«رأت أن المادة 15 من قانون جوازات السفر مخالفة للمواد 29 و30 و31 من الدستور»

بينما انتهت المحكمة الدستورية قبل نحو عامين ونصف العام إلى إلغاء شرط موافقة الزوج لحصول الزوجة على جواز سفر مستقل تشترط وزارة الداخلية موافقة

Ad

الزوج مجددا.

رغم إصدار المحكمة الدستورية في أكتوبر عام 2009 حكما يقضي بعدم دستورية المادة 15 من القانون رقم 11 لسنة 1962 في شأن جوازات السفر والتي تنص على أنه "لا يجوز منح الزوجة جواز سفر مستقل إلا بموافقة الزوج" وذلك لمخالفتها نصوص الدستور إلا أن وزارة الداخلية ما زالت تمتنع عن تنفيذ حكم المحكمة الدستورية وتعميمه على كل حالات النساء الراغبات في استخراج جوازات سفر من دون الحصول على موافقات من أزواجهن.

وبرغم وضوح حكم المحكمة الدستورية في ما انتهى إليه بعدم دستورية المادة 15 والتي تشترط موافقة الزوج لاستخراج جواز سفر للزوجه وذلك لمخالفتها المواد 29 و30 و31 من الدستور تصر وزارة الداخلية على الحصول على موافقة الزوج لاستخراج جواز سفر للزوجة في حين أن حكم المحكمة الدستورية الصادر في 20 اكتوبر 2009 حسم أمر المادة الواردة في قانون جوازات السفر وانتهى إلى إلغاء المادة 15 منه وقضى بعدم دستوريتها وهو ما يستوجب من وزارة الداخلية أن تلغي العمل بها منذ وقت نشر حكم المحكمة الدستورية في جريدة كويت اليوم بحسب ما ينص على ذلك قانون إنشاء المحكمة الدستورية بأن أحكام المحكمة ملزمة للكافة ويتعين العمل بها.

حق أصيل

وكانت المحكمة الدستورية قد أكدت في حيثيات حكمها أن لكل كويتي سواء كان ذكرا أو أنثى الحق في استخراج جواز سفر وحمله باعتبار أن هذا الحق لا يعد فحسب عنوانا عن انتمائه لدولة الكويت الذي يعتز به ويفتخر سواء داخل وطنه أو خارجه، بل يعتبر فضلا عن ذلك مظهرا من مظاهر الحرية الشخصية التي جعلها الدستور الكويتي حقا طبيعيا يصونه بنصوصه ويحميه بمبادئه، فنص في المادة 30 منه على أن الحرية الشخصية مكفولة ونص في المادة 31 على أنه لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون، دالا بذلك على اعتبار الحرية الشخصية أساسا للحريات العامة الأخرى وحقا أصيل للإنسان، وقوامها الاستقلال الذاتي لكل فرد، وإرادة الاختيار تمثل نطاقها لها لا تتكامل شخصيته بدونها، ومن دعائمها حرية التنقل وحق السفر المتفرع منها، وهي في مصاف الحريات العامة لا يجوز مصادرتها بغير علة، أو مناهضتها دون مسوغ، أو تقييدها بلا مقتضى.

الأصل هو المنح

وقد عهد الدستور طبقا للنص سالف الذكر إلى السلطة التشريعية بتقدير هذا المقتضى، ولازم ذلك أن يكون تحديد شروط استخراج جواز السفر وهو الوثيقة التي بمقتضاها يكون ممارسة الحق، وبدونها يزول هذا الحق ويصبح هباء منثورا، الأصل في شأنها هو المنح استصحابا لأصل الحرية في التنقل والاستثناء هو المنع، وأنه وإن كان تنظيم حق التنقل والسفر يقع في نطاق السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق كما سلف البيان، إلا أنه من غير الجائز أن يفرض المشرع تحت ستار هذا التنظيم قيودا يصل مداها إلى حد نقض هذا الحق أو الانتقاض منه، أو إفراغه من مضمونه، كما أنه من المتعين على المشرع ألا يخل في مجال التنظيم بالتوازن المفروض بين نصوص الدستور وأحكامه التي تتكامل في ما بينها في إطار واحد.

موافقة الزوج

وأضافت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها وكان النص المطعون فيه قد جرى على غير هذا المنحى، فجعل الأصل هو عدم جواز منح الزوجة جواز سفر مستقلاً، مشترطا موافقة الزوج لها بذلك، منكرا النص على الزوجة البالغة الرشيدة، التي شملها النص بعموم عباراته الحق في استخراج جواز سفر مستقل لها، على الرغم من استقلال شخصها وبلوغ رشدها واكتمال أهليتها ووجوب تمتعها بالحقوق عينها التي كفلها الدستور على نحو يمثل إهدارا لإرادتها وافتئاتا على إنسانيتها، مقيدا بذلك حريتها وحقها في التنقل بغير مبرر، فاستقلال شخصها لا يعني بالضرورة خروجها على طاعة زوجها، ولا دليل على أن حصولها على جواز سفر مستقل في حد ذاته يجافي مصلحة أسرتها، أو يوهن علاقتها بزوجها، أو يقلص دوره، أو ينتقص من حقوقه الشرعية، مما يغدو معه النص المطعون فيه مخالفا لأحكام الدستور المنصوص عليها في المواد 29 و30 و31 ويتعين من ثم القضاء بعدم دستوريته وغني عن البيان في هذا المقام أن إبطال النص المطعون فيه وإقصاءه عن مجال إعماله نزولا على حكم الدستور، لا يخل بحق الزوج طبقا للقواعد العامة في أن يمنع زوجته من السفر متى قام دليل معتبر على أن من شأن استعمالها لهذا الحق أن يلحق ضررا به أو بأسرتها، باعتبار أنه من غير الجائز أن يكون استخدام الحقوق بقصد الإضرار بالآخرين كما أن إبطال النص لا يخل أيضا بحق المشرع في أن يتولى تنظيم استخراج وتجديد جواز السفر للزوجة وسحبه، موازنا في ذلك بين حرية التنقل بما تتضمنه من الحق في مغادرة الوطن والعودة إليه وبين ما تنص عليه المادة 9 من الدستور من كفالة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة بما يحفظ كيانها ويقوي أواصرها ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات العامة على نحو ما تنص عليه المادة 29 من الدستور ودون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء وما تقضي به المادة 2 من الدستور من أن دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 15 من القانون رقم 11 لسنة 1962 في شأن جوازات السفر المعدل بالقانون رقم 105 لسنة 1994 وذلك فيما تضمنته من النص على أنه" لا يجوز منح الزوجة جواز سفر مستقلا إلا بموافقة الزوج".