الفائدة إلى مزيد من التخفيض... وقد تبلغ معدل 25 نقطة أساس في الربع الأول

Ad

توقع تقرير «بيتك» للأبحاث أن يلجأ البنك المركزي الأوروبي إلى خفض جديد لسعر الفائدة بمعدل 25 نقطة أساس خلال الربع الأول، وأن تدخل منطقة اليورو في ركود شامل خلال هذا العام، في ظل سياسة مالية متشددة مع تفاقم أزمة الديون السيادية.

ذكر تقرير أعدته شركة "بيتك" للأبحاث المحدودة، التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي "بيتك"، أن من المتوقع أن يواصل البنك المركزي الأوروبي سياسته المتشددة بعد الخفض الأخير في سعر الفائدة على اليورو، وذلك على خلفية استمرار حالة عدم اليقين والمخاطر الاقتصادية المحدقة بالاقتصاد في غالبية دول منطقة اليورو، مشيرا إلى أن الخيارات مازالت مفتوحة لخفض جديد في سعر فائدة اليورو، حيث يتوقع أن يلجأ البنك المركزي الأوروبي إلى خفض جديد لسعر الفائدة بمعدل 25 نقطة أساس خلال الربع الأول من هذا العام.

ركود شامل

وتوقع التقرير أن تدخل منطقة اليورو في ركود شامل خلال هذا العام في ظل هذه السياسة المالية المتشددة مع تفاقم أزمة الديون السيادية، إلا أن التقرير أشار إلى ان سعر الفائدة سيظل أداة تحوطية لاسيما في حال ظهور مؤشرات أكثر تفاؤلا.

وقال التقرير إنه وكما كان متوقعا على نطاق واسع، ترك البنك المركزي الأوروبي (ECB) معدل فائدته الرئيسية دون تغيير عند 1 في المئة خلال اجتماع مجلس إدارته في 12 يناير الجاري وذلك في أول قراراته للسياسة النقدية للسنة الجديدة. كما ابقى البنك سعر الإيداع من دون تغيير عند 0.25 في المئة، كما أن سعر الفائدة على الإقراض الهامشى بقي عند مستوى 1.75 في المئة.

وقد يعلن البنك عن مزيد من التدابير غير التقليدية هذه المرة. ونعتقد أن البنك سيقوم بذلك لمعرفة مدى فعالية التدابير السابقة على التمويل في النظام المصرفي قبل اتخاذ أي خطوات. وخلال اجتماعه في ديسمبر 2011، قرر البنك تنفيذ عدة تدابير، بما فيها تخفيض نسبة احتياطي البنوك لدى البنك المركزي إلى 1 في المئة إضافة إلى تسهيل في الضمانات في مسعى لتعزيز الثقة في الاقتصاد عن طريق زيادة عمليات الإقراض والائتمان وزيادة السيولة في الأسواق.

تفاؤل قليل

فقد أعرب رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي عن وجهة نظر متفائلة قليلا في اقتصاد منطقة اليورو، مع بدء استقرار النشاط التجاري، وتوقف المؤشرات الرئيسية عن التراجع، إذ تحسنت الأوضاع المالية مؤخراً، ويرجع ذلك إلى ضخ السيولة من خلال البنك المركزي الأوروبي في برنامج عمليات إعادة التمويل على المدى الطويل (LTROs) الذي يمتد ثلاث سنوات والذي طرحه البنك في ديسمبر 2011. وقد كان لبرنامج عمليات إعادة التمويل على المدى الطويل من قبل البنك المركزي الأوروبي تأثير إيجابي كبير في تسهيل شروط الائتمان، وتعزيز الثقة في النظام المالي.

وأظهرت الأنباء أن هناك زيادة صافية في السيولة بنحو 200 مليار يورو موزعة بين أكثر من 500 بنك مشارك في البرنامج. وقد ساعد قرار البنك المركزي الأوروبي المتمثل في تقديم تسهيلات ائتمانية غير محدود للبنوك لمدة ثلاث سنوات بالإضافة إلى قيام البنوك المركزية بشرائها للسندات السيادية في تسجيل البنوك السيادية لميزانيات عمومية قيمتها 2.73 تريليون يورو.

وقد ارتفعت مؤشرات السوق لمديري المشتريات والخدمات في منطقة اليورو للشهر الثاني على التوالي في ديسمبر 2011، مما يعطي دلائل مشجعة ومتفائلة إلى بعض الانتعاش الذي نأمل أن يستمر.

انخفاض اليورو

كما تلقى الاقتصاد دعما من ضعف اليورو. وبملاحظة أداء اليورو مقابل الدولار، نرى ان اليورو انخفض بنسبة 10 في المئة مقابل الدولار منذ أواخر 2011 حتى الآن، مما يعطي ميزة للأنشطة التجارية. على سبيل المثال، ارتفعت صادرات البضائع الألمانية بنسبة 8.3 في المئة على أساس سنوي لتسجل 94.4 مليار يورو في نوفمبر 2011، وقد تسارع هذا النمو من نسبة 3.8 في المئة المسجلة في أكتوبر 2011. وارتفعت الشحنات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 8.4 في المئة في العام على أساس سنوي لتصل إلى 56 مليار يورو، مع تسجيل المبيعات لغير دول الاتحاد الأوروبي ارتفاعا بنسبة 8.2 في المئة لتصل إلى 9 مليارات يورو.

وفي الوقت نفسه، قلت تكاليف الاقتراض أيضا، وانخفضت عوائد السندات لأجل عشر سنوات بشكل حاد، وصولا إلى 5.17 في المئة في اسبانيا و6.64 في المئة في إيطاليا، مع انخفاض تكاليف الاقتراض دون مستوى 7 في المئة الذي سيكون مكلفا في المدى الطويل للاقتصادات ولكن ليس بشكل مستدام، تزامنا مع انخفاض في النمو للدول. وقد باعت ايطاليا في مزاد أقيم في 28 ديسمبر 2011 سندات بقيمة 9 مليارات دولار بمعدل يقترب من نصف معدل الفائدة على المزاد السابق الذي أقيم في نوفمبر2011، بينما أصدرت بلجيكا سندات بأكثر مما كان مخططا له وذلك في مزادها الذي أقيم في 3 يناير 2012.

ولكن الباب ما زال مفتوحا على الرغم من النظرة المتفائلة، إلا أن البنك المركزي الأوروبي أبقى الخيارات مفتوحة لخفض إضافي لأسعار الفائدة إذا ما تصاعدت الأزمة الاقتصادية، وفي الواقع، فإن المسؤولين "على أهبة الاستعداد للعمل" وسط استمرار ارتفاع مستويات عدم اليقين والمخاطر السلبية الكبيرة المحدقة بالنشاط الاقتصادي.

توقعاتنا أن المركزي الأوروبي سيخفض سعر الفائدة بـ25 نقطة أساس بحلول نهاية الربع الأول من 2012، ولكن البنك المركزي الأوروبي قد يختار الاحتفاظ بأداة خفض سعر الفائدة كأداة تحوط وأمان في حال إذا كانت البيانات الاقتصادية والأوضاع المالية تشير إلى المزيد من الاستقرار. إضافة إلى الدور الجيد الذي سيلعبه برنامج عمليات إعادة التمويل على المدى الطويل المقرر عقده في 28 فبراير 2012 الذي سيعطي دعما إضافيا لخطوات البنك المركزي الأوروبي، والذي يتوقع أن يكون حيويا للاقتصاد وذا أهمية عالية، خصوصا مع ما تحاول البنوك المركزية القيام به لتسهيل الضمانات بحيث تضيف ثقة اكبر للأسواق.

تخفيض التصنيفات

ظهر حجم أزمة الديون في اليونان وبانت بشكل كبير مع عجز الدولة التام عن متابعة قانون التعديلات الضريبية، إضافة إلى قرار الشروع في إعادة هيكلة الديون في يوليو 2011، وزادت كرة الثلج مع إصرار البنك المركزي الأوروبي على عدم تمويل العجز الحكومي، وبذلك ظهرت الأزمة الشاملة. وإن كان هناك تحسن ملحوظ في أسواق التمويل المصرفي مطلع يناير 2012، إضافة إلى أن الديون السيادية قد انخفضت تكاليف اقتراضها مما كانت عليه في ديسمبر 2011، مع استمرار الضغوط والتوتر في الأسواق.

كل ما حدث أتى متزامنا مع قيام وكالة "ستاندرد آند بورز" بتخفيض التصنيفات للديون السيادية للدول الأوروبية جنبا إلى جنب مع المماطلة اليونانية في مفاوضات مبادرة القطاع الخاص، وقد خفضت تصنيفات فرنسا وثماني دول أخرى في منطقة اليورو في 12 يناير 2012، مما أثار مخاوف عالمية بشأن قدرة أوروبا على إنقاذ نفسها من الأزمة المالية. وقد جردت ستاندرد آند بورز الديون السيادية لكل من فرنسا والنمسا من التقييم الأكثر أمانا AAA بينما خفضت تصنيفات سبع دول أخرى، بما في ذلك اسبانيا وايطاليا والبرتغال. فيما أبقت الوكالة تصنيف ألمانيا، الاقتصاد الأكبر في أوروبا عند أعلى درجة وهي AAA.

الجدير بالذكر أن "ستاندرد اند بورز" أضافت في ديسمبر الماضي 15 من بلدان منطقة اليورو البالغ عددها 17، لقائمتها للدول المحتمل تخفيض تصنيفها، حيث خفضت تصنيفات ديون تسع من هذه الدول لأنها ترى أن السياسات النقدية المستخدمة لم تؤت ثمارها ولم تثبت نجاحها.