«يا للهول»، و{ما الدنيا إلا مسرح كبير»، أشهر عبارتين ليوسف وهبي صاحب عبقرية فنية من طراز خاص، وحقق نجاحاً أسطورياً لم يحققه ممثل سابقاً، وحصد عن جدارة لقب «عميد المسرح العربي». كان يوسف وهبي طفلاً عندما شاهد أول عرض في مدينة سوهاج التي عاش فيها مع والده كبير مهندسي الري عبد الله باشا وهبي، ففي إحدى الأمسيات ذهب مع أسرته لمشاهدة مسرحية «عطيل» لوليام شكسبير، فانبهر بالعالم الذي رآه على المسرح وظل لسنوات يقلد كل ما يتابعه على خشبة المسرح.العام 1912 انتقل مع أسرته إلى القاهرة، واستمتع بمشاهدة الاستعراضات في الملاهي الليلية والأوبرا والمونولوجات والراقصات والمغنين في الموالد الشعبية، إلا أنه تأثر بجورج أبيض الذي جسد شخصيات: ماكبث، لويس الحادي عشر، الإسكندر الأكبر، يوليوس قيصر وأوديب الملك.عامل أكسسوارتعرف يوسف وهبي إلى المخرج محمد كريم وإلى الأخوين محمد ومحمود تيمور، وانضم إلى «جمعية أنصار التمثيل» والتقى فنانين ناشئين مثل عبد الوارث عسر، محمد عبد القدوس، سليمان نجيب وغيرهم.اندمج يوسف في الحياة الفنية وأهمل دراسته الثانوية، فازدادت الخلافات بينه وبين والده الباشا الذي بكى عندما قرأ اسم ابنه ضمن الممثلين على إعلان مسرحية «حنجل بوبو».أرسله والده إلى إيطاليا لدراسة الهندسة إلا أنه، بمجرد وصوله إلى ميلانو، توجه إلى أحد المسارح بحثاً عن عمل، وفعلاً اشتغل عامل أكسسوار وظهر ككومبارس في أفلام إلى أن تلقى برقية تنبئه بوفاة والده الباشا، فعاد إلى مصر أواخر 1922، وكوّن «فرقة رمسيس»، مستغلاً الميراث الذي تركه له والده، فأطلقت الفرقة مرحلة جديدة في تاريخ المسرح العربي بأكمله.ضم وهبي إلى الفرقة: أحمد علام، روز اليوسف، زينب صدقي، فاطمة رشدي، حسن فايق، حسين رياض، وعزيز عيد. ومن بعدهم: عبد السلام النابلسي، دولت أبيض، روحية خالد، مختار عثمان، محمود المليجي، زكي رستم وبشارة واكيم.كذلك غذى الفرقة بدم جديد من المخرجين أمثال: زكي طليمات وفتوح نشاطي، ولم يبخل على مسرحه وفرقته وفنه إلى درجة أنه أرسل عزيز عيد إلى فرنسا لشراء ديكورات خاصة بعروضه المسرحية.استمرت «فرقة رمسيس» من 1923 إلى 1961 وقدمت 224 مسرحية في وقت ظهرت فيه عشرات الفرق واختفت.إلى جانب التمثيل وإدارة المسرح مارس يوسف وهبي التأليف والإخراج، فأخرج أربع مسرحيات للفرقة وكانت الأولى «الاستعباد» (1924).زينبفي أحد الأيام طلب منه محمد كريم مساعدته في تمويل فيلم «زينب» الذي رفضته شركات الإنتاج، فقرر يوسف إنتاجه وعُرض في 12 أبريل 1930 وحقق نجاحاً جماهيرياً وفنياً.العام 1931 أنتج فيلم «أولاد الذوات»، مأخوذ عن مسرحية الذبائح لأنطوان يزبك، وأدى بطولنه مع أمينة رزق وكوليت (ممثلة فرنسية) وأخرجه محمد كريم.العام 1934 خاض تجربته الأولى في الإخراج السينمائي في فيلم «الدفاع»، وبلغ عدد الأفلام التي أخرجها أكثر من 30 فيلماً معظمها كانت اقتباساً لمسرحياته الناجحة مثل: «عهد الهوى، كرسي الاعتراف، بيومي أفندي، العدو الحبيب، سفير جهنم، عاصفة على الريف».من أبرز أفلامه كممثل: «الأفوكاتو مديحة، المهرج الكبير، الفنان العظيم، بحر الغرام، حبيبي الأسمر، مفتش المباحث، مال ونساء، شنبو في المصيدة، إشاعة حب، ميرامار والبؤساء».العام 1955 كتب سيناريو فيلم «حياة أو موت» للمخرج كمال الشيخ ومن بطولة عماد حمدي ومديحة يسري.نجاح وفشلجسّد يوسف وهبي عشرات الشخصيات وارتدى أقنعة وتحدى الظروف التي عاندته ونجح وفشل، البعض اعتبره كارثة والبعض الآخر رفعه إلى القمة، لكنه كان يؤكد دائماً أنه عاش ألف عام.العام 1982 رحل عن عالمنا عن عمر يناهز الثمانين عاماً، بعدما قدم فناً شديد الخصوصية، يحمل بصمة أداء لا تتكرر.
توابل - مزاج
يوسف وهبي... فنان الألف عام
12-08-2012