الأمر المؤكد الوحيد هو أن المرشح الاشتراكي لن يكون نسخة جديدة عن توني بلير، كما لن يكون ساركوزي نسخة عن مارغريت تاتشر، وبما أن أياً من الحزبين لم يقترح إصلاحات بنيوية حقيقية وخططاً لتخفيض الإنفاق العام، فمن حق الناخبين أن يترددوا في اتخاذ قرارهم.

Ad

أعلن فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي، أبرز مرشحين للانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستحصل في الربيع المقبل، أجندتهما الاقتصادية، عند مراجعة الخطتين، لا بد من التساؤل عن صحة الاختلافات بين اليمين واليسار الفرنسي في المجال الاقتصادي.

طرح زعيم الحزب الاشتراكي هولاند برنامجه قبل ساركوزي عندما أعلن ترشحه للرئاسة في الأسبوع الماضي، وكان الفرنسيون يتمنون على الأرجح ظهور نسخة فرنسية عن توني بلير، ألا يحق للناخبين الفرنسيين أن يحصلوا على مرشح يساري معاصر ينتمي إلى القرن الحادي والعشرين بمعنى الكلمة؟ لكن وفق التقاليد الاشتراكية الثابتة، اقترح هولاند كالعادة جميع الخطوات التي سبق أن فشلت في فرنسا.

في المقام الأول، يريد هولاند معالجة مشكلة البطالة عند فئة الشباب (يبلغ معدلها 20%) من خلال إبرام 500 ألف "عقد تضامني جديد بين الأجيال" يضمن تخصيص وظائف ورواتب للمواطنين الشباب والكبار في السن. سيتم إدراج تلك العقود إلى جانب 150 ألف "عقد مستقبلي" جديد، ما يمنح الشباب حصراً وظائف مضمونة يتم التفاوض على شروطها.

يريد هولاند أيضاً إنشاء "بنك استثماري عام" وتوسيع دور الدولة في قطاع التعليم، وبالنسبة إلى قطاع الرعاية الصحية المُموّل من الدولة (يوشك هذا القطاع على الإفلاس)، لم يجد هولاند ما هو أفضل من تقديم تغطية إضافية لرسوم الأطباء الفيزيائيين.

ومن أجل "توفير أموال التقاعد"، لم يذكر هولاند شيئاً عن الإصلاح (على الفرنسيين أن يساهموا بالمزيد بكل بساطة)، ويعتبر أن أكبر مشكلة تتمثل بتوفير مساكن بكلفة مقبولة وقد أوصى بفرض جولة جديدة من الضوابط على الإيجارات لمعالجة الوضع.

على المستوى المالي، يريد هولاند فرض معدل جديد لضريبة الدخل (45%) على أن يشمل المداخيل التي تفوق 150 ألف يورو (بينما يقتصر المعدل الراهن على 41%). كذلك، أطلق هولاند وعوداً برفع الضرائب على أرباح البنوك وفرض ضريبة جديدة على التعاملات المالية، ما يعني أنه صوّر الأسواق المالية على أنها العدو الأول للشعب الفرنسي (وقد أغفل بذلك عن واقع أن دولته المديونة أصبحت الآن تحت رحمة بورصات العالم).

عشية يوم الأحد قبل الماضي، قدم ساركوزي طرحه الاقتصادي الخاص مع أنه لم يعلن رسمياً ترشحه للانتخابات الرئاسية. بدا وكأنّ ساركوزي يقلّد هولاند عندما أعلن الحرب على الأسواق والأثرياء، فأظهر نفسه بصورة الداعم الشرس لشعار "صُنع في فرنسا" في محاولةٍ منه لإنقاذ الصناعة الفرنسية، ولتحقيق هذه الغاية، هو يخطط لرفع الضرائب على القيمة المضافة مقابل تخفيض الضرائب على المداخيل، وفي الوقت نفسه، يسعى ساركوزي، تماماً مثل هولاند، إلى رفع الضرائب على مداخيل الشركات وفرض ضريبة على التعاملات المالية، حتى لو أصبحت فرنسا الدولة الأوروبية الوحيدة التي تتبنى سياسة مماثلة.

أخيراً، يريد الرئيس أيضاً إنشاء بنك استثماري جديد تموّله الدولة وتسيطر عليه، وهو يواجه عرض هولاند المتعلق بعقود الشباب باقتراحه الخاص الذي يقضي برفع الحد الأدنى من حصص المتدربين في الشركات.

الأمر المؤكد الوحيد هو أن المرشح الاشتراكي لن يكون نسخة جديدة عن توني بلير، كما لن يكون ساركوزي نسخة عن مارغريت تاتشر، وبما أن أياً من الحزبين لم يقترح إصلاحات بنيوية حقيقية وخططاً لتخفيض الإنفاق العام، فمن حق الناخبين أن يترددوا في اتخاذ قرارهم.

ومن دون وجود فارق كبير بين الطروحات اليمينية واليسارية، قد يمتنع الكثيرون عن التصويت أو قد يفضلون اختيار المتشددين، ويصعب أن نحدد كيف ستستعيد فرنسا في القريب العاجل تميّزها في مجال التصنيف الائتماني وفق معايير وكالة "ستاندر أند بورز" (Standard and Poor's).