الأسعار ستتراوح بين 104 و107 دولارات للبرميل في 2012-2013

Ad

انخفضت أسعار النفط الخام في شهر أكتوبر، على خلفية تأثير إعصار ساندي، والتشاؤم بشأن آفاق الاقتصاد العالمي، كما ان نتائج الانتخابات الأميركية أعادت التركيز على المخاوف بشأن ما يسمى بـ«الهاوية المالية».

قال تقرير بنك الكويت الوطني الاسبوعي إن أسعار النفط الخام استمرت في الانخفاض في شهر أكتوبر، ما دفع أسعار بعض الخامات الإسنادية إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف العام، فقد بلغ متوسط سعر خام التصدير الكويتي 108 دولارات للبرميل، وانخفض أكثر ليصل إلى 103 دولارات في مطلع نوفمبر، أي أقل بـ12 دولارا تقريبا عن مستوياته في منتصف سبتمبر.

وذكر التقرير أن سعر خام برنت انخفض بشكل حاسم إلى ما دون 110 إلى 115 دولارا للبرميل، والذي استمر خلال معظم الربع الثالث، ليصل إلى 106 دولارات في مطلع نوفمبر، كما انخفض خام غرب تكساس المتوسط، الخام الإسنادي الأميركي، إلى 85 دولارا فقط.

وأضاف ان "الفارق اتسع بين سعر خام برنت وخام غرب تكساس المتوسط، ليقترب مجددا من مستوياته المرتفعة عند 30 دولارا للبرميل التي شهدناها في عام 2011، ويعزى ذلك في جزء منه إلى الارتفاع الذي شهده إنتاج النفط الأميركي هذا العام".

اضطرابات كبيرة

وعزا ضعف السعر خلال أكتوبر ومطلع نوفمبر إلى عدد من العوامل، منها اندلاع إعصار ساندي في أواخر شهر أكتوبر أدى إلى حدوث اضطرابات كبيرة في النشاط الاقتصادي في الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بما في ذلك انقطاع الطلب على الكهرباء، حيث تم إخلاء الشركات والمنازل وإقفال نظم النقل العام.

ورغم ان ذلك عرض أسعار النفط الخام لضغوط الانخفاض، فإن تأثيره على منتجات النفط المختلفة كان مختلطا، فقد ارتفعت أسعار البنزين حيث قطعت أنظمة الإمداد والتموين عمليات توصيل الوقود، وانخفضت مستويات المخزون، ولا يتوقع أن يكون التأثير طويل المدى للعاصفة على أسعار النفط كبيرا، وثمة رأي يقول ان إعادة بناء البنية التحتية لاحقا من الممكن أن يحدث زيادة بسيطة في النشاط والطلب على المدى المتوسط.

كما لعبت العوامل الاقتصادية الكبرى دوراً في تخفيض أسعار النفط الخام، فقد أدى ضعف البيانات الاقتصادية في الولايات المتحدة، إضافة إلى تفاقم الركود في أوروبا وتعميق البيئة التشاؤمية للاقتصاد العالمي، وقد تفاقم ذلك لاحقا بفعل التطورات السياسية في الولايات المتحدة، فإعادة انتخاب الرئيس أوباما وانقسام الكونغرس أعاد تركيز الانتباه على ما أطلق عليه "الهاوية المالية"، الذي يهدد بحدوث حالة من الركود لاقتصاد الولايات المتحدة في العام القادم.

لكن رغم ذلك فإن الدولار الأميركي ارتفع بنسبة 2 في المئة منذ منتصف شهر سبتمبر، مقابل العملات الرئيسية، مع بروزه كملاذ آمن في الفترة الاخيرة، وعادة ما يؤدي ارتفاع الدولار إلى تراجع أسعار النفط الخام من أجل تعويض الحركة من ناحية العملات الأجنبية.

الطلب على النفط

وترجم التقرير التوقعات الضعيفة لآفاق الاقتصاد العالمي إلى توقعات بنمو متواضع للطلب على النفط خلال العام المقبل لدى معظم المحللين، إذ إن جهات مثل الوكالة الدولية للطاقة ومنظمة أوبك ومركز دراسات الطاقة العالمية، تتوقع أن يبلغ نمو الطلب العالمي على النفط نحو 0.8 مليون برميل يومياً أو 0.9 في المئة في عام 2013، ما يقارب التوقعات البالغة 0.7 – 0.9 مليون لهذا العام.

ومن المتوقع أن يستمر الانخفاض في الطلب على النفط من قبل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مع توقع انخفاض الطلب الياباني بنحو 0.2 مليون برميل يوميا، مع قيام اليابان بإعادة تشغيل بعض مفاعلاتها النووية.

في الوقت نفسه، نرى أن نمو الطلب من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يعتبر أكثر اعتدالا مقارنة بالسنوات الماضية، ويرجع ذلك إلى حد ما إلى التأثير العرضي لضعف النمو الاقتصادي في أسواق التصدير الرئيسية.

توقعات بشأن الإمدادات

وأوضح التقرير أن إنتاج النفط الخام من منظمة أوبك (أي باستثناء العراق) شهد انخفاضا كبيرا بواقع 275 ألف برميل يوميا في سبتمبر، ليصل إلى ما دون 2.8 مليون، وقد حدث الانخفاض الأكبر في دول غرب افريقيا الأعضاء في منظمة أوبك، أنجولا ونيجيريا، بعدما سجلتا أكبر زيادة في الانتاج في الشهر الماضي، فقد انخفض الإنتاج في هاتين الدولتين بواقع 179 ألف برميل يوميا و137 ألفا على التوالي، نظرا لبرامج الصيانة في أنجولا، ولاندلاع الفيضانات الغزيرة في نيجيريا.

وتأثر الإنتاج في فنزويلا بفعل توقف أكبر مصفاة في البلاد، وانخفض إنتاج النفط الخام بواقع 33 ألف برميل يوميا، وقد قوبلت تلك الانخفاضات بارتفاعات بسيطة في إنتاج ليبيا ودول مجلس التعاون الخليجي، إذ ارتفع إنتاج هذه الدول مجتمعة بنحو 94 ألف برميل يوميا، إلا أن الأرقام البديلة من جهات أخرى تشير إلى انخفاض الإنتاج في هذه الدول الواقعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

وأشار إلى انخفاض إجمالي إنتاج أوبك (بما في ذلك العراق) إلى 31.1 مليون برميل يوميا، وهو أدنى مستوى له منذ ثمانية أشهر، وقد حدث ذلك الانخفاض رغم زيادة بلغت 10000 برميل يوميا في إنتاج النفط العراقي، الذي سجل للشهر الثالث على التوالي إنتاجا يفوق مستوى 3 ملايين.

وبعد اتفاقية بين بغداد وأربيل، ستبدأ الصادرات العراقية من كردستان في الزيادة بنحو 50 ألف برميل يوميا خلال ربع السنة الجاري، إضافة إلى 50 ألف برميل يوميا في العام المقبل، إلا أن حكومة كردستان بدأت الشهر الماضي في تصدير نفطها بشكل مستقل عن بغداد.

خارج "أوبك"

وتوقع التقرير أن ترتفع الإمدادات من الدول غير الأعضاء في "أوبك" بنحو 0.7 مليون برميل يوميا في عام 2012، مع إسهام سوائل الغاز الطبيعي التي تنتجها "أوبك" بأكثر من نصف هذه الزيادة، ومن المرجح أن يعوض الإنتاج المرتفع من أميركا الشمالية في بقية عام 2012 انقطاع العرض من دول أخرى خارج "أوبك"، مع الاعتقاد بأن خسائر العرض الناتجة عن إعصار ساندي قليلة.

وبشكل إجمالي، إذا ظل إنتاج دول "أوبك" الـ12 على مستواه الحالي، فمن الممكن أن ترتفع امدادات النفط العالمية بنحو 2 مليون برميل يوميا في عام 2012، ومن الممكن أن تشهد السنة المقبلة ارتفاعا أكبر بدرجة طفيفة في العروض من الدول غير الأعضاء في "أوبك".

مستويات مرتفعة

ورغم ضعف الطلب العالمي من الممكن أن تحافظ أسعار النفط على مستوياتها المرتفعة لبقية هذا العام، إلا أنه من المرجح أن تتراجع أساسيات سوق النفط في مطلع العام القادم، على خلفية ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة، وتشير توقعات مركز دراسات الطاقة العالمية إلى ارتفاع الامدادات من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك بواقع 0.8 مليون برميل يوميا في الربع الأول من 2013 مقارنة بالربع الحالي، بما يحقق ارتفاعاً كبيراً في المخزون يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا.

وفي حين ان سعر خام التصدير الكويتي سيظل ثابتا نسبيا على المدى القريب في ضوء هذا السيناريو، فإنه يمهد لانخفاضات حادة في منتصف العام القادم.

من ناحية أخرى، إذا جاء إنتاج الولايات المتحدة أعلى من المتوقع فمن الممكن أن تشهد الأسعار انخفاضات أكثر حدة. وفي هذه الحالة ينخفض سعر خام التصدير الكويتي عن 100 دولار للبرميل في مطلع السنة القادمة، وسينخفض أكثر بعد ذلك، وذلك من المؤكد أن يدفع الدول الأعضاء في "أوبك" إلى إجراء تخفيضات في الإنتاج لمنع الأسعار من الانخفاض أكثر من ذلك.

وبدلا من ذلك، يمكن أن يحصل الطلب على تعزيز مؤقت من ظروف الشتاء البارد في نصف الكرة الشمالي، أو يمكن أن تكون عروض النفط من الدول غير الأعضاء في "أوبك" مخيبة للآمال مرة أخرى. في هذه الحالة، يظل سعر خام التصدير الكويتي مدعوما فوق 100 دولار للبرميل لبقية هذه السنة ومستمراً خلال عام 2013.

زيادة في الميزانية

ووفق السيناريوهات الثلاثة المبينة أعلاه، يتراوح متوسط سعر النفط ما بين 104 و107 دولارات للبرميل لهذه السنة المالية، وتتضمن الميزانية الحكومية للسنة المالية 2012-2013، التي تم اعتمادها مؤخرا، زيادة بواقع 9 في المئة في المصروفات المعتمدة، البالغة 21.2 مليار دينار، مقارنة بالميزانية السابقة.

وقد تم تقدير الإيرادات النفطية في الميزانية بناء على افتراض متحفظ لمتوسط سعر النفط عند 65 دولارا للبرميل فقط، وإذا جاءت المصروفات الفعلية بين 5 و10 في المئة دون مستواها المعتمد في الميزانية، وجاءت الإيرادات النفطية الفعلية أعلى من تقديرات الحكومة، كما نتوقع، فمن الممكن عندئذ أن تشهد الميزانية فائضاً يتراوح بين 9.8 و12.8 مليار دينار، قبل احتساب مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، ويعادل ذلك الفائض بين 20 و26 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بما نسبته 30 في المئة في السنة الماضية.