«إن أي شخص يقف هناك يمكن أن يقول فعلا انه يقف على قمة العالم انه شعور رائع. تنسى كل العناء الذي مررت به للوصول إلى حيث أنت وتدرك انك أنجزت أمراً لا ينجزه الكثيرون في العالم». تلك هي كلمات «أنغ فوربا» أحد متسلقي قمة جبال ايفرست، القمة الأشهر في العالم الحديث، والهدف الأول لهواة التسلق.

غير أن الثورة المصرية غيرت ذلك المفهوم عندما وجدنا متسلقين بشكل مختلف بعد أن كشفت عن قمم أعلى من قمة افريست يمكن تسلقها.

Ad

رأينا في مطلع الثورة من يحمل علم مصر متسلقا احد أعمدة الإنارة المرتفعة في ميدان التحرير واقفا ساعات طويلة على مساحة لا تزيد على عدة سنتيمترات مربعة لا تكاد تكفي احتواء موضع القدمين ويداه لا تتوقف عن التلويح بالعلم. ثم يأتي الحدث الأبرز في التسلق عندما يقوم «أحمد الشحات» بتسلق مبنى السفارة الإسرائيلية وإنزال العلم بل يؤكد امتلاكه للقمة بزرع رمز السيادة المصرية أعلى المبنى وأكاد أجزم حينها أن ما دار في ذهن «الشحات» لا يختلف كثيرا عن كلمات ومشاعر «انغ فوربا» وغيره ممن استطاعوا الوصول الى قمة ايفرست.

لقد شعرت بالفخر لما قام به «الشحات»، إذ لم ينتظر الشجب والاستنكار الدبلوماسي المعتاد في الأحداث المشابهة وإنما أقدم على أقوى رد دبلوماسي يمكن اتخاذه ثأرا لقتل أبنائنا غدراً على الحدود بيد الكيان الصهيوني. كما كشفت الثورة أيضا عن نوع جديد من المتسلقين ولكن في اتجاه القاع! عندما خرج كاتب التطبيع مع الكيان الصهيوني «علي سالم» بقصة مفبركة عن متسلق السفارة لم تقنع القارئ الفطن سوى بالانتماء الحقيقي لكاتبها.

لقد واكبت حركات التسلق ثورة مصر منذ البداية، بدءاً بتحريم الثورة والخروج على الحاكم من قبل السلفيين ثم حشدهم مليونية (فرد العضلات)، مرورا بامتناع الإخوان عن المشاركة في البداية واحتلالهم جميع المنصات مع ظهور بوادر النجاح، وتنتهي مظاهر التسلق بالليبراليين وسيطرتهم المطلقة على وسائل الإعلام.

لم يقم هؤلاء المتسلقون جميعا بارتقاء قمة جبل أو برج شاهق العلو أو حتى مبنى السفارة كما فعل «الشحات» وإنما مع الأسف كان ما استطاعوا تسلقه هو جثث أكثر من 800 شهيد!