يُجمع من قرأوا في طفولتهم قصص د. زويس على أن «لوراكس» هو حارس الغابة المشاكس الذي يتميّز بلون بشرته البرتقالي وبشاربيه العملاقين الأشعثين. بحسب ما جاء على لسان لوراكس في كتاب The Lorax، تكمن مهمّة حارس الغابة هذا في «التحدّث بالنيابة عن الأشجار».

ما هي مهمة فيلم

Ad

The Lorax الذي انطلق أخيراً في الصالات السينمائية؟

من يعرف أودري جيزيل، أرملة الدكتور زويس البالغة من العمر 90 عاماً، يقول إنها تشبه «لوراكس» كثيراً، أي أنها حارسةُ سلسلة الكتب الشهيرة التي تضمّ 50 كتاباً تقريباً والتي تركها زوجها، الذي يُدعى في الأساس ثيودور جيزيل، بعد وفاته في عام 1991.

أدوري جيزيل اليوم الناطقة باسم محبّي قصص زوجها. عندما أرادت إحدى شركات الإنتاج الضخمة في هوليوود تصوير فيلم مقتبس من إحدى قصص الأطفال الكلاسيكية الصادرة في 95 بلداً والمترجمة إلى 17 لغة والتي باعت ما يزيد على المليار نسخة، توجّب على الشركة التعامل مع جيزيل والتباحث معها في الأمر والحصول على موافقتها. قالت في مقابلة مع صحيفة USA Today: «لا أقبل بالعروضات التجارية بسهولة. أحب إبقاء مخلوقاتي الصغيرة في دائرتها الصغيرة».

بعدما شعرت بالاستياء من الخشونة التي اتسم بها فيلم  The Cat in the Hat الصادر في عام 2003 والتي هي غير موجودة في الأساس في كتاب د. زويس، أعلنت جيزيل أنها ستتوقّف موقتاً عن الموافقة على مثل هذه الأفلام المقتبسة من قصص زوجها، وقرّرت التحوّل إلى الرسوم المتحرّكة.

بعد النجاح الكبير الذي حقّقه Horton Hears a Who! في عام 2008، اختارت جيزيل كتاب زوجها المفضل المعنون The Lorax الذي يتحدّث عن البيئة ليكون موضوع ثاني فيلم رسوم متحرّكة مقتبس من أعمال الدكتور زويس.

يحذر الفيلم الثلاثي الأبعاد من خطر الجشع والنزعة التجارية على البيئة ويتضمّن شخصيات غريبة الأطوار مثل السمكة الطنّانة وأشجار التروفولا التي جاءت جميعها ملوّنة بألوان زاهية.

تولّى كريس ميليداندري (المدير السابق لقسم الرسوم المتحرّكة في شركة20th Century Fox الذي أنجز فيلم Horton) إنتاج The Lorax، لكن هذه المرّة بصفته مؤسس شركة Illuminations Entertainment التي أنتجت الفيلم الناجح  Despicable Me في عام 2010. مليداندري أحد الأشخاص القليلين الذين نجحوا في كسب ثقة جيزيل التي لا تثق بأي منتج كان لأن تحويل قصص زوجها الإيقاعية إلى فيلم رسوم متحرّكة يتطلّب غالباً التوسّع في القصة وإضافة بعض التفاصيل إليها.

ذكرت جيزيل: «عملنا سوياً على فيلمين، وكان عمله في كل مرّة يفوق توقّعاتي. يأخذ كريس وقته للتعرّف إلى قصصنا واكتشاف شخصياتنا وعالم زويس. يسأل نفسه عما إذا كانت محصّلة عمله لتعجب ثيودور. يشغل هذا السؤال تفكيره على الدوام».

قصة خرافية حديثة

نظراً إلى تزايد وعي الناس لتأثير الممارسات البشرية على الطبيعة، يعتبر ميليداندري  فيلم The Lorax نموذجاً عن قصة خرافية حديثة ويتفّهم جيداً مدى أهمية هذا الفيلم بالنسبة إلى جيزيل.

قال عن جيزيل التي تزوّجت الدكتور زويس في عام 1968 علماً أنه كان الزواج الثاني لكلاهما: «يبدو واضحاً أن ثمة علاقة وثيقة بين أودري وهذا الكتاب. صحيح أن الدكتور زويس كتبه في مرحلة متقدّمة من حياته، إلا أن موضوعه مرتبط ارتباطاً وثيقاً ومثيراً للدهشة بواقعنا الحالي. يُذكر أن الألوان الزاهية التي استخدمت في كتاب The Lorax وتميزت بحيوية افتقرت إليها رسومات سائر الكتب ساعدت كثيراً في عملية تصوير الفيلم. أضاف ميليداندري أن طريقة إخراج هذا الكتاب شكلت تحولاً فنياً مهماً بالنسبة إلى الدكتور زويس، وأن جيزيل تحدثت عن هذه النقطة بشغف كبير.

في ما يتعلق بالمؤثرات البصرية الخاصة بالفيلم، وصفتها المنتجة المنفذة جيزيل بـ «الأخاذة». لكن قبل البدء بتنفيذ الفيلم، توجّب على القيمين عليه الخروج من حدود الكتاب الذي يتحدّث عن صبي يتعرّف إلى ناسك متهوّر يُدعى  Once-lerيخبره كيف أن طموحه الجامح قد أضر بالأشجار على رغم تحذير حارس الغابة «لوراكس» له.

وقعت مسؤولية كتابة سيناريو الفيلم والقيام بإضافات تتماشى مع النص الأصلي على عاتق الكاتبين سينكو بول وكين دوريو، اللذين حققا نجاحاً باهراً بعد كتابتهما نص فيلم Horton.

حرص الكاتبان على الاستناد إلى كلمات الدكتور زويس والصور الواردة في كتبه لرسم عالم كبير وواسع. قال داريو: «كنا قد حفظنا الكتاب عن ظهر قلب وقرأناه مراراً وتكراراً. كنا نستوحي الأفكار من الرسوم الواردة في خلفية الصفحة. قد يعتقد القارئ العادي أن هذه الرسوم بسيطة، إلا أنها تتضمّن كثيراً من الأفكار المضمرة».

كمنت إحدى مهمّات الكاتبين الأساسية في تصوير شخصية  Once-lerعلى أنه شاب يحمل غيتاراً ويحلم بتحقيق حلمه، ألا وهو قطف الأزهار الملوّنة والزاهية التي تشبه الحلوى والتي تنمو على أزهار التروفولا، لاستعمالها كمادة أولية لتصنيع منتجات شركة Snuggie. لكن المشكلة أن كتاب زويس لم يذكر عن هذه الشخصية سوى أنها تملك ذراعين طويلتين وعينين صفراوين.

أوضح بول: «افترضنا جميعنا أن Once-ler ليس مخلوقاً أخضر اللون. إذا أمعنا النظر في الصور، لوجدنا أنه يرتدي قفازين وأن اللون الأخضر ليس لون بشرته الحقيقية. ما يعني أن هذه الشخصية ليست وحشاً خيالياً بل كائن بشري. إنه شخص يشبهنا وهذه حقيقة مهمّة للغاية».

اخضرار اصطناعي

استند الكاتبان إلى رسم لبلدة ورد في زوايا الصفحات الأولى من الكتاب لاختراع Thneedville، وهي بلدة منظمة تنظيماً رائعاً اخضرارها اصطناعي وهواؤها ملوّث، ما يدفع سكانها إلى شراء الهواء المنعش في علب بلاستيكية. كذلك ابتكرا شخصية جديدة تتمثّل في رجل الأعمال الشرير Mr.O’Hare (يؤدي صوته الممثّل روب ريغل) الذي يخدع الناس ويدفعهم إلى شراء هذه الزجاجات.

لم يحِد The Lorax عن رسالته الأصلية، لكن للتخفيف من جدّية القصة وإضفاء بعض الحيوية عليها، تضمن الفيلم خمس أغان جعلته أكثر تشويقاً. كذلك حرص الكاتبان على أن يجعلا السمكة الطنّانة وطيور البجع والدببة شخصيات مضحكة، لا سيما عندما يطعمهاOnce-ler  الحلوى الحطمية.

لم تكن مهمّة إيجاد طاقم متحمّس لأداء أصوات الشخصيات بالمهمّة الصعبة، فغالبية الأشخاص الذين تولوا مهمّة تربية طفل، أو عرفوا طفلاً أو كانوا أطفالاً في الأعوام الستين الماضية حظوا على الأرجح بفرصة قراءة قصص الدكتور زويس.

الممثل داني دي فيتو (67 عاماً) الذي نشأ أولاده على هذه القصص وأصبحوا اليوم في العشرينيات، قال إنه وافق على المشاركة في الفيلم لأجل الأطفال الذين يعرفهم: «تضم عائلتي كثيراً من الأطفال. ما زلت أذكر حتى الآن الطريقة التي كان يتصرّف بها أولادي عند قدوم الضيوف إلينا. اليوم، عندما أدخل إلى منزل ما صارخاً، يلتفت إليّ الأهل ويقولون: «ها هو اللوراكس».

أودري المحبة

شاركت نجمة موسيقى البوب الريفية تايلور سويفت (22عاماً) في الفيلم عبر أدائها صوت شخصية جديدة أضيفت إلى شخصيات الكتاب هي الفتاة أودري المحبّة للأشجار والطبيعة التي سُميت نسبةً إلى أرملة الدكتور زويس السيدّة جيزيل. في المقابل، تدين سويفت بمسيرتها الفنية للدكتور زويس. قالت في هذا المجال: «عندما كنت طفلة، كانت كتب الدكتور زويس أولى الكتب التي قرأت فيها الشعر. لقد أغرمت بالطريقة التي يجعل بها الشعر الكلمات والقصصَ انسيابية وايقاعية، وكأنها أشبه بأغنية. تحوّل في ما بعد حبّي للشعر إلى حبّ لكتابة الأغاني». تبيّن أن كتابThe Lorax كان المفضّل لديها. أضافت: «يعلم هذا الكتاب في واقع الأمر الناسَ حقيقة أنهم لا يدركون أحياناً قيمة ما يملكون إلا بعد فقدانه. إنه أمثولة أعمل بها في حياتي اليومية».

لم يلق الممثل إد هيلمز (38 عاماً)، المعروف بمشاركته في المسلسل التلفزيوني The Office  وفيلم The Hangover، عرضاً من القيّمين على The Lorax كما جرت العادة، إنما ذهب هو بنفسه إليهم طالباً منهم المشاركة في الفيلم. فأوكلت إليه مهمّة تأمين الأصوات كافة التي يؤديها Once-ler. يقوم هيلمز، عازف ومؤدي الموسيقى الريفية المخضرم، بالغناء والعزف في أغنية الفيلم.

في الإطار عينه، قال هيلمز: «لم يكن The Lorax مجرّد كتاب قرأته، إنما كان كتابي المفضّل. كانت لدينا في المكتبة مجموعة كاملة من كتب زويس بما فيها Horton Hears a Who! وThidwick the Big-Hearted Moose. إلا أن The Lorax كان أكثر كتاب تحبّ أمي قراءته».

لمّا سُئل هيلمز عن السبب الذي قد دفع القيمين على الفيلم إلى اختياره لأداء دور Once-ler، أجاب ممازحاً: «في الواقع، تتمثل إحدى هواياتي في حبّي الكبير لتحويل الغابات الكثيفة إلى أراض قاحلة خلال عطل نهاية الأسبوع». تابع: «لا أعرف إن كان ما سأقوله ينطوي على بعض التعارض، إلا أن إحدى نقاط قوّتي كممثل تكمن في أني أشبه الناس العاديين». كان هدف دكتور زويس في كتابه جعل Once-ler شخصية قريبة من الناس كلهم. يمكن لأي منا أن يكون هذه الشخصية».

تكمن قوّة The Lurax في أنه أنجز على شكل كتاب وفيلم رسوم متحركة في آن. ختمت جيزيل: «يعطي Once-ler بذرة شجرة التروفولا الأخيرة إلى طفل ويحمله مسؤوليتها. هذه هي رسالة القصة، وتقول إن الجيل المقبل هو المسؤول عن الحفاظ على البيئة».