحدة!

وفي منطقة شديدة الظلام توقفت السيارة وأشهر قائدها السلاح وهو يطلب من خطيب الفتاة أن يترك السيارة وينزل فوراً... السيارة الثانية هبط منها الشبان الثلاثة وجذبوا خطيب الفتاة إلى الشارع، بينما مزَّق أحمد وزميله ملابس الفتاة بالمطواة وهدداها بالذبح إذا خرج منها أي صوت، استسلمت الفتاة فاغتصبها الشابان ثم نزلا من السيارة في زهو وقالا لباقي الشبان الثلاثة ليأخذ كل منهم دوره!!

ساعة ونصف الساعة والشبان الخمسة يتناوبون على اغتصاب الفتاة، يدخل أحدهم إلى السيارة ويتولى الأربعة شل حركة خطيبها الذي كان يبكي بحرقة وهو يتخيل ما يحدث داخل السيارة الزرقاء!!

وبسرعة البرق هرب الجناة بعدما ألقوا بالفتاة عارية في الشارع وتناثرت ملابسها في الهواء وهم يلقون بها قطعة بعد قطعة من نوافذ السيارة الزرقاء وهي تنطلق وبجوارها سيارة الأجرة!!

كان المهم في تلك اللحظة أن يجري خطيب الفتاة يميناً ويساراً ليجمع ملابس خطيبته التي تقف عارية، ومنهارة، تلطم خديها... أسرع الخطيب بالملابس إلى خطيبته فسترت نفسها بها، ثم وقعت مغشية عليها فلم يجد خطيبها حلا سوى أن يتصل بأهل خطيبته وبالإسعاف في وقت واحد! وصل الأهل... روعتهم الصدمة... ووصلت الإسعاف فنقلت الفتاة إلى المستشفى حيث قررت أسرتها أن تواجه الموقف من دون خوف من الفضيحة على رغم أن جميع أفرادها يعملون في وظائف مرموقة... أبلغوا الشرطة بالحادث ثم سمحوا لخطيب ابنتهم أن يروي في محضر الشرطة جميع تفصيلات الواقعة التي أضافت عليها خطيبته تفاصيل ما دار داخل السيارة الزرقاء، وحددت أوصاف المتهمين، بينما تمكن خطيبها مع بعض التركيز من أن يتذكر رقم السيارة التي دنس فيها الذئاب شرف الحسناء الصغيرة!!

شَدة هيروين

البلاغ في تلك السنة، 1985، كان جديداً من نوعه ومثيراً للرأي العام ولطمة على وجه أجهزة الأمن التي كان أقل اتهام تواجهه هو القصور في أداء مهامها وندرة الدوريات الأمنية في الأحياء الراقية! وعلى الفور وُضعت الأكمنة في جميع الطرق الداخلية في القاهرة والجيزة والصحراوية والزراعية، فربما حاول المتهمون الهرب إلى إحدى المحافظات! كانت ليلة غريبة على العاصمة المصرية، فالقاهرة تبدو بوضوح أنها أصبحت تحت سيطرة الأمن وتساءل الناس عما حدث... عرف الداني والقاصي بحكاية فتاة المعادي، وتخيل كل إنسان لو أن هذا الحادث وقع لابنته أو أخته. لكن كان الله بنا لطيفاً، استطعنا ضبط السيارة في أحد الأكمنة وتوالى سقوط الذئاب... كان الإجراء الأول هو الكشف الطبي وتحليل دمائهم... وثبت أنهم جميعاً تحت تأثير الهيروين!!

صاحب سيارة الأجرة كان أول من اعترف... اسمه أحمد، قال:

• اسألوا عني... أنا شاب ملتزم طول عمري... تخرجت منذ عامين. كانت طموحاتي كبيرة وكرهت أن أظل عاطلاً في انتظار خطاب التعيين، وساعدتني أمي على دفع مقدم سيارة أجرة بعدما باعت بعض الحلي الذهبية التي كانت تدخرها للزمن... وعرفت معنى المكسب حينما بدأت نقل الركاب بين القاهرة وبورسعيد. كنت أحتفظ بجزء من المكسب لسداد الأقساط وتمكنت من الزواج بما ادخرته بالجزء الآخر بينما كان زملائي الذين تخرجوا معي لا يزالون يتقاضون المصروف من أهلهم. كانت أحلامي كبيرة في أن أمتلك ثلاث سيارات أجرة. كنت سعيداً بزوجتي التي أنجبت لي طفلة جميلة وبدعاء أمي التي أحسنت تربيتي بعد وفاة أبي... لكن في اليوم المشؤوم ذهبت إلى الميكانيكي الذي يقوم بصيانة سيارتي أسبوعياً ففوجئت به يدعوني لأشرب معه ومع أصدقائه الشاي في حجرة صغيرة ملحقة بالورشة، حتى ينتهي صبيانه من غسل السيارة وتجربتها. داخل الحجرة الصغيرة أصر الميكانيكي وأصدقاؤه على أن يقوموا بـ{واجب» معي وشد «تذكرة» هيروين! حاولت الرفض، لكنهم لم ييأسوا حتى جعلوني أجاريهم. لعب الهيروين في رأسي، وبعد وقت قصير لم أشعر باتزاني بينما اقترح أحد الموجودين أن ننطلق في الهواء لنشعر بالانتعاش... وبالفعل خرجنا جميعاً وأمر الميكانيكي صبيانه بغلق الورشة... ركبت سيارتي ومعي ثلاثة من الأصدقاء الجدد وركب الميكانيكي السيارة الزرقاء التي يملكها. في الطريق رأى الثلاثة امرأة تسير بالطريق، جميلة للغاية، نظروا إليَّ وسألوني عن رأيي في خطف السيدة واغتصابها... كنا في حالة رغبة جنسية مشتركة، وبينما نتناقش ابتعدت السيدة. اقتربنا من سيارة الميكانيكي، وأشرنا إليه بالتوقف، وتبادلنا جميعاً الحوار واتفقنا على تنفيذ الفكرة في حي المعادي الذي كنا على مقربة منه... ووضع الميكانيكي السيناريو الذي كان من مشاهده أن يسير خلفنا حتى نختار الفريسة ونناقشها ثم يظهر مدعياً أنه أحد أبناء رجال الشرطة وبدلاً من أن يصطحبنا إلى القسم يقودنا إلى منطقة مهجورة نغتصب فيها الفريسة التي لم نكن نعرفها!! ثم توالت الأحداث. أنا بعيد عن الجريمة طول عمري. هذه أول غلطة في حياتي!!

أثبتت التحريات أنها فعلاً أول غلطة يرتكبها أحمد، لكنها وبحكم القانون كانت آخر غلطة، أيضاً، فقد حكمت الجنايات بإعدام الذئاب الخمسة!

ورقة وقلم

بمناسبة الإعدام، أود أن أسجِّل هنا أمنية، كانت تراودني كثيراً منذ تخرجي في كلية الشرطة، وهي حضور تنفيذ حكم الإعدام. لكنني مع زحام العمل، نسيت هذه الأمنية حتى تذكرتها أخيراً، وأنا منتدب لمصلحة السجون، وشاء حظي أن يتم اختياري ضمن الهيئة التي أشرفتْ على تنفيذ إعدام الشاب، صاحب الغلطة الأولى في حياته! أعترف أنني لم أكن في كامل تركيزي كعضو هيئة الإعدام، التي كان ضمن أعضائها رئيس النيابة ومأمور السجن وواعظ الأزهر، الذي شدتني لحظة حواره مع الشاب الباكي، والذي لم يعد باقياً من عمره سوى 15 دقيقة!

كان الواعظ يطلب منه أن يردد خلفه عبارات التوبة والشهادتين... وكان السؤال التقليدي من رئيس النيابة للمتهم: هل تريد شيئاً قبل إعدامك؟! ردَّ الشاب بأنه يريد ورقة وقلماً ليكتب رسالة قصيرة إلى زوجته وأمه، واشترط عليه رئيس النيابة الاختصار حتى يتم الإعدام في الموعد المحدد والقانوني، ووافق الشاب، وتوليت أنا منحه قلماً وورقة، وبعد موافقة النيابة جلس الشاب إلى الأرض وأسند الورقة إلى فخذه وكتب بيد مرتعشة:

أمي الحبيبة... سامحيني... أحياناً يدفع الإنسان حياته ثمناً لغلطة وحيدة يرتكبها في حق نفسه وحق الآخرين!

زوجتي الحبيبة... القصاص مني في الدنيا أهون من العيش وأنا أتخيل ابنتي في موقف الفتاة البريئة التي اغتصبناها؟!

تسلمتُ منه الورقة واقشعر بدني وهو يهمس لي بأن توصيلها إلى أمه أمانة في عنقي!! رأيت للمرة الأولى في حياتي وجه إنسان يحدثني، وقد انسحبت منه الدماء تماماً! حينما قصصت على هيئة تنفيذ حكم الإعدام مشاعري بعدما عدنا إلى مكتب مأمور السجن انفتحت شهية الجميع للحديث عن ذكرياتهم. قال رئيس النيابة إنه في مرة سابقة وأثناء تنفيذ حكم الإعدام في قاتل وبعد أن سأله إن كان يريد شيئاً تفاجأ به يطلب صلاة ركعتين لله! وبعد تفكير عميق وسريع رفضت طلبه لشعوري بأنه لا يريد الصلاة للصلاة وإنما لكسب الوقت، وتوقعت أنه سيطيل الصلاة ولن يخرج منها وربما وضعنا في موقف شرعي غير سليم لو أجبرناه على الخروج من الصلاة!! وقال مأمور السجن إنه يتذكر يوم إعدام قاتل التاجر اليوناني، طلب المتهم قبل ذهابه إلى حبل المشنقة أن نمنحه دواء لعلاج الصداع وحدده بالأسبرين... وعلة رغم غرابة الطلب من إنسان سيموت بعد دقائق وافق رئيس الهيئة لأنه شخصياً كان يحتفظ بشريط أسبرين في جيبه. أحضرنا كوب ماء وتناول المتهم حبتين ثم توجه إلى حبل المشنقة!!

قبل أن ينتهي حوارنا في مكتب المأمور، كان عشماوي قد انتهى من إعدام مغتصب فتاة المعادي! وتصادف وصول أحد كبار لواءات المباحث المتقاعدين بعد سن الستين وكان صديقاً لمأمور السجن وشاركنا الحوار، وحكى لنا عن لحظات إعدام أول سفاح في مصر، اسمه سعد إسكندر واشتهر بلقب سفاح كرموز، واسمحوا هنا أن أسجِّل ما رصدته من القصة التي رواها لنا اللواء الشهير عن تلك اللحظات والطلب الغريب الذي فوجئت به هيئة التنفيذ من سعد إسكندر!

ابتسامة الموت

في تمام الساعة الثامنة صباح يوم الأحد 25 فبراير 1953، دخل المتهم سعد اسكندر إلى حجرة الإعدام في سجن الحضرة في الإسكندرية. إنه أول محكوم عليه بالإعدام يواجه حبل المشنقة مبتسماً بعد رحلة مثيرة لم تتجاوز 20 دقيقة تم خلالها إنزاله من زنزانته، ومثوله أمام لجنة تنفيذ حكم الإعدام!

في السابعة والنصف صباح هذا اليوم، فتح الحراس باب زنزانة «سعد» الملقب بسفاح كرموز بعدما أدانته محكمة جنايات الإسكندرية بقتل السيدة «بمبة» العجوز في التسعين من عمرها، وقتل وزيري فام تاجر الأقمشة، والشروع في قتل السيدة «قطقوطة» في العام نفسه!

ودار شريط الذكريات بسرعة أمام عيني سفاح كرموز أثناء مغادرته زنزانته، فحكم الإعدام سينفذ فيه بعد دقائق. تذكر المتهم قضيته الأولى التي قتل فيها العجوز «بمبة» عندما تصادف وجود جارتها «قطقوطة» التي حاول أن يقتلها أيضاً، لكنها نجت من الموت بأعجوبة. وحينما أفرجت عنه المحكمة بكفالة مالية، عاد يقتل تاجر الأقمشة وزيري فام، وأخفى جثته. ولم يكن نجاح سعد في التخفي والهروب من عيون المباحث بعض الوقت يعني ضياع الجريمة، فقد ألقى الملازم فخري عبد الملاك القبض عليه بعد معلومة وصلته من كاتب حسابات في محكمة أسيوط اسمه زكي سليمان أبلغ عن أن السفاح يتأهب لركوب إحدى سيارات السفر بين المحافظات، وحصل هذا المواطن على مكافأة خمسمائة جنيه، خصصتها وزارة الداخلية لمن يرشد عن السفاح!

مر شريط الذكريات في لمح البصر، واقتربت خطوات سعد إسكندر من حجرة الإعدام، شارداً... واجماً... يبدو أنه غارق في التفكير، أو ربما الندم، أو ربما يتخيل حبل المشنقة حول عنقه، وهو الشاب الوسيم المشهور بأناقته وغرام النساء به. لقد حكى بنفسه في اعترافاته أنه ضحية ثلاث نساء دخلن حياته من أوسع الأبواب، بالإضافة إلى «دلع» أهله والتصاقه بأصدقاء السوء!

لحظات أخرى واكتمل حضور اللجنة المشرفة على تنفيذ حكم الإعدام: البكباشي حسن عبد المقصود، مأمور سجن الحضرة ووكيله اللذان أشرفا على إجراء تجربة على حبل المشنقة في تمام السابعة صباح هذا اليوم... وانضم إلى الجنة أيضاً الأميرلاي أحمد علي، الوكيل العام لمصلحة السجن، والقائم مقام عبدالمنعم فريد، كبير مفتشي السجون، والدكتور صالح شكري والدكتور فيكتور عبدالسيد طبيب السجن، والأساتذة: إسماعيل حسن، وكيل أول نيابة الاستئناف، ومصطفى عثمان ومحمد الجندي وفريد فهمي وسامي علي، وكلاء النيابة... وقسيس السجن الأب أثناسيوس بطرس.

ماء ودخان

الثامنة إلا عشر دقائق، همس السفاح لحارسه قائلا: «... هو خلاص مش هارجع الزنزانة تاني؟!». ولم يرد الحارس على سؤال سعد الذي يريد أن يتعلق في قشة قد تنقذه من حكم الإعدام، فقد وضح عليه تأثره الشديد منذ غادر زنزانته رقم 64 بالدور الثاني عنبر «ب»!

وبدأت الإجراءات تتلاحق... نادى القس على سعد واصطحبه إلى ساحة التنفيذ... تلا مأمور السجن الحكم الصادر بالإعدام، وحكم النقض بتأييد الإعدام. والغريب أن سعد بدأ يعود إلى ابتسامته العريضة، وكأن ما يحدث لا يعنيه! القس يقرأ في كتابه الديني بصوت مسموع، ويحاول تهدئة روع سعد.

وسأل مأمور السجن سعد إسكندر: هل تريد شيئاً قبل تنفيذ الإعدام؟! بهدوء شديد وبالابتسامة نفسها قال سعد:

** عاوز أشرب... وعاوز سيجارة... أو حتى نفسين!!

وافق مأمور السجن بعد إذن ممثل النيابة العامة، ومنح السفاح سيجارة، وأمر بإحضار كوب ماء له... سعد مقيد اليدين، أشعل حارسه السيجارة ثم وضعها في فم سعد ليجذب منها نفساً، ثم يجذب النفس الثاني... وصاح ممثل النيابة العامة: «خلاص كفاية دخان!».

شرب سعد كوب الماء عن آخره، وبإشارة من ممثل النيابة اقتيد السفاح إلى حجرة الإعدام، والتف حبل المشنقة حول عنقه، وغطى القناع الأسود رأسه، وفتح عشماوي الأرض تحت قدميه... سعد يسقط على الفور!

استمر نبض السفاح دقيقتين وخمس ثوان... وزنه 64 كيلوغراماً ووزنه يوم دخوله السجن 58 كيلوغراماً... وبعد الصلاة على جثمان سعد سلم القس الجثة إلى سيارة الإسعاف، طلب شقيقه نقل الجثة إلى سيارة نقل الموتى، لكن طلبه قوبل بالرفض تطبيقاً للقانون الذي يلزم لجنة تنفيذ حكم الإعدام وإدارة السجن بعدم الاحتفال بجنازة المحكوم عليه بالإعدام.

وفي أحد مكاتب السجن... تسلم شقيق «سعد» الأحراز الموجودة على ذمة القضية، وتخص السفاح ومن بينها ملابسه وساعة يده التي ربما ما زالت عقاربها تتحرك على رغم أن دقات قلب صاحبها توقفت!