أصدر «مركز البحوث والدراسات الكويتية» كتابه الجديد «ماكس رايش في الكويت 1952} متتبعاً مراحل النهضة في الكويت، والكتاب من ترجمة د. عدنان جواد الطعمة وأعدّه للنشر د. محمد محمود الطناحي.

Ad

قال رئيس «مركز البحوث والدراسات الكويتية» د. عبد الله يوسف الغنيم إن الكتاب يتضمّن مختارات مما سجله الرحالة النمساوي ماكس رايش عن الكويت عام 1952 في كتابه «بالسيارة إلى الكويت، رحلة إلى الدول العربية» الصادر باللغة الألمانية، ويتناول فترة محورية في تاريخ الكويت الحديث والمعاصر مركزاً على اللبنات الأساسية للتقدّم مع بداية إنتاج النفط وتصديره واستثماره في نهضة البلاد الشاملة، معتمدة على قيادتها الحكيمة المتمثلة في سمو الشيخ عبدالله السالم الصباح أمير الكويت الحادي عشر الذي تولى حكم البلاد سنة 1950.

أرشيف خاص

يثمّن الغنيم جهد الدكتور عدنان الطعمة الذي بذله في ترجمة الجزء المتعلّق بزيارة ماكس رايش إلى الكويت من كتابه إلى اللغة العربية، مزوداً المركز بما يهم القارئ العربي والدارس لتاريخ الكويت خصوصاً ومنطقة الخليج العربي عموماً، وبمجموعة نادرة من صور التقطها رفيق الرحالة النمساوي أثناء زيارته للدول العربية طبيب الأسنان الألماني رولف هيكر ومجموعة أخرى من صور نادرة وفّرتها عائلة الرحالة النمساوي ماكس رايش لمترجم الكتاب من أرشيفه الخاص.

ويأمل المركز في أن يكون هذا الإصدار لبنة في سجل تاريخ الكويت المعاصر، تستدرك ما فات منه وتلقي الضوء على الكويت وهي في مراحل التنمية والتطور.

 اهتمام كبير

يولي رحالة أوروبيون كثر اهتماماً كبيراً بمنطقة الخليج العربي منذ أوائل القرن العشرين، وهي الفترة التي شهدت بواكير الاكتشافات النفطية في أراضيها ومياهها، وقد احتلت الكويت مكانة بارزة في اهتمامات هؤلاء الرحالة لأسباب عدة لم تقتصر على النفط، فقد اشتهرت بصناعتها للسفن التي كانت تجوب مياه الخليج العربي والمحيط الهندي، وكان لموقعها الجيوستراتيجي المميز دور كبير في حركة التجارة الإقليمية والدولية، كذلك اشتهر صيادوها بمهارتهم الفائقة في الغوص بحثاً عن اللؤلؤ. لكن مع انتصاف القرن العشرين اتخذت الكويت من عائدات النفط مصدراً رئيساً لدخلها الوطني، وكان من حكمة قادتها أن شرعوا فوراً في وضع خطط البناء والتنمية في شتى المجالات مستفيدين من هذه العائدات الضخمة التي جلبها النفط، وكان عهد الشيخ عبد الله السالم أمير الكويت بداية حقيقية لمنظومة التحديث التي ما زالت الكويت تحياها وتستند إلى أسسها حتى يومنا هذا.

رصد دقيق

حرص رايش في كتابه على رصد الأماكن كافة التي زارها أو أقام فيها في الكويت، مسجلاً ملاحظات وخواطر متنوّعة، فنجده يشيد بأجواء الحرية الموجودة في الكويت، ويستطرد في وصف الشوارع والطرق الإسفلتية سواء التي تقع بمحاذاة مياه الخليج أو الموجودة داخل المدينة، كذلك لم يفت رايش رصد المواقف الطريفة التي مرّ بها والمواقف الصعبة التي تعرض لها في عرض الصحراء.

وعن حقل برقان وميناء الأحمدي، يشير رايش الى أنهما كنز ضخم أغنى حقول العالم – حسب قوله- مشيداً بالجهود التي يبذلها الشيخ عبد الله السالم الصباح بهدف تطوّر البلد في شتى المجالات.

إشادة بالتعليم

في مجال التعليم، يمتدح رايش مكانة المعلم لدى أفراد المجتمع الكويتي، متمنياً أن يحظى المعلم في أوروبا بالتقدير المادي ذاته الذي يلقاه العاملون في سلك التدريس في هذا البلد، مشيداً ببنى المدارس التحتية. كذلك يلفت إلى كثرة أعداد الطلبة من الجنسين، ويثني على نظافة المدارس.

يتابع رايش الحركة الثقافية بالكويت مشيداً بتطورها، لا سيما بعد زيارته إلى «مجلة اليقظة» التي كانت تصدر آنذاك. كذلك يلفت إلى بعض الصفات النبيلة التي يتحلى بها الكويتيون وفي مقدّمها الأمانة، ويقول ضمن هذا السياق: «لا يجد المرء أقفالاً في الكويت، فلا حاجة الى غلق الأبواب».

موقف طريف

خلال رحلة رايش بالسيارة إلى الكويت، يروي حادثة طريفة حصلت معه، ويقول: «أوشك وقود سيارتي على النفاد لكنني شاهدت محطة ضخمة لتموين وقود السيارات، وبدا عامل المحطة في ملء خزان الوقود، وما أن انتهى حتى سألته عن ثمن الوقود فاستغرب جداً لسؤالي، في الوقت ذاته سمعت ضحكات عالية لإنكليزي كان يملأ خزان سيارته معي وقال: إنك في الكويت... أغنى دولة في العالم». يضيف رايش: «تعجب الرجل من كوني مدنياً غربياً أتيت في سيارة لزيارة الكويت، وقال إن هذا الأمر لا يبدو عادياً بالنسبة إلى مهندسي وموظفي شركة النفط، في الكويت شركة البترول محترمة جداً ومنظمة فهي لا تبيع البنزين أبداً للأجانب المسافرين على الطريق، فالماء هنا أثمن بكثير من الوقود».

وفي ما يتعلق في رصد معالم المدينة، يقول رايش: «وفي جولتنا ما بين الكويت القديمة والكويت والجديدة البالغ عدد سكانها 50 ألفاً، شاهدنا مصارف وبنوكاً كثيرة تودع فيها ثروة البلاد، وأحد الأمور الجيدة التي شاهدتها في الكويت اختفاء المتسوّلين.

لمحة ذاتيّة

وُلد ماكس رايش في النمسا في 12 أكتوبر 1912 ورحل في 18 يناير 1985، وكان مهندساً عرف باهتماماته الجغرافية والتاريخية والصحافية، كذلك عرف عنه ولعه بالسفر والترحال، لا سيما إلى دول المشرق. وقد أصدر مؤلفات ودراسات كثيرة.

انطلقت رحلة ماكس رايش من ميناء جنوا الإيطالي في 23 فبراير 1952،

وشملت إلى جانب الكويت لبنان والعراق وسورية والأردن والسعودية والعراق، وشحن سيارته على ظهر السفينة إسبيريا.