هو طفل كبير، عاشق للتمرد، حالم حائر، زوج مسالم مشاغب من الطراز الأول، ساخر على الدرجة نفسها. بدأ من الصفر وأصبح فوق القمة، درس الكيمياء فحقق معادلة النجاح، وضع الوطن في قلبه وأزال الحدود.صاحب مسلسلي «عقد اللؤلؤ» و{صح النوم» ومسرحيّة «شقائق النعمان» الذي يعترف بأنه لم يكن زوجاً مثالياً. إنه دريد لحام مع حفظ الألقاب. ما أبرز بيانات بطاقتك؟اسمي الكامل دريد محمد حسن اللحام من مواليد حي الأمين عام 1934، وهو أحد الأحياء القديمة في دمشق. كان والدي يعمل في محلّ للبقالة، ووالدتي مريم مرعي من بلدة مشغرة اللبنانية. حصلت على بكالوريوس العلوم في جامعة دمشق (تخصص فيزياء) ومتزوج من هالة بيطار، وأولادي ثائر وعبير ودينا، وأتشرف بأنني جد لثمانية أحفاد.ما معنى دريد؟شخص عديم الأسنان على رغم أن أسناني كاملة، ثم كان شاعر في العصر الجاهلي يدعى دريد الصمة، وهو أحد أشهر شعراء المعلقات.كم عدد أخوتك؟دزينة وترتيبي السابع بينهم.هل كانت طفولتك سعيدة؟بل تعيسة. تحملت المسؤولية مبكراً لأساعد في نفقات أسرتنا الكبيرة، فعملت في مهن وبعت أقلام رصاص وعلب كبريت، ثم عملت في محل للحدادة، واشتغلت «ترزياً» و{مكوجياً» وبائع أقمشة، وتعلمت أن الكفاح أول خطوة في طريق النجاح.هل تذكر أول راتب حصلت عليه؟خمسة قروش، حصلت عليها لقاء عملي مع أحد الحدادين وكان عمري ثماني سنوات. شعرت يومها بأنني أملك ثروة كبيرة، ربما تخفف من سهر والدتي وراء ماكينة الخياطة حتى مطلع الفجر، ذلك أن والدي كان يغلق دكانه في الشتاء ويشدّ رحاله ليأتي بحمل فحم يضيفه إلى بضائعه، قبل أن يبدأ لاحقاً في الاعتماد عليّ.هل كنت متفوقاً في الدراسة؟تخرجت في مدرسة الأمين الخيرية، وكنت أول من نال شهادة الإعدادية بين أخوتي، مع أنني كنت الأصغر بين الذكور.هل ثمة صور محفورة في ذهنك عن تلك الفترة؟بالطبع، لا سيما عندما اجتمعت العائلة وقررت التضحية من أجلي، فعمل أخوتي لأتابع أنا تعليمي. فعلاً، حصلت على البكالوريا وفزت بمنحة دراسية في الجامعة لحساب دار المعلمين العليا براتب 137 ليرة سورية، وعندما تقاضيت راتبي الأول اشتريت لوالدتي سخاناً للطعام يعمل على فتيل زيت بدلاً من وابور الغاز.وفي الجامعة؟لم أكن أتخلى عن ارتداء جاكيت قديم لأخفي رقع البنطلون، وتخرجت فيها عام 1958.ماذا عن قصص القلب في تلك المرحلة؟لم تكن لدي مؤهلات جمالية أو مادية تسمح بأن أقع في الغرام، فعشقت الفن، ووقفت على مسرح الجامعة للمرّة الأولى في دور فتاة استشهد والدها في فلسطين، لعدم وجود فتيات يوافقن على التمثيل.بعد التخرج، أي ميدان طرقت؟أصبحت مدرساً لمادة الكيمياء في الجامعة وفي المدارس الثانوية.هل تذكر أول «علقة» في حياتك؟كانت صورة جدي معلقة على حائط مرتفع إلى جانب «السندرة» التي تحوي أواني المربى، وفي يوم أحضرت عصا وصعدت على السلم وضربت صورته لأنبهه على وجودي، فانكسرت الأواني وتغير لون الحائط بعدما دهنه المربى من السقف حتى الأرض، فأخذت علقة ساخنة لن أنساها.هل ضربت أولادك؟مرة واحدة، عندما كذب عليّ ابني ثائر وستّرت عليه أخته عبير فضربت الثلاثة على رغم أن دينا لم تفعل شيئاً كي لا يشعروا بالتفرقة في هذه السن الصغيرة، ثم بدأت أشجعهم على الصراحة وعدم الكذب.ما أكبر صدمة في حياتك؟يوم وفاة أمي، كنت أعتقد أن الأم لا تموت.ماذا تعلمت منها؟الكفاح وعدم الحقد والحب. كانت تعلمنا، ببساطة مشاعرها، القيم الجميلة في الحياة.والوالد؟كانت هيبته واضحة وتمتع بحضور طاغ، وكنا نخاف منه حباً وليس خوفاً.لو التقطنا صورة من ألبوم طفولتك، ماذا سنرى فيها؟ستراني أنا وأخوتي نصحو أكثر من خمس مرات في الليل لنراقب أمي الساهرة في حياكة الملابس أو ترقيعها، وكيف كان بنطلون أخي الأكبر يتنقل إلى شقيق آخر، حتى يصلني في النهاية بعد محاولات أمي لتجديده، لأن ألوانه ضاعت مع الزمن.كيف تزوجت؟قبل أربعين عاماً، كنت مسؤولاً عن فرقة الفنون الشعبية في التلفزيون السوري فأعجبتني شخصية فتاة في الفرقة وتبادلنا نظرات الإعجاب من بعيد، واستمرت قصة الحب الصامتة لمدة عامين إلى أن تشجعت وطلبت هالة للزواج.أيهما أهم في الزواج: العقل أم القلب؟الحب طبعاً، لكن مع تحكيم العقل.هل أنت «بيتوتي»؟جداً.ورومنسي؟إلى أبعد الحدود.هل تحمل زوجتك ملامح والدتك؟لا يمكن لأحد أن يحلّ مكان الأم. زوجتي مثالية ويكفي أنها تحملت الكثير مني، لذلك أعترف بأنني لم أكن زوجاً مثالياً.هل تذكر صورة لك وأنت أب؟عندما كان أولادي في سنّ صغيرة، لم يكن دخلي يكفي لإطعامهم خبزاً، فكنا نشتري في العيد ثياباً قديمة من محلات الألبسة القديمة، وكان يكرمنا أصحابها بغلق أبوابها علينا ونحن في داخلها حتى لا نُحرج. لكن في إحدى المرات رأني أحد الأصدقاء وسألني: «شو غوار بتلبس من البالة؟»، فأجبته: «لا لكن تلزمني ثياب للتصوير».بالمناسبة، كيف ابتكرت شخصية غوار؟كنت مغرماً بالفن الإسباني (الفلامنكو) فأطلقت على نفسي اسم كارلوس بوند المشهور بقميصه المكشكش، إلا أن الجمهور لم يحبها لأنه كان يريد شخصية من تراثه، فتعمقت في التراث الشامي إلى أن اهتديت إلى شخصية غوار بطربوشه وقبقابه وسرواله.متى تلتقي أحفادك؟في أي وقت، وثمة يوم معين يجتمع فيه شمل الأسرة.من المرأة التي تجذبك؟نصف الذكية ونصف الغبية.هل تذكر أول مرة غنيت فيها؟في مسلسل «صح النوم» (1973) وكانت أغنية «ست الحبايب يا أمي».ما سر هدوء أعصابك ودبلوماسيتك؟دبلوماسيتي نوع من الأدب في التعامل، أما الأعصاب فغضب داخلي ولا أحب أن ينفجر كي لا أجرح المحيطين بي، سواء في العمل أو في البيت، وأكتمه في أعماقي.كم رصيدك في الفن وفي البنك؟رصيدي الفني 25 فيلماً وست مسرحيات وتسعة مسلسلات، ورصيدي في البنك الستر.ما ألوانك المفضلة؟الأبيض والأزرق والأصفر.هل تواجه المشاكل أم تهرب منها؟أواجهها حتى آخر قطرة في عمري.هل تجيد العزف على آلة موسيقية؟تعلمت العزف على البيانو والدرامز في فرقة الجامعة السورية في الخمسينيات، وشاركت أكثر من مرة في أسبوع الجامعات في القاهرة، أثناء الوحدة بين مصر وسورية، ونلت الجائزة الأولى في العزف على الدرامز، وكان عمري 19 عاماً.هل تهوى السهر؟أعشق النوم باكراً عملا بالمثل القائل: «نام بكير وفيق بكير وشوف الصحة كيف تصير».ما المشاهد التي تضحكك؟المقالب لأنني أحبها.ما أهم كلمة في قاموس شخصيتك؟النظام واحترام الوقت.ماذا تكره؟السياسة.هل لديك أصدقاء؟قليلون، ويجعلني ضيق الوقت مقصراً معهم.هل أنت غامض؟أنا كتاب مفتوح.ما الصفة التي تعتز بها في شخصيتك؟العناد.
توابل
دريد لحام: لم أكن زوجا مثالياً
17-02-2012