ما رأيكم في فيلم يتناول قصة شاب يلتقي فتاة، فيغرم بها، ثم يخسرها؟ عمل ستكون أحداثه رومنسيةً بامتياز. يرتكز Like Crazy على فكرة الحب إلى درجة أنها طغت على عناصر الفيلم الأخرى كافة، لا سيما النصّ. يروي فيلم Like Crazy، وهو من نوع الدراما الرومنسية، قصة شاب وشابة بدآ حياتهما معاً بلمسة يد تحوّلت إلى تبادل عهود الزواج بحثاً عن علاقة أبدية. لكن علاقة الحب الحقيقية في هذا العمل هي العلاقة بين الجمهور والشاشة. ذاك أن الممثلين جسّدوا الشخصيات بحس مرهف طبيعي وصل إلى حد التماهي مع الجمهور، وجعله يغوض في تفاصيل حياة كل شخصية.يلتقي كل من آنا وجايكوب ببعضهما بطريقة مضحكة، إذ تترك له ملاحظة كتبتها على محرمة تقول: «أرجوك لا تقل عني مجنونة». آنا القادمة من لندن إلى لوس أنجليس لدراسة الإعلام، وجايكوب الشاب الأميركي والطالب الذي يدرس تصميم المفروشات، شابان لا يعرفان شيئاً عن بعضهما، لكن ذلك غير مهم لأن القدر سيجمع شملهما.انسجام تاميكتشف البطل والبطلة تشابهاً في أذواقهما، فكلاهما يحب فيلم بول سايمون Graceland، وكلاهما في حالة من الانسجام مع الذات ويقومان بأمور لافتة للتعبير عن حبهما. تعدّ آنا دفتر قصاصات لتصوِّر مشاعرها الجياشة التي تكنّها له، أما هو فيصنع لها كرسياً ويحفر عليها عبارة «أحبك مثل المجنون». بحلول فصل الصيف، يكون الثنائي غارقاً في الحب إلى درجة أنهما ينسيان أن يمدّدا تأشيرة دخول آنا إلى الولايات المتحدة.عندما تحاول آنا العودة إلى الولايات المتحدة بعد إجازة أمضتها في بريطانيا، تكتشف الخطأ الذي اقترفته. عليه، تعود إلى بريطانيا بسبب انتهاء مدةّ تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة، ويضطر الثنائي أن يعيش الحب عن بعد، فيلتزما ببعضهما البعض وهما بعيدين الواحد عن الآخر. هكذا، يبدأ كل منهما بعيش حياة الشباب المليئة بالتغيّرات والمفتوحة على الفرص المربحة. ينطلق جايكوب بتأسيس عمله الخاص في كاليفورنيا، فيما تبدأ مسيرة آنا بالازدهار في بريطانيا، ويكون لكلاهما معجبون كثر. فهل ستنتهي علاقتهما الغرامية وتذهب الوعود أدراج الرياح؟أعفى مخرج الفيلم درايك دوريموس البطلين أنطون يلشين وفيليسيتي جونز من مهمة أداء أدوار نمطية، فشجّعهما على ارتجال حوارهما وعلى تجسيد شخصية حزينة لا يمكن التنبؤ بخطواتها.اتبع دوريموس وتيرة عمل بطيئة، فتفادى الانتقال السلس من فترة زمنية إلى أخرى وسمح لمشاهد الماضي والحاضر بأن تتداخل في ما بينها بطريقة لافتة. لكن على رغم أن الفيلم لا يخضع لتسلسل زمني ممنهج، إلا أنه يغطي المراحل العمرية كافة التي مرّ بها الأبطال من الشباب وصولاً إلى الشيخوخة، ليس لإظهار التغيير الذي طرأ على شكل البطلين، إنما لتبيان الأثر الذي تركته التجربة في حياتهما والطريقة التي تطوّر بها حديثهما، بفعل التجارب، من حديث سخيف إلى حديث شيّق ووديّ.تنتقل الكاميرا في الفيلم من مشاهد قريبة أولية تعزل وجوه الممثلين المتوهّجة والتواقة إلى مشاهد تبتعد فيها الكاميرا عن الممثلين وتصورهم في إطار يضجّ بالأشخاص والأصوات. وفي مرحلة متقدّمة من علاقه جايكوب وآنا الغرامية، أي في المرحلة التي ينتفي فيها الأمل والتجدّد، ترد كلمات أغنية فيلم Graceland (لا أريد شيئاً من حبّك المجنون) بصورة تنمّ عن سخرية لاذعة، وتتغيّر ملامح وجوه البطلين مع هبوب رياح خريفية باردة.في النهاية، يتحول الحبّ إلى قصة تحذيرية حلوة ومرّة. حينها، يبدأ المشاهد بالتساؤل عمَّا إذا كان البطلان سيمضيان بقية حياتهما معاً، وما إذا كان عليهما فعل ذلك!
توابل - Movies
Like Crazy... الحب عن بعد
16-11-2011