هو فنان لا يتكرر، جزء من تاريخ الضحك الجميل على الشاشة، أدواره نحفظها عن ظهر قلب، «إفيهاته» لا تنسى، ورغم ضخامة جسمه وخشونة ملامحه فإنه تميز ببريق خاص على الشاشة. رياض محمود حسن القصبجي من مواليد القاهرة (1903)، بدأ حياته «كمساري» في السكة الحديد، وقد دفعه عشقه للفن والتمثيل إلى المشاركة مع جماعة التمثيل في السكة الحديد، وكان عضواً بارزاً فيها، إلا أنها لم ترضِ طموحه فضحى بالوظيفة الحكومية ليلتحق بالفرق المسرحية المتجولة في ربوع الصعيد.الشاويش عطيةعمل القصبجي مع نجوم عصره مثل جورج أبيض وفوزي الجزايرلي وعبد الرحمن رشدي، وكان ظهوره مع الفرق لا يتعدى دقائق أو مشهداً في مسرحية، كذلك شارك في أوبريت «العشرة الطيبة» الذي لحنه سيد درويش، وغنى المقطع الشهير الذي يقول «علشان ما نعلى ونعلى لازم نطاطي نطاطي».ارتبطت شخصية الشاويش عطية بالقصبجي بعدما أداها بجدارة في تسعة أفلام بدأت بـ «مغامرات إسماعيل ياسين» (1954) وانتهت بفيلم «إسماعيل ياسين للبيع» (1958)، مروراً بأفلام: «إسماعيل ياسين في الجيش، البوليس، جنينة الحيوان، البوليس الحربي، الأسطول، مستشفى المجانين، وإسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة».ثنائي كوميديقدم مع إسماعيل ياسين ثنائياً كوميدياً في أفلام منها: «علي بابا والأربعين حرامي (1942)، ليلة الدخلة (1950)، الانسة حنفي (1954)، ابن حميدو (1957)، لوكاندة المفاجآت» (1959).بلغ رصيده السينمائي أكثر من 90 فيلماً منها: «شارع الحب، سمارة، زنوبة، رقصة الوداع، المتهم، بورسعيد، الطريق المسدود، سلّم على الحبايب، أبو أحمد، حب من نار، المعلم بلبل، ليلى بنت مدارس، قلبي دليلي، دايماً معاك، نشالة هانم، نهارك سعيد، الأستاذة فاطمة».بسبب شكله وملامحه أسند إليه المخرجون أدوار الشرير والشخصيات الشعبية الكادحة من عمال وصنايعية وفلاحين وصعايدة. كان آخر أفلامه «انس الدنيا» (1962) مع شادية وإسماعيل ياسين وماري منيب إخراج إلهامي حسين، وعندما سألوه عن أكثر الأدوار التي يعتز بها قال «أبو الدبل»، زعيم عصابة في فيلم «الواجب» مع المخرج بركات.تعدّد الزوجاتعمل القصبجي مع نجيب الريحاني فمثل معه: «الدنيا لما تضحك، حكم قراقوش، قسمتي، الدنيا على كف عفريت»، وشارك مع إسماعيل ياسين في فرقته المسرحية.تزوج القصبجي أربع مرات، إحدى زوجاته كانت إيطالية الأصل، أما آخر زوجة له فعاش معها حتى وفاته وأنجب منها ابنه الوحيد فتحي.عن تعدد زوجاته قال إنه طلق زوجته الأولى لأنها تريد أن تلعب «بذيلها»، والثانية لأنها لم توافق على العمل في فرقته، والثالثة لأنها لم تتحمل أيام الفقر.وفي إحدى ليالي أكتوبر (1959) بينما كان في منزله يستمع إلى إحدى أغنيات أم كلثوم وقع على الأرض فاقد النطق، وشخص الأطباء إصابته بشلل نصفي في الجانب الأيسر، نتيجة ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم والذي وصل إلى 220، فوقف أصدقاؤه بجواره وجمعوا مبلغ 30 جنيهاً لتكاليف علاجه في المستشفى، ثم استكمل العلاج في المنزل حوالى ثلاث سنوات.عندما بدأ يتماثل للشفاء حاول المخرج حسن الإمام أن يخرجه من عزلته فرشحه لأداء دور في فيلم «الخطايا» وأرسل له السيناريو، وحدد موعداً للتصوير، وفي الموعد المحدد قصد البلاتوه ووقف أمام الكاميرا، وفجأة سقط أمام الجميع ولم يستطع الوقوف مرة أخرى، فانهمرت دموعه ونُقل إلى المنزل وهو في حالة سيئة.وبعد عام من تلك الواقعة لفظ القصبجي أنفاسه الأخيرة، وكان أمضى سهرة الوداع مع عائلته، تناول خلالها الطعمية واستمع إلى صوت أم كلثوم. لكي تكتمل فصول مأساته التي بدأت بالتهام المرض لجسده العريض، فقد ظل مسجى في فراشه ينتظر تكاليف الجنازة والدفن التي لم تكن أسرته تملك مليماً منها، حتى تبرع بها المنتج جمال الليثي.
توابل - مزاج
رياض القصبجي... الشاويش عطية
17-08-2012