أصدر الشاعر إبراهيم الخالدي ديواناً شعرياً يضم الأعمال الفصيحة شبه الكاملة « ربما.. كان يشبهني» موزعاً على 256 صفحة من القطع المتوسط.

يستلهم إبراهيم الخالدي من يومياته نصوصه ونتاجه الشعري، مازجاً أعماله بخيال يأتي مترجماً بأشكال متنوعة. فقد تضمن كتابه الجديد النص القصير وقصيدة النثر والتفعيلة والقصيدة العمودية. ويصطحب الخالدي القارئ إلى عوالم مختلفة وأماكن متنوعة من خلال ديوانه الشعري، راصداً بعض الحالات الخاصة والقضايا العامة، ويسعى إلى مشاركة القارئ عبر رحلته التي يطوف بها شرقا وغرباً.

Ad

يستهل الشاعر الديوان بنص قصير بعنوان «كويت» مسلطاً الضوء على شجاعة الآباء والأجداد الذي سطروا أفضل صور لهم في معركة الحياة الصعبة، ويقول: بحرٌ،/ وصيادون ملتفون حول الكوت./ نسجوا على صخر الشطوط أكفهم،/ واستشعروا في الماء حورياتهم،/ ومدائن الياقوت./ رسموا على غبش المدى أحلامهم./ وغناؤهم.../ أضحى حدود بلادنا،/ وشوارع الأيام/ والبيوت.

ثم ينتقل الشاعر إلى التفاعل مع بنية المكان شعرياً، إذ تنطلق هذه الرحلة بنص «المُنتظر» ويقول فيه: إلأى الغيم ينسب، للدم يعزى./ وتغبطه المرسلات!/ فتىً.. في عباءات أيامه يستغاث/ إذا أدهر الوقت،/ واستنزفته المسافات،/ واحتطبت مزنه/ الذاريات!/ إلى الشرق ترحل أسماؤه المثقلات!/ وتسقط في نجد نجداً،/ وفي الشام شاماً،/ وتشربها فارس، والفرات!/ تحضنه البحر في آخر العمر حتى تكفن صارية الصلب:/ طاب الممات.

في مكان آخر يستلهم الشاعر نص سفر، ومن أجوائه: السفرُ: وطنُ الغرباء، لغةُ، المنفيِّين،/ طقس المنبوذين المتقلِّبْ!/ في اليونان: شاهدته على قارعة الطريق في قرية صغيرة شمالي البلاد.

وحيداً. سوى من كلب يتبعه،/ وقنينة من تعب!/ قلت له: الغربة ذلٌّ، والغرباء ترانيم الدموع./ شتمني، ومضى، لحقت به،.. عانقته،.. حتى تبخَّر بين ذراعي!

انفتاح مكاني

تنفتح نصوص الخالدي على أماكن متعددة، إذ يتنقل من الشمال إلى الجنوب محدداً معطيات المكان. ويقول في نص «قصائد لها، وعنها»: الله/ كم أنا سعيدْ/ لديَّ جمعُ أصدقاءْ/ وامرأةٌ سكّرةٌ كالكعك يوم العيدْ.

لها:

مدينة. باردة. كئيبة/ هذي التي يدعونها (لندن)/ والعشق فيها باهتٌ/ كأسقف البيوت في الشتاءْ

اللهُ/ لو تأتين يا حبيبتي/ لاستبشرت دروبها/ واغتاظت النساء.

وفي قصيدة التفعيلة، يكتب الخالدي نصاً بعنوان بين المدينة والشام سارداً بعض الحكايات في أماكن متفرقة من أجواء النص: «أظن المسافة بين المدينة والشام: عاماً ونصف./ ستكبر ليلى، ويلتف نهد./ وتكبر سلمى، ويلتف نهد/ وتنضج كل البنات اللواتي بوادي عقيق/ - على الرغم مني- ويحصدهن – على الرغم مني- رجال سيأتون بعدي/ فينثال رمل، ويذبل ورد.

ويستمر الخالدي في التفاعل مع المكان، عبر نص وصية القبائل المضرية لشاعرها جرير، ويقول فيها: «عَبَثاً نُحاولُ/ والقصيدةُ تحتمي بردائِها الغجريِّ/ تُوردُ في مفاتنها الكؤوسُ وتُصدرُ/ عبثاً نزيّفُ قولَنا/ والحرفُ أوضحُ من نهارٍ/ والمرادُ مُفسَّرُ/ عَبَثا/ نُخبّيءُ في الرماحِ جراحِ بدوٍ عُزّلٍ/ ذبلتْ قوافلُهمْ/ وبدّدَ وسْمَها تاريخُها العَطِرُ/ أزف المسيرُ/ وثَلّمتْ/ شهُبُ المساءِ سيوفَنا الحدباءَ/ واغتيلَ الصقيلُ المشهرُ/ كانتْ دمشقُ جميلةً/ حاراتُها كرز وتفاحٌ وخوخْ.

ثم ترسو كلمات الشاعر على ضفة نهر النيل من خلال قصيدة «المحروسة» في البدءِ تكوَّنت الأنهارْ/ أنجبت الأنهارُ ضفافاً خضراً/ جاء تحتمسُ يغسلُ أشرعةَ الشمس/ ويصنعُ مجداً صخريَّ الأسفار/ أذكرُهُ كان يدرِّسُني في الصفِّ الأوّلِ/ كنا أطفالاً نمضغُ في الفصلِ حروفاً لا نعرف معناها/ لكني أدركت بأن الحرف يغنى دفء الحنطة والقطن/ آمنتُ بأنَّ الشمسَ ستشرقُ ما دام النيلُ بخيرْ/ آمنتُ بأنَّ زلازلَ هذا الكونِ ستعجزُ في وجهِ الأهرام/ وحارات المحروسة.

نبذة

الشاعر إبراهيم الخالدي من مواليد 1971 الكويت، حاصل على بكالوريوس تربية (رياضيات) يعمل رئيس قسم في وزارة التربية لمادة الرياضيات. صدرت له ثلاثة دواوين: «دعوة عشق للأنثى الأخيرة»، «عاد كم حيث جاء»، و{احتمالات». كذلك له إصدارات أخرى في التراث والتاريخ، من بينها «المستطرف النبطي»، «طواريق النبط» و{المصور البدوي».