لم تكن رحلتي الأخيرة إلى تركيا على متن «الطائر الأزرق» رحلةً واحدةً إلى بلد واحد، بل كانت رحلاتٍ متعددات في آن، نقلتني الى شتى اتجاهات الزمان والمكان مستعيداً من جديد استكشاف هذا البلد الفريد المتعددِ المكوناتِ والهويات والطموحات، الذي تتقاسم أرضَه وانتماءه قارتا آسيا وأوروبا ويغسل أقدامَه في مياه أربعة بحور هي الأبيض والأسود ومرمرة وإيجة، منطلقاً من تركيا الحالية التي ترتدي عباءة الإسلام فوق جسد العلمانية محاولِةً الجمعَ بين هويتها الدينية ونزعتها الأوروبية والتوفيقَ بين مبادئها ومصالحها وعلاقاتها المتشابكة مع دول الجوار وغيرها، إلى تركيا «الأتاتوركية» التي ألغت الخلافةَ الإسلامية واستخدامَ الحروف العربية في كتابة اللغة التركية.

Ad

بعد ذلك انتقلت إلى تركيا العثمانية التي استمرت علاقتنا بها عدة قرون وخلفت في نفوس الأتراك والعرب كثيراً من العواطف المتناقضة، ثم توقفت قليلاً عند أطلال الإمبراطورية البيزنطية التي قضى عليها السلطان العثماني محمد الفاتح وجعل عاصمتها القسطنطينية عاصمة له وسماها إسلامبول ثم تغير اسمها إلى إسطنبول، ومنها دلفتُ إلى الإمبراطورية الرومانية وغيرها من الحضارات التي توالت على هذه المنطقة عبر التاريخ وخلّفت فيها بصماتها وآثارها.

كانت رحلةً شاملة في أسبوع، طويتُ فيها الزمن، وانتقلت من حاضر تركيا إلى ماضيها محاولاً استشراف مستقبلها، إذ لا يمكن فهم الحاضر ورؤية المستقبل بوضوح إلا بالعودة إلى الجذور البعيدة والقريبة، والرحلة كانت سريعة جزتُ خلالها آلاف السنين في أيام قلائل مستعيناً بقراءاتي ومشاهداتي، وعدت بحصيلة وافرة من الأساطير والحقائق، التي يصعب أحياناً التمييز بينها، ومنها أن سفينة نوح، عليه السلام، رست على جبل آرارات، وأن حصان طروادة حقيقي، وأن قصة أهل الكهف حدثت هنا، وأن وأن وأن...

وكانت رحلةً ثقافية ودينية وترفيهية قرأت خلالها قصائد للشاعر التركي العظيم ناظم حكمت، وزرت عدة مساجد منها مسجد السلطان أحمد، وتجولت في قصور ومتاحف تحتوي على كنوز لا تقدر بثمن ومنها قصر الباب العالي.

وكانت قبل ذلك كله رحلةً في داخل النفس والعقل استبدلت فيها صورة تركيا القديمة التي يعلوها الغبار وتكثر فيها النقاط السوداء بصورة جديدة عصرية وواضحة يغلب عليها اللون الأخضر.

رحلة «الكويتية»

وبالعودة إلى هدف هذه الرحلة السياحية التي نظمتها مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية لوكالات السفر والسياحة المحلية والتي شملت مدينتي إسطنبول وبورصة، فإننا نترك هذا الأمر لقائد هذه الرحلة المدير الإقليمي الأعلى في المؤسسة بدر العميري إذ قال إن الهدف الأول هو تنشيط وترويج المبيعات الى إسطنبول حيث تقوم المؤسسة بتشغيل خط منتظم إليها يومي الخميس والسبت من كل أسبوع، مشيراً الى أن هذه المدينة تعد من الجهات السياحية المهمة في العالم.

وأضاف العميري، في تصريح للوفد الإعلامي الذي رافق الرحلة، إن الهدف الثاني هو تعريف المكاتب السياحية التي يهمها «خط كويت - إسطنبول – كويت» الذي افتتحته المؤسسة في صيف العام الحالي، بكل التسهيلات التي يحتاج إليها ويطلبها السياح القادمون الى هذه المدينة، مؤكداً أهمية هذه المكاتب بالنسبة للمؤسسة «إذ تعتبر الجناح المساند لها لاسيما لجهة تنشيط هذا الخط».

خطوط جديدة

وعن رؤيته المستقبلية للخط، قال إنه متفائل بنجاحه في الوقت الحالي وفي المستقبل، متوقعاً فتح خطوط جديدة إلى المناطق التركية الأخرى والبلدان المجاورة لها لتلبية احتياجات عملاء المؤسسة ومواكبة احتياجات سوق النقل الجوي الذي يشهد تغيرات في الحركة.

ولفت الى أن «الكويتية» تسعى الى فتح خطوط جديدة في ظل تقليص رحلاتها الى مناطق الشرق الأوسط التي تعاني أحداثاً سياسية، موضحاً أن من ضمن خططها فتح خطوط الى مدينة ميونيخ وسراييفو وذلك عن طريق اسطنبول، كما أن المؤسسة لديها خطة عمل متكاملة لبرنامج العطلات متضمنة التذكرة مع السكن في فنادق خمس نجوم بأسعار تناسب الجميع.

وأوضح أن المؤسسة تسعى دائماً إلى تلبية احتياجات عملائها لاسيما في اختيار المحطات الأكثر طلباً الى جانب إرضاء أكبر شريحة من العملاء، وانسجاماً مع سعيها الدائم الى تعزيز وجودها في الأسواق التي تشهد تنافساً حاداً بين شركات الطيران وإقبالاً متزايداً من المسافرين.

وعن سبب افتتاح الخط، قال العميري إنه جاء انطلاقاً من سياسة المؤسسة الهادفة الى زيادة المبيعات على طائراتها وتوثيق التعاون بينها وبين مكاتب السياحة والسفر، مبيناً أن قرار فتح الخط اتخذ بعد إجراء دراسات جدوى اقتصادية وتلبية لرغبات وتطلعات قطاع كبير من المسافرين. وأشار الى أن المؤسسة حرصت أن تشمل هذه الرحلة إطلاع مكاتب السياحة والسفر والصحافيين على الأماكن السياحية والتاريخية والإسلامية في إسطنبول ومدينة بورصة السياحية ومعرفة مستويات الفنادق بمختلف درجاتها فيهما لاسيما الفنادق الفاخرة، وأيضاً التعرف على الأماكن الإسلامية والتراثية إضافة الى المجمعات والأسواق التجارية المعروفة.

ثلاث رحلات

وأضاف أن «الكويتية» ساهمت بشكل كبير في انتعاش محطة إسطنبول حيث تشغل حالياً بالموسم العادي رحلتين أسبوعياً، وفي الأعياد والمواسم والعطلات ستشغل ثلاث رحلات أسبوعياً، كما ستوسع في المستقبل عدد رحلاتها الى تلك المدينة.

وفي سؤال خارج السياق من «الجريدة» إلى العميري عن توجيه اتهامات لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بأنها كانت وراء إغلاق شركة الخطوط الوطنية، قال إن هذا الأمر غير صحيح، «فالمؤسسة لم تكن في يوم من الأيام سبباً في إغلاق أي شركة لأنها دائماً تمد يد التعاون إلى الجميع، ولكن من المعروف أن لكل شركة سياسة تشغيلية معينة، ويبدو أن سياسة هذه الشركة لم تكن ناجحة في ذلك الوقت».

سلامة المسافرين

وعن بعض الأعطال التي تحصل أحياناً في بعض طائرات المؤسسة مما يتسبب في بعض الأحيان بالهبوط الاضطراري، ذكر العميري أن المؤسسة تضع نصب عينها سلامة وأمن المسافرين وطاقم أسطول طائراتها حتى لو ترتب على ذلك تأخير إقلاعها.

ماذا قال ممثلو مكاتب «السياحة» عن رحلة «الكويتية»

وخطها إلى إسطنبول؟

نزار الصحاف:

مكسب كبير لمكاتب السفر في الكويت وجاء لما تتمتع به الخطوط الكويتية من خبرة في مجال الطيران وخدمة المسافرين، الأمر الذي يعود على المؤسسة والمسافرين بمردود جيد، كما أنه يمنع الاحتكار من بعض شركات الطيران الأخرى، وأقترح توسيع هذا الخط ليصل إلى سراييفو عبر إسطنبول.

حبيب بوعباس:

خطوة رائدة وفي الاتجاه الصحيح وتعبر عن حنكة القائمين على «الكويتية» وخبرتهم الكبيرة في قراءة توجه السوق المحلي، إذ إن خط تركيا يعد من الخطوط المرغوب فيها جداً من قبل المسافرين، وقبل افتتاح هذا الخط كنا نعاني قلة خطوط الطيران المتوجهة الى إسطنبول.

هناء الصمد:

افتتاح هذا الخط هو عين الصواب وخطوة مهمة في طريق تحسين الخدمات السياحية وتعزيز التعاون مع المكاتب المماثلة في تركيا، الأمر الذي يفتح باب المنافسة لتقديم عروض أفضل للراغبين في السفر الى تركيا بقصد السياحة وغيرها. وأريد تأكيد أن رحلتنا إلى اسطنبول كانت ممتعة ومفيدة، كما أؤكد أن مكتبنا سيتعاون مع «الكويتية» لتنشيط هذا الخط.

ولاء أحمد:

«الخطوط الكويتية» أقدمت على خطوة مهمة تحتاج إليها مكاتب السياحة في الكويت تتمثل بافتتاحها خط إسطنبول، وخصوصا أن هذه المدينة من أكثر المدن السياحية نمواً من حيث عدد السياح وخاصة السياح الكويتيين, وأدعو المؤسسة الى زيادة عدد رحلاتها إلى هذه المدينة نظرا إلى الزيادة المتوقعة.

سامح سليم:

مكتبنا سيدعم هذا الخط من خلال تقديم عروض خاصة، وأقترح توسيعه ليصبح «الكويت - إسطنبول – ميونيخ» حيث يوجد طلب كبير عليه، وعن رحلتنا إلى إسطنبول التي نظمتها «الكويتية» أستطيع القول إنها أتاحت لنا الفرصة للتعرف على هذه المدينة السياحية التي تمتاز بكل مقومات السياحة.

مهدي علي:

أشكر «الخطوط الجوية الكويتية» على فتحها هذا الخط المهم الذي جاء في الوقت المناسب، وأؤكد في الصدد أن استمرارية هذا الخط يبين مدى جاهزية المؤسسة لمواكبة تطورات السوق المحلي، كما أؤكد أن رحلتنا إلى تركيا التي نظمتها المؤسسة سيكون لها مردود إيجابي بعد أن اطلعنا على الكثير من الفنادق والمناطق السياحية المشهورة في مدينتي إسطنبول وبورصة.