لماذا يكرر الممثل تجسيد الشخصية نفسها في أكثر من عمل فني؟ سؤال يطرح بقوة اليوم بعدما تزايدت هذه الظاهرة في الأفلام السينمائية مع محمد سعد وأحمد مكي وغيرهما... وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة موجودة في السينما العالمية أيضاً، إلا أن معيار نجاحها سواء في الشرق أو في الغرب، يقوم على قدرة الممثل على تقديم الشخصية نفسها بأسلوب جديد قد يجذب الجمهور إليها ولا يشعره بالملل منها. في أكثر من مناسبة، أعلن محمد سعد أنه لن يكرر شخصياته القديمة وسيفاجئ الجمهور بأفكار جديدة وشخصيات مبتكرة، إلا أنه في أحدث أفلامه «بوم بوم تك» كرر شخصية رياض المنفلوطي التي قدمها في فيلمه «اللي بالي بالك» منذ سنوات ولاقت نجاحاً، بل أعطاها مساحة كبيرة في الفيلم. وقبل ذلك كرّر شخصية «اللمبي» في فيلم «اللمبي» بعد نجاحها في فيلم «الناظر».في الإطار نفسه، أعلن أحمد مكي أنه سيجسد شخصية {حزلئوم} التي قدمها في فيلم «لا تراجع ولا استسلام»، في عمل جديد يستعدّ لتصويره قريباً بعنوان «سيما علي بابا». وكانت «حزلئوم» لاقت قبولا جماهيرياً، ما شجع مكي على تكرارها مع تأكيده بأنها ستكون مجرد شخصية ضمن أحداث فيلمه الجديد الذي يجسد فيه شخصيات عدة، نافياً أن يكون العمل هو الجزء الثاني من «لا تراجع ولا استسلام».يُذكر أن «سيما علي بابا» من إخراج أحمد الجندي ويشارك في بطولته هشام إسماعيل الذي شارك مكي بطولة مسلسل «الكبير أوي» (عرض على شاشة رمضان الماضي). وسبق لمكي أن كرر شخصية «إتش دبور»، التي قدمها في «تامر وشوقية»، في فيلم يحمل العنوان نفسه، وظهرت في مشاهد عدة.بيصي وسيّدقرر عبد الله مشرف تقديم شخصية «بيصي» في فيلم «عمر وسلمى» الجزء الثالث، وكان قدمها في فيلم «الكيف» (1985)، وتتمحور حول ملحن لحن أغاني محمود عبد العزيز في الفيلم وأشهرها «الكيمي كا» و{القفا»، ولاقت هذه الشخصية نجاحاً آنذاك وانتشرت الأغاني بين الجمهور. في هذا السياق، يوضح مشرف أنه سيطوّر ألحانه القديمة لتتماشى مع ألحان الجيل الجديد، خصوصاً أغاني «الراب» التي يغنيها أيضاً، ويضيف أنه كان ينوي الاعتذار لأنه لا يعلم شيئاً عن هذه النوعية من الأغاني، لكن إعادة تجسيد شخصية «بيصي» التي أحبها شجعته على خوض التجربة، لا سيما أن مغني «الراب» حسام الحسيني سينفذ الأداء الصوتي للأغاني.كذلك لا يستبعد نضال الشافعي إعادة تقديم شخصية «سيد»، التي قدمها في «تامر وشوقية» وأحبها الجمهور، مشيراً إلى أنه ينتظر سيناريو متميزاً، ليقدم الشخصية بشكل جذاب. ويرى أن تكرار الشخصية الناجحة ليس عيباً، مشيراً إلى أن نجوماً عالميين أعادوا تقديم الشخصية نفسها مراراً وقدموا أجزاء كثيرة ناجحة، فالمهم هو كيفية تقديم الدور، برأيه.إفلاس فنييعتبر الناقد نادر عدلي، رئيس مهرجان الاسكندرية السينمائي، أن إعادة تقديم الشخصية الناجحة هو نوع من الإفلاس الفني، إذ يفشل الممثل في تقديم شخصية جديدة فيعود إلى شخصياته القديمة ويعجز عن الخروج من أسرها، لافتاً إلى أن تكرار الشخصية التي قدمها الممثل في أكثر من عمل مسألة في منتهى الخطورة، لأنها قد تقضي عليه مثلما حدث مع محمد سعد الذي فقد شعبيته لأنه لم يقدم جديداً وكرّر نفسه في أعماله الأخيرة.بدوره، يوضح المؤلف والناقد هاشم النحاس أن تعامل الممثل مع الشخصية التي يقدّمها أكثر من مرة، يحتاج إلى ذكاء، ذلك أن تكرار المواقف نفسها يعني أن الممثل يحكم على نفسه بالفشل وفقدان الشعبية. ومن جهته، يشير الناقد رامي عبد الرازق إلى أن تكرار الشخصية سلاح ذو حدين، فإما أن ينجح الممثل في تقديم الشخصية بصورة جديدة على غرار ما يحدث في الأفلام العالمية التي يُعيد فيها الممثلون تقديم شخصيات ناجحة، إنما بشكل مختلف ومواقف جديدة ما يحقق عامل جذب للجمهور وعدم شعور بالملل، وإما أن يكرر الممثل نفسه والمواقف نفسها، وهو ما حدث مع محمد سعد وشخصية اللمبي التي نجحت، إلا أنه لم يستطع أن يخرج من أسرها، فكرّر نفسه في التمثيل وحكم عليها بالموت.يضيف عبد الرازق أن أحمد مكي وضع نفسه في اختبار صعب، بقراره تقديم شخصية «حزلئوم» مجدداً, وإن كان يرى أن مكي يحرص على عدم تكرار نفسه وسبق أن أعاد تقديم «إتش دبور» التي نجحت في «تامر وشوقية» بذكاء، لافتاً إلى أن تكرار الشخصية نفسها يحتاج إلى سيناريو متميز فيه مواقف مختلفة وإخراج قادر على التجديد، إضافة إلى ذكاء الممثل وقدرته على أداء مواقف مختلفة.
توابل
اللمبي وإتش دبور وحزلئوم... شخصيات مستنسخة تنبئ بإفلاس ممثليها
03-10-2011