● احتقان الفصل التشريعي الثالث عشر ولّد أفكاراً لاحتوائه  ● إعلان المبادرة قبل إعدادها أضعفها

قبل أسبوع تقريباً أطلقت النائبة الدكتورة أسيل العوضي تصريحاً بينت فيه عزمها والنائبين مرزوق الغانم والدكتور حسن جوهر تقديم مبادرة إصلاحية بروح إيجابية، خصوصاً أن أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية باتوا جميعاً "أمام مأزق أخلاقي في ما يخص تعزيز قيم المواطنة وفضيلة دولة المؤسسات والمبادئ الدستورية".

Ad

ولم تحدد الدكتورة أسيل محاور هذه المبادرة ومرتكزاتها، وأرجعت ذلك إلى أنها ونواباً آخرين لا يزالون عاكفين على دراستها وإعدادها، لكنها بالمقابل أوضحت في تصريحها الأسباب الدافعة لمثل هذه المبادرة والتي لخصتها بالقول:

"بانتهاء دور الانعقاد الثالث يكون مجلس الأمة قطع نفس المسافة في فصله التشريعي الثالث عشر، وما يجعل بلوغ هذه المحطة ذا أهمية هو أن المجلس الحالي قد تخطى العمر الزمني لكل من المجلسين السابقين، اللذين لم يكتب لهما الاستمرار عامين، إذ لأول مرة منذ خمس سنوات يكمل المجلس نصفه الأول بالتمام، ولعلها محطة مناسبة للتوقف عندها وتقييم مسيرة المجلس الحالي في نصفه الأول، وأداء أعضائه، نواباً وحكومة، ومراجعة الأنفس، واضعين في الاعتبار ما عاهدنا به الشعب الكويتي مقابل الثقة التي منحنا إياها لتمثيله في البرلمان في كفة، والتزامنا بمبادئ ونصوص الدستور والمسؤولية تجاه المصلحة الوطنية العامة وأجيال المستقبل في الكفة الأخرى".

انبطاحيون ومؤزمون

ولم تبرئ الدكتورة أسيل الحكومة من مسؤولية الإخفاق، وعلى حد تعبيرها فإنها (الحكومة) فشلت منذ بداية الفصل التشريعي الحالي في أن تبرهن على جديتها في الإصلاح والتنمية، كما حمّلت المؤسسة التشريعية مسؤولية مساوية لتلك التي تتحملها الحكومة، مضيفة إلى ذلك سمة الغلو والمغالاة في استعمال الأدوات الدستورية حتى "بات النواب يصنفون زملاءهم، فهم إمّا انبطاحيون أو مؤزمون".

وتباينت ردود الفعل النيابية والسياسية حول تصريح الدكتورة أسيل بين من اعتبره مشروعاً مبهماً، وبين من صوره على أنه محاولة لتقييد النواب باستعمال أدواتهم الدستورية بحجة تجنب الغلو والمغالاة، وبين من رآه خارطة طريق إيجابية لا سيما للسلطة التشريعية.

مراقبون يرون أن ما مرت به أدوار الانعقاد للفصل التشريعي الحالي من مساءلات وأنشطة رقابية جعلت منه فصلاً تشريعياً صعباً ومعقداً، فقد شهد دور الانعقاد الماضي تسعة استجوابات وكتابي عدم تعاون مع رئيس الوزراء وأكثر من ستمئة وستين سؤالاً برلمانياً، وبذلك فإن دور الانعقاد هذا لم يكن له مثيل في جميع أدوار انعقاد مجلس الأمة خلال كل فصوله التشريعية.

ويرى البعض في هذا الحال سبباً كافياً لأن يبادر بعض النواب أو الساسة إلى إطلاق مبادرات من شأنها امتصاص حالة الاحتقان أو التخفيف منها، وهذا ما أكده التصريح الذي أدلى به الدكتور حسن جوهر، أحد أصحاب المبادرة مع الدكتورة أسيل ومرزوق الغانم، إذ قال جوهر: "إنها مبادرة إصلاحية تهدف إلى إيصال الصوت الثالث في مجلس الأمة، الذي يقف بين النواب الموالين للحكومة والمعارضين لها"، نافياً أن تكون المبادرة "موجهة ضد أي كتلة أو أنها نواة لتشكيل كتلة جديدة في مجلس الأمة".

الصوت الثالث

وقد أثار تصريح الدكتور جوهر ردود أفعال وتساؤلات أكثر من تلك التي رافقت بيان الدكتورة أسيل العوضي، وطرحه لمشروع "الصوت الثالث" كان محل التساؤل، فهو عند البعض يعيد إلى الأذهان ما كان يسمى بكتلة المستقلين في المجالس السابقة، وهي في حقيقتها كتلة كانت تقف مع الجانب الحكومي، كما رأى فيه آخرون أنه محاولة لتبرير أصوات "الممتنعين" خصوصاً أن أصحاب المبادرة ومؤيديها هم من النواب الستة الذين امتنعوا عن التصويت على كتاب عدم التعاون مع سمو الرئيس، بينما اعتبرها الذين يعرفون الدكتور حسن جوهر جيداً بأنها إنذار وتحذير لحق هؤلاء النواب في الوقوف ضد الحكومة إذا لم تلتزم باتخاذ إجراءات إصلاحية خلال فترة عطلة المجلس، مبدية بذلك حسن النية والعزم على محاربة الفساد وبدء الإصلاح.

وقد لخص النائب الدكتور جمعان الحربش موقف كتلة التنمية والإصلاح وكتلة العمل الشعبي ـ إلى حد ما ـ من المبادرة بقوله: "إن أي مبادرة تستهدف غل يد النائب في استخدام الأداة الدستورية أو منعه من الاستجواب، تعد غير دستورية، أما إذا كانت تعني الاتفاق على أولويات، فمرحباً بها". كذلك جاء تصريح النائب فلاح الصواغ ليصب في الاتجاه نفسه.

أسئلة مشروعة

وتطرح المبادرة أسئلة مشروعة من عدد من المراقبين؛ فما هو السند الدستوري واللائحي لها؟ لو حظيت بقبول برلماني واسع فكيف ستكون آلية تنفيذها، وما هي درجة الالتزام والتمسك بها؟ أكثر من ذلك، كيف ستكون فاعليتها إذا ما أقرت المحكمة الدستورية في 4 أكتوبر المقبل دستورية المواد التي استند إليها النائبان أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري في استجوابهما المقدم لسمو الرئيس؟

السؤال الأهم، والذي يردده عدد كبير من المراقبين؛ ماذا سيكون موقف أصحاب المبادرة من مشروع عدم التعاون مع سمو الرئيس إذا ما تقدم على ضوء الاستجواب؟ وما موقفهم من استجواب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية المزمع تقديمه مع بدايات دور الانعقاد الجديد في أكتوبر؟

وقد لفت بعض النشطاء السياسيين إلى سلبية الإعلان عن المبادرة قبل عرضها على أكبر عدد من النواب وتحديد عناصرها وآلياتها قبل الحديث عن مجرد عناوين عامة هي مبادئ لا يختلف عليها أحد، لكن الخلاف والاختلاف سيبقيان محصورين في الآليات والأولويات.