تعتبر دورة الألعاب الاولمبية سيدني 2000 أحد أنجح وافضل الدورات على مر التاريخ من حيث الاستعداد والتنظيم, وتمكنت الولايات المتحدة من حصد 97 ميدالية بينها 39 ذهبية، تلتها روسيا بـ88 ميدالية (32) لتبقى «بلاد العم سام» على عرش البطولات الاولمبية. أعلن رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الماركيز خوان انتونيو سامارانش اختتام دورة سيدني الاولمبية في الأول من أكتوبر عام 2000، بعد منافسات انطلقت في 15 سبتمبر، وثبت تفوقها على جميع الصعد بعبارته الشهيرة "أعلن نهاية الألعاب الاولمبية في سيدني، الأفضل في التاريخ".هذه الجملة التي انتظرها الجميع منه، لتصبح "سيدني 2000" نهاية ناجحة للقرن العشرين، ومتنفسا للحركة الاولمبية ولجنتها الدولية بعد "فشل" أتلانتا قبل أربعة أعوام وافتضاح أمر "رشاوى" منح استضافة الألعاب الشتوية سنة 2002 إلى مدينة سولت ليك سيتي الاميركية.ووسط غمرة الفرح في الصفحة الأخيرة من ألعاب سيدني التي جاءت بمثابة "نفحة إنعاش"، تساءل محبو الرياضة هل بدأ عصر جديد للألعاب الاولمبية؟وهؤلاء انتظروا الموعد الجديد في القارة البعيدة بلهفة من ينتظر النسيم العليل أيام القيظ، وبعدما غادر كثر منهم أتلانتا محبطين ومنزعجين بسبب فظاظة المنظمين والفشل التكنولوجي وفوضى المواصلات.وجاءت حفلة الافتتاح بمثابة حلم صيفي وتحية لثقافة المواطنين الأصليين وأنشودة للمصالحة. وعبرت الحفلة بشكل خيالي عن تاريخ استراليا.احتضنت استراليا الالعاب للمرة الثانية في أقل من نصف قرن، وكانت الأولى في ملبورن عام 1956، لكن شتان بين المناسبتين، فمن تأجج الصراع بين الشرق والغرب ونشوء حركات التحرر والمحاور والكتل والاعتداءات والاجتياحات، إلى بزوغ العولمة الكبيرة، إذ جمعت الدورة الأخيرة 10651 مشاركا بينهم 4069 امرأة من 199 دولة، وهو رقم قياسي جديد.وسار وفد تيمور الشرقية خلف الراية الاولمبية، ومشى مشاركو الكوريتين معا في طابور العرض.وكان الجميع على موعد المنافسة في 300 مسابقة ضمن 29 لعبة هي: ألعاب القوى والتجذيف وكرة السلة والبادمنتون والبيسبول والملاكمة والكانوي-كاياك والدراجات والفروسية والمبارزة وكرة القدم والجمباز ورفع الأثقال وكرة اليد والهوكي على العشب والجودو والمصارعة والسباحة والخماسي الحديث والسوفت بول وكرة المضرب وكرة الطاولة والكرة الطائرة بما فيها الشاطئية والتايكواندو والرماية والقوس والسهم والترياتلون والألواح الشراعية.أرقام وانجازاتفاق اعداد أفراد "العائلة الاولمبية" في هذا العرس الكبير مئة ألف شخص منهم 47 ألف متطوع و16 ألف صحافي وإعلامي، وتابعه نحو 7.3 مليارات نسمة في مختلف انحاء العالم. وحصد أبطال من 80 دولة ميداليات بينها 51 حصل أفرادها على الذهب، وبقيت الولايات المتحدة القوة العظمى وبلغ رصيدها 97 ميدالية بينها 39 ذهبية، تلتها روسيا بـ88 ميدالية (32)، ثم الصين بـ59 (28). وحلت استراليا رابعة بـ58 ميدالية (16)، وتقدمت على كل من ألمانيا (57-14) وفرنسا (38-13).وبالنسبة إلى عدد الميداليات حسب عدد السكان، تأتي جزر الباهاماس في المرتبة الأولى بنسبة ميدالية لكل 150 ألف مواطن، والهند في المرتبة الأخيرة بميدالية برونزية واحدة لكل مليار شخص!.ومنذ الدورة الاولمبية الأولى في أثينا 1896 وحتى سيدني 2000، تتزعم الولايات المتحدة المحصلة العامة لعدد الميداليات برصيد 1975 ميدالية بينها 547 ذهبية، وتتفوق بفارق كبير على الاتحاد السوفياتي السابق (999-294)، وبريطانيا (615-224). وفي استراليا التي تشتهر بوجود أكبر نسبة من السكان المزاولين للرياضة في العالم، اعتمدت فحوصات ايبو وتحليل الدم للحد من المنشطات.وكشفت عموما تسع حالات لمتنشطين عدد الفحوصات التي أجريت عن 2000 منها 201 خارج المسابقات.التزام الحيطة والحذريبدو ان الخوف من الغش اثنى الكثيرين عن اللجوء إلى المنشطات، وأدى بالتالي إلى التزام الحيطة والحذر، لذا لم يكسر أي رقم قياسي عالمي في ألعاب القوى، بينما كثرت حالات التنشط في رفع الأثقال التي شهدت تحطيم 16 رقما قياسيا، أسهمت فيها السيدات اللاتي تبارين للمرة الأولى أولمبيا، وكانت الصينيات أبرزهن وأقواهن، وأول المتوجات البلغارية ايزابيلا دراغنيفا (وزن 48 كلغ).وأبرز الذين اكتشف تورطهم بطل العالم في رمي الكرة الحديد الاميركي سي جاي هانتر زوج العداءة الشهيرة ماريون جونز، ولاعبة الجمباز الرومانية اندريا رادوكان.وبلغ حصاد الأرقام القياسية العالمية 15 رقما في السباحة وهو الأكبر بعد دورة مونتريال 1976 (29 رقما)، و16 في رفع الأثقال ورقمين في الدراجات ورقما في الرماية.وتوجت جونز نجمة "سيدني 2000" على رغم فشلها في تحقيق حلمها في إحراز خمس ذهبيات، فنالت ثلاثا من المعدن الأصفر في سباقات 100 و200 م والتتابع 4 مرات 400 م وبرونزيتين في التتابع 4 مرات 100 م والوثب الطويل، المسابقة التي استعادت لقبها الألمانية هايكه دريشلر بطلة 1992 وثانية 1988.ودخل اميركي آخر على خط النجومية هو مايكل جونسون، إذ بات أول عداء يحتفظ بلقبه في سباق 400 م، ثم أكمل مجموعته الاولمبية بذهبية التتابع 4 مرات 400 م، رافعا رصيده إلى خمس ذهبيات منذ دورة برشلونة 1992.وفرض مواطنه موريس غرين بطل العالم وحامل الرقم القياسي في 100 م (9.79 ث) نفسه أسرع عداء في العالم وانتزع ذهبية السباق (9.87 ث)، وأضاف إليها أخرى في التتابع 4 مرات 100 م.ومع "هروب" الفرنسية ماري جوزيه بيريك وتواريها وسط غموض كبير لتصرفها المباغت إذ زعمت ان حياتها في خطر، خلت الساحة للاسترالية فريمان لتفوز في سباق 400 م معززة رقمها الشخصي (49.48 ث), وقامت بلفة شرفية محيية 100 ألف متفرج وبيدها العلم الاسترالي وعلم سكان استراليا الأصليين التي تنتمي اليهم.جيريسيلاسي يحافظ على لقب 10 آلاف مترحافظ الاثيوبي هايله جيريسيلاسي على لقبه في سباق 10 آلاف م، وانتزع الفوز من الكيني بول تيرغات قبل مترين من خط النهاية في سباق مثير حبست فيه الأنفاس طويلا، محققا إنجازا سبقه إليه التشيكوسلوفاكي اميل زاتوبيك (1948 و1952) والفنلندي لاسي فيرين (1972 و1976).وفجر اليوناني قسطنطينوس كنتيريس المفاجأة بإحرازه سباق 200 م، مقصيا المرشح الأوفر خطأ الترينيدادي أتو بولدون، وباتت ناوكو تاكاهاشي أول يابانية تحرز ذهبية الماراثون، والاميركية ستايسي دراغيلا أول امرأة تحصد الذهب في القفز بالزانة.في المقابل، فشل حامل لقب سباق 1500 م الجزائري نور الدين مرسلي وخرج من الدور نصف النهائي، وأخفق بطل العالم المغربي هشام الكروج مرة جديدة واكتفى بالميدالية الفضية خلف الكيني نواه نغيني. والأمر ذاته ينطبق على الدنماركي الكيني الأصل ويلسون كيبكتيير الذي خسر معركة سباق 800 م في مصلحة الألماني نيلس شومان وبفارق 6.0 ثوان.الكاميرون تطيح بالسامبافشل المنتخب البرازيلي لكرة القدم في إحراز اللقب الوحيد الذي تخلو خزانته منه، لا بل خسر في ربع النهائي أمام الكاميرون التي أحرزت اللقب في ما بعد مؤكدة سيطرة الكرة الإفريقية على المسابقة الاولمبية، بعدما نالت نيجيريا شرف ان تكون أول منتخب افريقي يفوز بذهبية الألعاب في أتلانتا 1996.وفي السباحة التي عرفت اللباس الثوري الجديد، تفوق الاميركيون على الاستراليين إذ حصدوا 33 ميدالية منها 14 ذهبية أي أفضل من أتلانتا حيث جمعوا 26 ميدالية نصفها من المعدن الأصفر، في مقابل 5 ذهبيات لكل من استراليا وهولندا.ولفت الأنظار "الطائر" الهولندي بيتر فان دن هوغنباند الذي أبطل مفعول "توربيدو" الاسترالي ايان ثورب عندما تفوق عليه في نهائي 200 م حرة أمام 17 ألف متفرج، واكتفى مواطنهم بالميدالية الفضية بعد إحرازه سباقي 400 م حرة والتتابع 4 مرات 100 م.أما هوغنباند فأصبح أول من يكسر حاجز الـ48 ثانية في 100 م حرة (47.84 م) النهائية، وحصد لاحقا الذهبية إضافة إلى برونزيتين في التتابع، وذهبية 50 م.وحذت حذوه مواطنته اينغي دي بروين ففازت في سباقات 50 و100 م حرة و100 م فراشة "وكللت" انتصاراتها بثلاثة أرقام قياسية أيضا.سافون يدون اسمه بأحرف من ذهبنقش الكوبي فيليكس سافون (33 عاما) أسمه بأحرف براقة في السجلات الاولمبية، إذ بات ثالث ملاكم يحرز لقب الوزن الثقيل (فوق 91 كلغ) ثلاث مرات، وسبقه إلى هذا الإنجاز المجري لاسلو باب (1948 إلى 1956) والكوبي تيوفيلو ستيفنسون (1972 إلى 1980)، وكان بإمكان سافون ان ينفرد بالرقم القياسي لو لم تقاطع بلاده ألعاب سيول 1988.(أ ف ب)
رياضة
سيدني 2000: الدورة الأفضل تدخل الألعاب الأولمبية عصرها الجديد
24-07-2012