مدير شركة «داو» للبتروكيماويات حذر في ديسمبر 2008 من الغرامة والنواب تجاهلوا التحذير

Ad

فجر الحكم الذي حصلت عليه «كي- داو» بتغريم الكويت نحو ملياري دولار أزمة سياسية، إذ أعاد إلى الأذهان الجدل النيابي الذي انتهى إلى إلغاء العقد.

عادت أزمة شركة «داو» للبتروكيماويات إلى الواجهة السياسية مجدداً، بعد حصولها على حكم بتعويضها بمبلغ 2.16 مليار دولار من الكويت، إثر إلغاء الكويت عقد شراكة بينهما، بعد ضغوط نيابية في ديسمبر من عام 2008، وصلت إلى إعلان استجواب رئيس الوزراء السابق سمو الشيخ ناصر المحمد.

ملف «الداو» بما حمله من تداعيات، كان يفترض فيه أن يشكل إضافة الى صناعة البتروكيماويات في الكويت، بما يمكنها من تنويع مصادر الدخل، غير أن الفائدة التي كانت تنتظر من العقد تحولت إلى أزمة سياسية اضطرت الحكومة الى التراجع عن العقد، فخسرت الشراكة عام 2008 ولتخسر اليوم ملياري دولار تعويضاً للشركة عن الغاء هذا العقد.

كيف بدأت شراكة «الداو»

وكيف انتهت؟

في 13 ديسمبر عام 2007، أعلنت شركة «داو» للبتروكيماويات وشركة صناعة الكيماويات البترولية المملوكة بالكامل لمؤسسة البترول الكويتية عن خطة لتأسيس شركة مشتركة بالتساوي بينهما، تكون متخصصة في صناعة البتروكيماويات، تبلغ تكلفتها 11 مليار دولار.

وقال نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية سعد الشويب حينئذ، في مؤتمر صحافي، ان اتمام الشراكة مرتبط باستكمال الاتفاقيات النهائية والشروط المتعلقة بها، بالإضافة الى موافقات الجهات الرسمية، والمتوقع الانتهاء منها أواخر سنة 2008 لتأسيس الشركة الجديدة التي ستقوم شركة «داو» ببيع 50 في المئة من أصولها المتضمنة في نطاق هذه المشاركة لشركة صناعة الكيماويات البترولية، وستقوم كل من شركة «داو» وشركة صناعة الكيماويات البترولية معاً بوضع حصتيهما في هذه المشاركة، بحيث يتملك الطرفان حصتين متساويتين من الأسهم.

وأوضح أن قيمة الأنشطة الخمسة لشركة «داو» والمكونة للمشاركة تبلغ نحو 19 مليار دولار، حيث ستقوم شركة صناعة الكيماويات البترولية بدفع 9.5 مليارات دولار تقريبا لشركة «داو» مقابل تملك 50 في المئة من الشركة.

ولم تشكل الشراكة حينئذ أي أهمية سياسية أو يسلط الضوء عليها، حتى حل ديسمبر 2008 موعد التوقيع النهائي للشراكة تمهيدا لإعلان الشركة «كي - داو» فانطلقت التحذيرات النيابية من إتمام الصفقة، بينما كانت هناك مواقف نيابية أخرى تدعم الحكومة لإتمامها.

واستمر الجدل النيابي في ديسمبر عام 2008 حتى وصل إلى التهديد بمساءلة سمو الشيخ ناصر المحمد، وأصدرت كتلة العمل الشعبي بياناً شديد اللهجة في 21 ديسمبر 2008 تطالب فيه الحكومة بإلغاء عقد «الداو» أو مساءلة رئيس الوزراء.

وفي 23 ديسمبر من العام ذاته، طالب النائب خالد السلطان بانسحاب الكويت من مشروع «الداوكيميكال» قبل فوات الموعد المحدد لذلك، معربا عن أمله ألا يتم الوصول إلى المساءلة السياسية لإيقاف الصفقة، كما هدد النائب عبداللطيف العميري بتحريك المساءلة السياسية ضد الحكومة إذا وقعت مشروع الشراكة مع شركة داو كيميكال، واصفاً المشروع بأنه أحد المشاريع العبثية التي تهدف الى التطاول على المال العام.

وأمام تلك المطالبات جاء إصرار وزير النفط حينئذ محمد العليم على الاستمرار في اتمام الصفقة، والمضي قدماً في المشروع المشترك مع شركة «داوكيميكال»، وأوضح أنه «اعتماداً على الإجراءات الحالية والموافقات والعقد المبرم فسوف تمضي الحكومة قدماً»، وأن المشروع اجتاز كل القنوات الرسمية والإجراءات وحصل على كل الموافقات اللازمة.

وعلى الطريق نفسه، أكدت رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب في شركة صناعة الكيماويات مها ملا حسين أن الشركة ماضية قدماً في مشروع الشراكة، وأنها ستعمل في الثاني من يناير من عام 2009.

المواجهة السياسية حول عقد «الداو» تحولت في حينها، في ديسمبر عام 2008 الى مواجهة بين الحركة الدستورية الإسلامية، التي ينتمي إليها الوزير العليم، وكتلة العمل الشعبي التي كانت تدفع بقوة الى الغاء العقد، وأصدت «حدس» بياناً أكدت فيه أن «وزير النفط وزير الكهرباء والماء محمد العليم فارس من فرسان النزاهة والعمل الجاد ويؤدي واجبه بصدق، فضلاً عن المشروعات النفطية التي أشرف على دراستها وإعدادها وتنفيذها».

وطالب نائب «حدس» د. ناصر الصانع بالمضي قدماً لإتمام صفقة الداو، مؤكداً أن المشروع يصب لمصلحة الكويت ومر عبر القنوات القانونية و»أن التراجع عن هذا المشروع سيحمل مسؤوليته صاحب القرار، وهو المجلس الأعلى للبترول ومجلس الوزراء»، وكان ذلك في 25 ديسمبر 2008.

وحذرت شركة «الداو» في 26 ديسمبر من عام 2007، في تصريح على لسان مديرها، من الغاء العقد، اذ إن الغاءه يعني تكبد الكويت ما قيمته 2.5 مليار دولار، إلا أن تصريحه لم يؤخذ على محمل الجد، إذ استمرت التصريحات النيابية الرافضة للمشروع.

وأمام تلك المواقف السياسية في صفقة «الداو»، لم تجد الحكومة حينئذ سوى الاستسلام للضغط النيابي، فجاء قرارها بإلغاء عقد «الداو» باجتماع مجلس الوزراء بتاريخ 28 ديسمبر 2008 لتضع نهاية لمشروع كان من الممكن أن يوفر دخلا إضافيا للكويت.

وأرجع مجلس الوزراء قراره الى «انخفاض شديد في أسعار البترول بنسب غير مسبوقة وانخفاض شديد في الطلب عليه وتقديرا لتداعيات الأزمة الاقتصادية المتلاحقة، والتي لا يمكن التنبؤ بحدود آثارها على المدى الزمني المنظور، ولا بحجم اسقاطاتها السلبية على مختلف المؤسسات والشركات العالمية وأصولها ومعدلات أدائها، وبالتالي فإن الاستمرار في عقد هذه الصفقة في هذا التوقيت ينطوي على قدر كبير من المخاطرة، وعليه فإن مجلس الوزراء، من منطلق المسؤولية وحرصه على ممارسة صلاحياته الدستورية والقانونية في هيمنته على مصالح الدولة، قد اتخذ قراره بالطلب من المجلس الأعلى للبترول مباشرة الإجراءات اللازمة لإلغاء التعاقد مع الشركة المشار اليها وفقا للإطار القانوني السليم وبما يحفظ حقوق الدولة ومصالحها».

وأعلنت شركة «داو» للبتروكيماويات في 30 ديسمبر عن «خيبة أملها لقرار الحكومة» وأعلنت أنها ستقوم بتقييم خياراتها وفق اتفاقية تشكيل المشروع المشترك.