نتفوّه أحياناً بأمور تافهة أو نقوم بتصرّفات غير لائقة في أوقات غير مناسبة. ما إن نقوم بذلك، حتى نشعر بخجل وعار كبيرين على فعلتنا هذه. كيف يمكننا أن نصحح أخطاءنا ونحافظ على صورتنا الجيدة عند الآخر؟

قبل أن تبدأ بلوم نفسك على كلمة صدرت منك، أو فعل ما، لا بد من أن تسأل نفسك السؤال التالي: «هل أنا متأكد من أنني ارتكبت خطأ جسيماً أزعج غيري؟»،  فغالباً، قد لا ينظر الآخر إلى تصرّفك على أنه خطأ فيما قد تعتبره أنت غلطة كبيرة عليك تصحيحها.

Ad

في المقابل، قد تميل إلى أن تمرّ مرور الكرام أمام فعل ما أو تعبير شفوي صدر منك أزعج الآخر وأساء إليه. بالتالي، كيف عليك أن تتصرّف في مثل هذه الحالات؟ ما السبيل إلى الخروج من هذه المواقف الحرجة؟

يعتبر علماء النفس الاجتماعي أن عملية تقييم السهوات أو الأخطاء التي نرتكبها عادةً ليست رهناً بنا، بل بالشخص المتلقي. علينا أن نقيّم مدى ضخامة غلطتنا وأهميتها استناداً إلى استجابة الطرف الآخر. إذاً، يجب أن ننتبه إلى رد فعل المتلقي الذي أسأنا إليه وأن نتصرّف بناء على ذلك. إما أن نمضي قدماً من دون الحاجة إلى أي اعتذارات وإما أن نعتذر ونصحّح ما أفسدناه. مع ذلك، ثمة أخطاء لا مفرّ منها ويعتبر ارتكابها أمراً محتّماً لأنه من المستحيل أن نفهم الناس كلهم تماماً . كيف لنا أن نعرف مثلاً أنه سيكون من ضمن ضيوفنا على العشاء أشخاص نباتيون، وماذا نفعل إن كنا قد أعددنا أطباقاً تحتوي على اللحمة؟

مصادفة

غالباً، نسأل أنفسنا: «لماذا ارتكبت هذا الخطأ مع هذا الشخص وفي هذا الوقت تحديداً؟». سواء كنت شخصاً يرتكب الهفوات والسهوات بانتظام أم يرتكبها بين الحين والآخر، اعرف أن الوقوع في مثل هذه الأخطاء إنما ينمّ عن شيء معيّن. فهل هذه الأخطاء التي نرتكبها وليدة الصدفة أم الحظ، أم أنها متعمّدة ومقصودة وتدلّ على أمر معين؟

في الواقع، يعتبر علماء النفس أن تفوهنا بتعبير في غير محله أو قيامنا بتصرّف غير ملائم يترجم ما يجول في لاوعينا ويدلّ على أننا نبحث عن شيء ما. إذا نسيت مثلاً معايدة أحد الأصدقاء أو الأقارب في يوم عيد ميلاده، تستطيع أن تعوّضه ما فاتك بالقول: «آسف جداً. نسيت أن أعيّدك يوم عيد ميلادك. كيف لك أن تسامحني؟».

يعتبر علماء النفس الاجتماعي أن مثل هذه المواقف ليست بريئة وليست وليدة الصدفة أو الحظ. كل عمل أو فعل أو حركة تحمل في طياتها نية إيجابية ومنفعة ثانوية. بالتالي، الهفوات والسهوات ليست اعتباطية إنما وليدة لاوعينا، فنحن لا نقوم بها أمام أي كان، وفي أي مكان، وبأي طريقة كانت. على العكس، نختار بلاوعي اللحظة والمكان والشريك لارتكاب هذا النوع من الأخطاء.

3 نصائح

الضحك من أنفسنا قد يصلح ما أفسدناه:

قد يكون الضحك طريقة ذكية وفاعلة للخروج من موقف محرج. يمكنك أن تضحك على تصرّف غير لائق قمت به وأن تقنع نفسك بأن ما صدر عنك أمر غير مهم ولا داعي للتوقف عنده. مع ذلك، عليك أن تكون حذراً في مثل هذه المواقف والتنبّه لرد فعل الطرف الآخر.

الاستفادة من الخطأ وتحويله إلى صالحنا:

إنه تمرين صعب يتطلّب من صاحبه موهبة في فن الخطابة ورحابة صدر كبيرة. إذا استطعت الاستفادة من أخطائك وسهواتك وهفواتك بروح مرحة وبذكاء، نجحت في الخروج من الموقف الصعب الذي وضعت نفسك فيه. لكن في مثل هذه الحالات، يرتفع احتمال دخــولك في لعبة التلاعب على نحو كبير، لا سيما إن كنت أحد الأشخاص الذي يحرصون على أن يلمع نجمهم في كل عمل يقومون به. يعمد البعض بعد ارتكاب خطأ ما إلى القول: «هل رأيت ما فعلته؟ أنظر إليّ. ألست داهية؟». إذاً، يتعمّد البعض ارتكاب الأخطاء والهفوات للاستفادة من المواقف وتحويلها إلى صالحه، علماً أن تصرّفاته هذه غير مقبولة اجتماعياً وقد تعرّضه لملاحظات وانتقادات مبرّرة مثل: «ارتكبت لتوك خطأ بحق هذا الشخص. ليس في الأمر ما يدعو إلى التباهي. كفاك مفاخرة بنفسك!».

الاعتذار بصدق بدلاً من التنصّل من الخطأ:

عندما ترتكب خطأ ما، وتعي أن تصرفك غير مقبول اجتماعياً، قم بالاعتذار فوراً. جميعنا معرّض لارتكاب الأخطاء، ويبقى الاعتذار من الشخص المعنيّ أفضل وسيلة للحفاظ على ماء الوجه. لكن حاذر! إياك أن تقع في دوّامة الاعتذارات والتبريرات اللامتناهية! يقول علماء النفس الاجتماعي إن كثراً منا يحاولون تصحيح ما أفسدوه، إنما ينتهي بهم الأمر بزيادة الأمور سوءاً. تجدر الإشارة إلى أن كثرة الاعتذارات والتبريرات والمبالغة في تقديم الحجج وتفسير النوايا، قد تغضب الأشخاص الذين أسأنا إليهم وتخرجهم عن طورهم، علماً أن بعض هؤلاء يعمد إلى الإدعاء بأن شيئاً لم يكن وأن الأمور على ما يرام... إنها لفرصة ذهبية يجب علينا بذل جهدنا للاستفادة منها.