من بين مشاعر الخشية والخوف والقلق، لا شك في أن الخوف من مواجهة نظرة الآخرين إلينا الأكثر انتشارًا والأكثر صعوبة في تذليله. غير أنه من الممكن تعلّم اتخاذ الآخر كصديق، كيف؟ في تقبل الذات أولاً ومعرفة كيفية تحديد القيود ونقاط الضعف. أسئلة كثيرة قد تطرحونها على خبراء النفس إن تسنت لكم الفرصة، إليكم إجاباتها. كيف ننجح في الانكفاء عن نظرة الآخرين إلينا؟نظرة الآخر إلينا لا تطاق لدرجة أن نشكك في الصورة التي رسمناها لنفسنا. عندما نسعى جاهدين إلى إخفاء ضعفنا لأننا نخاف الظهور كسخفاء، وعندما نحاول إظهار أفضل صورة ممكنة عن أنفسنا لأننا لا نثق بذاتنا كفاية، نخشى في الوقت ذاته أن يتبين الآخر ذلك وأن يحكم علينا سلباً. يكفي أن نقوم بأقل حماقة أو أن يرتعش صوتنا أو يحمرّ وجهنا حتى يغمرنا قلق مفرط وشعور بالخجل.هل يرتبط الخجل الذي يشعر به الأشخاص بتربيتهم وطفولتهم؟في سنوات الطفولة الأولى يظهر الطفل خشية من المجهول ومن كل ما هو جديد. إنها مرحلة فسيولوجية طبيعية تختفي تدريجًا مع مرور الزمن، وبعدما يكتشف الطفل عالمه ويتقابل مع مجهولين. لكن تستمر حالة القلق هذه لدى الأطفال الذين يعانون من ضعف الشخصيّة، ويمكن أن تتحول إلى قلق اجتماعي. مع ذلك، لا يكفي أن يكون الطفل ضعيف الشخصيّة حتى يصبح خجولاً، فالتربية والمحيط العائلي وأحداث الحياة، كلها عوامل تؤثر بطريقة مباشرة على تطور القلق الاجتماعي.على سبيل المثال، العائلة المنغلقة على ذاتها والمنعزلة، والأهل المرتابون من الآخرين، فضلاً عن التربية الصارمة والقاسية المبنية على الانتقاد السلبي... عوامل تعيق تواصل الطفل الاجتماعي وتشكك في قدراته. بسبب افتقاره إلى مهارات اجتماعية وثقة بنفسه سيواجه الطفل في المستقبل صعوبات في التواصل خشية حكم الآخرين عليه، وسيعيش كل لقاء مع الآخر كأنه تجربة فعلية.كيف يتصرف الأهل لتجنب تحويل الخجل إلى مرض؟من واجب الأهل تعزيز حياة الطفل الاجتماعية وتعليمه أن الآخر هو بمثابة صديق وتعويده على الاختلاط بالبيئة المحيطة به.كيف يظهر القلق الاجتماعي لدى المراهقين تحديدًا؟عادة ما يظهر من خلال الانغلاق على الذات وصعوبة في التكلم مع الكبار.كيف يتغلّب المراهق والراشد عمومًا على حالة القلق الاجتماعي؟من الضروري قبل كل شيء تمييز الخجل عن الرهاب الاجتماعي. ينطبق الخجل على حالات يبقى فيها الخوف من الآخرين خفيفًا، يمكن أن تؤدي إلى انعزال وعدم أخذ المبادرة للكلام أمام شخص غريب. لكن، يكفي أن يثق الخجول بنفسه ليستعيد قدراته اللفظية والحركية.في المقابل، ينتج الرهاب الاجتماعي من سوء تقدير للذات، يترجم بدرجة قلق عالية يصعب السيطرة عليها. في هذه الحال ينظم المصاب بالرهاب حياته بطريقة يتجنب فيها مواجهة الآخرين.للتغلب على الرهاب، على المريض أن يعمل، بمساعدة المعالج، على ثلاث نقاط محددة: تحسين المهارات الاجتماعية، تقبل الآخر وإظهار الذات.يعني ذلك، أولاً، التعرض لحالات يخاف المريض منها، على سبيل المثال التكلم إلى غريب في الشارع بطريقة يفكر فيها بالقيود وكيفية التغلب عليها، ثم التعرض للنتائج التي يخاف منها.يتخيّل المصابون بالقلق الاجتماعي سيناريوهات يتصورون أنفسهم فيها منبوذين ومهانين إذا اكتشفنا قلقهم، لذا يجب مواجهتهم بهذه السيناريوهات ليتعلموا كيفية السيطرة على هذه الحالات. على سبيل المثال، نتكلم عن احمرار وجههم ونسألهم عن الموضوع. يساعدهم هذا التمرين على السيطرة على هذا النوع من الحالات بدلاً من تجنبها، ليعوا أن سيناريوهاتهم خاطئة وواهية.في النهاية، يتمثل ضبط النفس المعرفي في إدراك أن الأحكام المسبقة لا تحمل سوى فرضيات ولا تمتّ إلى الحقيقة بأي صلة. علينا التخلص من هذه الفرضيات من خلال انتقادها لنتوصل إلى صورة أكثر موضوعية عن الحالة.هل القلق الاجتماعي صفة تنسب إلى النساء أكثر منها إلى الرجال؟ليس بالضرورة. ربما تعني النساء أكثر بقليل من الرجال، ذلك أن الرجل الذي يخاف مواجهة نظرة الآخرين سيعاني مشكلة أكثر من المرأة. بعبارة أخرى، الخجل لدى المرأة يمكن أن يولد سحرًا في حين أن الخجل الذكوري، من وجهة النظر الثقافية، صعب التقبل. لذلك، يساء معاملة الرجل الخجول بشكل أكبر من المرأة.فضلاً عن ذلك، من المهم أن نفهم أن الشخص الخجول هو عمومًا هادئ، كتوم، مسالم... إذًا، محبوب من قبل محيطه. في المقابل، هو مقتنع بالعكس لأنه رسم صورة مختلفة لنفسه، من هنا، يظهر جليًا أن الخجل يولد من قلب التمييز بين الصورة التي يرسمها الخجول عن نفسه والصورة التي يعطيه إياها الآخرون.ما الذي يميز الشخص الواثق في نفسه عن الشخص الخجول في حالة اجتماعية؟الشخص الذي لا يعاني اضطرابات اجتماعية يهتم بالآخرين، أما الشخص الخجول فيركز على ذاته أي على شعوره الداخلي أكثر مما يركز على محدثه. من هنا تولد الأحاسيس التي تشوش العلاقة وتؤدي إلى الخوف والخجل.هل ثمة علاجات دوائية ضد القلق الاجتماعي؟أجل، لكن يجب أولاً أن نفهم أن العلاجات الدوائية مخصصة لحالات الرهاب الاجتماعي الذي يترافق مع مستوى عالٍ من المعاناة والعجز، كذلك لا تتوافر أدوية «مضادة للخجل» كمضادات الالتهاب، فالأدوية المستعملة في حالات الرهاب الاجتماعي هي مضادات الاكتئاب التي تسمح بالسيطرة على الاضطرابات النفسية، كالقلق والخوف والشعور بالتهديد، وتخفف من حساسية المرضى تجاه حكم الآخرين، وتقلل القلق في الحالات الاجتماعية.أما علاج محصر البيتا، فيُستخدم للحدّ من ارتفاع ضغط الدم وتجنب الجلطة، كذلك يقلل العوارض الجسدية المرتبطة بالقلق كالارتعاش والاحمرار وزيادة سرعة الخفقان... يوصف بشكل خاص للحد من قلق الأداء كرهبة المسرح، إذ يتناول بعض الممثلين حبة أو اثنتين قبل ساعتين من بدء العرض.
توابل - علاقات
خجل أم رهاب اجتماعي؟
14-08-2012