قال رئيس جمهورية تونس الدكتور محمد المنصف المرزوقي انه تم التطرق خلال جلسة المباحثات الرسمية مع سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الى العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والسياحية.وأضاف الرئيس التونسي في مقابلة صحافية مع تلفزيون دولة الكويت و"كونا" الليلة الماضية بمناسبة زيارته للبلاد ان جميع المواضيع التي تمت مناقشتها خلال المباحثات "تصب في مصب واحد هو التفاهم الكامل من الناحية السياسية والامل في علاقات اقتصادية مثمرة وقوية".واعرب عن امله بان يتم تكثيف السياحة الكويتية الى تونس معلنا انه ابلغ سمو الامير بان تونس قررت الغاء تأشيرة الدخول (الفيزا) للمواطنين الخليجيين الراغبين بزيارة تونس.الاستثمار الكويتيوحول الاستثمار الكويتي في تونس اكد استعداد بلاده لتذليل كل المعوقات من اجل تمكين الكويتيين من الاستثمار في العديد من المشاريع في تونس مشيرا الى ان سمو الامير اكد له ان الكويت مستعدة لدراسة كل المقترحات للاستثمار في تونس.واضاف "نحن في تونس نشجع الجميع على الاستثمار في بلادنا في كل المجالات سواء في السياحة او الطاقة وتحلية مياه البحر والبنى التحتية والطرقات الى اخره... نحن لدينا حاليا اكثر من 40 مشروعا تعتبر من المشاريع العملاقة التي من شأنها ان تضع تونس في مصاف الدول الحديثة وجزء من هذه المشاريع سنعرضه على الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية".واشار الى لقائه مع المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الذي اكد له استعداد الصندوق لتمويل هذه المشاريع التنموية العملاقة في تونس معربا عن سعادته بتجاوب الصندوق مع هذه المشاريع العملاقة "لانه واضح جدا ان هناك استعدادا كبيرا ويوجد امل كبير وأشياء واعدة كثيرة".واضاف ان "المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية اكد لي ان الصندوق على استعداد لتمويل انشاء عدد من المشاريع المهمة في تونس التي تتعلق بالبنية التحتية والطرق التي تربط الساحل بالمناطق الداخلية كمشروع الطريق السريع من مدينة نفيضة الى مدينة طوزر مرورا بمدينة القيروان حيث ان الاخوان القطريين سيعينوننا على بناء الجزء الاول من هذا المشروع وربما الاخوة الكويتيين سيعينوننا على بناء جزء اخر من هذا الطريق السريع".وأشاد بـ"الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في تونس طوال العقود الماضية"، مضيفا "لكن جاءت فترات خاصة عند الاستبداد تناقص فيه وجود هذا الصندوق... الان نريده ان يعود بقوة ومثل ما قلت فان تونس بلد مربح من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية".القضايا العامةواشار الى ان مباحثاته مع سمو الامير تناولت ايضا القضايا العامة التي تهم الوطن العربى كالاحداث في سورية "واستمعت الى رؤية سمو الامير لحل هذه المشكلة ونحن لدينا وجهة نظر تقريبا متقاربة في اننا نرفض التسليح ونرفض التدخل الخارجي ونأمل ان تجد سورية حلا في اطار المنظومة الدولية".واضاف "أطلعت سمو الامير على كل الامور التي تخص مشروع الاتحاد المغاربي"، مشيرا الى انه وجه دعوة رسمية لسمو الامير لزيارة تونس "في الوقت الذي يحدده سموه بغية التواصل والاستمرار في عقد مثل هذه اللقاءات".وأعرب عن خالص شكره لدولة الكويت اميرا وحكومة وشعبا على الاستقبال "الرائع" وكرم الضيافة معربا عن تحياته "لهذا الشعب العربي الاصيل الذي عاش محنة كبرى خلال فترة احتلال نظام صدام حسين البائد للكويت والتي كنت في تلك الفترة الصعبة من اصدقاء هذا الشعب الكبير ولهذا انا سعيد اليوم بان آتي الى هذا البلد الذي واكبت محنته بكل اسى واواكب اليوم عودته الى الساحة بكل فخر وسرور".واضاف "محبتي للكويت منذ زمان نتيجة امرين الاول انني عندما كنت طفلا كنت اقرأ مجلة العربي التي لعبت دورا كبيرا في تنمية ذهني والثاني لاعجابي بالتجربة الديمقراطية الكويتية حيث كنت اشاهد المناقشات في البرلمان الكويتي في التسعينيات والثمانينيات ولذلك كنت احب الكويت كثيرا وانا سعيد جدا بان ارجع اليها كرئيس لدولة ديمقراطية لازور دولة ديمقراطية شقيقة".وحول تقييمه لمستوى العلاقات الكويتية التونسية وماذا ينقصها لكي تصل الى مستوى التكامل السياسي والاقتصادي قال الرئيس التونسي "نحن بالصدفة نحتفل في هذه الايام بالذكرى الخمسين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين الكويت وتونس... فنحن منذ نصف قرن اصدقاء".الاحترام المتبادلوأضاف "نحن نريد علاقة مبنية على الاحترام المتبادل نظرا لاننا دول ديمقراطية فالكويت لديها امكانات لمساعدتنا لكن في اطار الاحترام والشراكة وليس في اطار اخر حتى نستطيع ان نقدم اخيرا للعالم صورة بلدان عربية ديمقراطية تتعامل مع بعضها بالاحترام وانا لا اريد علاقات اقتصادية بحتة بل نريد ان تكون علاقات سياسية وثقافية وبشرية بحيث تزورونا ونزوركم وتكون العلاقات بيننا علاقات انسانية متكاملة، فنحن الان دولة ديمقراطية لدينا ثقة بانفسنا ولدينا امكانات كبيرة من الناحية البشرية والاقتصادية ولدينا ثقة بمستقبلنا".وردا على سؤال حول تونس ما بعد الثورة والى اين وصلت اهداف الثورة قال الرئيس التونسي ان "الثورة قطعت نصف الطريق وقامت على اساس الكرامة والخبز... الكرامة تعني الحرية والحرية الفردية والاطمئنان على النفس وعدم العيش تحت الخوف ونهاية الاستبداد والبطش البوليسي السياسي الى اخره. هذا حققناه يعني الان تونس بلد حر والشعب التونسي يشعر بالحرية ولم يعد يخاف من البوليس السياسي... الحريات كلها مضمونة ومكفولة والناس كلها تشعر بالنخوة والاعتزاز".واضاف "اما النصف الثاني فلم نحققه حتى الان وهو الخبز والنمو للمناطق الفقيرة التي كانت سببا لانطلاق الثورة... نحن الان عاكفون على تحقيق هذا المطلب ونأمل ان نحققه لشعبنا في ظل ظروف عالمية صعبة ونحن قادرون بفضل دعم اشقائنا الكويتيين على وجه الخصوص كما اننا عازمون على اكمال برنامج الثورة وان التوانسة بعد سنتين او ثلاث سيتمتعون بما وعدتهم به الثورة".الحراك السياسيوحول الحراك السياسي الذي افرزته الثورة التونسية وكيف سيتبلور هذا الحراك قال الدكتور المرزوقي ان "الورقة الرابحة الاساسية بالنسبة للتونسيين هي توافقهم السياسي، يعني كل التونسيين مجمعون على انه لا مجال للعودة الى الاستبداد ولا مجال للدولة الدينية ولا مجال لدولة استبداد باسم القومية او باسم الوطنية او باسم الدين هذا بحد ذاته شيء مهم جدا... التوانسة كلهم مجمعون على ضرورة ان يكون لديهم دستور يضمن الحريات الفردية والعامة".واضاف "كلنا مجمعون على دولة مدنية تكون محايدة، تدافع عن المرأة المحجبة وغير المحجبة. هذا الوفاق الكبير من الناحية السياسية هو ضمان الاستقرار في تونس لكن هناك اختلافات، ومادام فيه ديمقراطية تنتج تيارات سياسية تريد ان تحكم لكن الحمدالله كل هذه التيارات الديمقراطية تتصارع وفق اطار اللعبة الديمقراطية في اطار الحقوق والحريات التي اكتسبها التونسيون".واكد ان "المشكلة الاساسية الحالية في تونس ليست سياسية لان كل الاطراف مجمعة على بناء الدولة الديمقراطية لكن الخلاف الان يتعلق بكيفية تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي وهناك تحديات كبرى وصعبة"، مضيفا "نحن الان بصدد خوض معركة مصيرية لانه لولا قدر الله لم نستطع ان نحقق للتونسيين هذا النمو الاقتصادي والاجتماعي، فالثورة نفسها ممكن ان تأكل نفسها ويمكن لا قدر الله ان تسقط التجربة الديمقراطية، ولهذا نحن في صراع مع الزمن، يجب ان نثبت انفسنا بالديمقراطية لتحقيق التنمية".المغرب العربيواكد الرئيس التونسي ان مشروع المغرب العربي تم احياء فكرته الان، مشيرا الى ان اول زيارة له بعد الثورة قام بها الى ليبيا ثم بعد ذلك انتقل الى المغرب ثم الى موريتانيا ثم الى الجزائر وفي كل محطة من هذه المحطات "اكدت خلال مباحثاتي مع رؤساء هذه الدول ضرورة احياء هذا الاتحاد الذي كان حبرا على ورق والان اصبح ضرورة للشعوب".واضاف ان "هناك وعيا داخل هذه المنطقة عند جميع الزعماء بانه آن الاوان لوضع هذا الاتحاد ضمن العمل، هذا الاتحاد سيضمن حرية التنقل للمغاربيين، وحرية الاستثمار وحرية الاستقرار وحرية العمل، وانا طلبت ان تكون هناك حرية خامسة هي حرية الانتخابات البلدية بحيث يحق لاي مغاربي يعيش في اي دولة مغاربية مدة سنتين المشاركة في الانتخابات البلدية. لدي احلام لعشر سنوات مقبلة بان يصبح لدينا برلمان مغاربي ينتخب في نفس اليوم من قبل الشعوب المغاربية على غرار الاتحاد الاوروبي الذي هو مثلنا واعتقد اننا قادرون على هذا وسنحققه".وردا على سؤال عن اوضاع الاقتصاد التونسي بعد فترة عصيبة من الثورة قال الدكتور المرزوقي ان "الثورة التونسية وضعت الاقتصاد في غرفة الانعاش نظرا لتوقف الاستثمار الداخلي والخارجي والسياحة والعديد من المصانع واحتراق العديد من المصانع وهذا سبب للاقتصاد ازمة كبرى".المشاريع الكبرىواكد ان "تونس الان بصدد التعافي من هذه الازمة اولا حيث السياحة بدأت ترجع ووصلنا الى 80 في المئة من حجم عدد السياح في 2010 وفتحنا الحدود الان، والاخوة الجزائريون ليسوا بحاجة الى جوازات سفر بداية من الشهر المقبل اضافة الى اننا قررنا رفع الفيزا عن الاخوة الخليجيين وكل هذا سيساهم في فتح تونس للسياحة العربية ونأمل ان تعوض هذه السياحة العربية ما فاتنا من السياحة الاوروبية".وتابع "اما بالنسبة للاستثمار فقد اعددنا اكثر من 40 مشروعا من المشاريع الكبرى ووجدنا الكثير من الدعم من الاصدقاء في اوروبا وفي الولايات المتحدة وفي بلدان الخليج ونأمل ان تدور العجلة الاقتصادية التي بدأت من الان وسيكون لها مفعول".وحول المناخ الاستثماري في تونس قال الرئيس التونسي "اقول لجميع الاخوة سواء في الخليج او اي مكان نحن لا نريد اي صدقة نحن نطلب فقط ان تأتوا وتستثمروا لدينا، فانتم تربحون ونحن نربح. نحن سنوفر لكم احسن الاوراق للاستثمار الجيد فالبلد ليس فيه اي فساد. هذه الدولة سيكون فيها ادارة حازمة وفي نفس الوقت مفتوحة. ونحن بصدد تنظيفها من البيروقراطية وسيكون بها قضاء مستقل اذا شبت نزاعات. هذه دولة بها ارادة سياسية للانفتاح وللعمل مع كل البلدان دون ان تكون هناك مشاكل سياسية وسنوفر بيئة استثمارية بها كل فرص النجاح لكل من يستثمر لدينا".قطاعات السياحةوأضاف "كل فرص الاستثمار موجودة وكل فرص الربح الشريف لان كل من يستثمر عندنا فهو يربح بشرف وايضا يعين شعبا عربيا على ان يكمل ثورتنا الديمقراطية ويعين الاستقرار لان هذه فكرة جديدة رأيتها في (الانكتاد) وهي في الواقع من افكارنا في السبعينيات".وردا على سؤال لماذا لا تحقق قطاعات السياحة والبنوك والزراعة في تونس التنمية المستدامة؟ قال الدكتور المرزوقي "نحن كنا في منظومة فساد وكان الاستثمار موجودا في اماكن الربح السريع على حساب البيئة وعلى حساب حقوق العمال ثم جاءت الثورة التي اعادت ترتيب كل الاوراق، ونحن الان بدأنا اطلاق الثورة الاقتصادية التي اعتقد انها ستأتي أكلها لكن خلال سنوات، والاقلاع يبدأ من الارادة السياسية ثم يترجم الى مشاريع وبعد هذه المشاريع يترجم الى عمل، ونحن الان بدأنا بهذا المسار وسنصل بعون الله وبعون اصدقائنا ومنهم الكويتيون الى ما نبتغيه".واكد ان الوضع الاقتصادي والاستثماري والسياحي في تونس عانى كثيرا نتيجة الثورة في السنة الماضية "وبدأنا الدخول في عملية الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي وهذا شيء طبيعي وهذا ألم الشفاء. بلدنا كان مريضا ككل البلدان التي اصابها وباء الاستبداد".المسرح العربيوردا على سؤال عن الدور الذي ستلعبه تونس الان على المسرح العربي والدولي بعد ان اصبحت دولة ديمقراطية قال الدكتور المرزوقي "تونس لم يكن لها وجود اصلا في العلاقات الخارجية ابان فترة حكم الرئيس المخلوع لان الدكتاتورية كانت تعتبر هذا البلد مزرعة يجب استنزاف خيراته ومصالح تونس كلها لم تكن تدخل في عقل النظام التونسي المخلوع واعطيك مثالا على ذلك. انا ذهبت للقمة الافريقية وواجهني الرؤساء الافارقة بانهم لم يشاهدوا رئيسا تونسيا منذ اكثر من 20 سنة. غيبت تونس تماما لانه لم يكن ذلك النظام قادرا حتى على اقامة نقاش عادي مع رئيس دولة افريقية".واضاف "علاقتنا مع دول المغرب العربي كانت سيئة لاسيما مع الجزائر وليبيا والمغرب والان قضية العلاقات الخارجية بالنسبة لنا هي جزء من تنمية الداخل التونسي والشعب التونسي اذ ان هذه الثورة اعطتنا حجما اكبر بكثير من حجمنا. الان انا اينما اذهب اواجه بالاحترام الشديد لهذا الشعب. الان انا استغل هذه الصورة الايجابية لكي احقق المصالح التونسية".وتابع "لدينا الان مسؤولية كبرى هي الخيار بين النجاح والنجاح. ليس لدينا خيار اخر. لابد ان ننجح. الان اصبح دورنا اكبر من حجمنا لان الشعوب العربية اصبحت تنظر الينا كنموذج. ومطمئنون الى اننا سننجح".
آخر الأخبار
المنصف المروزقي: سعيد بأن أعود إلى الكويت كرئيس لدولة ديمقراطية لأزور دولة ديمقراطية
24-04-2012