مع مطلع العام الجديد 1921، عاد «جوق كشكش بك البربري» إلى القاهرة، بعدما قدّم مسرحية «اسم الله عليه» على مسرح «الهمبرة» في منطقة «باب توما» في الشام، واستأجر مسرح «زيزينيا» في الإسكندرية، وقدمت الفرقة عليه عروضاً مميزة لمسرحية «اسم الله عليه»، وبات «جوق كشكش بك البربري» حديث الإسكندرية، ما شجع المتعهدين وأصحاب المسارح على تقديم عروض مغرية للفرقة للعمل لديهم.

إلى جانب مسرح «زيزينيا» قدمت فرقة «جوق كشكش بك البربري» عروضاً لمسرحيتين على مسرحي «كونكورديا» و{الأنفوشي» في الإسكندرية، في الوقت نفسه، أي بمعدل ثلاث حفلات يومية: صباحية وماتينه وسواريه، ولم يكن فوزي وماري يلتقيان إلا على خشبة المسرح يومياً، بسبب انشغالهما في ثلاث روايات مختلفة وبروفاتها، فكانا يجريان بروفة قبل تقديم كل رواية، فتقدّم الفرقة رواية صباحية على مسرح الأنفوشي، ويبدأ العرض من الحادية عشرة صباحاً حتى الثانية عشرة والنصف ظهراً، بعدها تأخذ الفرقة وقتاً للراحة والغداء وتعاود البروفات من الثالثة حتى الخامسة على مسرح «كونكورديا» ليبدأ العرض من السادسة حتى السابعة والنصف، وحتى التاسعة والنصف تكون بروفة الرواية التي ستقدمها الفرقة على مسرح «زيزينيا» وما أن ينتهي العرض حتى تبدأ بروفة المسرحية التي ستقدمها الفرقة في صباح اليوم التالي على مسرح «الأنفوشي».

Ad

طعم السعادة

ذاقت ماري من السعادة ما لم تذقه في حياتها وغرفت منها ما شاءت، ليس بسبب الحبّ الذي تعيشه مع فوزي منيب فحسب بل لأنها كانت تعمل كثيراً ولأن أيام الفقر والحرمان ولّت إلى غير رجعة، لدرجة أنها لم تكتفِ بشراء من الذهب ما يزين يديها، بل غطت ذراعيها من كثرة تلاصق الأساور الذهبية إلى جوار بعضها، من الرسغ إلى المرفق.

إلى جانب ذلك زادت شهرتها وأحبها الجمهور وبات يسأل عنها بالاسم، فظنت أنه لا يوجد على الأرض من يوازيها سعادة، وكان فوزي منيب مثالا للزوج المحب الغيور على زوجته.

أرادت ماري تعويض والدتها قاسمة أيام الشقاء والتعب والحرمان فطلبت منها أن توقف العمل في الحياكة وترافقها إلى الإسكندرية، لا سيما أنها أصبحت تعيش بمفردها منذ تزوجت أليس، غير أن قاسمة لم تكن على وفاق مع فوزي منيب على رغم مباركتها زواجه من ماري، ولم تنسَ أنه تزوجها رغماً عنها، لذا كانت تمارس معه دور «الحماه النكدية»، وتنتقد أي أمر يقوم به، حتى لو كان الغرض منه إرضاءها، وتتعمد بداع ومن دون داع ذكر اسم فهمي عبد السلام، زوج أليس بكل الخير، وتعداد محاسنه وأدبه وحسن أخلاقه ومحاولاته لإرضائها بأي ثمن حتى لو كان على حساب سعادته الشخصية، ولا تنسى، من حين إلى آخر، أن تذكّر بأن ثمة فرقاً بين المحامي والمشخصاتي.

المدهش في الأمر أن ماري لم تغضب من تصرفات والدتها على رغم حبها الشديد لفوزي، بل كانت ترى في تصرفاتها مشاهد ومواقف كوميدية، تصلح للتقديم على خشبة المسرح، وقادرة على تفجير ضحكات الجمهور.

دور الحماة

لم ينقذ فوزي منيب من براثن حماته سوى تلغراف من فهمي عبد السلام يخبر قاسمة بأن زوجته أليس على وشك وضع مولودها الأول، وبقدر ما كان التلغراف طوق نجاة لفوزي لأنه سيرحمه ولو لأشهر عدة من حماته، إلا أنه كان سبباً في جرعة جديدة من «النكد الحموي» فما أن علمت قاسمة أن أليس على وشك وضع مولودها الأول، حتى راحت تطعن فوزي منيب بالكلمات:

* الله بيديم النعمة على فهمي وأليس... ما مرأت السنة إلا وكان الله رازقهن بمولود.

= يا حماتي قولي إن شاء الله... دي لسه ما ولدتش.

* بإذن الله بتولد وبيجي المولود ذكر.

= دكر ولا نتايه... كله بتاع ربنا.

* إيه كله نعمة من الله.. لكن وين النعمة منكن... تلات سنين مزوجين ولا شفنا شي... ليش ما بتعرض نفسك على حكيم.

= وأعرض نفسي على حكيم ليه يا حماتي... أنت شيفاني عيان.

* إيه معلوم... مرضان... ولا شو بيمنعكن للحين من الخلفة؟

= يا حماتي... يا حياتي... يا ملاكي أنت أنا بس...

* شو حماتك وشو ملاكك... شو هالحكي.

= الحكي ده بتاع ربنا وحده... إحنا معندناش مشكلة لا أنا ولا ماري... لكن لسه ربنا ما أردش... كل الحكاية إن الشغل أخدنا وانشغلنا... ادعيلنا بس إنت من قلبك وربنا يسهل.

* إيه بندعي... الله يوفق... لأجل نصفق.

أم للمرة الأولى

سافرت قاسمة إلى القاهرة لتستقبل مولود أليس الأول الذي جاء ذكراً، كما تمنت، في وقت استمر فيه فوزي وماري وفرقتهما، من نجاح إلى آخر، حتى فاجأت ماري فوزي بطلب إعفائها من العمل في المسرحيات الثلاث يومياً، والاكتفاء بالعمل في عرض واحد فحسب وهو العرض الصباحي. دهش من هذا الطلب غير الطبيعي الذي لم يرَ له سبباً، وظن أن في الأمر شيئاً ما، أو أنه صدر منه ما أغضبها، غير أن دهشته تبدّلت بفرحة غامرة عندما أخبرته السبب:

* بس عاوز أعرف ليه القرار المفاجئ ده... إحنا ما صدقنا إن الفرقة بقى لها اسم كبير دلوقت والحمد لله... تقومي إنت ترفضي الشغل... وكمان تختاري الحفلة الصباحية بتاعة الشباب والطلبة وتسيبي السواريه اللي فيها الجمهور الحقيقي.

= أيوه ما هو أصل أنا...

* انت إيه يا ماري... إيه اللي حصل خلاك تتغيري كده.. اسمك جنب اسمي على المسرح... وقده... وكمان فلوسك ماليش دعوة بيها بتاخدي أجرك زيك زيي... وما بتدفعيش في البيت...

= بس بس يا فوزي... إيه الكلام ده؟ إنت دماغك راح لفين؟

* ماهو أنا بصراحة مش لاقي سبب للي إنت بتقوليه ده.

= لأ فيه سبب... وسبب مهم كمان.

* سبب إيه ده اللي يخليك تسيبي الفرقة والنجاح اللي حققناه.

= ما نفسكش تبقى أب؟!

* إيه؟! أب... تقصدي تقولي إنك حامل.

تهزّ ماري رأسها بالإيجاب ولا تنطق خجلا، غير أن فوزي طار من الفرح ولم يصدق نفسه أنه سيصبح أباً... أكثر ما أسعده أن ادعاءات قاسمة لم تكن صحيحة، ولا بد من أن تأتي لتسمع هذا الخبر الذي يريد أن تعرفه الإسكندرية كلها، بل «المحروسة» بأسرها.

لم يدم غياب ماري منيب عن المسرح طويلا بعد الإنجاب، فاستأجرت مربية لرعاية مولودها الأول الذي أطلق فوزي عليه اسم فؤاد تيمناً بملك مصر فؤاد الأول، فكانت ماري لا تترك فؤاد حتى في وجود المربية في البيت، وتصطحبه والمربية إلى المسرح يوميا ليكون تحت رعايتها وأمام عينيها، وجعلت المربية تقف بفؤاد في الكواليس، لتلاحظه في تحركاتها. وفي إحدى المرات بكى فؤاد ووصل صوته إلى الجمهور الذي ظن أن إحدى المتفرجات أحضرت وليدها معها إلى المسرح، وراح الناس يتلفتون يميناً ويساراً بحثاً عن مصدر الصوت، حتى فوجئ الجمهور بماري منيب تقول:

* ياضنايا يا حبيبي... الواد مفلوق من العياط... عن إذنكم أطلّ عليه بس... وراجعه.

ضج الجمهور بالضحك، وظن أن ما قالته ماري ضمن أحداث الرواية، وعلى رغم ضيق فوزي منيب بما حدث، إلا أنه استحسن ذلك لضحك الجمهور وجعل هذا الموقف ثابتاً كل ليلة، فاحتجت ماري على هذا الأمر، لأنه كان مطلوباً أن تقف المربية كل ليلة في الكواليس و{تقرص» فؤاد ليبكي، وتنفذ ماري المشهد.

نجاح فوق العادة

كان لظهور فؤاد في حياة ماري وفوزي تأثير خاص عليهما، فقد زاد ارتباطهما ببعضهما البعض وحرصهما على المستقبل لتربية طفلهما وتوفير حياة كريمة له.

استمرت فرقة فوزي وماري في نجاح كبير حتى نهاية 1924، عندما بدأ الكساد يعمّ الفرق المسرحية في مصر وليس في الإسكندرية وحدها، لدرجة أن نجيب الريحاني سافر بفرقته إلى البرازيل، لتمرّ هذه المرحلة.

بعد سفر الريحاني لم يتوقف بديع خيري عن الكتابة، فوجد فوزي، غريم الريحاني الأول، الفرصة سانحة لينهل من النبع الذي نهل منه الريحاني، فكتب له بديع مسرحية «الغول». وفي العام نفسه 1924، سرحت منيرة المهدية فرقتها وأعادت تشكيلها من جديد، وكتب لها بديع خيري أوبريت «الغندورة» التي عرضت في بداية 1925، ثم أعادت منيرة عرضها مرة أخرى باسم «قوت القلوب»، وعندما نجحت الأوبريت ولاقت استحسان النقاد كتب لها بديع خيري أوبريت «قمر الزمان» إلا أنها لم تحقق النجاح، مع ذلك لم يوقف تعاونه مع منيرة المهدية فكتب لها أوبريت «حورية هانم» ثم «الحيلة».

كان فوزي منيب يتابع الحركة المسرحية عن كثب، فانتهز فرصة غياب الريحاني خارج البلاد، واستأذن بديع خيري في إعادة رواياته التي كتبها للريحاني ليقدمها على مسرح «زيزينيا» في الإسكندرية. لم يمانع بديع، غير أن طبيعة فوزي كانت أقرب إلى طبيعة علي الكسار وليس الريحاني، لذا لم يتقبّل الجمهور هذه الأعمال وخفّ الإقبال على مسرحه أيضاً، فتمرد بعض الممثلين عليه، ووقفت ماري إلى جواره وساندته بقوة، لكن حالة التمرد كانت أكبر من أن تصمد أمامها الفرقة، فاضطر فوزي في نهاية 1925 إلى حل «جوق كشكش بك البربري» وتسريح بقية أعضائه، والعودة مع ماري إلى القاهرة، واستقرا في شقتهما في روض الفرج إلى جوار أليس ووالدتهما قاسمة.

البربري العصري

كان أمين صدقي شرع في تكوين فرقة مسرحية جديدة باسمه في شارع روض الفرج، ووجد أنه يمكنه منافسة علي الكسار الذي انتقل بفرقته إلى شارع عماد الدين، فقرر تقديم «النسخة التقليد» من البربري لجمهور روض الفرج، واتفق مع فوزي منيب ليعمل في فرقته بأجر كبير مقابل تجسيد دور «البربري» على طريقة علي الكسار، فأبدع فوزي منيب في تقديم الشخصية وتحديداً في مسرحية «ناظر المحطة» التي عرضها «جوق أمين صدقي» في مسرح «دار التمثيل العربي» في شارع عماد الدين بالقرب من مسرح علي الكسار، وقد تعمد أمين صدقي ذلك لخلاف كان وقع بينه وبين الكسّار.

لم تكن ماري تشارك فوزي العمل لدى فرقة أمين صدقي، إذ كانت تنتظر مولودهما الثاني، وأراد فوزي أن يطلق عليه اسم محمد، فيما أرادت ماري أن تطلق عليه اسم بديع، وانتهى اشتباك الزوجين بعدما اقترح عليهما موظف مكتب الصحة إطلاق اسم محمد بديع عليه فرحبا به.

بعد شهر بدأ أمين صدقي وفرقته موسم الصيف في «كازينو مونت كارلو» في روض الفرج بشكل موقت، إلى أن ينتهي من تجهيز تياترو «سميراميس» الذي استأجره في شارع عماد الدين، بعد النجاحات المتتالية التي حققها له فوزي منيب.

كانت مسرحية الافتتاح لفرقة فوزي منيب «اسم الله عليه» التي سبق أن قدمتها في الشام، من تأليف أمين صدقي أيضاً. وكانت بطلة الفرقة ماري منيب عادت بعد ولادة ابنها الثاني محمد بديع، وانتظمت في البروفات استعداداً لتقديم عمل كبير يليق بعودتها إلى الفرقة، فاختار فوزي الممثلين الذين سيشاركون في المسرحية، بعد تفويض من أمين صدقي له ليضمن نجاحاً كبيراً، فاستعان بممثل متميّز من فرقة جورج أبيض، وهو الفنان فؤاد شفيق، الذي كان شقيقه الأصغر قد سبقه إلى التمثيل متخفياً باسم حسين رياض حتى لا تعرف الأسرة أنه يعمل في التشخيص، وبعد رضوخها للأمر الواقع ظل حسين محتفظاً باسمه الفني وشقيقه يعمل باسم فؤاد شفيق.

اختار فوزي أيضاً الفنان محمد كمال المصري، أحد نجوم الكوميديا من مسرح الريحاني، الذي كان بديع خيري ونجيب الريحاني اختارا له اسماً فنيا ظهر به في إحدى روايات مسرح الريحاني وهو «شرفنطح» فأصبح ملاصقاً له وكان يثير الكوميديا بمجرد ذكر اسمه. كذلك شارك في البطولة: دوللي أنطوان، حسين المليجي المونولوجست الجديد الذي بدأ اسمه يلمع في مسارح روض الفرج.

ثنائي في الصحافة

عندما انتهى تجهيز مسرح «سميراميس»، بعد الحريق الذي شب فيه، انتقل جوق أمين صدقي إليه، وقدموا أول ليلة عرض بافتتاح ضخم في الثامن من يوليو 1926، بعد إعلانات جابت شوارع القاهرة.

استمر عمل الفرقة على مسرح «سميراميس» بنجاح كبير، لدرجة أنها وصلت، للمرة الأولى، الموسم الصيفي بالموسم الشتوي، ولاقت مسرحية «سفير توكر» التي قدمتها الفرقة نجاحاً ولفت دورا فوزي وماري منيب في المسرحية أنظار الصحافة الفنية للمرة الأولى فأثنت على أداء الثنائي «فوزي وماري منيب»، هكذا كان يكتب اسماهما، وكتب ناقد «مجلة الممثل» في عددها الصادر في 25 نوفمبر 1926: «مولد نجمين كبيرين في المسرح الكوميدي... فوزي وماري منيب».

* فوزي... شفت اللي مكتوب عنك وعني في مجلة الممثل.

ـ أيوه شفت... بس الجدع الرسام اللي رسمنا مبوظ شكلنا خالص... بقى أنا كده... وانت كمان شفتي عاملة إزاي؟!

* بس الكلام اللي كاتبينه حلو قوي... فتح نفسي للشغل... خلاني أحس أن فيه ناس بتقدر اللي أحنا بنعمله.

ـ الفضل لك.

* أبداً... انت علمتني حاجات كتير... وده نجاحك.

ـ ده تواضع بقى ولا إيه... الناس بتسأل قبل ما يدخلوا، ماري منيب موجودة النهاردة ولا لأ؟ إنت فنانة موهوبة وأنا واثق أنك هيكون لك مستقبل كبير.

* عمر ما هيكون لي مستقبل بعيد عنك يا أبو فؤاد.

بقدر ما أكسبهما الكلام، الذي كتب عنهما في الصحافة الفنية، ثقة بنفسيهما وتحديداً ماري، بقدر ما أشعل الغيرة حولهما واشتداد المنافسة بينهما وبين الفرق الأخرى.

استمر فوزي منيب في أداء أدوار البربري في فرقة أمين صدقي، وتشاركه ماري في كل هذه العروض بنجاح كبير، وقدما معاً: «مملكة العجائب»، «بنت الشهبندر»، «مراتى في الجهادية»، «قنصل الوز»، «ليلة في العمر»، «الكونت زقزوق»، «عصافير الجنة»، «خالتي عندكم».

في نهاية 1927 تصدّع مسرح سميراميس وأصبح آيلا للسقوط، ولم يجد أمين صدقي مسرحاً بديلا، فاضطر إلى تفكيك الفرقة وتفرق أفرادها.

اتجه أمين صدقي إلى مجاله الأول، أي الكتابة المسرحية، وأغرق الفرق المسرحية بكمّ هائل من المسرحيات، حتى اتفقت معه في مايو 1928 شركة «بيرة الإبراهيمية» في الإسكندرية على تكوين فرقة مسرحية جديدة، فأسسها من مجموعة مختارة من الفنانين والفنانات، من بينهم: محمد بهجت، عبد اللطيف جمجوم، فؤاد شفيق، دوللى أنطوان وغيرهم، إلا أن قائمة الفرقة الجديدة خلت من اسمي فوزى وماري منيب، لأن فوزي أعاد تكوين فرقته وراح يجمع أعضاءها من بين الذين تركوا أمين صدقي، بالإضافة إلى هواة تعرّف إليهم في مسارح «روض الفرج» عندما كان يمثل في كازينو «مونت كارلو» ضمن أعضاء فرقة أمين صدقي.

اتخذ فوزي منيب مسرح كازينو «ليلاس» في روض الفرج مكاناً لعرض مسرحيات فرقته الجديدة، وقد استمرّ فيه فوزي وماري أكثر من ثلاثة أعوام، شهدا خلالها أمجاداً لفرقتهما بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ مسارح روض الفرج الصيفية.

كان فوزي وماري يقدمان أعمالهما إلى رواد مصيف روض الفرج الذي كان يمتدّ من ساحل روض الفرج حتى منطقة «المبيضة»، وكانت الجاليتان الأرمنية واليونانية في القاهرة تتخذان من هذه المنطقة مصيفاً للترفيه عن النفس بين ماء النيل وخضرة الساحل، فضلا عن كون المكان يمثل استراحة مهمة لكبار التجار الذين ينقلون بضائعهم من شمال مصر وجنوبها إلى القاهرة عبر النيل، ما جعل غالبية الملاهي صيفية «مكشوفة السقف»، فضلا عن الطابع الخاص الذي تقدّم به عروض هذه المسارح، وهي مسرحيات مقتبسة من الكلاسيكيات القديمة وتقدّم بأسلوب ضاحك ساخر، لتكون روض الفرج النسخة الشعبية من مسارح عماد الدين، حيث فرق: «رمسيس»، «الريحاني»، «الكسار» وغيرهم.

البقية في الحلقة المقبلة