-كي يكتمل عمل الهيئة بشكل مثالي عليها ألا تجامل البورصة في أخطائها

- تواصل تنظيف البورصة وتنظيم الاستحواذات وعليها مسؤوليات أكبر

Ad

- مطلوب الإسراع في تخصيص "السوق" ثم تعددية الأسواق

قامت هيئة أسواق المال خلال الأسبوع الجاري بإلغاء إدراج 5 شركات في سوق الكويت للأوراق المالية، التي تجاوز إيقافها عن التداول ستة أشهر، ليرتفع عدد الشركات التي تم إلغاء إدراجها إلى 15 شركة مدرجة، مع إنذار نحو 5 شركات أخرى بإلغاء الإدراج إذا لم تعدل أوضاعها المالية خلال الأشهر القليلة المقبلة.

حقيقة إن تصريح رئيس مفوضي هيئة أسواق المال صالح الفلاح قبل أيام بشأن "تنظيف السوق" يبشر بمرحلة جديدة في التعامل مع الشركات الغارقة في الديون، أو تلك الورقية التي أنهكت السوق خلال 4 سنوات ماضية، ورافقها عدم قدرة شريحة من الشركات على تقديم ميزانياتها أو بيان تقاريرها المالية، ما أشاع عوامل سلبية أثرت على خيارات المتداولين الذين يعانون أصلاً شح الفرص وغياب الحافز.

مثال جيد

لكن الأهم من إلغاء إدراج الشركات هو اتجاه هيئة أسواق المال إلى تطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وهو نموذج نادر في الكويت، بل إنه يعطي مثالا لأي هيئة عامة تتولى الرقابة على أي قطاع مستقبلي كالاتصالات أو الكهرباء أو غيرهما، لأن أي مشروع خصخصة سيتم في يوم من الأيام لا يمكن أن يضمن جودة ورقابة تقديم الخدمة بحيادية إلا بوجود هيئة فنية متخصصة تتعاطى مع الجميع بدرجة عالية من المهنية.

صغار المساهمين

وقبل شهر تقريبا, انتصرت هيئة الأسواق لمصلحة صغار المساهمين، من خلال إيقاف عرض استكمال استحواذ "أجيليتي" على شركة يوباك، عندما قدمت الأولى سعر الأساس قبل المزاد على أنه السعر الذي ستستحوذ به على أسهم الأقلية (دون أن تراعي المادة 274 من قانون الهيئة، الذي ينص على ضرورة أخذ المتوسط اليومي المرجح لسعر السهم في 6 أشهر).

وقامت إدارة السوق بنشر الإعلان الخاطئ على شاشة الإعلانات الرسمية، فما كان من الهيئة إلا أن أوقفت الإعلان فورا، ووجهت لوما واضحا للبورصة، فضلا عن أنها أوقفت سهم يوباك لحين تحديد السعر العادل للاستحواذ، بما يراعي مصالح الأقلية من المساهمين.

استنساخ الاستقلالية

المهم في موقف الهيئة من استحواذ "أجيليتي" على "يوباك" هو أنه سيطبق على جميع عمليات الاستحواذ، بما فيها استحواذ البنك الوطني و"كيوتل" القطرية على بنك بوبيان و"الوطنية للاتصالات"، دون تمايز في تطبيق القانون، وهذا يرجع أصلا إلى أن قانون هيئة أسواق المال يعطي الهيئة ومفوضيها جانبا مهما من الاستقلالية، ويمكن أن يستنسخ هذا الجانب من الاستقلالية في القانون على العديد من الهيئات في المستقبل.

الخصخصة

لكن الثناء على سياسات الهيئة لا يمنع ذكر عدد من الأمور المستحقة في المستقبل، أولها ضرورة الإسراع في عملية تخصيص سوق الكويت للأوراق المالية, فالهيئة وقعت مطلع العام الجاري اتفاقية استشارات مع بنك HSBC، يقوم بموجبها البنك بكل العمليات المتعلقة بتخصيص البورصة، وبالتالي إنشاء شركة بورصة الأوراق المالية انطلاقا مما نص عليه قانون هيئة أسواق المال.

تناقضات المؤشر

وبالتالي يجب ألا ترضخ الهيئة لأي ضغوط تتعلق بتأخير تخصيص البورصة، خصوصا في ظل تعثر الإدارة الحالية في مشروع إطلاق نظام التداول الجديد، والمشاكل التي رافقت تشغيل النظام، فضلا عن عدم إطلاق موقع البورصة الجديد، والتناقض الواضح بين مؤشرات البورصة، فمؤشر كويت 15 الجديد يعطي رقما يختلف عن المؤشر الوزني، والاثنان يتناقضان مع أداء المؤشر السعري!

والأهم من التخصيص ألا يتوقف الأمر عند شركة واحدة فقط تدير البورصة، فالقانون يخاطب الهيئة على أنها "للأسواق" لا "سوق" المال، وبالتالي يمكن أن يكون لدينا -مع تحسن أحوال التداول- أكثر من سوق مالي، ويكون دور الهيئة مرتبطا أكثر بالرقابة وتعزيز المنافسة.

لا تجاملوا البورصة

ومن المفيد القول إن من الملاحظات التي يؤخذ بها على هيئة سوق المال أنها تجامل ولا تتعامل بصرامة مع أخطاء إدارة البورصة المتكررة، سواء في نشر إعلانات غير دقيقة على شاشة التداول أو في الأخطاء الكثيرة التي شهدتها عملية إطلاق نظام التداول الجديد التي أدت إلى تنفيذ أوامر بيع بدل الشراء أو التلاعب بالمؤشر ولو بسهم واحد لا تتعدى قيمته 50 فلساً!

المرجع الأساسي

كما يجب أن تعزز الهيئة دورها لتصبح المرجع الأساسي للشركات المدرجة، ما يستوجب الإسراع أيضا في خطوات فك التشابك مع وزارة التجارة والبنك المركزي، وبدرجة أقل مع الشركة الكويتية للمقاصة، وهذا مشروع مهم جدا لتحقيق الاستقرار الذي لا ينسجم مع تعدد المرجعيات القانونية والرقابية.

توفير المعلومات

كذلك يفترض أن تحرص هيئة الأسواق على توفير المعلومة للمتداولين، فلو نظرنا إلى أسواق مال قريبة كالسعودي والإماراتي فسنجد أنهما أكثر قدرة على توفير المعلومة للجميع، وأن حجم التسريبات في السوق أقل بكثير من حجم التسريبات في الكويت، وأن الإحالة لجهات التحقيق بتهمة نشر معلومات قبل إبلاغ الهيئة تتم بشكل شبه أسبوعي... وهذه أمور ربما يكون عذر هيئة أسواق المال في الكويت بها هو قصر مدة عملها، لكن استمرارها سيضعف سلطة وهيبة الهيئة في تطبيق القانون في المستقبل.

لا ينكر منصف أن هيئة الأسواق خلال فترة قصيرة جدا استطاعت تحقيق عدد من الأمور الإيجابية، أبرزها محاربة الشركات الورقية وتنظيم عمليات الاستحواذ، لكن أمامها عددا من التحديات المستحقة لتكون سوقا إقليميا قادرا على المنافسة واستقطاب الشركات، إضافة إلى طرح الأدوات الاستثمارية الابتكارية.