مؤلِّف كتاب «قوة الإقناع» أحد الكتّاب الأكثر مبيعًا في العالم، وهو مقدّم برامج تلفزيونية وإذاعية ناجحة منذ 15 عامًا. وكل تقنية يطرحها في هذا الكتاب لا تتطلب أكثر من دقيقة ليصبح الآخر مقتنعًا فيقول لك «أجل» عوضًا عن «لا».

Ad

والممتع في الكتاب أنّ باستطاعتك البدء بالقراءة في المجال الذي تعتقد أنّ عليك أن تكون أكثر إقناعًا به. كما أنّ بعض التقنيات فيه جادّ والبعض الآخر مسلّ جدًا، ولكن جميعها يعمل كي تضمن تجاوبًا أكثر مع الاقتراحات التي تعرضها على الغير.

طرائق ثلاث

يستعرض طوني رايتون عددًا من الطرائق الخاصة للتعامل مع كل موقف قد يصادفك، وينصحك باستخدامها بشتى الوسائل ولكنه يظن بأنها ليست الوحيدة، فإذا رأيت أن ثمة طريقة تعمل أفضل من غيرها فاستخدمها، ولكن لا تفترض أنّ كلاً منها سيعطي النتيجة نفسها، وما عليك سوى استعمالها لاكتشاف أي واحدة تنفعك أكثر.

وكي يجعلك المؤلف أكثر إقناعًا على الفور فإنه يعرّفك إلى ثلاث طرائق في مستهلّ الكتاب تمكنك من جعل الأشخاص أكثر تجاوبًا مع أهدافك، فاستخدمها، ولو عن طريق التسلية، وانظر أيّ واحدة تفيدك منها:

أما الطرائق المختصرة الثلاث فهي: اللمسة السحرية، تغيير موقعك، والكلمة الأكثر إقناعًا في العالم.

اللمسة السحرية

أجريت دراسات عدّة واختبارات مسلّية اكتشف من خلالها أن بإمكان لمسة أن تشكل بين شخصين رابطًا باطنيًا غير كلامي يبقى في الذاكرة. وبالتالي فأن العلاقة بين اللمس والإقناع حميمة جدًا وذات مفعول، وعلى سبيل المثال تبين أن لمسة سريعة ترفع من معدّل استجابة الناس عند القيام باستطلاع رأي في الشارع. كذلك إذا لمس البائع بشكل سريع الزبائن عندما يدخلون إلى المحل فإنهم يمضون مزيدًا من الوقت هناك وبالتالي ينفقون المزيد من المال.

انتبه للمكان الذي تلمسه. فوفقًا لدراسة الدكتور غيغن، يجب أن تكون اللمسة على الساعد بشكل خاص. إنها لمسة على الساعد لمدة ثانية أو ثانيتين. وكقاعدة، لا يعتبر الساعد منطقة حميمة في الجسد ولكنّه منطقة مناسبة للغاية لتشكيل اتصال.

ويخلص غيغن إلى الاستنتاج أنه يجب على المدير تشجيع كل الموظفين على «اللمس أكثر»، قائلاً إن الموظفين سيشعرون بمعدل أكبر من الرضا وسيكون الزبائن مرتاحين وراضين أكثر. من كان ليعرف أنه يمكن للمسة بسيطة أن تسعد الجميع؟

تغيير الموقع

يقول المؤلف: «كنت لسنوات عدة، ولا أزال، زبون مطعم صعب المراس. كل ما في الأمر أنه لم تكن تعجبني وضعية الطاولة المخصصة لشخصين حيث يجلسان في مواجهة بعضهما بعضًا. فكلّما كنت أجلس في مطعم متخذًا زاوية 45 درجة مع الشخص الآخر أو بالقرب منه تمامًا بدلاً من الجلوس مقابلة كنّا نمضي وقتًا أفضل. عندما تفكرون بالأمر ستجدونه منطقيًا. فمواجهة شخص آخر بشكل مباشر يُفهم كمجابهة له، وكأنه نوع من الاستعداد للمشاجرة. أما الجلوس في وضعية 45 درجة (أو حتى إلى جانب الشخص) فذلك يجعله وديًا أكثر ومتعاونًا.

وضعية 45 درجة هي الوضعية الأكثر إقناعًا للشخص الآخر، كذلك الجلوس إلى جانبه مباشرةً. ليست مسألة إقناع فحسب، فقد تجد أنه من الأسهل أن تشكّل رابطًا مع أحدهم عندما تجلس أو تقف بالقرب منه وفي موازاته وليس مقابله. أعرف تمامًا أن ذلك ليس متاحًا دائمًا، لكن عندما يكون ذلك ممكنًا فقد تجدون أنه يؤدي إلى رابط وتواصل أفضل وعندما تحسّن من عملية التواصل فإنك تدفع الشحض الآخر إلى التجاوب معك أكثر، وهكذا يمكنك أن تكون أكثر إقناعًا أيضًا.

الكلمة الأكثر إقناعًا

تتميز كلمة «لأنّ» بقوة خاصة. إنها أكثر الكلمات استخدامًا في التنويم المغناطيسي، وقد أظهرت الدراسات أن لها علينا تأثيرًا تنويميًا غريبًا لأننا في أغلب الأحيان نقبل بما بأتي بعد كلمة «لأن» من دون التوقف للتفكير فيه. في دراسة معروفة، وجدت عالمة النفس الاجتماعي إلين لانغر وزملاؤها أن بإمكانهم التقدم بسهولة أكبر إلى مقدمة الطابور الذي ينتظر لتصوير المستندات عبر استخدام كلمة «لأن» ويليها شرح.

لقد قاموا بتجربة ثلاثة أساليب في السؤال:

- هل يمكنني استخدام آلة التصوير لأنني على عجلة من أمري؟ (معدل النجاح 94%).

- عذرًا، لدي خمس أوراق. هل يمكنني استخدام آلة التصوير؟ (معدل النجاح 60%).

- هل بإمكاني استخدام آلة التصوير لأنه عليّ أن أنسخ بعض النسخات؟ (معدل النجاح 93%).

الجملة الأخيرة كانت تحتوي على حجة ضعيفة ولكن أنظر إلى الإحصاءات، ما زالت تحقق 93% من معدل النجاح. يبدو أننا نقبل بكلمة «لأن» حتى من دون الاستماع إلى السّبب بحدّ ذاته، متيحين لها أن تصبح سببًا بحد ذاتها.

يدرك أهم الأطباء والمعالجين بالتنويم المغناطيسي تأثير كلمة «لأن». إنها إحدى أكثر الكلمات تأثيرًا التي يستخدمونها في حالة السبات. يمكنك أن تستمتع بها أيضًا. يحث المدرّب والمؤلّف جايمي سمارت الناس على طلب حسم حين  يقومون بالتسوق: «لأنني أرغب بالحصول على حسم». ويقول إن استخدام «سبب ضعيف» كهذا فكرة جيدة لأنه يعمل كتذكير جيد على مدى قوة هذه الكلمة. وهو يقدّر بأنها تعمل حوالى 50% من الوقت.

- عندما تريد أن تبلغ مرادك، استخدم كلمة «لأن» لتزيد من درجة إقناعك. يبدو أن الأشخاص يتفاعلون مع كلمة لأن كما لو كانت سببًا بحد ذاتها. إنها تنجح:

- لأن البحث يشير إلى أن الشخص المقابل يكون أكثر استعدادًا لتقبّل ما تقوله.

- لأن الأشخاص يقبلون بشكل لا واعٍ بوجود سبب وجيه بعد كلمة «لأن».

- من دون سبب وجيه! (لن تحتاج إلى أكثر من ثانية، أدخلها ببساطة في الحديث عندما يبدو ذلك مناسبًا).

في حالة الفشل

في النهاية، ماذا لو فشلت هذه الطرق كافة؟ ماذا لو لم يريدوا أن يقتنعوا؟

ربما أنت من عليه تغيير موقفه. لا يمكنك إقناع الجميع بفعل أمر ما إذا لم يرغبوا في القيام به. لن يسمحوا بذلك. ربما يتوجب عليك تحسين عرضك أو أن تراه من وجهة نظرهم. إذا لم يريدوا التزحزح وتغيير رأيهم، فقد حان الوقت لتضع نفسك مكانهم. ما الذي يدفعهم إلى العناد تجاه هذه المسألة؟ وهل يملكون رأيًا وجيهًا؟ ربما عليك إقناع نفسك بحجتهم. انظر واسمع واشعر بحجتهم من خلال وجهة نظرهم ما هي اعتراضاتهم؟ كيف يمكنك مخاطبتهم؟

امتلاك القدرة على الإصغاء والمساومة أداة مهمة للإقناع مثلها مثل الأدوات الأخرى في هذا الكتاب. فالطريقة الأسهل لإقناع الآخرين تكمن في إعطائهم ما يريدون.