على الرغم من التحذيرات المتكررة من البعض لناخبي الدائرة الثالثة فإن بعضهم مثلما سيجلب لنا رموزا سياسية سيجلب من لا يحترم القانون، وهو أمر بطبيعة الحال يعكس مزاج الناخب في كل الدوائر لا الثالثة فقط! ففي الدائرة الأولى، على سبيل المثال، لدى الناخب إما مزاجا عقائديا للتصويت لبعض المرشحين من المذهبين، أو قبليا لفريق ثالث أو ليبراليا لفريق رابع، بينما يطغى على مزاج الناخب في الدائرة الثانية أمر واحد وهو الصراع الفكري الليبرالي الإسلامي، بحسب الظاهر، أما الصراع في الدائرة الثالثة فيكمن بين ما يعتبره البعض رداءة أسماء بعض المرشحين وسوء تاريخهم السياسي والجنائي معا، ويرى آخرون ضرورة التصويت لرموز العمل السياسي، ومهما اختلفت التطلعات فالتصويت في "الثالثة" سيكون برأيي حسب مزاج الناخب، وبالتالي فالنتيجة فيها لن تكون بمثابة صدمة لي شخصياً بقدر ما ستكون بمثابة انعكاس حقيقي لفكر ناخب يجب احترام خياراته، صحيحة كانت أو خاطئة، فهي في كل الأحوال تعكس وعياً انتخابياً مرتفعاً بنظر البعض أو متدنياً برأي آخر، لكنه يبقى فكراً يجب احترامه على الأقل. ويسيطر الحس القبلي تارة والاختيار المسبق لبعض المرشحين تارة أخرى من دون سابق دراسة في الدائرتين الرابعة والخامسة، لأن الناخب فيهما حسم أمره في توجيه إرادته للتصويت بين فريق الاختيارات التي قررتها القبيلة، وآخر قد لا يلتزم بها وسيتجه إلى التصويت لقناعته المسبقة ببعض المرشحين، وتحديداً من النواب السابقين سواء ممن يسمون بالمعارضين أو المستقلين! وبعيدا عن العملية الانتخابية ومخرجاتها تبقى الدوائر الخمس محل اختبار شعبي يستلزم النظر إلى إيجابياتها وسلبياتها، والنظر جديا ليس لتطوير فكرة الدوائر فقط بجعلها دائرة أو بتقسيم المناطق السكنية في كل دائرة، وإنما التفكير في تطوير العملية الانتخابية بشكل عام، بدءا من قانون الانتخاب وشروط الناخب، التي هي اليوم شروط المرشح، ومجريات العملية الانتخابية وتفاصيلها، التي يحددها قانون الانتخاب الحالي، علاوة على الجرائم الواردة في هذا القانون، خصوصا بعدما طور العديد من راغبي شراء الأصوات، على سبيل المثال، خططهم لتفادي النصوص القانونية المجرمة، والتي تستلزم شكلا ونمطا معينا يتعين على جهات البحث والتحري التوقف عنده.
Ad