على رأس قائمة التحديات التي تواجه حكومة الشيخ جابر المبارك- وأعني بها حكومة الأمد الطويل، أي التي ستشكل بعد حل مجلس الأمة الحالي، إذا تحققت فرضية الحل- إعادة ثقافة احترام القوانين الى المجتمع، والحرص على هيبة القانون وعدم تجاوزه من قبل المتنفذين، ومعاقبة الخارجين عليه، فالعديد مما نعيشه أو نراه أو نسمعه من مشكلات ناتج عن غياب أو ضعف هذه الثقافة بدءا من عدم احترام قوانين وأنظمة المرور، وصولا الى ظاهرة الفساد المالي والاداري الذي يكاد يقضي على قيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص في التوظف والوصول الى المواقع القيادية.

Ad

التحدي التنموي

ويشكل التحدي التنموي أو الاقتصادي أولوية مستحقة بالنسبة لهذه الحكومة، فالجميع يريد أن يرى مشروعات تنموية حقيقية كبرى تتجاوز البنى التحتية، مشروعات يشرع في انجازها على أرض الواقع، تكون قادرة على تحريك دورة النشاط الاقتصادي المحلي، واستنهاض الدور الرائد للقطاع الخاص الذي تبشر به وثيقة خطة التنمية، مشروعات يعود نفعها على المواطنين على شكل خدمات وسلع ووظائف منتجة.

إعادة النظر في التشريعات الاقتصادية

وتتطلب مواجهة المعضلة الاقتصادية الراهنة، من وجهة نظري، اعادة النظر في العديد من القوانين الاقتصادية التي صدرت في السنوات الأخيرة ولم تحاك روح العصر أو حاجة الكويت الى الدفعة القوية اللازمة لتحريك قاطرة النشاط الاقتصادي، ومن بين هذه القوانين، على سبيل المثال لا الحصر، القانون رقم 37 لسنة 2010 بشأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص، الذي ينبغي له أن يحاكي أنظمة التخصيص المعمول بها في البلدان ذات التجارب الناجحة في هذا المجال، وكذلك القانون رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي، الذي قد يترتب على تطبيقه الحرفي أثر سلبي على تشجيع العمالة الوطنية للعمل في القطاع الخاص، وعلى تحفيز المستثمرين وأصحاب الأعمال على التوسع في أنشطتهم الاقتصادية، وأيضا القانون رقم 7 لسنة 2008 بتنظيم عمليات البناء والتشغيل والتحويل الذي أثبت عدم قدرته على تشجيع واستقطاب المستثمرين للتقدم بمبادرات ومشروعات تنموية جديدة.

كما تقع على عاتق الحكومة الجديدة مهمة اصلاح النظام التعليمي واعادة هيكلة مؤسساته، فهي المدخل الحقيقي لاصلاح الخلل المتفاقم في سوق العمل، وكذلك مهمة تطوير الادارة العامة والقضاء على البيروقراطية وتيسير الاجراءات وتحويل الحكومة الالكترونية الى واقع ملموس. هذا غيض من فيض مما ينتظر فريق الشيخ جابر المبارك الذي ندعو له بالتوفيق.

اختيار الفريق

ولاشك في أن مواجهة هذه التركة الثقيلة من المعضلات المزمنة التي يتطلب علاجها قدرا كبيرا من الحنكة والحذر والسرعة في آن واحد، تقتضي أن يكون اختيار الشيخ مبارك لفريقه الوزاري اختيارا حذرا ومتأنيا، مبنيا على أسس ومعايير موضوعية تستند الى قدرة كل عضو من أعضاء هذا الفريق على التعامل بحكمة ومهارة مع تلك المعضلات، وقد يتعارض هذا الاختيار مع تقليد المحاصصة، بيد أن مصلحة البلاد تفرض على كل الأطراف أن ترتضيه اذا ما كانت جادة في مواجهة هذه الحزمة من التحديات الكبرى التي تواجه الكويت.

* أستاذ الاقتصاد – جامعة الكويت