لانحدار الكرة والرياضة الكويتية بشكل عام أسباب متراكمة، يأتي في مقدمتها وأد الموهبة في مهدها، حيث تخلت المدارس عن دورها الأساسي في تنمية المهارات الرياضية للصغار، بعد أن ضاع دوري المدارس الذي كان يضخ الكثير من المواهب للمنتخبات والأندية الرياضية، لتقتصر رعاية المواهب على الأندية الرياضية، التي يشهد الكثير منها محاباة للأقارب على حساب المواهب من أجل أصوات الجمعيات العمومية، بالإضافة إلى تفضيل الكثير من أولياء أمور الموهوبين للأكاديميات الرياضية التي تهدف في الغالب إلى الربح المادي، لتضيع مواهب في مختلف الرياضات كان يمكن أن تساهم في رفع علم البلاد في المحافل الرياضية.

Ad

وزارة التربية، في خطوة من شأنها أن تعيد الحلقة المفقودة لصناعة البطل، أعلنت عبر وزيرها د. نايف الحجرف انطلاق دوري مدارس الكويت لكرة القدم في السابع من الشهر الجاري على مستوى المحافظات الست، ورصدت الوزارة جوائز مالية تصل الى 12 ألف دينار للفريق البطل، بواقع 4 آلاف للمدرسة و8 آلاف لأعضاء الفريق الفائز بالمركز الأول، و6 آلاف للمركز الثاني، وتركزت تأكيدات الحجرف على ضرورة صقل مهارات ومواهب الطلبة في المجال الرياضي.

وبنظرة سريعة على دوري المدارس نجد انه سيستوعب في حلته الجديدة 880 طالبا من المرحلة الأخيرة من الثانوية العامة، يمثلون 81 مدرسة من القطاعين العام والخاص على مستوى محافظات الكويت.

الرياضيون ثمنوا خطوة وزارة التربية والوزير الحجرف متمنين أن تعود مدارس الكويت كما كانت في السابق مؤسسة تربوية لصنع الأبطال في شتى المجالات، لاستعادة أمجاد الكويت في عصورها الذهبية.

خطوة رائعة

مدرب الأزرق والقادسية السابق محمد إبراهيم أثنى على فكرة عودة دوري المدارس، وأكد أنه كمدرب أشرف من قبل على تلك الفكرة في احدى المدارس، ورأى بعينه مواهب كثيرة تستحق الاهتمام والرعاية، وقال "إقامة دوري للمدارس قوي من شأنه أن يعود بالنفع على الطلبة الصغار في مشوارهم الدراسي والرياضي، وينمي مواهبهم من دون شك، حيث ان التميز، سيجعل الطالب محط الاهتمام، ليعرف أن عنده موهبة تستحق الرعاية، والاهتمام فيحافظ على تلك الموهبة، بدلا من توجيهها في أمور ربما تعود عليه وعلى المجتمع بالضرر"، وأضاف ان "خطوة وزارة التربية ستبث الحماس في نفوس الصغار، وتعيد للمدارس حراكها الرياضي الجميل، مضيفا "أتذكر أن مباريات دوري المدارس كنا نتجهز لها قبل موعدها بفترة كبيرة، وأذكر أيضا نجوما لامعة كان لدوري المدارس الفضل في اكتشافها، وأطمئن أولياء الأمور أن الرياضة بشكل منتظم في المدارس ستزيد من مستويات الطلاب في تحصيل العلم، فالعقل السليم في الجسم السليم".

مواهب جديدة

بدوره، تمنى مدرب المنتخبات الوطنية السابق عبداللطيف الرشدان أن يتم تطبيق الفكرة على المراحل السنية الصغيرة حتى يتسنى اكتشاف مواهب جديدة تضاف إلى عالم كرة القدم من خلال الأندية الكويتية.

وقال الرشدان إن الخطوة ايجابية بصورة كبيرة من وزارة التربية، لاسيما أنها ستتسبب في زيادة روابط الأواصر والتعاون بين الطلاب بما يعود بالنفع على الرياضة الكويتية، مشيرا إلى أن الرياضة هي أحد الأسباب الرئيسية التي تربط بين أبناء الوطن الواحد وأبناء الشعوب المختلفة.

وأضاف الرشدان أن التجربة تحتاج إلى الصبر، حتى يتحقق لها النجاح، مبينا أن "هذا لن يكون إلا باتباع أسلوب علمي خلال التجربة الحالية، من خلال الرؤية للإيجابيات والسلبيات التي مرت بها حتى يمكن لنا أن نتلاشي السلبيات خلال الموسم المقبل وتحويلها إلى إيجابيات تعود بالنفع على أبنائنا".

خطوة تحسب للوزارة

أكد المدرب الوطني صالح العصفور ان خطوة وزارة التربية باقرار دوري المدارس وإعادة احيائه من جديد تحسب للوزارة ولكل القائمين على النشاط الرياضي، لما تحمل في طيها من إيجابيات كبيرة تخدم مصلحة الجميع، مضيفا انه كثير ما كانت المدارس رافدا من روافد المنتخبات الوطنية بتخريجها لاعبين موهوبين ساهموا في قيادة المنتخبات وتحقيق الإنجازات خلال فترة الستينيات والسبعينيات.

وقال العصفور" كانت مباريات وزارة التربية في بعض الأحيان من شدة منافستها وقوتها تفوق مباريات الدوري المحلي، حيث كانت تجذب الجماهير بنسب عالية لما تحمل من منافسة كبيرة وحماسة بين فرق المدارس في وقتها.

وأشار الى ان فكرة إحياء دوري المدارس من جديد، ستعم بالنفع على بقية الألعاب الرياضية أيضا، حيث ستبدأ جميعها بالتحضير لكي تحذو حذو كرة القدم، الامر الذي سيأتي بثماره على الرياضة الكويتية كافة، مشدداً على أنه وجميع المدربين على استعداد كامل لتقديم خبراتهم ومد يد المساعدة في جميع الأمور المتعلقة باللعبة اذا ما احتاج الأمر.

إبعاد عناصر الأندية

من جانبه أكد مدير عام اتحاد ألعاب غرب آسيا والمحاضر في اتحاد الكرة د.حسين المكيمي قوة التجربة، مطالبا بعدم مشاركة اللاعبين المسجلين في الأندية وأن تقتصر المشاركة فيها على اللاعبين من المدارس فقط، لترسيخ مبدأ الفرص المتساوية.

وقال المكيمى ان التجربة من أفضل التجارب التي كان يجب إقامتها منذ سنوات عدة خاصة، لاسيما أن دوري المدارس أفرز العديد من اللاعبين الكبار على مر السنوات الماضية، وطالب المكيمي بأن تكون هناك دراسة متأنية للتجربة التي ستقام هذا الموسم، "حتى نتلاشى الأخطاء التي يمكن أن نقع فيها خلال تلك التجربة".

وأضاف أنه يجب أن تكون التجربة معممة على كل المراحل السنية، من الابتدائي حتى الثانوي، مشيرا إلى أن البطولة المدرسية ستشهد توافد العديد من المدربين بالأندية لاكتشاف المواهب التي تكثر في المراحل الأصغر سنا.

الإصلاح الرياضي

اعتبر مدير مدرسة الراشد الخاصة، جمال السويفان أن أولى خطوات الإصلاح الرياضي ستبدأ بانطلاق دوري المدارس، حيث انها خطوة مهمة لمستقبل الكرة الكويتية، وقال "دوري المدارس بالتأكيد سيعيد اكتشاف وصناعة المواهب الكروية وصقلها، لتصديرها للأندية الرياضية والمنتخبات، كما كان العهد سابقا ونطمح أن تكون بداية بزوغ عهد جديد من الإمتاع الكروي والرياضي واستعادة الأمجاد السابقة، وأن تعود البطولة بالنفع على كرة القدم الكويتية.

 وأضاف ان الفكرة ممتازة لغرس قيمة الرياضة والتنافس الشريف بين الطلاب، حيث تتميز اغلب المدارس بامتلاكها مدرسين تربية بدنية يتمتعون بالحس الكروي مما سيجعل المهمة سهلة على الطلبة، وهي تجمع الطلاب لشغل أوقات الفراغ وتطوير مستواهم العلمي وتنظيم الوقت والتعاون فيما بينهم، متمنيا أن تشمل جميع الألعاب الرياضية في الأيام المقبلة وألا تقتصر على كرة القدم فقط.

معسكر «بن ربيع»

من جانبه، قال هاشم الذويخ مدير مدرسة سعد بن ربيع بالقيروان، إن التجربة ستلقي بظلالها على الطلاب حيث ستبث بينهم روح المنافسة الشريفة، وستؤدي إلى إحداث تعارف بين الطلاب على مستوى مدارس الكويت مما يصب في مصلحة العلاقات بين أبناء الجيل الواحد.

وأضاف الذويخ أن مدرسته ستقيم معسكرا داخليا للطلاب المشاركين في البطولة استعدادا لخوض المنافسات، مبينا أنه سيسعى للفوز بلقب البطولة خاصة أن المدرسة بها العديد من المواهب الطلابية المميزة في كرة القدم.

وأشار إلى أن "البطولة لن تؤثر بأي حال من الأحوال على المستوى العلمي للطلاب الذي نحرص عليه، بل ستدفعهم لتحقيق المزيد من التحصيل العلمي"، مبينا أن الرياضة لا تؤثر سلبيا على الطلاب، بل تبعدهم عن طريق السوء مما فيه من هلاك.

وطالب الذويخ أن تطبق الفكرة على المستويات التعليمية كافة بداية من المراحل الأصغر سنا حتى المراحل النهائية بالتعليم، مبينا أن "الفكرة ستخدم بشكل كبير المنتخبات الوطنية التي نعمل على رقيها لتمثيل الكويت في المحافل الدولية"، مشيرا إلى أن الفكرة هي بداية الطريق للإصلاح الرياضي.

إثراء الحركة الرياضية

أشاد خالد السعيد مدير ثانوية بلاط الشهداء في منطقة الأحمدي بقرار وزارة التربية، مؤكدا ان هذا القرار سيثري الحركة الرياضية بشكل عام، لا سيما أن إقامة بطولة بهذا المستوى والحوافز سيفرز العديد من المواهب التي ستدعم الأندية والمنتخبات الوطنية بشكل عام.

وقال السعيد في حديثه: "من محاسن الصدف ستكون مدرستنا ضمن المدارس التي ستحتضن منافسات البطولة".

وأضاف" منذ أن علمنا بهذا القرار بدأنا في الإعلان عن تفاصيله للطلاب من خلال الإذاعة المدرسية والنشرات التوعوية بشكل يومي، وذلك لإنهاء تسجيل جميع الراغبين في الانتساب إلى فريق القدم، حيث سنحرص بالمشاركة على رفع اسم مدرستنا، من خلال تكاتف جميع الجهود من طلاب وإدارة"، مشيرا الى أن هذه البطولة ستخلق روح المنافسة وستكون مكسبا تربويا للجميع.

مواهب حقيقية

من جانبه، رحب عبدالله المنصور، نجم النادي العربي السابق ومدير مدرسة جابر عبدالله الصباح الثانوية للبنين التابعة لمنطقة الجهراء التعليمية بالفكرة مع تحفظه على تنفيذها، وقال: "نحن نرحب الفكرة... ولكن يجب ان يحدد الهدف منها أولا لنستطيع تقييمها بشكل موضوعي وصحيح".

وأضاف المنصور: "من المستحيل ان يكون الهدف اكتشاف المواهب لان ذلك لن يتم الا اذا طبقت على طلبة المرحلة المتوسطة والابتدائية، لان المواهب الحقيقية تكتشف من سن التاسعة وحتى الخامسة عشرة، فهم من يحتاجون الى الصقل والتأهيل لبناء لاعب في المستقبل"، مؤكداً أن الأمر يحتاج إلى دراسة من نوع آخر اذا كان الهدف المعلن هو الربح المادي وقبول الطلبة بمنح في الجامعات.

واوضح المنصور أن مدرسته اعدت العدة للمشاركة والمنافسة على اللقب الاول وفق امكانات تلاميذ المدرسة الذي يشرف عليهم اساتذة قسم البدنية، مشيراً إلى أن كل ما يتمناه ان تكون الرؤية واضحة المعالم لاسيما من ناحية الملاعب التي ستقام عليها السباعيات وماهيتها.