تعثرت الجهود الرامية إلى استبدال محفظة النقود وبطاقات الائتمان بالهاتف الجوال في العالم المتقدم نتيجة العراك بين البنوك وشركات تشغيل الهواتف الجوالة حول من سوف «يملك» العميل المستخدم، ومن سيدفع من أجل تحديث معدات نقطة البيع التي يستخدمها الملايين من باعة التجزئة.

Ad

في بعض أجزاء العالم الرقمي الجديد تبدو الجهة المسيطرة واضحة تماماً؛ يتفوق "غوغل" في البحوث و"فيس بوك" في مواقع التواصل الاجتماعي و"أمازون" في بيع التجزئة، ولا تزال هذه الميادين ساحة صراع: يحارب "مايكروسوفت بينغ" في مجال محركات البحث "غوغل" التي تهاجم بدورها "فيس بوك" في مجال التواصل الاجتماعي وهكذا. غير أن تلك كلها حقول كبيرة وناضجة بشكل نسبي، ومن المتوقع أن تشهد 2012 معارك أكثر إثارة للاهتمام في مناطق أصغر وأقل شهرة في عالم التقنية؛ في ميادين الخدمات المدمجة للسداد عبر الهواتف المحمولة وتحديد المواقع وما شابهها. قد تبدو هذه المجالات هامشية في الوقت الراهن، غير أن ما يستحق أن نتذكره هو أن مواقع التواصل الاجتماعي انتقلت من حالة غير واضحة قبل عقد من الزمن لتصبح مستخدمة اليوم من قبل الملايين من البشر، بما يشكل حيز استخدام للاتصالات يفوق أي نشاط آخر، وذلك وفقاً لدراسة شركة "نيلسن" الأميركية لبحوث مستخدمي الإنترنت. وعلى غرار مجالات محركات البحث، ومواقع التواصل الاجتماعي، والبيع بالتجزئة فإن هذه الميادين الجديدة الواعدة تتمتع بقدرات هائلة لتغيير حياة البشر، لكن يتعين التحكم بها أولاً، والسؤال: من الذي يملك تصاميمها؟ ولنبدأ بالدفع عبر الهاتف المحمول؛ تقول واحدة من غرائب التقنية الحديثة إن من الأسهل أن تستخدم هاتفك الجوال لدفع ثمن استخدامك لسيارة أجرة في نيروبي من قيامك بالعمل ذاته في نيويورك. ويرجع ذلك إلى أن كينيا تتصدر دول العالم في أنظمة الدفع عبر الهواتف الجوالة والتي أثبتت شعبية بشكل خاص في العالم النامي كوسيلة بديلة للطرق المصرفية التقليدية في الدفع. أما في العالم المتقدم، فقد تعثرت الجهود الرامية إلى استبدال محفظة النقود وبطاقات الائتمان بالهاتف الجوال نتيجة العراك بين البنوك وشركات تشغيل الهواتف الجوالة حول من سوف "يملك" العميل المستخدم، ومن سيدفع من أجل تحديث معدات نقطة البيع التي يستخدمها الملايين من باعة التجزئة. وإذا كان في وسع أي شخص صنع بنية تحتية لتسديد دفعات الهاتف الجوال بين عشية وضحاها، فإنها ستكون شركة "آبل". لذا يتعين عليك مراقبة شركتين قد يكون بوسعهما كسر الجمود في هذه العملية خلال سنة 2012. الشركة الأولى هي "سكوير" التي أسسها جاك دورسي، وهو أيضاً شريك مؤسس في "تويتر". وتقوم شركته بصنع أجهزة مربعة الشكل وصغيرة الحجم ترتبط في داخل "آي فون- آبل" أو الهاتف الذكي الذي يعتمد على تقنية "أندرويد" وتحوله إلى جهاز خلوي يستطيع تلقي دفعات بطاقات الائتمان، وإذا قمت بزيارة إلى سوق مزارعين في مدينة سان فرانسيسكو فقد تشاهد أحد تلك الأجهزة وهو يعمل. المرحلة التالية من التقنية تسمح للعملاء الذين قاموا بشراء سلعة ما من خلال هذه الطريقة بأن يستخدموا هاتفهم من نوع "آي فون" بدلاً من بطاقات الائتمان في عمليات شراء لاحقة. الشركة الأخرى التي يتعين الاهتمام بها هي "آبل" برئاسة مديرها الجديد تيم كوك، وهي الشركة التي اعتمدت دائماً على فكرة نصف مكتملة (مشغل موسيقى رقمي، وهاتف ذكي، وقرص حاسوب) وأظهرت لهذه الصناعة الطريقة الصحيحة للقيام بالعمل. ومن المتوقع أن تحاول هذا من جديد في سنة 2012 مع تقنية السداد عبر الهاتف الجوال من خلال وضع رقاقة لاسلكية في نسخة جديدة من "آي فون". وهكذا ستمكّن شركة "آبل" كل جهاز "آي فون" من إجراء وتلقي دفعات سداد، وربط النظام كله مع بطاقات ائتمان لأكثر من 200 مليون شخص يستخدمون خدمة "آي تيون". ومن أجل توفير مطابقة مع الأجهزة القديمة من "آي فون" وتقنية "أندرويد" قد تصبح "آبل" المشتري المنطقي لشركة "سكوير". وينضم إلى هذه القائمة أيضاً "باي بال" التي تهيمن على السداد عبر الإنترنت، و"غوغل" التي أطلقت خدمة "محفظة الهاتف الجوال" في سنة 2011. وتمثل خدمة تحديد المواقع مجالاً واعداً آخر من المرتقب أن ينطلق عما قريب، وكانت شركات الهواتف الجوالة تنشر إعلانات وقسائم المواقع منذ سنوات عديدة، ومنذ فترة قريبة بدأت شركات حديثة العهد مثل "فورسكوير" و"غوالا" بمحاولة تقديم حوافز إلى مستخدمي الهاتف الذكي من أجل المشاركة في مواقعهم، وذلك بغية الدعاية والترويج التجاري لهذه المعلومات، غير أن معلومات الموقع تكون أكثر أهمية وفائدة عندما ترتبط بأشياء أخرى؛ مثل الصور وتحديث الوضع والتوصيات التي يتم تشاطرها على مواقع التواصل الاجتماعي. هناك الكثير من العمل والنشاط من المحتمل حدوثه في عام 2012 مع انطلاق التنافس والتعاون بين شركات المواقع الحديثة العهد وشبكات التواصل الاجتماعي الكبرى مثل "فيس بوك" و"تويتر" و"غوغل" التي ستستمر في دمج معلومات المواقع في خدماتها.