-المستثمرون لم يجدوا فرصاً جيدة في ظل غياب التحفيز الحكومي خلال الأزمة المالية

Ad

تتكدس في البنوك المحلية مبالغ مليارية تتجاوز قيمتها 26.8 مليار دينار هي ودائع القطاع الخاص من شركات ومؤسسات وأفراد وجدت في الودائع، رغم محدودية عوائدها، فرصة معقولة في ظل شبه انعدام الفرص الاستثمارية في الكويت.

هذه المبالغ ما كانت لتتكدس في البنوك لو كان في الكويت بيئة استثمار حقيقية او مشاريع بنية تحتية تتيح للشركات المساهمة في تمويلها، لذلك نمت قيمة الودائع بين عامي 2010 و2011 بنحو 7.8 في المئة، اذ كانت 24.791 مليار دينار ووصلت الى 26.8 مليارا، بل إن قيمة ودائع القطاع الخاص لدى الجهاز المصرفي ارتفعت خلال 5 اعوام إلى أكثر من 8 مليارات دينار، إذ كانت عام 2007 تبلغ 16.5 مليار دينار، أي ان نسبة الزيادة خلال 5 اعوام ناهزت 62 في المئة.

بالطبع هذه النسبة في نمو قيمة ودائع القطاع الخاص لدى البنوك لا يمكن ان تكون مؤشرا ايجابيا على حالة الاقتصاد لأن التسارع في النمو بهذه الطريقة في الودائع، في ظل نظام مصرفي اتجه اكثر من مرة خلال 5 سنوات الى خفض سعر الخصم على الفائدة، يعني ان المستثمرين لم يجدوا اي فرصة استثمارية، خصوصا في غياب اجراءات الحكومة للتحفيز خلال الأزمة المالية.

الأقل خليجياً

وفي الحقيقة، فإن الكويت تعتبر اقل دول الخليج إنفاقا على مشاريع البنية التحتية، فتكلفة مشاريع البنى التحتية والبناء ومشاريع النفط والغاز قيد التنفيذ وفي مرحلة التخطيط في دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 1.86 تريليون دولار، أو ما يعادل 171 في المئة من الناتج الإجمالي لدول الخليج لعام 2010، البالغ 1.08 تريليون دولار.

واستحوذت كل من السعودية والإمارات على نصيب الأسد من تلك المشاريع بقيمة 664 مليار دولار للأولى، و643 مليار دولار للثانية، أي بنسبة 70 في المئة. أما الكويت فقد تذيلت القائمة بمشاريع قيمتها 140 مليار دولار بنسبة 7.5 في المئة متخلفة عن القائمة الخليجية في الانفاق على المشاريع التي هي أصلا مشاريع قيد التخطيط.

بل إن البيانات المجمعة لميزانية دولة الكويت تشير الى أن الفائض المالي التراكمي منذ 2000 الى 2010 ناهز 49 مليار دينار، وهو مبلغ ضخم، على الإدارة الحكومية أن توظفه في مشاريع بنى تحتية وخدماتية حقيقية تدر عائدات للدولة بقدر ما توفر خدمات للسكان من مواطنين ووافدين، فعدد السكان البالغ اليوم في الكويت 3 ملايين نسمة مرشح للارتفاع بمقدار الثلثين إلى 5 ملايين نسمة في 2030، وهو أمر يصعب التعاطي معه في ظل التدهور المستمر في الخدمات العامة.

لذلك , يتساءل العديد من مستثمري البورصة منذ مدة طويلة... إلى متى تظل حال سوق الكويت للأوراق المالية راكدة، خصوصاً في ظل تحسن أداء الأسواق الإقليمية والعالمية؟!

فمن خلال الاطلاع على أداء الأسواق في الربع الأول من العام الحالي نجد أن جميع المؤشرات العالمية، إلى جانب المؤشرات الخليجية الرئيسية، حققت مكاسب لافتة كان من المفترض أن تنعكس تفاؤلا، وبالتالي صعودا في سوق الكويت للأوراق المالية، إذ حقق مؤشر "داو جونز" الأميركي مكاسب بلغت 8.2 في المئة و"ناسداك" 19 في المئة، و"ستاندرد آند بورز" 12 في المئة، في حين حقق مؤشر "نيكاي" الياباني 19 في المئة، وتفاعل مع هذه المكاسب سوقا الأسهم السعودية ودبي اللذان حققا مكاسب عالية تجاوزت 22 في المئة لكل منهما، ثم "أبوظبي" 6 في المئة.

أما سوق الكويت فقد كسب المؤشر الوزني فيه (وهو المؤشر الأكثر مصداقية من نظيره السعري) 2.9 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي، في حين حقق سوق الدوحة نموا طفيفا بلغ 0.1 في المئة، لكنه، في المقابل، كان السوق الوحيد الرابح خليجيا في عام 2011، أما بورصتا مسقط والمنامة، وهما من الأسواق القليلة التداول والاهتمام في أوساط المستثمرين، فقد خسرتا في الربع الأول 15 و20 في المئة على التوالي.

انتعاش بعيد المنال

وعليه، فمادامت بيئة الاستثمار في الكويت شبه معدومة فلا امل في انتعاش البورصة ولا تحريك السيولة النائمة في البنوك، فالبيئة الاستثمارية في الكويت شبه ميتة، ولا يوجد اي مؤشر يشجع على تحويل هذه الأموال الى مشاريع حقيقية، الأمر الذي ينعكس سلبا على تحريك عجلة الاقتصاد وفعاليتها.

وعلى المستوى الرسمي تتجه الكويت إلى الإعلان عن فوائض مالية لعام 2011-2012 تتجاوز قيمتها 10 مليارات دينار مدعومة بارتفاع أسعار النفط عالميا، مما انعكس بالتالي على سعر البرميل الكويتي الذي بلغ حسب اقفال اليوم 108 دولارات، وتراجع الإنفاق الحكومي على المشاريع حتى تلك المعتمدة منها والمقررة سلفا، لدرجة أن الانفاق بلغ خلال 9 أشهر 8.3 مليارات دينار، أي ما يعادل 42.5 في المئة من خطة الإنفاق للسنة كلها، فضلاً عن احتساب ميزانية 2011-2012 على أساس سعر تعادل للنفط قدره 60 دولارا للبرميل.

إذن، هذا التكدس المالي لا يقتصر على اموال القطاع الخاص، بل حتى على اموال الدولة، لأن الفرص الاستثمارية اصلا مفقودة، وبالتالي اما ان تتكدس على شكل ودائع للمستثمرين، او ان يعاد صرفها على شكل كوادر ودعم او منح من اموال الدولة، لأن الحديث عن خطة تنمية بـ 30 مليار دينار تبلغ حصة القطاع الخاص فيها 15 مليار، يبدو انه لم يكن اكثر من حبر على ورق.

 

-مادامت بيئة الاستثمار في الكويت شبه معدومة فلا أمل في انتعاش البورصة

-التكدس المالي لا يقتصر على أموال القطاع الخاص بل حتى على أموال الدولة لأن الفرص الاستثمارية أصلاً مفقودة