في الأول من ديسمبر القادم سنكون جميعاً أمام فرصة تاريخية لبدء صفحة جديدة في تاريخ كويتنا الحبيبة، صفحة نطوي بها السنوات الأربع العجاف الماضية وما رافقها من إضاعة الوقت في الترف السياسي، كما قال سمو الأمير في أحد خطاباته، ودغدغة عواطف الناس بتوافه الأمور بدلاً من مواجهة التحديات القادمة التي تنتظر بلدنا العزيز، خصوصاً في ظل الأوضاع الإقليمية والعالمية المتأزمة اقتصادياً وسياسياً.

Ad

لكن وكما نرى، هناك من يريد أن يثنينا عن اقتناص هذه الفرصة بمحاولة إقناعنا بالمقاطعة احتجاجاً على ما يسمونه بالتفرد والاعتداء على الدستور وإرادة الأمة وما إلى ذلك من شعارات مضللة خادعة تخالف الواقع. لقد مارس سمو الأمير حقه الدستوري بتعديل جزئي بقانون الانتخاب حسب الضرورة التي يقدرها هو بنفسه دون أي أحد آخر حسب الدستور، وأبدى استعداده لقبول أي حكم للمحكمة الدستورية تجاه هذا المرسوم، إضافة إلى حق المجلس القادم برفضه، وهذه هي قمة الديمقراطية.

لكن من يريد التفرد وممارسة الديكتاتورية هم هؤلاء الذين يريدون فرض الأمر الواقع حسب مزاجهم أو إشاعة الفوضى، وهم الذين قالوا إن على المحكمة رفض المرسوم وإلا فإن الأزمة ستستمر، وهذا هو حال من لا يعترف لا بالدستور ولا بالقانون إلا عندما يتطابق مع مزاجه.

إن حقيقة الاعتراض على مرسوم تقليص الأصوات لا علاقة له لا بكرامة الوطن (المحفوظة أصلاً بالالتزام بالدستور)، ولا بإرادة الأمة، ولا بمحاربة الفساد، فهذه كلها شعارات ترفع لتغطية السبب الحقيقي للاعتراض وهو محاولة حماية مكتسبات هؤلاء المتمثلة بزحفهم على السلطة التنفيذية واختطاف القرار السياسي في البلد، والذي اعتادوا عليه في السنوات الماضية، بدءاً من الصراخ والعويل على مشروع "الداو" واستطاعتهم إخضاع الحكومة الضعيفة لرغباتهم التي بان حجم دمارها بعد حكم التعويض البالغ أكثر من ملياري دولار بسبب إلغاء الصفقة، ووصولاً إلى إهدار المال العام على الكوادر العبثية عبر الضغوطات وتهييج الشارع وتشجيع الإضرابات، ثم إلى حصد التعيينات في المواقع الحكومية وتمرير قبول أبنائهم والمقربين منهم في الكليات الأمنية تجاوزاً على حقوق الآخرين، وإلى ممارسة الابتزاز عبر الاستجوابات الشخصانية والمدمرة من أجل التخريب وفرض الأمر الواقع كما يقول المثل "يا ألعب يا أخرّب الملعب".

هذا هو السبب الحقيقي للاعتراض على مرسوم الصوت الواحد والدعوة للمقاطعة التي جرى خلفها الكثير من حسني النية. لكن الإصلاح الحقيقي يتمثل في المشاركة لإيصال المخلصين من أبناء البلد وهم كثيرون من أجل فتح صفحة جديدة مبنية على التعاون بين السلطتين لإقرار كثير من الإصلاحات التي تأخرت بسبب التأزيم، ولمحاسبة السلطة التنفيذية محاسبة راقية مسؤولة بعيداً عن التمثيل والشخصانية والاستعراض من أجل كسب الأصوات، فقد شهدت السنوات الأربع الماضية زيادة انتشار الفساد بسبب اتباع هذا الأسلوب الرخيص في الرقابة.

وللمشتكين من فساد الحكومة وعدم الثقة بها أقول: نعم، ندرك أن الجرح عميق ودرب الإصلاح طويل، لكن السلبية لن تحل هذه المعضلة، والركون إلى جبهة تتسيدها مجاميع التخلف والتطرف لن يصلح من الواقع شيئاً، بل سيزيد الوضع سوءاً، لذلك علينا واجب إيصال العناصر المخلصة في هذه الفرصة التاريخية. فمن أجل الكويت شاركوا... شاركوا لفتح صفحة جديدة... شاركوا من أجل مستقبل أفضل لأبنائكم... شاركوا لإرساء قواعد الاستقرار والإصلاح الحقيقي... شاركوا... لأنها الكويت.