ليست المرة الأولى التي يحتدم فيها الصراع السياسي في الكويت، لكنها المرة الأولى حتماً التي يجد فيها الكويتيون أن الصراع أخذ منحى غير مقبول، وأن لغة الخطاب تستدرج احتمالات مسيئة إلى العقد الوطني، وإلى العهد بين مكونات المجتمع، وإلى الحياة السياسية الديمقراطية التي نعيش. من حق القوى السياسية مهما تنوعت اتجاهاتها أن تدافع عن مواقفها، وأن تمارس الضغط لتمرير أجنداتها المشروعة وتتمسك بآرائها، لكن ليس من حقها خرق السقف الذي يظلل الحقوق والحريات، ويسمح بممارسة السياسة بطريقة سلمية وحضارية، ويكفل استقرار البلاد.لا نفهم كيف أن بلداً مثل الكويت حباه الله بدستور وديمقراطية وحريات ونظام برلماني معقول وثروة رفعت مستوى بنيه، ينزلق إلى متاهة التجريح والممارسات غير المسؤولة واللغة الفالتة من أي عقال.ولا نفهم كيف أن الدفاع المشروع عن المطالب يتحول على لسان بعض المغالين إلى تهديد ووعيد، ليستدرج ردود فعل أو عنفاً أو قمعاً يتحول إلى حلقة مفرغة يدفع ثمنها الجميع.ثم، ما هذا التطاول على رمز البلاد؟ وما هذا التوجه نحو تجاوز الأصول؟ وكأن هناك خطة مدروسة لإفقاد الكويت هيبة مرجعيتها، ولتعويد الناس على إضعاف مَنْ يجب أن يبقى رمز وحدة البلاد وعزتها وهيبتها في إطار الدستور والقانون.لم نتوانَ لحظةً في الإيمان بحق الاختلاف، ولم نتردد يوماً في مقارعة الرأي بالرأي، وحرصنا على الدعوة دوماً إلى إطلاق حرية المعارضين قبل الموالين، وإلى ممارسة السلطة في إطار المسؤولية، لكننا نرفض قطعاً وبصوت عالٍ أي مساس بشخص الأمير، ولا نقبل أبداً أن تتوجه السهام المسمومة والمغرضة إلى رأس السلطات ورمز توازن البلاد والحضن الذي يلجأ إليه كل المواطنين.يضعنا خطاب التطرف والتطاول على مفترق خطير، فهو ليس من عاداتنا ولا من شيمنا، ولم يعتد مجتمعنا على سماعه، فنحن شعب وسط مثل أمتنا، وعلاقتنا بالحاكم علاقة رضا ومحبة وتفاهم نحو مزيد من الخير ومزيد من الحريات، لذلك نرفض أن يقودنا أصحاب الغايات أو الانفعاليون أو الموهومون بإمكان تغيير المعادلات بالصراخ والابتزاز.شعب الكويت تعوّد الاعتدال، وأدرك بتجربته القديمة والحديثة أن احترام رمز البلاد، وعدم المساس به، ضمانة للشعب قبل أن يكون ضمانة للأسرة ولشخص الأمير، وسنستمر على هذا التقليد الذي أرساه الأجداد وكرّسه الأبناء، وتفرضه طبيعة أخلاقنا وواقعنا، مثلما يفرضه التفكير السليم.الجريدة
آخر الأخبار
إياكم المساس برمز الدولة
13-10-2012