نصف مليون مسيحي في الكويت منهم 350 ألف كاثوليكي يتبعون كنيسة روما * نود أن تقدم نبذة عن تاريخ الكنائس في الكويت والمنطقة وكيف كانت بدايتها عموما والكاثوليكية خصوصا؟-الكنيسة الكاثوليكية في الكويت بدأت بزيارات من البصرة بالعراق سنة 1947، وأصبحت موجودة بطريقة رسمية سنة 1950 تقريبا، وبعدها أصبحت ببشكل رسمي ككنيسة سنة 1954، ومر عليها أكثر من 50 سنة، وبالنسبة للكنائس الاخرى أعرف أن الكنيسة الانجيلية بدأت سنة 1901 عندما تم فتح المستشفى الأمريكاني وقد أعطوا أرض المستشفى للكنيسة.وفي البحرين تأسست أقدم كنيسة كاثوليكية في الخليج سنة 1931، وهناك أثار للعديد من الكنائس من بداية القرن الخامس في المنطقة، مثلا في فيلكا هناك آثار لكنيسة وأيضا في نجران بالسعودية هناك أثار للكنائس وفي بعض المناطق الأخرى، وبالنسبة إلى قطر فتأسست فيها أول كنيسة منذ 3 سنوات فقط.عدد الكاثوليك* ما عدد رعايا الكنيسة الكاثوليكية من الكويتيين والأجانب في الكويت؟- في الكويت هناك ما يقارب النصف مليون مسيحي، منهم 350 ألف كاثوليكي يتبعون كنيسة روما، منهم 4 عائلات كويتية صغيرة تنتمي إلى نفس الكنيسة، وهناك 70 ألفا من الأقباط الأرثوذكس، منهم 20 ألفا ينتمون إلى كل الكنائس الأخرى، أي أن المنتمين إلى الكنيسة الكاثوليكية هم أكثر الرعايا في الكويت.وفي قطر يوجد ما بين 500 ألف و600 ألف كاثوليكي، ولا أعرف عدد الكنائس الأخرى، وفي البحرين يوجد 150 ألف كاثوليكي، وعدد رعايا كل الكنائس الأخرى يصل تقريبا إلى 20 ألفا، وبالسعودية يوجد مليون ونصف المليون كاثوليكي، فالكنيسة الكاثوليكية أكبر كنيسة في كل البلاد.الكنائس غير كافية* بناء على هذا العدد، هل الكنائس المتوافرة في الكويت والمنطقة تكفي رعاياها؟- لا تكفي إطلاقا، فنحن في الكويت نحتاج إلى مكان آخر بالإضافة إلى الأماكن الثلاثة الحالية (الكاتدرائية – السالمية – الأحمدي)، إذ نحتاج إلى مكان بمساحة لا تقل عن 40 ألف متر مربع، وإذا أعطتنا الكويت هذه المساحة في جليب الشيوخ مثلا فستحل دولة الكويت مشكلة الكاثوليك إلى الأبد.* وبالنسبة إلى دول المنطقة؟- في البحرين هناك وعد رسمي واضح من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإعطاء أرض للكنيسة الكاثوليكية، وسيتحقق هذا الوعد قريبا جدا، وفي قطر هناك كنيسة جديدة كبيرة، ونحتاج إلى مكان آخر بعيدا عن العاصمة الدوحة، لأن عدد الكاثوليك هناك كثير ولا يوجد مكان يتسع لهم.* ما هي احتياجات الكنيسة في هذه الدول الأربع؟- نحن لا نطالب الحكومات بقوانين خاصة للكنيسة الكاثوليكية، بل نطالب بإعطائنا إمكانات لكي نصلي براحة للبلاد وحكامها، ولنصلي من أجل من يحبوننا ولمن لا يحبوننا. نحن طلبنا قطعة أرض منذ فترة من صاحب السمو الأمير سنة 2008 ولم يتحقق هذا الطلب حتى الآن، ويوجد منذ شهرين تقريبا موافقة على بناء كنيسة في منطقة جليب الشيوخ، ولكن أعضاء المجلس البلدي الإسلاميون رفضوا رفضا عنيفا.* هل هناك بعض القوانين في الكويت تسلب المسيحيين بعض حقوقهم أو أخرى تضررت منها الكنيسة؟- حسب معلوماتي لا يوجد تمييز بين الكويتيين المسلمين والكويتيين المسيحيين، فمثلا بنات الراعي الإنجيلي قد ذهبن إلى أميركا بمنحة من الحكومة أي انهن قد حصلن على درجات عالية في الشهادة الثانوية، ولم يكن هناك أي تمييز بين بناته المسيحيات وزميلاتهن الكويتيات المسلمات.أما بالنسبة للكنيسة فلا توجد قوانين بل هناك عادات، ونحن طلبنا أرضا لبناء كنيسة للصلاة، ولم نطلب أرضا لبناء مقر حزبي، أو لبناء مركز ثقافي للكاثوليك.الرعايا المسيحيون* بالنسبة للرعايا المسيحيين كيف تجدون تفاعلهم مع المجتمع؟- طالما يوجد عدد كبير من المسيحيين الكاثوليك في الكويت من الممكن أن يكون لهم تأثير جيد او سيئ، ولكي يكون هناك تأثير جيد يجب ان يكون المسيحي الكاثوليكي "مرتاحا" في حياته الروحية والإنسانية، واعتقد ان العلاقات بين الأجانب والكويتيين تكون فقط في ميدان العمل، فهم يعملون مع بعض في نفس المكاتب والشركات.وبعد العمل لا أعتقد ان هناك علاقات كثيرة بين الكويتيين والأجانب بسبب اللغة، فالأجانب عادة لا يعرفون اللغة العربية جيدا، فهم تعلموها من السمع ولا يستطيعون ان يعبروا عن انفسهم بسهولة، لكن كعلاقة إنسانية صعبة قليلا بسبب اللغة والدين، لكن بعض الأجانب نجحوا في وظائفهم، مثلا هناك من جاء كسائق وأصبح مديرا للشركة، ويوجد هناك أجانب متخصصون أخذوا مناصب عالية في البنوك والشركات.هدم الكنائس* كان هناك تصريح منذ فترة قريبة من النائب أسامة المناور حول هدم الكنائس، فما رأيك؟- لدي بعض النقاط حول هذا التصريح، الأولى أنني احترم رأيه، فكل شخص حر في التعبير عن رأيه، الثانية انه في اليوم الثاني غير موقفه وقال "المهم الا تبنى كنيسة جديدة، اما الكنائس الحالية فمن الممكن ان تستمر"، وتغيير رأيه خلال 24 ساعة علامة على عدم الاستقرار بالرأي.أما النقطة الثالثة فهي ان هذا الموقف ضد التقاليد الكويتية، فالكويت بلد منفتح ويوجد به أكثر من 100 جنسية وبها مليون كويتي وأكثر من مليونين من الأجانب، ومعنى هذا ان الكويت ليست دولة مقفولة بل منفتحة، وهذا الموقف المتعصب يعطي الكويت صورة سيئة في العالم كأنها بلد متعصب.وفي حقيقة الأمر فإن الكويت ليست بلدا متعصبا، لكن النائب شوه صورتها في العالم، والنقطة الأخيرة ان موقفه يثير المشاكل مع المسلمين المتعصبين، فأوروبا لا تريد ان تستقبل مسلمين متعصبين، لذا يجب على المناور الا يستغرب اذا رفضت أوروبا إعطاء تأشيرة دخول إليها.* في رأيك، هل كانت هناك أصداء لهذا التصريح في الخارج؟- نعم، كانت هناك أصداء في كل البلاد، فلقد تسلمت مكالمات هاتفية وإيميلات من ايطاليا وفرنسا وأميركا من أشخاص لا حكومات، وكانوا يتساءلون ماذا يحصل في الكويت، هل يريدون هدم الكنائس؟! وذلك تأكيد على أنه شوه صورة الكويت بطريقة غير معهودة.* على غرار هذا الموضوع كيف تقيم ردة فعل حكومة الكويت؟- حسب معلومات كان هناك صمت حكومي.اختلافات مذهبية* هل هناك اختلافات مذهبية في الديانة المسيحية كما هي في الإسلام؟- نعم، هناك فروع مختلفة في المسيحية، فمثلا هناك تقارب كبير جدا بين الكاثوليك والأرثوذكس، لكنها أقل مع البروتستانت.* هل توجد عصبيات بين هذه الفروع، وكيف تم تجاوزها؟- لا أبدا، فمثلا في الكويت وقطر والبحرين توجد لجنة مسكونية هي التي تجتمع كل فترة لكي يتم التعارف بينهم، ولكي يطلعوا على المشاكل العامة المشتركة، فمثلا يقومون بزيارة السجون والمستشفيات، لذا أصبح هناك تفاعل.وكذلك هناك اجتماعات وصلوات وبرامج ثقافية مشتركة وزيارات بين بعضنا البعض، فمثلا في يناير الماضي بوقت اعياد الميلاد كان بالكتدرائية سهرة للأغاني الدينية من كل الكنائس المسيحية.* دائما ما يتم استذكار موقف الكنيسة في اوقات سابقة في مواجهة العلماء، فما وجهة نظركم تجاه هذا الأمر؟- الكنيسة الكاثوليكية لا ترفض العلم أبدا، بل بالعكس تشجع على التعمق فيه، فالعلم ليس ضد الله بل هو طريق إلى الله، فمثلا في وقت سابق كنت في لبنان وتناقشت مع دكتورين، وقال أحدهما في الطب لا يمكن رؤية الله، فالطب هو علم واقعي فني، فأجاب الآخر في الطب ايضا انه من الممكن أن نرى الله، فنحن لا نملك الجسد البشري، فكيف هذا الجسد يعمل ويعيش ولا يمكن ان نفهم إلا اذا كان هذا الجسم تحركه قوة أخرى فوقنا، فالكنيسة لا تعارض العلم أبدا بل تعارض العلم الجزئي الذي لا يريد ان ينظر الى المواضيع بطريقة شاملة، فهذا هو المرفوض لأنه ليس علما بل تحزب.* في اوقات سابقة حصلت حوادث من قبل الكنيسة الكاثوليكية بمواجهة العلماء، وهي ما اصطلح على تسميتها بعصور الظلام، فهل لديكم تعليق؟- عندما ادانت الكنيسة العالم جاليليو لم تدنه علميا بل دينيا، لانه كتب وقال ان الكتاب المقدس اخطأ، كأننا نقول القرآن خطأ، ولا نستطيع ان نقول ان القرآن خاطئ، كذلك الكتاب المقدس ليس خاطئا.ويجب ان نفهم حسب العقلية الموجودة في ذلك الحين، عندما كتبت هذه الكلمات في ذاك الزمن البعيد جدا منذ ألفي سنة، انه لم يكن هناك علم عن الكواكب والعالم والأرض، وكانوا يعتقدون أن الأرض مسطحة وليست مدورة، فالكاتب الذي كتب في ذلك الوقت حسب عقليته لا حسب العلم، فالكنيسة تحترم العلم، وتريد ان تنميه.تقبل العلم* في ذلك الوقت كانت هناك صعوبة في تقبل العلم والآن حدثت نقلة واصبح للفاتيكان مراكز علمية، فكيف حصل ذلك؟- مثلا التقويم الذي يتبعه العالم اليوم في سنة 2012 يسمى التقويم الجريجوري، الذي قامت الكنيسة الكاثوليكية بعمله وقام به البابا جريجوريوس، من خلال دارسين لعلم الفلك، وخصوصا لوي جيليليو، وهو عالم كبير في علم الفلك، وهو الذي اقترح للبابا هذه الدراسة، والعلماء وافقوا على هذه الدراسة وتم اعلان التقويم الجريجوري من قبل البابا جريجوريوس.وبذلك فإن الكنيسة هي التي صوبت الخطأ الذي كان موجودا في الزمن بين توقيتنا في الأرض والفلك، فهم قد ناموا في سنة 1520 تقريبا في أول شهر أكتوبر وأصبحوا اليوم الذي يليه في تاريخ 14 اكتوبر، لكي يتم ضبط الفارق بين الفلك والأرض، وحتى الآن هذا التقويم متبع من كل العالم.* هل تقول إن ما تم رفضه في البدايات فقط هو ما كان يمس الكتاب المقدس؟- في نفس الوقت قامت الكنيسة الكاثوليكية بدراسات عميقة للكتاب المقدس ليس في الجوهر بل في التعبير، لمعرفة كيف كتبوا عندما كتبوا؟ وما هي اللغة التي استعملوها؟ اللغة العبرية في العهد القديم واللغة اليونانية في العهد الجديد، وما هي معاني تلك الكلمات في اللغة اليونانية؟ وما هو سياق الكلام في الكتاب المقدس؟ وهذه الدراسات بدأت منذ قرون ولا تزال مستمرة.* هل ما يقال ضد الكنيسة غير صحيح؟- طبعا، في نفس الوقت كان هناك أناس ضد الكنيسة كانوا يستعملون اي طريقة لكي يضللوا ويشوهوا صورة الكنيسة، ولكن نقرأ في الكتاب المقدس "إنجيل متّى فاصلة 16" أن "أبواب الجحيم لن تقوى على الكنيسة".* كان هناك تصريح لقداسة البابا عن أن الدين الإسلامي انتشر بالسيف، فما مدى دقة هذا التصريح وما هو تعليقك؟- لا أعرف ماذا كان البابا يقصد، ولكن لا نستطيع أن ننكر ان الفتح الإسلامي كان من خلال حروب، ولكن هل هذه الحروب كانت حروبا دينية فقط ام كانت حروبا لأهداف سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية؟ لذا يجب أن لا نفهم هذه الحروب من ناحية واحدة فقط، بل يجب ان نضع هذه الأحداث في السياق التاريخي في ذلك الحين وفي السياق السياسي والاجتماعي.* هل تؤكد مقولة أن الإسلام انتشر بالسيف؟- هذه ناحية واحدة، وهناك نواح أخرى، وأنا لا أعلق، فأنا لست متخصصا في ذلك التاريخ، بل أطلب من المتخصصين في التاريخ في ذلك الحين ان يدرسوا هذا الموضوع وأن يعطوا ردا، فأنا لا أعلق.علاقة الدين بالدولة* ما رأيك في النقاش الدائر بين علاقة الدين بالدولة؟ وهل تؤيد الفصل بينهما؟- نحن في المسيحية نفضل الفصل بين الدين والدولة، وهذا ليس شيئا جديدا، فاليسوع نفسه هو الذي قال "أعطوا لقيصر ما لقيصر ولله ما لله"، ولكن هذا لا يعني أن قيصر ليس له أي علاقة بالدين، لأنه يجب على قيصر أيضا ان يطيع الله، لكن قيصر له رسالة ويجب ان يعرف انه تحت أمر الله، والكنيسة لها رسالة روحية ولقيصر رسالة مدنية.فالكنيسة على سبيل المثال لا تهتم بتصليح الشوارع وبناء العمارات أو إعطاء بيوت للناس فهذا من اختصاص قيصر لا الكنيسة، لأن للكنيسة رسالة روحية، إذ نجد الكره والبغض والانقسامات في العالم، والسبب في ذلك هو ما نسميه في المصطلح المسيحي الخطيئة، ورسالة الكنيسة أن تزيل هذه الخطيئة من قلب الإنسان، لا أن تبني بيوتا او مصانع او شوارع او جسورا، وكلما نجحت الكنيسة في إزالة الخطيئة نجحت في نشر السلام في العالم.* لكن في أوقات معينة سيطرت الكنيسة على الدولة وكان البابا هو رئيسها فكيف تم انحصار رسالة الكنيسة في ما ذكرت؟- فهمت الكنيسة مع مرور الزمن أن رسالتها روحية فقط، وتدريجيا تركت كل السلطات المدنية، فالبابا حاليا هو رئيس دولة الفاتيكان وهي مجرد بنايات بسيطة لإدارة شؤون الكنيسة فقط، وليس له أي قوة عسكرية أو شيء آخر.* كيف تقيّم علاقة الفاتيكان بدول المنطقة؟- الفاتيكان لديه علاقات دبلوماسية مع كل دول الخليج ماعدا السعودية وعمان، لا أعرف لماذا، والكويت هي أول دولة أقامت علاقة دبلوماسية مع الفاتيكان، وبعدها قطر ثم البحرين والإمارات المتحدة وكذلك اليمن، وتلك العلاقات ليست جيدة فقط بل هي علاقة ممتازة، فالفاتيكان يحترم دائما كل الدول، والكنيسة الكاثوليكية كذلك تحترم قوانين كل الدول ولا تقطع العلاقات أبدا.الفاتيكان والربيع العربي* ما هو تعليق الفاتيكان على الربيع العربي الحاصل في المنطقة؟- الفاتيكان لا يتدخل في سياسة الدول ولا يقترح نظاما معينا للحكومات، ولكن يطالب أي نظام سياسي أن يحترم الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، وخصوصا البند الثامن الذي يتضمن حرية الدين، ولو أردتم نظاما ديكتاتوريا فأنتم أحرار ولكن احترموا حقوق الإنسان.* هل نتوقع زيارة لقداسة البابا بينيديكت السادس عشر لمنطقة الخليج العربي؟- أنا أتمنى أن تكون هناك زيارة، وألا تقتصر على بلد معين بل تكون لكل البلاد، فالكويت هي أول دولة أقامت علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان، وملك البحرين دعا قداسة البابا لزيارة البحرين، وكذلك لابد أن يزور الإمارات العربية المتحدة وقطر واليمن، لأن له علاقات مع هذه الدول.وأنا اقترحت على بعض المسؤولين في الكويت أن يقوموا بدعوة البابا ولكن لم تتم هذه الدعوة حسب معلوماتي.* هل من كلمة أخيرة تريد توجيهها؟- أشكر الجميع الكويت حكومة وشعبا، وكذلك البحرين وقطر على حسن الاستقبال الذي أجده دائما عند الجميع، وأتمنى ان نكمل هذه العلاقة الطيبة بين الكنيسة الكاثوليكية وبين هذه الدول، وأطلب من الله أن يبارك هذه الدول حكومات وشعوبا.
آخر الأخبار
الجريدة | المطران كاميلو بالين لـ"الجريدة": تصريح النائب المناور بشأن هدم الكنائس أثار تساؤلات خارجية
04-05-2012