يبدو أن أزمة الدين العام في الولايات المتحدة أدخلت الاقتصاد في نفق لا ضوء يلوح في نهايته, وجعلت العملة الأميركية التي ابتليت بشيخوخة مبكرة أعجز من أن تضع حداً للتردي الحتمي الذي يهدد مستقبل القوة الصناعية الأكبر في العالم.

Ad

النفط كان الأسرع تأثراً، حيث تعرض لتقلبات اختلفت وفقاً لقاعدة العرض والطلب، غير أنه ظل أحد مصادر القلق الرئيسية في أسواق فقدت على ما يبدو بوصلتها ومساراتها الواضحة المعالم.

وانتقلت عدوى الضعف أيضاً الى ميادين الاقتصاد الاخرى فانعكست على الأسواق الأميركية ومنطقة اليورو، حيث تراجع عائد السندات في ايطاليا على سبيل المثال ليضاهي نظيره في اسبانيا, وليضع صناع القرار في أوروبا أمام محنة حقيقية في ما يتعلق بتنفيذ خطة انقاذ اليونان، فضلا عن اسبانيا وايطاليا وفي ضوء تباطؤ اقتصادي واضح.

وفي ضوء هذه المستجدات لا يصعب على المراقب المتتبع لتطورات أسواق النفط أن يتوقع حدوث تراجع في الإمدادات خلال عام 2012 ما يفضي الى ارتفاع أسعاره، وكان ذلك على وجه التحديد السبب وراء قرار وكالة الطاقة الدولية في الشهر الماضي سحب كمية من احتياطي النفط الاستراتيجي، وهو إجراء يتخذ عادة عند الضرورة القصوى كما في حالة الحرب, غير أنه يؤشر هنا على حجم المأزق الذي يواجه أوضاع الطاقة في العالم.

الى ذلك، فقد كان التراجع السمة التي طغت على الأسواق الأوروبية والآسيوية –بعد الأميركية– وأطلق تداعيات غير متوقعة، كما حدث في سويسرا مثلاً، حيث تعرضت تلك الدولة المشهورة باستقرارها وابتعادها عن الهزات لموجة خطيرة من الانكماش الاقتصادي، وحذر البنك الوطني السويسري من أنه قد يضطر الى التدخل في سوق صرف العملات، التي ربما تشهد حالة أشبه بحرب غير معلنة مدفوعة بتراجع فرص التصدير، بسبب ارتفاع إحدى العملات على حساب عملات أخرى تصبح أكثر جاذبية وطلباً وتتمكن من تجاوز حاجز المبادلات التجارية.

الفرنك السويسري بحوالي 10 في المئة مقابل اليورو كملاذ استثمار آمن، غير أن ذلك أعاق جهود صادرات سويسرا وأضعف نموها الاقتصادي وقدرتها على المنافسة. وبعيداً عن تقلبات أسعار العملات أرى أن الطاقة ستمثل المحرك الأقوى في مسار الاقتصاد العالمي الذي تقول واشنطن إنه قد يقترب من التعافي خلال الأشهر القليلة المقبلة.

* خبير نفطي