لجان التحقيق البرلمانية هي الصبغة الأبرز في أول دور انعقاد في الفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة، وعلى الرغم من اجماع أطراف قاعة عبدالله السالم على أهميتها وضرورتها كأداة برلمانية إلى جانب بقية الأدوات البرلمانية الأخرى كالاستجواب والأسئلة البرلمانية والمقترحات لوجود قضايا يحتاج المجلس الى التصدي لها بشكل مباشر من حيث المبدأ، فإن هناك من يرى أن هذه اللجان قد تقع تحت شاكلة عدم المصداقية وعدم الحيادية عندما يكون الخصم هو الحكم، وهناك من يرى وجوب تشكيلها لوجود الفساد ولكشف الحقائق ومعرفة مصير الأموال العامة للشعب.إلى ذلك قاست "الجريدة" آراء نيابية مختلفة حول تلك اللجان، لجان التحقيق، والإجابة عن تساؤلها إذا كانت هذه اللجان هي تصفية حسابات وانتقام سياسي أم لكشف الحقائق وحماية الأموال العامة؟قال النائب حسين القلاف "نؤيد تشكيل لجان التحقيق تلقائياً لأن هناك بعض القضايا تحتاج الى أن يتصدى لها المجلس بشكل مباشر ولكن ليس بالشكل الذي حصل في المجلس الحالي، لأن هناك مواضيع كان البعض خصوما فيها واليوم أصبحوا هم القضاة مما يجردها من الحيادية، ومن المفترض لإنجاح مثل هذه اللجان الهامة بأن يؤتى بأطراف محايدة للتحقيق يكونون الأقرب للمصداقية والموضوعية حتى يخرج تحقيق لا تشوبه أي شائبة من الكيدية أو الخصومة".واكد القلاف أن اعتراضنا الوحيد في تشكيل لجان التحقيق هو جعل الخصم والقاضي واحدا، وحاولنا ادخال البعض من الاطراف المحايدة لكنهم لم يقبلوا، مشيراً إلى أننا الآن نرى الشخصانية من خلال التسريبات التي انتهكت سرية لجان التحقيق.سياسة الفرضومن ناحيته، قال النائب أحمد لاري اعتراضنا حول لجان التحقيق لتشكيلها وفق أسماء معدة مسبقاً مع طلب تشكيلها مما يخالف مواد اللائحة الداخلية التي تنص على أن لجان التحقيق تشكل كما تشكل اللجان الدائمة والمؤقتة من خلال الانتخاب وتصويت الاعضاء للمرشحين لها حتى نضمن الفرص لجميع أعضاء المجلس والراغبين في المشاركة في عضويتها، معرباً عن أسفه لسياسة الفرض التي اتبعها نواب "الأغلبية" في تشكيلها مما أخل بمصداقيتها.وأضاف لاري أن اللائحة الداخلية سمحت بتشكيل لجان التحقيق والقرار للمجلس في نهاية الأمر، ولا يعترض أحد على المبدأ أو نوعية اللجنة ولكن وفق مبدأ المصداقية والشفافية، قائلاً "للأسف ان هذه الطريقة شكلت نوعاً من الشك في نواب الأغلبية كانوا بغنى عنه، وطالما لديهم أغلبية النواب ما الضير من السماح لنائب واحد مما يخالفهم الرأي محايد في تشكيل اللجان حتى نضمن سير عملها وعكس صورة حقيقية وواقعية وتوازنة تمثل الكل وليس طرفا دون الآخر".من جانبه، قال النائب عدنان المطوع إن المجلس بحاجة إلى لجان التحقيق، ولكن قد تأخذ الوقت الكثير على حساب النواب واللجان الدائمة والمؤقتة، فالمجلس لديه 10 لجان دائمة تعمل بجميع المواضيع الأساسية وهناك لجان مؤقتة تعمل في أمور متخصصة، إلى جانب لجان التحقيق التي تعمل في أمور طارئة حديثة الولادة ومؤقتة مثل لجنة التحقيق في حريق الاطارات في منطقة الرحية أو مقتل الميموني رحمه الله إلا أن نتائجها قد لا ترجع بالفائدة التي تذكر كما حدث في عام 2009 وتشكيل لجنة تحقيق حول قضية محطة مشرف التي انتهت بتوصيات لم نر نتائجها إلى يومنا هذا.وفي ما يخص لجنة التحقيق في قضية الايداعات المليونية، قال لو كان البنك المركزي شكل لجنة تحقيق بذاته نظراً لكونه الجهة المعنية بالقضية فوراً في المجلس السابق لكنا قد استغنينا عنها الآن، قائلاً "ان السلطة التنفيذية كان بإمكانها إحالة القضية للنيابة العامة دون لجان التحقيق البرلمانية، لأن سلطة مجلس الأمة احالة القضايا الى النيابة فقط حتى نعلم بتجاوزات كل فاسد سواء كانوا أفرادا أو بنوكا تجارية أو البنك المركزي بنفسه"، لافتاً إلى وجود قوانين ممكن الاستفادة منها.تحرك بطيءوذكر أن في استجواب النائب حسين القلاف لوزير المالية الشيخ محمد العبدالله، عندما تطرق الى موضوع غسل اموال لإحدى القنوات الفضائية المحلية تعذر الوزير بأنها ليست من مسؤولياته، قائلاً "لو كانت جميع السلطات متعاونة لما احتجنا للجان تحقيق"، مستدركاً لو كانت قضية الايداعات المليونية وتضخم الأموال حقيقية لكان البنك المركزي اخذ اجراء فوريا فيها دون انتظار صحيفة تكون هي السبب في الاعلان عنها، فهذه الأمور تجعلنا نضع علامات استفهام بأننا في دولة لا تتحرك في مشاكلها من خلال جهاتها المعنية وانما تنتظر من يثيرها من وسائل الاعلام وان تحركت فإن تحركها بطيء.وفيما يخص لجنة التحقيق في قضية التحويلات الخارجية، قال "ليس هناك جهة واحدة مسؤولة وإنما جهات عديدة مثل البنك المركزي ووزارة الخارجية والجهات التي تعاملت مع هذه المبالغ، معتقداً أنها قد لا تكون بجرم وإنما روتين حكومي متواتر ومتبع منذ سنوات ولا يقتصر على دولة الكويت التي طالما تقوم بإمداد الكثير من الدول في العالم وبالأخص في فترات الغزو الصدامي وإلى اليوم وهي تستفيد منها بغض النظر إن كانت بنمط الشفافية أو السرية، لافتا الى ان الكويت ليست الوحيدة التي تتعامل بسرية في تحويلات نقدية للدول فهناك دول كبرى كالولايات المتحدة الأميركية تقوم بذلك ايضاً بطرق ليس عليها اي رقابة.واضاف ان السلطتين التشريعية والتنفيذية تخوضان في أمور بالغة السرية إلا أن التوضيح فيها هو الواجب حتى نكون في المسار الصحيح ونكون في السنوات القادمة في شفافية، والمسؤولية موزعة بطرق حكيمة، لافتاً إلى أن هذه المبالغ مذكورة في الميزانية العامة وتصرف وتودع فيها، ولو كان فيها أي شبهات لكان للجنة الميزانيات البرلمانية موقف منها والتحقيق فيها من خلال الحساب الختامي، موضحاً أن لجنة التحقيق في التحويلات هي لوضع الشبهات على سمو الشيخ ناصر المحمد التي كان يجب أن يتم التحقيق في الحكومات التي سبقته اذا كانت تتعامل في التحويلات بنفس الطريقة.حل المجلس خطيرمن ناحيته، قال النائب د. عادل الدمخي أن تشكيل لجان التحقيق أداة من أدوات عمل السلطة التشريعية وهي شكلت لفساد العهد السابق، مشدداً على عدم التبرم والضيق من استخدام هذه الاداة التي هي بمصاف الاستجواب، والتهديد بالحل أمر خطير، مشيداً في الوقت نفسه ببعض الوزراء ممن قاموا بتشكيل لجان تحقيق في بعض القضايا الملحة كما قام بها وزير التربية والتعليم العالي د. نايف الحجرف والتحقيق في تأخر انشاء جامعة صباح السالم "الشدادية".وأضاف موضوع الفساد السابق في قضية التحويلات الخارجية والايداعات المليونية قال الشعب فيها كلمته حين خرج إلى الشارع ورفضها وطالب بالتحقيق فيها وانتخب اعضاء المجلس الحالي، فإن منعت هذه اللجان من أعمالها فسينقلب الأمر رأساً على عقب.تصفية حساباتوتساءل النائب فلاح الصواغ "هل سرقة المال العام التي حصلت في مجلس 2009 تصفية حسابات؟ وهل تنفيع نواب على حساب مصير الشعب الكويتي تصفية حسابات؟ وهل استغلال وزارة الخارجية لتحويل الأموال إلى الخارج خلافات هي خلافات شخصية؟ قائلاً كل هذه الأمور يتابعها الشعب الكويتي واسباب خروجه إلى ساحة الارادة إشارة واضحة الى أن البلد كاد يسقط بسبب اختلاسات المال العام والتنفيع والشللية والمصالح الخاصة والاعلام الفاسد بضرب الوحدة الوطنية.وأكد الصواغ أنه ليس هناك أي خلاف شخصي أو انتقام سياسي ومن يشعر بذلك فليتوجه إلى النيابة العامة ويشتكي على نواب يمثلون الأمة لا أنفسهم فقط اذا كان صادقا بذلك، مضيفاً "لا يجب أن نعول على ان لجان التحقيق تعطل أعمال المجلس لأنها تحقق في أموال سرقت ونهبت من المواطنين وتم الاستيلاء عليها دون وجه حق وتمت احالتها من قبل جهات رسمية.وأضاف ان لجان التحقيق تبحث عن الحقيقة لكي تعرضها على الشعب الكويتي لمعرفة مصير هذه الأموال، قائلاً " فأي تدليس واشاعات على مجلس الأمة هدفها التأزيم... نقول اننا نبحث عن الحقيقة وسنصل لها بإذن الله".
آخر الأخبار
الجريدة | تحقيق برلماني: لجان التحقيق البرلمانية... المشكلة في الشخصانية؟
11-05-2012