شكل الحكم في ليبيا سيحدده الليبيون بعد انتخابات يونيو والقرار للشعب

Ad

كشف وزير التربية الليبي سليمان علي الساحلي أن الدولة بصدد العودة إلى نظام التعليم الثانوي، مشيرا إلى أن نظام الطاغية البائد ألغى التعليم الثانوي واستبدله بنظام البرامج التخصصية التي لم يكن خريجوها لا يجدون لهم أماكن في سوق العمل، لأنها لا تمت إلى الواقع بصلة.

وقال الساحلي، في لقاء مع "الجريدة"، على هامش مؤتمر وزراء التربية العرب الثامن، الذي عقد في الكويت، إن الدولة خصصت ميزانية للطوارئ بمبلغ 3 مليارات دينار، منها 600 مليون ستصرف على احتياجات التعليم من بناء وصيانة المدارس وتوفير مستلزماتها، لافتا إلى أن خطة وزارة التربية تهدف إلى إعادة بناء 30 مدرسة دمرتها كتائب القذافي.

وأضاف أن الدولة تعمل على تأسيس كل القطاعات لا التعليم وحده، حيث كان الطاغية ونظامه البائد قد دمر البلد بسياساته، مؤكدا أن جماهيرية القذافي قبرت معه ولن تعود، وأصبحت ليبيا حرة مستقلة. ونقل الساحلي شكر وتقدير الشعب الليبي إلى الكويت أميرا وحكومة وشعبا، على الموقف الداعم لثورة 17 فبراير منذ بداية انطلاقها، وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:

* بداية حبذا لو تحدثنا عن واقع التعليم في ليبيا اليوم وإلى أين وصل؟

- قبل كل شيء أود الحديث عن موقف الأشقاء في الكويت الداعم لثورتنا المباركة، وأود أن أوجه تحية حب وإجلال إلى الكويت أميرا وحكومة وشعبا، لوقفتهم الداعمة لثورة 17 فبراير وللشعب الليبي منذ بداية الثورة، حيث كان موقفهم واضحا وغير مستغرب، فهو موقف الشقيق لا الصديق.

وفي ما يخص التعليم في ليبيا فإنه قد مر بسنوات عجاف على مدى العقود التي حكم فيها نظام الطاغية القذافي البلاد، حيث كان يهمش الكثير من المدن والقرى ويحرمها من خدمات التعليم، اضافة إلى أن كتائبه قامت خلال ثورة 17 فبراير بقصف الكثير من المدارس وهدمها، الامر الذي أوجد وضعا تربويا صعبا جدا، لكننا نعمل جاهدين على إصلاحه.

أولويات الحكومة

• ما أولوياتكم في الحكومة للمرحلة المقبلة؟

- نحن الآن نعمل على تأسيس جميع قطاعات الدولة من جديد، لاسيما أن النظام البائد لم يعط أي أهمية لبناء الدولة العصرية، ولم تكن هناك مؤسسات حقيقية، وإنما ما يسمى باللجان الشعبية التي اخترعها الطاغية القذافي وحول ليبيا إلى دولة متأخرة في جميع المجالات، ولم تكن لها أي مشاركات سواء عربية أو عالمية.

ولأننا تسلمنا بلدا مدمرا بكل ما تعنيه الكلمة من عصابة نهبت خيراته ووظفت مقدراته لمآربها الخاصة، لذلك نحن الآن بصدد تأسيس القطاعات ومنها التعليم، ومن هنا تأتي أهمية مشاركتنا في مؤتمر وزراء التربية العرب الثامن الذي عقد في الكويت، والذي سنستفيد منه كثيرا، اضافة إلى حرصنا على الاستفادة من توصيات المؤتمر السابع.

• ما النقاط التي لفتت انتباهكم في المؤتمر التربوي، وعلى ماذا ستركزون؟

- ما يهمنا في المؤتمر هو التركيز على اعداد المعلم وتطوير قدراته، وهو الامر الذي نعمل عليه حاليا في ليبيا، لذلك نسعى للاستفادة من أشقائنا العرب في هذا المجال، لاسيما أنهم قطعوا شوطا كبيرا في هذا الجانب، ولهم خبرة أكثر في قضية تطوير اداء المعلم والارتقاء بمستوياته، والاستفادة من توصيات المؤتمر الخاصة بتجويد التعليم الثانوي وتنويع مساراته، حيث اننا بصدد اعادة هيكلة نظام التعليم والعودة إلى نظام التعليم الثانوي في مدارسنا.

تعليم مغيب

• هذا يقودنا إلى سؤال هل كان التعليم الثانوي مغيبا لديكم؟

- نعم، فقد الغى نظام الطاغية المقبور التعليم الثانوي، واستبدله بنظام اسماه نظام البرامج التخصصية التي لم يكن خريجوها يجدون أماكن لهم في سوق العمل، لأنها لا تمت للواقع بصلة، كونه نظاما بني على الفوضى غير المدروسة.

• ماذا عن التعليم الجامعي وكيف كان؟

- حقيقة، بما أن الوضع كان يخضع للقرارات غير المدروسة والعشوائية ومزاجية الفرد الذي كان يتحكم في الدولة برمتها، فقد كان التعليم الجامعي مأساويا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد كان النظام السابق يعمل على تجميع الطلبة في الكليات بشكل يفوق طاقتها الاستيعابية بعشرات الأضعاف، بحيث لو كانت الكلية تستوعب ألفا يكون فيها عشرة آلاف طالب.

وهذا الامر ألغى فكرة الجودة وافرز خريجين لا يجدون لهم أماكن في سوق العمل، وآلاف العاطلين في دولة نفطية مثل ليبيا، والدولة الحديثة تعمل الآن على معالجة هذا الخلل، من خلال خطة طموحة لتطوير الكليات الحالية، واستحداث جامعات وتوفير فرص تعليم أفضل للمواطن الليبي.

* هل يمكن أن تحتاج ليبيا إلى كوادر من المعلمين من بعض الدول العربية لسد النقص بها؟

- ليبيا لديها الكثير من الكوادر الوطنية التي لا ينقصها إلا بعض التأهيل والتدريب، لذلك لا أعتقد أننا سنحتاج إلى أيد عاملة خارجية في مجال التعليم، وهنا تأتي أهمية المؤتمرات التربوية، حيث لفت انتباهنا وجود مشروع لرخصة التعليم التي ترتكز على أساس منح المعلم اجازة أو ترخيصا لممارسة المهنة، ويتم تجديدها بشكل دوري على أن يخضع المعلم لاختبار مدى أدائه ومدى مواكبته للتطورات التي طرأت على المهنة، وهو أمر نراه جيدا وسيرتقي بمستوى الهيئات التعليمية في الوطن العربي.

3 مليارات دينار

* ماذا عن التكنولوجيا في التعليم وأين وصلتم في هذا الجانب؟

- كما أسلفت لم يكن لدينا بنية تحتية جيدة في الدولة للتعليم، ولذلك نحن نعمل على وضع البنية التحتية والتي من ضمنها ادخال التكنولوجيا في المدارس، وتزويدها بكل مستلزمات العصر الحديث لضمان تقديم أفضل الخدمات لأبنائنا الطلبة، والدولة خصصت 3 مليارات دينار للطوارئ منها 600 مليون دينار خصصت لخدمات التعليم والصرف على المدارس واحتياجاتها، وهنا أود الاشارة إلى ما سمعته ورأيته في الكويت من اهتمام بالبنية التحتية للمدارس والتي أرى أنها فاقت فيه العديد من الدول لاسيما أن التكنولوجيا أصبحت مهمة في عملية الاتصال والتواصل بين المدرسة والبيت.

* من أين سيبدأ إصلاح التعليم في ليبيا، وما هي رؤيتكم لذلك؟

- نحن انطلقنا من فكرة تكوين فرق للإصلاح تجتمع في منظومة كاملة، وسنركز على إصلاح المناهج التعليمية في البداية كونها في حالة سيئة للغاية حيث كان الطاغية يدرس التلاميذ في المدارس مناهج لا تمت للواقع بصلة كمادة المجتمع الجماهيري ومادة الوعي السياسي والذي تدرس فيها ترهات الكتاب الأخضر وكانت ترسخ العداوة والفتن بين الشعوب وافتراض النقص في الآخر وتمجيد الطاغية وتقديسه وافتراض انه البطل الأوحد، وقد تم شطب هذه المناهج نهائيا من التربية واستبدالها بمادة التربية الوطنية وهي على غرار ما يدرس في الوطن العربي لتنمية النشء على الولاء والانتماء للوطن وليس للفرد.

الاستراتيجية التربوية

* ما الاستراتيجية التربوية التي تعملون على تحقيقها؟

- قبل الحديث عن الاستراتيجية أود الإشارة أن الدولة الحديثة أعادت كلمة التربية إلى قاموسها حيث كانت في السابق وزارة التعليم ولم يكن للتربية أي ذكر، ومع عودتها عادت معها الاستراتيجيات التربوية والتعليمية الحديثة التي سنعمل على تحقيقها واصبح الاهتمام لدينا في ليبيا بتكوين الشخصية السليمة من كل جوانبها واستطعنا إعادة الاهداف التربوية إلى المناهج التعليمية التي تمجد العلم والقيم الاسلامية والتراحم والتواد والتواصل بعد أن كان الطاغية قد ألغاها ووضع محلها الهتافات التي تردد كل صباح لتمجيده وتحقير الآخرين ولم يكن هناك أي مجال لتمجيد الوطن أو الانتماء إليه.

* ماذا عن واقع الأبنية المدرسية وهل هي صالحة لاستقبال الطلبة؟

كتائب القذافي دمرت العديد من المدارس خلال الثورة، حيث قصفت بلا رحمة وبعضها مسح تماما من على وجه الأرض، وبالتالي لدينا خطة حاليا لإعادة بناء 30 مدرسة وصيانة عدد آخر من المدارس، حيث إن جميع المدارس في البلد بحاجة ماسة للصيانة لاسيما وأن لدينا ما يقارب

الـ4000 مدرسة، وحيث كان النظام السابق يهمل كثيرا في الصيانة حتى أن بعض المباني لم تحصل له صيانة من 30 عاما، حيث كان الطاغية يهمش المدن والقرى التي يحس بوجود حركات مناوئه له.

* مع قلة عدد المدارس وبعدها نسبيا عن اماكن سكن الطلبة، هل لديكم خطة لتوفير حافلات لنقل الطلبة؟

حقيقة هذا ما فكرنا به ونعمل حاليا على توفير أكبر عدد ممكن من الحافلات لنقل الطلبة لاسيما في القرى والمناطق البعيدة والتي لا تتوفر فيها مدارس قريبة، إضافة إلى خطة عاجلة لجلب فصول انشائية جاهزة لوضعها في المدارس القائمة أو استحداث مدارس مؤقتة في القرى لحين توفير مدارس دائمة.

الهيكل التنظيمي

* ماذا فعلتم بالهيكل التنظيمي لوزارة التربية وهل تمت عليه أي تعديلات؟

- "التربية" كانت تسمى أمانة اللجنة الشعبية للتعليم أيام النظام البائد وكانت المناصب تسند إلى الاشخاص غير المؤهلين لمجرد أنهم موالون للنظام بل ان بعضهم لا يفقه شيئا في أي شيء وبالتالي فالأوضاع كانت مزرية، ونحن في ثورة 17 فبراير لم نعمل على تهميش أحد ولم تكن لدينا فكرة الاقصاء ولذلك لم نستبعد أي شخص لم تتلطخ يده بدماء الليبيين أو لم يتورط في سرقة اموال الشعب الليبي، إلا انه كان من الواجب التخلص من بعض الاشخاص الذين أوجدهم النظام السابق بطريقة المحسوبية ولم يكن لهم سوى الدور الهدام في التربية، فالهيكلة السابقة شبه موجودة مع بعض التعديلات.

* من تم اقصاؤهم لتورطهم مع النظام هل سيحاسبون؟

- من تورط في جرائم مع النظام السابق سيتم احالته إلى القضاء وسيأخذ القانون مجراه معهم، ومن تثبت ادانته سيتولى القضاء عملية الاقتصاص منه للشعب الليبي، وهذه هي الالية الصحيحة حيث إننا لا نرغب في عملية الانتقام بحد ذاتها ولكن احقاقا للحق ولإرجاع الحقوق لاصحابها.

* مرحلة رياض الأطفال هل هي موجودة في السلم التعليمي لديكم؟

- لقد تم استحداثها مؤخرا عقب الثورة حيث كانت هذه المرحلة مغيبة من السلم التعليمي في ليبيا ابان حكم الطاغية، ونظرا لاهميتها وكونها الركيزة الاساسية التي تمهد لبدء الطالب في المراحل التعليمية الاخرى فقد تم استحداثها، وكذلك استحدثنا مكتب الصحة المدرسية ومكاتب النشاط المدرسي والتي كان الطاغية قد حولها إلى أنشطة لتمجيد أعياده الخاصة.

* سؤالي الأخير عن شكل الحكم في ليبيا الحديثة وكيف سيكون وما هو الاسم الرسمي للدولة؟

- شكل الحكم في ليبيا سيحدده الليبيون بعد الانتخابات التي ستنطلق في يونيو المقبل والقرار سيكون للشعب بعد أن كان لشخص واحد طوال عقود، لكنني أؤكد أن جماهيرية القذافي قبرت بإقباره هو ومصطلحاته البائدة ولن تعود مجددا.