استنتج لويد باريل أنه يعاني حساسية تجاه الموجات الكهربائية فأجرى سلسلة من التغييرات في منزله وحياته. أول تغيير: استبدل هاتفه اللاسلكي بخط سلكي. ونفذ سياسة صارمة في المنزل «ممنوع استعمال الهواتف المحمولة».لجأ آخرون يعانون مخاوف مماثلة إلى استخدام «فلاتر» يزعم أنها تمنع إشعاع الهاتف، وشنوا حملات لوقف تركيب العدادات الذكية، والأجهزة اللاسلكية لمراقبة استهلاك المنزل للطاقة. ذهب عشرات من الذين يعانون حالة باريل لويد حرفيًا أبعد من ذلك بكثير لمعالجة تشخيصهم الذاتي بإصابتهم بحساسية تجاه الموجات الكهربائية، فانتقلوا إلى بلدة نائية في الضفة الخضراء، في فيرجينيا الغربية، حيث يعيش 143 شخصًا ولم تصل إليها التكنولوجيا اللاسلكية.تشكل الضفة الخضراء مقر تلسكوب روبرت بيرد الراديوي الهائل، والذي يسمح لعلماء الفلك بالتقاط إشارات الراديو المنبعثة من النجوم والمذنبات، وغيرها من أشياء في الكون. وبما أن الإشارات المنبعثة من الأجهزة اللاسلكية قد تطغى بسهولة على موجات الراديو الخافتة القادمة من النجوم البعيدة، يبقى استخدام هذه التكنولوجيات محدود للغاية.تعيش ديان شو الآن في الضفة الخضراء، فالهواتف المحمولة تسبب لها الصداع ومشاكل في الرؤية والذاكرة، وآلامًا في الصدر. تركت وطنها الأم أيوا للمجيء إلى منطقة ولاية فرجينيا الغربية الهادئة، حيث تقول إنها أخيرًا وجدت الراحة.بحسب منظمة الصحة العالمية، الأعراض المبلغ عنها من أشخاص مثل باريل وشو حقيقية وقد تسبب الإعاقة. لكن لا يجد العلماء أدلة تذكِّر أن هذه المشاكل تنتج فعليًا من التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية. وتبين الدراسات أن الأشخاص الذين يدعون إصابتهم بحساسية تجاه الموجات الكهربائية، لا يمكنهم تحديد مصادر الإشعاع الكهرومغناطيسي بشكل أفضل من بقية الناس.وأشار بعض الباحثين إلى أن عوارض الحساسية تجاه الموجات الكهربائية قد تشكل استجابة لحالات أخرى من التعرض البيئي، مثل التعرض لوميض مصابيح الفلورسنت. وتلاحظ منظمة الصحة العالمية بدورها أن من الممكن حتى أن تشكل هذه الأعراض «ردود فعل الإجهاد نتيجة القلق في شأن آثار المجالات الكهرومغناطيسية الصحية، بدلاً من تعرضهم للمجالات الكهرومغناطيسية نفسها».ولا تؤيد البحوث الرأي القائل بأن الأجهزة اللاسلكية تشكل خطرًا صحيًا كبيرًا، فتنبعث من الهواتف المحمولة ترددات إشعاعية أقل من من تلك التي تصدرها أجهزة الأشعة السينية، على سبيل المثال، وإذا تواجد ارتباط بين الهاتف المحمول والسرطان، فقد استعصى الكشف عنه.مايكل سيغريست طبيب نفسي اجتماعي في جامعة زيورخ، درس السلوكيات العامة لتقنية الاتصالات اللاسلكية، يذكر في هذا المجال: «يقول العلماء إن من غير المحتمل أن تشكل الهواتف المحمولة خطرًا يجب القلق حياله. لكن يقولون أيضًا إنهم لا يعرفون عن الآثار الطويلة الأمد، ولا يستطيعون الجزم في مسألة الخطورة».يكمن في هذه النسبة الضئيلة من الشك وادٍ نفسي عميق منحوت وفقًا لطبيعة تكنولوجيا الإشارات اللاسلكية والخلوية التي صنعها الإنسان، الجديدة والتي تنبعث منها إشارات غير مرئية ولا مفر منها تقريبًا. في تلك الفجوة المظلمة، يزدهر الشك والخوف.من الصعب على العقل البشري أن يفهم الشك، فيفضل الأحكام المفاجئة. في الواقع، الدماغ كسول بطبيعته، تعلم استخدام مجموعة كاملة من الاختصارات العقلية لإصدار الأحكام السريعة التي تبدو صحيحة. يضيف سيغريست: «في حالات كثيرة علينا أن نقرر بسرعة ما إذا كان الموضوع خطيرًا، والتصنيف السريع ساعدنا على البقاء على قيد الحياة».ويلاحظ سيغريست أن الأحكام السريعة تعمل بشكل جيد، خصوصًا بالنسبة إلى المخاطر الواضحة مثل الثعابين والمرتفعات. لكن السموم الكيماوية، التغيرات المناخية، والاتصالات اللاسلكية، فضلاً عن علامات أخرى غير مرئية للحداثة، هي أكثر تعقيدًا بكثير، والتصارع معها يتطلب قوة معرفية أكبر.مع جهل المخاطر الحقيقية وانحسار عدد الأشخاص القادرين على تحديدها، يميل أولئك الذين لا يرتاحون للشعور بالشك إلى التفاعل بحسب طريقة من اثنتين: قد يرفضون الاعتراف بمواجهة أي مشكلة أو يبذلون قصارى جهدهم لتجنب ما يخشونه، أو ينتقلون إلى منطقة هادئة. نعيش في بحر سامكانت ستيفاني انجفورد في الحادية والعشرين من عمرها عندما تم تشخيص إصابتها بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات، اضطراب يتميز بعدم التوازن الهرموني وصعوبة إنتاج البويضات الناضجة للإخصاب. وأكد الطبيب ألا حل لهذه الحالة، لكن انجفورد مشت خارج العيادة مصممة على العيش بشكل أكثر صحة. أولاً، ركزت على إدخال المزيد من المواد المغذية إلى جسدها، والقضاء على الأغذية المصنعة، مع إضافة الحبوب الكاملة إلى نظامها الغذائي. وكلما توسعت في بحثها، كانت تعثر على المزيد من المعلومات عن السموم البيئية وكيف يمكنها أن تعيث فسادًا مع العمليات الحيوية في الجسم، قتحولت إلى استخدام منتجات التنظيف المنزلية غير السامة والمنتجات الشخصية الطبيعية مثل الشامبو ومعجون الأسنان.بعد مرور 10 سنوات وإنجاب ثلاثة أطفال، تستثني ستيفاني من حياتها الآن المواد البلاستيكية فضلاً عن مواد كيماوية أخرى كثيرة، ويقلقها بشكل خاص ثنائي الفينول، المعروف بأنه يخل توازن الغدد الصماء والذي قد يتداخل مع هرمونات الجسم عن طريق محاكاة هرمون الإستروجين. وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات أن هذا المركب يسبب مجموعة متنوعة من العيوب الإنجابية والتنموية، وأنواع السرطان.لا يدخل ثنائي الفينول في تركيب بعض أنواع البلاستيك فحسب بل في بطانة العلب المعدنية، والتي قد تتطفل على الأطعمة، خصوصًا عندما تسخن. تخزن ستيفاني بقايا الطعام في حاويات زجاجية، ويشرب أطفالها من زجاجات وكؤوس فولاذية. وبدلاً من شراء الأغذية المعلبة، تحتفظ بأطعمتها في وعاء زجاجي. فضلاً عن ذلك، تجمد التوت والسبانخ والفواكه والطماطم والفاصولياء المجففة، وتصنع مواد تنظيف المنزل الخاصة بها، غسول الجسم، مرهم الشفة، وحتى الشامبو ومزيل العرق.يتم تصنيع أكثر من 84000 مادة كيماوية محددة أو معالجتها في الولايات المتحدة، وفقًا لوكالة حماية البيئة. ويضاف إلى القائمة حوالى 2000 مادة كل سنة. من خلال إمدادات المياه وحاويات الأغذية والمنتجات المنزلية والشخصية، تشق مواد كيماوية كثيرة طريقها في أجسامنا. لذلك، تحلل مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بانتظام عينات الدم والبول لمجموعة ممثلة من الأميركيين. وفي عام 2009، حسبما ذكرت الوكالة، من بين عينات البول الـ2517 التي فحصتها، تبين أن 93 في المئة منها تحتوي على ثنائي الفينول.وكشفت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أيضًا عن آثار المواد الكربونية الفلورية المشبعة في معظم عينات البول. هذه المواد التي تدخل في تركيبة تجهيزات المطابخ غير اللاصقة والطلاءات المقاومة للماء والبقع المخصصة للملابس والأثاث، قد تسبب ظهور الأورام، تشوهات هرمونية، سمية الكبد، ومشاكل أخرى في حيوانات المختبر. وظهرت لدى نسبة كبيرة من الخاضعين لدراسة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أيضاً مستويات ملحوظة من مركبات ثنائي الفينيل متعدد البروم والبيركلورات (المستخدمة في صناعة المتفجرات)، والمواد الكيماوية الصناعية الأخرى.بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، «قياس مادة كيماوية بيئية في دم شخص ما أو بوله مؤشر إلى تعرضه لها، ولا يؤكد ذلك أن المادة تسبب المرض أو لها تأثير سلبي عليه». في الواقع، كميات المواد الكربونية الفلورية المشبعة التي كشفت عنها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها هي أقل بمئات بل بآلاف المرات من المستويات المرتبطة بالمرض في الحيوانات. وكما هي الحال مع مواد كيماوية كثيرة، من غير الواضح ما إذا كانت التركيزات المنخفضة كافية للتسبب بالمرض لدى البشر أو عما إذا كانت تعمل حتى بالطريقة نفسها في جسم الإنسان وجسم الحيوان.الأدلة على ثنائي الفينول غير واضحة، فيبين بعض الدراسات أن، كما هي الحال مع عوامل اختلال الغدد الصماء الأخرى، هذه الجرعات المنخفضة تسبب تشوهات في حيوانات المختبر، بل إن الجرعات المنخفضة قد تكون أكثر خطورة من الجرعات الكبيرة. حكمت إدارة الغذاء والدواء في عام 2008 أن ثنائي الفينول آمن، لكنها منعت أخيرًا استخدامه في زجاجات وأكواب تغذية الرضع بعد فترة طويلة على بدء الآباء بمقاطعة المنتجات التي تحتوي على هذه المادة الكيماوية.الغالبية العظمى من المركبات الـ80000 التي تتقفى وكالة حماية البيئة آثارها لم تتم دراستها بدقة لتحديد الآثار الصحية البشرية. يسبق معظمها تاريخ إنشاء وكالة حماية البيئة وتمت الموافقة التلقائية على استخدامها عندما ظهرت الوكالة في السبعينيات. وحتى اليوم، ليست الشركات مجبرة على إثبات أن المواد الكيماوية الجديدة آمنة قبل طرحها في السوق، وتقع أعباء إثبات الخطر على عاتق الحكومة.حتى لو اكتشف العلماء أن مادة كيماوية معينة مسمة، كثيرة هي المسائل التي يجب حلها. ما هو مستوى التعرض المضر بالجنين، بالطفل، أو بالشخص البالغ؟ هل تناول مادة كيماوية له الآثار نفسها الناتجة من الاستنشاق أو اللمس؟ كيف يمكن للمركب التفاعل مع غيره من مواد كيماوية قد نتعرض لها أيضًا؟ في الواقع، تطول قائمة الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها.«أصبت بالجنون خلال الحمل»لطالما كانت جنيفر تاغارت، محامية لوس أنجليس، واعية بيئيًا. درست الهندسة البيئية وهي الآن تطبق القانون البيئي. لكن، زادت مخاوفها عندما أصبحت حاملاً في طفلها الأول. أصبح تركيزها واسعًا وبدأت تتساءل: «ما المواد الكيماوية الموجودة في المنتجات التي أتعرض إليها في حياتي اليومية؟».صحيح أن الآباء غالبًا هم الأفراد الذين يقلقون من المواد الكيماوية الصناعية، لكن مجرد الاستعداد لإنجاب طفل يعزز أيضًا وعي الناس لمثل هذه القضايا. بالنسبة إلى نساء كثيرات، احتياطات الحمل الروتينية كأخذ الفيتامينات قبل الولادة، تفسح المجال لمحاولات أكثر تطرفًا لحماية صحة أطفالهم النامية.في الواقع، الأجنة والرضع والأطفال معرضون بشكل خاص لآثار السموم البيئية. في هذا المجال، أعلن برنامج الحكومة الوطني للسميات في الولايات المتحدة عن «بعض القلق» في شأن آثار ثنائي الفينول على الجنين والرضيع، والعقول وغدد البروستاتا، لكنه أعرب عن «قلق يكاد يذكر» حول احتمال تسريع ثنائي الفينول لسن البلوغ أو تأثيره على الجهاز التناسلي لدى الكبار. لا يؤدي حجم جسم الأطفال الصغير إلى تضخيم تأثير أي جرعة من المواد الكيماوية فقط، لكن مراحل التنمية الحرجة تتيح فرصة انتشار الضرر على نطاق واسع.تقول تاغارت إنها توقفت عن أخذ حمّام دافئ لأن المركبات المعروفة باسم الهيدروكربونات المكلورة التي قد تكون مسرطنة تتشكل في ماء الصنبور، وتتشكل بمعدلات أعلى في الماء الدافئ. كانت تاغارت تستحم في الماء البارد، وتوقفت عن استخدام منتجات كثيرة، خصوصًا المواد الكيماوية التي تحتوي على عوامل اختلال الهرمونات. لم تكن تستخدم أيًا من المنتجات المعطرة للتنظيف أو غسيل الملابس.اليوم، لا تزال حذرة حول منتجات الرعاية الشخصية مثل المرطبات وواقيات الشمس التي تستخدمها ابنتاها. وتحذر تاغارت من أي آثار للفثالات، الموجودة في منتجات معطرة كثيرة والتي يعتقد أنها عوامل اختلال الغدد الصماء.لا يقدر الأطفال دائمًا الجهد، فكثير من الألعاب الشعبية المصنوعة من الفينيل كالدمى والحقائب والكرات تحتوي على الفثالات، فضلاً عن المعادن السامة. لذلك تجد تاغارت أحيانًا نفسها مجبرة على تعليم أولادها أن الأشياء التي يطلبونها هي ببساطة سامة جدًا. من الصعب إقناعهم لأنهم يريدون الألعاب التي يرونها مع أصدقائهم.العصبية أو اللامبالاة؟لماذا يبذل بعض الناس جهدًا كبيرًا لحظر البلاستيك من المنزل في حين أن الآخرين يسخنون البلاستيك في الميكروويف بلامبالاة؟ بدأ علماء النفس في تحديد بعض العوامل التي تفصل العصبي من اللامبالي.نلاحظ بالنسبة إلى المبتدئين، «تأثير الذكور البيض». يجد الرجال البيض أن مجموعة متنوعة من المخاطر البيئية والأمنية، بما في ذلك بقايا المبيدات في الأغذية والتلوث الكيماوي أقل خطورة مما تعتقد النساء أو أعضاء في جماعات عرقية أخرى، بحسب تقارير عالم النفس بول سلوفيك، الذي يضيف: «وجدنا هذه الاختلافات حتى بين علماء السموم». «ففسر علماء السموم الإناث البيانات المتعلقة بالمخاطر الكيماوية بطريقة أكثر سلبية». تفيد نظرية سلوفيك بأن الاختلافات قد تنبع من حقيقة أنه غالبًا ما يتم تهميش النساء والأقليات في المجتمع. «ربما، ينظر كل من النساء والرجال غير البيض إلى العالم على أنه خطرًا لأنهم أكثر ضعفًا، ولأنهم يستفيدون أقل من التقنيات والمؤسسات، ولأنهم يتمتعون بسلطة وسيطرة أقل على ما يحدث في مجتمعاتهم وحياتهم».وتؤثر المواقف السياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضًا في إدراك المخاطر. فالقائلون بالمساواة بين البشر، الذين يريدون أن تتقاسم طبقات المجتمع السلطة والثروة، يجدون أن مجموعة واسعة من الأخطار البيئية والصحية النووية، مثل التلوث الجرثومي، التلوث الكيماوي، والمضافات الغذائية، أكثر خطورة خلافًا للذين يؤمنون بالهياكل الاجتماعية الجامدة وخطوط السلطة الواضحة. أما المجتمعيون، الذين يعتقدون بأن أفراد المجتمع يعتمدون بعضهم على البعض ويجب أن يعملوا معًا، يرون أيضًا أن هذه الأنواع من المخاطر هي أكثر خطورة خلافًا للأنانيين، الذين يعتقدون بأنه يجب ترك الأفراد وحدهم ليعيلوا أنفسهم.رهاب الموادنتائج البحوث المثيرة للقلق، والشك العلمي، والأبوة لا تساهم وحدها في رهاب المواد الكيماوية المعاصر. فيمكن للتحيزات المعرفية الفطرية أن تسبب ذلك أيضًا. في الواقع، كيّف التطور أدمغتنا للتعرف إلى الخطر، وبما أن الحكومات لا تختبر المواد الكيماوية الجديدة قبل أن تصل إلى السوق، أحيانًا، يتعين على الأشخاص الاستسلام إلى التحيزات المعرفية.بحسب الخبراء، إدراك المخاطر أمر ذاتي ومزيج من الحقائق، ويمكن لعوامل كثيرة أن تجعل حادثًا محددًا يبدو محفوفًا بالمخاطر. الشك في حد ذاته أحد العوامل، إذ يحكم الناس على الأحداث غير المألوفة وغير المفهومة بأنها أكثر خطورة من تلك المعروفة الآثار جيدًا. في الواقع، غياب الأدلة القاطعة لا يخفف المخاوف بل يضخمها.تحمل كلمة «كيماوي» في حد ذاتها شحنة سلبية قوية، فقد وصفت المواد الكيماوية الصناعية مرارًا وتكرارًا، على مدى عقود بالخطيرة. وفي عام 2010، سأل مسح الاتحاد الأوروبي أكثر من 26000 شخص عن الكلمات التي تتبادر إلى الذهن عند التفكير في «المنتجات الكيماوية»، فأجاب 68 في المئة بأنها «خطيرة». وأضافة حوالى 63 في المئة أنها «مضرة بالبيئة»؛ وقال 51 في المئة إنها «غير صحية»، و22 في المئة فقط ذكروا أنها «مفيدة».في عام 2001، وجد مايكل سيغريست أن المشاركين يميلون إلى الثقة في الدراسات العلمية التي تستنتج أن ملونات الغذاء الاصطناعي تشكل خطرًا أكثر من تلك التي تبين أن الأصباغ لا تشكل أي مخاطر على صحة الإنسان، ويشعرون بالقلق من أن البحوث التي تبين أن منتجًا معينًا آمنًا تحركها أجندة خفية. ويمكن أن تشير 90 في المئة من الدراسات إلى أن المادة الكيماوية لا تحمل أي خطر، لكن الناس سيولون اهتمامًا أكبر في الـ10 في المئة التي ستقول إنها تشكل خطرًا.يدرك معظم الناس ببداهة أهمية الجرعة في إنتاج الآثار. لكن ليس عندما يتعلق الأمر بالمواد الكيماوية الصناعية. في استطلاع شمل أكثر من 3000 شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وافق حوالى 63 في المئة على أن «التأثير على صحتك لا يتعلق بمدى التعرض إلى مادة كيماوية، بل إذا كنت تتعرض لها أم لا». ووافق 73 في المئة على «أن تعرض الشخص لمادة كيماوية قد تسبب السرطان، يصبح عرضة للإصابة بالسرطان في وقت لاحق من حياته».يلي هذه الحقيقة شعور بالفزع يشكّل أحد أقوى التأثيرات على تصور المخاطر. إذا كانت العواقب السلبية المحتملة هي التي تسبب الفزع، فيكون لدينا تصور عالٍ للمخاطر، لذا يقلق معظمنا حول انهيار محطة للطاقة النووية أكثر مما تقلقه الآثار الصحية للأشعة السينية الروتينية، رغم أن الأشعة السينية أكثر احتمالاً لتشكيل مخاطر على مدار حياتنا.نجد أيضًا عوامل أخرى قد تجعل الحدث يبدو خطيرًا. تبدو الأمور أكثر خطورة عندما لا يكون التعرض لها تحت سيطرتنا الطوعية. ونجد أيضًا أن الأشياء التي صنعها الإنسان أكثر خطورة من تلك الطبيعية، والأشياء الجديدة مروعة أكثر من الأخطار الموجودة منذ أجيال. والأخطار غير المرئية التي يصعب اكتشافها بواسطة حواسنا تبدو أكثر خطورة من تلك التي يمكن أن نراها بسهولة.الحذر الدائم من المخاطر البيئية له تكلفته. في العام الماضي، اعترف ستيفاني لانجفورد بشعورها «بتعب الحياة الطبيعية». تقول: «أحيانًا يرهقنا هذا القصف من المعلومات، وأحيانًا أخرى، أشعر أنني لا أريد دفع خمسة دولارات إضافية مقابل معجون الأسنان».«عندما تصبح أكثر وعيًا للمخاطر، تحتاج إلى تجنبها والعمل جاهدًا لإجراء تغييرات. تشعر حينئذٍ أنها تطغى على حياتك، فيصعب عليك التفكير واتخاذ جميع الخطوات الإضافية، وصنع المنتجات الخاصة بك، وجمع المنتجات التي تختلف عن تلك التقليدية. بالإضافة إلى صنع المستحضرات للأسرة، وكريم الحفاضات، والشامبو، كانت ستيفاني تحضر معظم الأطعمة من الخبز والحبوب، والتوابل. لم تستطع زيارة المخزن ببساطة عندما ينقص شيئًا في المنزل، وكان ذلك يتطلب جهدًا كبيرًا.على مر السنين، تقبلت ستيفاني حقيقة أنها لا يمكن أن تكون مثالية، ولا يمكن القضاء على كل خطر محتمل من البيئة: «ارتحت كثيرًا». واعترفت أنها «متطرفة للغاية» حول طعام أطفالها، ولا تزال تطعمهم المواد العضوية الخالية من السموم المحضرة في المنزل، لكنها تغض النظر إذا تم تقديم الطعام الساخن على لوحات بلاستيكية في الحفلات.
توابل - EXTRA
ممنوع استعمال الهواتف المحمولة
21-11-2012