تقوم أكبر منشأة نووية في الولايات المتحدة بشن ضغوط قضائية كاملة تسهتدف إنهاء الإعانات الحكومية الممنوحة لصناعة توليد الطاقة من الرياح، والتي ساهمت بنحو 35 في المئة من الطاقة الجديدة لتوليد الكهرباء في أميركا منذ سنة 2007.أدت هذه الحملة إلى حدوث شرخ بين المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية ميت رومني الذي يدعم إلغاء امتيازات الضريبة على إنتاج طاقة الرياح (PTC) من جانب، وبعض النواب الجمهوريين المعتدلين الذين يمثلون الولايات المستفيدة من التوسع المتزايد في طاقة الرياح، على الجانب الآخر. وأطلق هذه الحملة السيناتور الجمهوري عن ولاية أيوا، تشارلز غراسلي، التي تحصل ولايته في الوقت الراهن على 20 في المئة من احتياجاتها من الطاقة عن طريق شركة "إكسيلون كورب"، التي تتخذ من ولاية شيكاغو مقراً لها، وتحصل على 92 في المئة من الكهرباء عبر محطاتها النووية الـ17 لتوليد الطاقة الكهربائية. وكان غراسلي أطلق الحملة بعد أن تقاعد الرئيس التنفيذي جون راو في فصل الربيع الماضي وحل محله كريس كرين الذي كان يدير ذراع الأنشطة النووية في الشركة.وخلق راو صورة لنفسه باعتباره "رئيس تنفيذي أخضر" من خلال دعمه لضريبة الكربون والعمل على ترويج استراتيجية مصادر الطاقة المستجدة، وقد طورت الشركة أيضاً خلال فترة عمل راو علاقات وثيقة مع إدارة الرئيس باراك أوباما المعروف دعمها لمقاربة منح الامتيازات الضريبية لقطاع توليد الطاقة من الرياح "بي تي سي".غير أن تلك الصورة تبدلت على نحو مفاجئ مع رئاسة كرين، فقبل أسبوعين فقط استُبعدت الشركة، التي تملك حوالي 12 مشروعاً لطاقة الرياح، من مجلس جمعية طاقة الرياح الأميركية، وهي المجموعة التجارية المعنية بهذه الصناعة. ويقول بيتر كيلي وهو من أكبر دعاة جمعية طاقة الرياح الأميركية: "إنهم يقومون بحملة من أجل دحر الأولوية رقم واحد في صناعتنا". وتقول هذه المجموعة إن حوالي نصف عدد الوظائف الجديدة البالغة 75 ألف وظيفة التي تم توفيرها خلال السنوات الخمس الماضية ستختفي مع حلول يناير المقبل ما لم يتم التمديد للامتيازات الضريبية المشجعة لإنتاج طاقة الرياح.يذكر أن "إكسيلون" أنفقت 5.1 ملايين دولار من أجل التأثير في الكونغرس الأميركي خلال النصف الأول من السنة الجارية، وهو ما وفر للشركة حضوراً قوياً في البدن التشريعي للولايات المتحدة. وقد عملت جماعة الضغط في الشركة من أجل إلقاء امتياز الرياح في التشريع الضريبي الذي سيدرس خلال "الجلسة العرجاء" التي يتعين أن يتصدى فيها الكونغرس لحزمة من الإجراءات الضريبية المقرر تمديدها ومعايير الإنفاق، وهي القضايا التي يفضل البعض أن يطلق عليها الهاوية المالية.ويقول المتحدث باسم شركة إكسلون، بول إلزبرغ، "إن الامتيازات الضريبية الممنوحة لطاقة الرياح "بي تي سي" تسهم في تشويه الأسواق التنافسية الإجمالية لإنتاج الكهرباء، كما تسبب ضرراً مالياً حاداً لمصادر الطاقة الأخرى النظيفة والأكثر موثوقية".وعلاوة على ما حظي به رومني من زخم في تلك المعركة، فقد تمكنت الحملة المناهضة لتوليد الطاقة من الرياح من استقطاب بعض المؤيدين النافذين داخل الكونغرس الأميركي، وكتب السيناتور لامار ألكسندر، جمهوري من ولاية تينيسي، قبل أيام في صحيفة "وول ستريت جورنال" قائلاً "إن الإعانات الممنوحة ستثقل تكاليفها كاهل الحكومة بـ14 مليار دولار في الفترة بين سنة 2009 و2013"، ثم إن اخراج الفحم والطاقة النووية من منظومة العمل التجاري ليس بالأمر المفيد بالنسبة الى الاقتصاد الأميركي، ولا سبيل لأن تتمكن دولة مثل الولايات المتحدة التي تستخدم ما بين 20 و25 في المئة من الطاقة الكهربائية الإجمالية المولد في العالم من العمل عبر مولدات تشتغل فقط عندما تهب الرياح".يذكر أن هيئة وادي تينيسي وقعت في الآونة الأخيرة العديد من الاتفاقيات لشراء الكهرباء من منتجي طاقة الرياح، وفقاً لمتحدث باسم جمعية طاقة الرياح الأميركية. ويقول أنصار طاقة الرياح إن توربينات الرياح، بمجرد أن يتم تركيبها، ستوفر مصدراً موثوقاً للطاقة منخفضة التكاليف والتي تستمر في عملها لفترة مماثلة لعمر محطات توليد الكهرباء الجديدة والعاملة بالطاقة النووية أو بالوقود الأحفوري الجديدة. وكان راو الرئيس السابق لشرك "إكلسون" قال في كلمة ألقاها السنة الماضية أمام معهد "المشروع الأميركي" (أميركان إنتربرايز" إنه توقع مستقبلاً لمنشآته تقوم فيه بتشييد مجمعات توليد كاقة كهربية تمزج بين توربينات الرياح التي تعمل اعتماداً على هبوب الرياح أثناء ساعات الليل، الخلايا الشمسية في النهار مع توربينات تعمل بوقود الغاز الطبيعي التي يمكن أن تعمل مثل جسر لتوليد الطاقة عندما تقصر المصادر السالفة في تزويد الطاقة الكافية. ومن المنتظر أن تتمتع مثل تلك المجمعات الشاملة بأنها أقل تكلفة وأكثر صداقة للبيئة من الفحم أو المصانع النووية. كانت وزارة الطاقة قد دعت، حتى قبل وصول الرئيس أوباما إلى البيت الأبيض، العمل على تشجيع طاقة الرياح لتسهم بإنتاج نحو 20 في المئة من طاقة الولايات المتحدة بحلول سنة، 2030 أي بارتفاع كبير عن معدلها الحالي الذي يبلغ 3 في المئة.غير أن ذلك تلك الوعود البراقة حيال المستقبل أخذت في الانحسار بسبب حالة عدم اليقين التي تتعلق بتمديد إعانات الضرائب الممنوحة للمناطق والولايات الموجودة فيما يعرب بـ"حزام الرياح". كانت شركة "سيمنس" قد أعلنت قبل أيام أنها ستستغني عن 600 من العاملين في مصانعها المتخصصة في إنتاج توربينات الرياح في فورت ماديسون وأيوا وهتشنسون وكنساس، كما أعلنت عزمها على عدم إعادة 330 من العمال المؤقتين إلى العمل من جديد.من جهة أخرى، قررت الشركات الكبرى المتخصصة في تزويد الكهرباء المولدة من طاقة الرياح تقليص خططها المستقبلية في هذا القطاع بسبب حالة عدم اليقين. كما أعلنت شركة "نكست إرا" لموارد الطاقة، التي تتخذ من فلوريدا مقراً لها وتمتلك 44 في المئة من شبكة البلاد من مرافق توليد الكهرباء عبر طاقة الرياح، أنها ستستثمر 505 ملايين دولار فقط في منشآت جديدة لطاقة الرياح خلال السنة الحالية، أي بانخفاض عن استثمارات سنة 2010 التي بلغت ملياري دولار. وقد أبلغت الشركة أسواق المال في "وول ستريت" أخيراً عدم وجود خطط جديدة لديها للاستثمار في الرياح بعد سنة 2015.وقال المتحدث باسم "نكست إرا" لموارد الطاقة، ستيف ستنغل، "توجد دورة تراجع في صناعتنا، فعندما تدخل الامتيازات الضريبية لطاقة الرياح (بي تي سي) حيز النفاذ ويتم العمل بها بشكل فعلي، تتوافر العديد من المشاريع، بينما عند انقضائها فيتم بناء القليل فقط".المعروف أن الامتيازات الضريبية "بي تي سي" تقضي بإعطاء الشركات التي تملك توربينات رياح ما يعرف بـ"ائتمان ضريبة" يبلغ 2.2 سنت لكل كيلوواط/ ساعة. وتمكن هذه الإعانات شركات توليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح من منافسة الغاز الطبيعي المنخفض التكلفة الذي كان خلال السنوات القليلة الماضية المصدر الجديد الأكبر لتوليد الطاقة، حيث سيطر على 45 في المئة من السوق. والمعروف أن الرياح أرخص من الطاقة النووية والفحم أو أي مصدر آخر للطاقة البديلة مثل الشمس، حسبما قال بيتر كيلي المتحدث باسم جمعية طاقة الرياح الأميركية.ويقول أنصار الامتيازات الضريبية لطاقة الرياح إن الإعانات الممنوحة لطاقة الرياح تخلق حالة تعادل مع نظيراتها من المعونات التي تقدم إلى أنواع أخرى من إنتاج الطاقة. وتستفيد الطاقة النووية من قانون "برايس- أندرسون" الذي يحد من مسؤولية الشركة في حال وقوع حادث نووي، كما يخفض بشدة من تكلفة التأمين في تلك الصناعة.وتتلقى صناعات النفط والفحم والغاز والطاقة النووية أكثر من ثلاثة أرباع إجمالي مخصصات وإعانات الطاقة التي يصل مجموعها إلى حوالي 300 مليار دولار في السنة، وذلك وفقاً لتقديرات حملة "غرين سيزرز" التي تمثل جماعات بيئية وليبرالية معنية بقضايا البيئة والطاقة.
مقالات - Ecooped
«توربينات الرياح» تتعرض لهجوم «نووي»... إيذاناً باندلاع حروب الطاقة!
06-10-2012