رون غاليلا حامل الكاميرا الباباراتزي «المقتحمة» لعالم النجوم والسياسيين والمشاهير في أوضاع خاصة «وسيئة»، في ما اعتبره كثير منهم «استفزازاً» لخصوصيتهم، أو تحدياً لإرادتهم وحياتهم الخاصة، وهو تعرّض بسبب صوره للضرب والمحاكمات، واليوم يعاد الاعتبار إلى فنّه من خلال بعض المعارض والأفلام.

رون غاليلا عرّاب ثقافة الباباراتزي وعميدها في النصف الثاني من القرن العشرين. وُلد في عام 1931 ونشأ في البرونكس الشعبي بشمال نيويورك، وبدأ التصوير أثناء الحرب الكورية. ومنذ دراسته التصوير في الخمسينيات، افتتن الفتى الإيطالي الأصل، بعالم المشاهير وصورهم المختلفة. ولأن الناس يتوقون إلى رؤية النجوم يقومون بالأمور العادية والتلقائية، أخذ غاليلا يلاحق المشاهير و{يبصبص» على حياتهم، ويلتقط أكثر الصور تلقائيةً لهم، وقد نشرتها كبريات المجلات العالمية، حتى أصبحت اليوم مدرسة في هذا المجال.

Ad

في عام 2010، خصّص المخرج ليون غاست فيلماًَ وثائقياً حول غاليلا بعنوان Smash his camera أو «حطّموا كاميرته!»، وبدأت غاليري A في باريس، عرض مجموعة من أعماله. كذلك أحتفي به في مهرجان «فوتو إسبانيا 2011»... هكذا تحوّل غاليلا نجماً، تكتب الصحف عنه وتستعيد ذكريات صوره التي ربما ستبقى راسخة في مخيّلة محبي الصور أكثر من معظم الصور الخالية من العفوية والتلقائية والتي تكون فريسة «الوضعيات» قبالة الكاميرا.

لقطات

رسم السينمائي غاست صورة مسلّية لغاليلا، فمن عنوان الفيلم، «حطموا كاميرته!»، نعرف كم كان هذا المصور «حشرياً» واستفزازياً، وهو ساهم في تأسيس مدرسة التطفّل على المشاهير ويومياتهم وخصوصياتهم، ويمكن القول إن من المثير التفكير بأن «تكتيكاته» كانت تُعد في ما مضى صادمةً للغاية واستفزازية ومربكة وعدائية. ويصوّر الفيلم رواقاً من رؤوس تتحدّث، توفر سياقاً تاريخياً لعمل غاليلا في التصوير الفوتوغرافي. وأكبر مساعي هذا المصوّر المثير للجدل للحصول على الشهرة، الموثقة جيداً هنا في هذا الفيلم، كان مواجهته العنيفة مع الممثل مارلون براندو. كذلك اقتيد إلى المحاكم مراراً بسبب تعقّبه على مدى عام جاكي أوناسيس (زوجة الرئيس كينيدي) وأطفالها، الأمر الذي أدى إلى معركة قانونية مطوّلة نتج منها التسليم لها بأمر اعتقال ضده.

بعدما كان غاليلا يطارد المشاهير، أصبح اليوم مشهوراً، بل باتت الكاميرات تبحث عنه لتصوّره ولا نعرف إن كانت تريده على طريقة الباباراتزي. نذكر أن أشهر أعماله جاءت عن أندري وارهول، سنوات الديسكو، مايكل جاكسون، دوريس غراي، مارلون براندو، إلفيس بريسلي، باربرا سترايسند، وفرانك سيناترا... صور كثيرة وصلتنا من غاليلا، أبرزها تبدأ بنيكلسون وهو يمدّ لسانه، ولا تنتهي بستيف ماكوين يحتسي قهوته، وجاكلين كينيدي تتمشى أمام بيتها. علماً أن هذه الأخيرة كانت ضحيّته المفضّلة، على رغم أنها ربحت دعويَين قضائيتين ضده. في المقابل، أسعفه الحظ في قضية مارلون براندو. فقد تلقى من «العرّاب» 40 ألف دولار كانت بالكاد كافية في السبعينيات ليصلح أسنانه الخمس التي فقدها بسبب لكمة الممثّل الذي ضاق ذرعاً بملاحقته له (حتى أن براندو عانى من التهاب في يده بعد الضربة).

خلال 40 عاماً، راكم غاليلا ثلاثة ملايين صورة، وقد قال: «عايشت الأيقونات، الأميرة ديانا، ليز تايلور، جاكي كينيدي. رحلن جميعاً. اليوم، ثمة ليندسي لوهان وباريس هيلتون، اللتان تحققان الشهرة عبر تجميع الفضائح لا بالموهبة». فهذا المصوّر أصرّ على احترام «الأصول» حتى وهو يسرق اللقطات الاستفزازية! بمعنى آخر كأن غاليلا ينعي زمن التصوير الباباراتزي، إذ تحوّلت كل حياة خاصة في زمن طوفان الإنترنت ووسائل الإعلام إلى شيء من الهذر والتسلية، وبات كل شيء يغلب عليه التمثيل واللعب، ولا شيء يوحي بأن الممثل يعمل بتلقائية ومن دون ادعاءات.

لم تعد كاميرا الباباراتزي ذات جدوى في زمن أصبحت الممثلة أو النجمة أو النجم أو أي شخص يدخل في دائرة الشهرة... يحملون كاميرا الخليوي إلى غرف النوم لتصوير أغرب المشاهد الحميمة، والتي تنتشر على شبكة الإنترنت بسرعة البرق، وهذه إشارة إلى الموت البطيء للمجلات الفنية التي كان الكثير منها يعيش عبر التطفّل على حياة المشاهير.