مياه الشرب في الماضي، أي منذ نشأة الكويت، كان لها مصدران هما مياه الأمطار، والآبار الجوفية، وهو ما نسميه باللهجة الشائعة مياه القلبان، ومفردها "قليب" باللغة العربية أو "جليب" باللهجة الكويتية.

Ad

وفي عهد الشيخ مبارك الصباح، أضيف إلى هذين المصدرين مصدر ثالث هو مياه شط العرب العذبة التي كانت تُنقَل في سفن خاصة إلى الكويت.

في حلقة اليوم والحلقة المقبلة سنتحدث عن مياه القلبان في الشامية، ونبدأ الحديث بالقول إن الشامية شاميتان، الشامية القديمة وهي المنطقة التي تقع خارج سور الكويت والممتدة من دروازة الجهراء الى دروازة الشامية، ويضاف إليها المنطقة التي يوجد بها اليوم إدارة الصحة المدرسية وما حولها، وهي حالياً جزء من ضاحية عبدالله السالم.

أما الشامية الثانية فهي منطقة الشامية الحالية، التي نُظِّمت بعد تثمين الشامية القديمة واقتطاع الجزء الشرقي منها بعد تعبيد شارع الملك فيصل، الذي كان يسمى في الماضي شارع المقوع.

يعود تاريخ القلبان في الشامية القديمة إلى مئتي سنة تقريباً، وبدأ في أربع عوائل أولها عائلة "المجلي"، وثانيها عائلة "اليعقوب"، وثالثها عائلة "الوقيان"، ورابعها عائلة السهلي (أو السهول).

وطبقاً لما أخبرني به المرحوم العم داود سليمان السهلي، والمرحوم العم عبدالعزيز فهد البسام رحمه الله، والعم عثمان عبدالله الهويدي، أطال الله في عمره، فإن أسرة المجلي، التي يبدو أنها انقرضت مع مرور الزمن، باعت بعض قلبانها لعوائل أخرى، وهذه القلبان هي التي تم تداولها في ما بعد بين العديد من العوائل الأخرى منها: الهويدي، والبسام، والريش، والحماد، والعنزي، والجمهور، والضرمان، والدعيج، والخرقاوي، والرندي، وبن هبلة الرشايدة، والنصافي، والنويف، والطويرش، والزاحم، والمقهوي، وفهد وراشد الصقر، ويوسف العبدالهادي الميلم، وغيرها.

من هذه المقدمة الموجزة، ننتقل إلى وثيقة من وثائق القلبان يعود تاريخها إلى عام 1332هـ الموافق عام 1914م، والتي نشرتها في كتاب "الشامية تاريخ وشخصيات" توضح أن علي ومحمد الهويدي تقاسما قلبانهما في الشامية، فأصبح لعلي النصف الشمالي، ولأخيه محمد القسم الجنوبي. وإليكم نص الوثيقة كما ورد:

الحمدلله سبحانه

ثبت كما ذكر لدي وأنا العبد الفاني محمد ابن عبدالله العدساني...

السبب الداعي إلى تحرير هذه الأحرف الشرعية هو أنه لما تقاسم علي الهويدي مع أخيه محمد الهويدي قلبانهما الواقعين في الشامية، صار لعلي النصف الشمالي وهو من الرميلة وشمال اللقاف الشرقي، يحد الرميلة قبلتا ملك الوقيان، وشمالا ملك السهول، وشرقا اللقاف، وجنوبا ملك محمد الهويدي، ويحد اللقاف قبلتا الرميلة، وشمالا الطريق، وشرقا مجرى السيل، وجنوبا ملك محمد الهويدي، تخالصا على ذلك مخلاصا صحيحا شرعيا، فبموجب ما ذكر صار الرميلة واللقاف المذكورين مالا وملكا لعلي الهويدي، يتصرف فيهم بما شاء، فلما مات صار لورثته.

حتى لا يخفى، حرر في 15 شوال سنة 1332هـ.

ويلاحظ من قراءة الوثيقة وجود أسماء للقلبان كـ"الرميلة" و"اللقّاف" وهي أسماء تصف طبيعة الجليب، أو موقعه، أو ماءه، وسنأتي على أسماء أخرى في المستقبل لقلبان أخرى، كما سننشر وثائق بيوع للقلبان وتناقل في الملكية من مالك إلى آخر خلال حوالي مئة عام.

بقي أن نشير في هذه الحلقة إلى أن علي الهويدي، رحمه الله، هو جد العم عثمان عبدالله الهويدي، حفظه الله، الذي يسكن الشامية من قبل تنظيمها في نهاية الأربعينيات إلى اليوم، ومنزله في قطعة 6 مقابل مسجد ابن تيمية، وهو من مواليد فريج سعود بالحي القبلي عام 1920. ويقول العم عثمان إن والده، رحمه الله، رفض أن تعوضه الحكومة بحوالي 13 قسيمة في الشامية عند تثمين أرضه ومزرعته وقلبانه، ووافق فقط على أخذ قسيمتين مقابل التثمين.