الرئيس السابق للجنة الفتوى في الأزهر الشريف

الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى في الأزهر الشريف سابقاً، وأحد كبار علماء الأزهر الذين ساندوا الثورة المصرية منذ يومها الأول، وكان في مقدّمة الداعين إلى الخروج في التظاهرات. حتى إنه أوجبها شرعاً دفاعاً عن حقوق المظلومين.

Ad

يؤكد قطب في حواره مع {الجريدة» أن الرسالات السماوية كافة كانت ثورات لإحقاق الحق والأخذ بيد الناس من الخطأ إلى الصواب، لافتاً إلى أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يُعدّ نموذجاً مُلهما لدعاة الإصلاح كلّهم في العالم... إلى تفاصيل الحوار.

هل أسَّس الإسلام لثورة حقيقية ركيزتها مواجهة الظلم وإقامة العدل في العالم، وما موقف السنة النبوية منها؟

الإسلام في حد ذاته، كخاتم لرسالات السماء، أول محاوره وأهمها إقرار العدل ومنع الظلم ومقاومته، والقارئ للقرآن الكريم والسامع له يجد أن الله سبحانه وتعالى ينفي الظلم عن نفسه ليعلم العباد أن ما لم يقبله لنفسه سبحانه لن يسمح به لأحد في الأرض، بقوله: «وما ربك بظلام للعبيد». وينعي القرآن الكريم كثيراً على الظلم والظالمين وأحوالهم ويتوعّدهم بجحيم الدنيا قبل جحيم الآخرة.

أما عن موقف السنة النبوية فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) منذ بعث حتى لقي ربه، كان شغله الشاغل مقاومة الطغيان ومناصرة أصحاب الحق. حتى أن كتب السيرة والسنة تروي أن أبا جهل بن هشام اعتدى على رجل أعرابي وأخذ ماله، فبحث الرجل عمن يساعده فأشاروا إليه أن يذهب إلى رسول الله، وكان ذلك في بداية الدعوة الإيمانية عندما أراد كثر أن يتفكّهوا بما يكون من شأن محمد وغيره.

ذهب الرجل إلى الرسول، فاصطحبه وذهب إلى أبي جهل وطرق عليه الباب وقال له: «أعط للرجل حقه»، ففوجئ القرشيون بأن أبا جهل يدخل ويحمل متاع الرجل ويسلمه له فلاموه على ذلك، فقال لهم رأيت بجوار محمد أسداً فاغراً فاه إذا لم أعط المتاع للأعرابي رأيت أنه سيأكلني. هذا يدل على أن رسول الله كان لا يدع ظلماً، سواء أكان الظلم لمسلم أو غير مسلم، عربي أو غير عربي، فالمهم أن يقر الحق. وتمتلئ السيرة النبوية في مكة وفي المدينة بعدم قبول الرسول للظلم في الداخل وفي الخارج، بل كان يدعو الناس إلى ألا يظلم أحد نفسه فيحملها ما لا تطيق، فالظلم شائنة كبيرة وصفة سيئة في الخلق على الناس ألا يقبلوا بها، وعليهم أن يتعاونوا في صدها كي لا يتمكن الظلم منهم واحداً فواحد.

كيف يفسّر الإسلام مفهوم الثورة؟

كلمة الثورة، كتعبير حديث أو تعبير سياسي عن الحراك بين الناس، تشير إلى آلية في الإسلام هي آلية المطالبة بالحق والتصدي للباطل. فديننا يرى أن مقاومة الظلم والثورة عليه أحد أنواع إدارة الأزمات حقناً للدماء وصيانة للحقوق، وكي لا يصل المجتمع إلى حد الثورة ولا يتمادى الظلم والطغيان والفساد إلى حد التأثير في مجريات الحياة؛ ابتكر الإسلام آلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الحسبة حيث يتصدى الناس كلهم أولاً بأول لكل خطأ وكل خطيئة وكل عدوان، كي لا تتراكم طبقات من الظلم فتقع الثورة، لأنها على رغم إيجابياتها العظيمة فإن لها ما يخشى منها.

جاء الإسلام بآلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتركها للناس كلهم، ويسميها الفقهاء فريضة الحسبة لتقويم أي خطأ ولرد أي مظلمة. كذلك ابتكر الإسلام قضاء المظالم فضلاً عن القضاء الطبيعي العادي، كي لا يتكاثر الهرج ولا تضيع الحقوق، فإذا كان ولا بد واستشرس الفساد من الحاكم، فلا بد للرعية من أن تتصدى للراعي وأن تعزله تماماً كما تغير الجماعة إمام الصلاة إذا أصرّ على الخطأ والاستمرار في الإمامة.

إذاً التظاهر حق مشروع في الإسلام.

التظاهر والعصيان المدني والإضراب... هذه وسائل راقية للتعبير عن الرأي وللتصدي للظلم. أليس التظاهر السلمي أو العصيان المدني بالبقاء في البيوت وعدم الخروج منها وعدم تنفيذ أوامر السلطة خيراً من أن تصطدم الأطراف بعضها ببعض فهذه آليات ابتكرتها البشرية والإسلام يؤيدها بلا جدال؟

ما مدى مشروعية خروج المسلمين على من يحكمهم، وهل ثمة ضوابط تحدّد آليات هذا الخروج وشروطه؟

يهيب الشرع بالناس ألا يتركوا الأخطاء تتراكم وأن توجد لديهم آليات وأساليب لتلافي الأخطاء وعدم تصاعدها وإذا أصرّ الحاكم على فعله، على الناس فوراً أن يتصدوا له وأن يحولوا بينه وبين السلطان بالعصيان المدني لأوامره أو بخلعه وعلى جميع الأطراف ألا تصعد الأمور؛ فما من مبرر لأن يرى الحاكم نفسه فوق إرادة الجماهير التي تطالب بعزله من منصبه.

ما ضوابط تطبيق آلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اليوم؟

في الوقت الحاضر نقول إن صناديق الاقتراع آليات تضع الأمور في نصابها، فما لم تكن الأصوات التي تعارض الحكومة أو تطلب عزل الحاكم تعبّر عن الغالبية، فإن الغالبية الحقيقية ستتصدى لها. أما أن يبقى الحاكم مع أقلية قليلة هي المستفيدة، فذلك ما لا يقبله عقل ولا يقرّه إنسان.

ما موقف الإسلام من خروج المواطنين بالسلاح ضد الحاكم عندما يبطش بالمطالبين بعزله كما حدث في ليبيا؟

بالنسبة إلى الأحداث في ليبيا، أفسّرها بأن التعليم والتثقيف ونشر صحيح الدين لم يأخذ مجراه هناك بسبب تلك الأساطير التي سميت بـ{الكتاب الأخضر» وما إلى ذلك. فترى الجيش قد انتقل بعضه إلى الشعب وبقي البعض الآخر المخدّر والمشبع بما ينفق عليه من سرقات وظلمات الحكم؛ هنا يقع القتال لا محالة، ولا شك في أن الله ناصر أصحاب الحق ممن خرجوا يدافعون دفاع حق عن أطفالهم وعجائزهم ضد أعمال القتل والعربدة التي ارتكبها مرتزقة القذافي وجنده، ولا يتصوّر أحد أن يبقى حاكم في كرسي الحكم 40 سنة مهما بلغ صلاحه. هذا أمر قال فيه أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): «إن كانت حلوة فقد أخذنا منها وإن كانت مرة فليحملها غيرنا». أما تمسّك الإنسان بحق من حقوق الجماعة فلا يدلّ إلا على أنه منتفع ومتجاوز.

ماذا عن التأصيل الإسلامي للمعارضة السياسية، وهل في التراث الإسلامي ما يؤكد هذا الحق؟

لا يمنع الإسلام المعارضة السياسية، إنما يحاول أن يستوعبها بآلية الشورى فلا يقدم ولي الأمر على أي مشروع أو أي تفكير جديد إلا بعد استطلاع رأي الناس. فإذا كان من سيعارض أمراً دعا إلى المشاركة فيه، فلماذا يعارض؟ وإذا ثبت فشل هذا المشروع يعاد النظر فيه فإذا جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصادف استقبالاً وتفاعلاً فليس ثمة معارضة لأن المعارضة حركة تصحيحية وليست حركة استبدالية فإذا تم التصحيح كان به، وإذا لم يتم فرضٌ على الناس أن يعملوا على إكراه الحاكم على ترك موقعه.

هل تعتقد بأن غياب التطبيق الصحيح للشورى في البلدان العربية كان دافعاً لاندلاع الثورات؟

المسلمون جميعاً تم تخديرهم وأبعدوا عن دائرة الفكر السياسي والاجتماعي واكتفوا بالشعائر، وهذا قد جنى عليهم ما نراه من انحدار للأمة إلى قائمة الأمم المتخلّفة. لذا لا بد من أن يعودوا إلى الشورى والعدل والمشاركة العامة، وإلى الشد على يدي الحاكم والحوار الدائم بين جميع الفئات كي تعود الأمة إلى سابق عهدها.

عموماً، غياب الشورى كان سبباً ضمن أسباب كثيرة أشعلت الثورات العربية المجيدة، لكن لم تكن سبباً وحيداً.

كيف يحدث التغيير وفقاً للرؤية الإسلامية؟

أطلق الإسلام ملكات البشر ودعا كل إنسان إلى تربية نفسه وتربية أجياله وإلى تعلّم حرفته ومهنته، ثم أمر الحكومات بالعدل والحاكم بألا يقتطع لأحد دون الآخرين وألا يصطفي بمنحة أو عطية من عطايا الدولة. هكذا... فلا بد من أن يعود إلى المجتمع حق المواطنين في المشاركة وفي إبداء الرأي وفي عائد ما تثمره جميع موارد الدولة، وليتنافس الناس بقدر جهدهم وليس بقدر صلتهم بالحاكم، ثم يبقى القانون فوق الجميع.

كيف تنظر إلى الأصوات المنادية بعودة الخلافة الإسلامية في الزمن الراهن؟

هذا الكلام في هذه الحقبة التاريخية يعتبر ترفاً سياسياً لا محلّ له. فالخلافة ليست نظام حكم بين الراعي والرعية، إنما هي منظمة دولية تجمع الشعوب الإسلامية. وعندما تحرَّر الشعوب الإسلامية كافة وتأخذ بسياسات راشدة يمكن لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تتطور وأن تعبر عن هذه الشعوب المتقدمة فتصبح مؤسسة خلافة، لأن الأخيرة مؤسسة تنظيمية وليست مؤسسة حكم، وهكذا ينبغي أن تفهم.

هل يرتب الانتماء الديني في الدولة الإسلامية حقوقاً سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية...؟

ليس في تاريخ الأرض ما يسمى دولة دينية وأقول في تاريخ الأرض وليس في تاريخ الإسلام فحسب، لأن الله حينما بعث نبيه داود نبياً وملكاً في الأرض لم يجعل دولته دينية أي لم يصف أعمال المخالفين له بالكفر، ولم يترك الراعي يحكم في أمر الرعية بمطلق الحق الإلهي؛ هذا كلام يقوله المزورون وهم يعتدون به على الكتب السماوية وعلى ما أنزل الله من شرائع سماوية وعلى خاتمها الإسلام والقرآن. ففي السنة النبوية لا نجد ما يميز بين المسلم وغيره إلا في الآخرة بين يدي خالقه. الله عز وجل يقول: «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وهذه التقوى التي يشير إليها القرآن هي علاقة بين العبد وربه يشهد بها أطراف المجتمع، لكنها ليست معياراً للانتخاب.

هل ثمة قائمة محددة من حلول شرعية تؤدي إلى استقرار الأوضاع في العالم العربي؟

من العقل قبل الإسلام، أقول إن الدولة في العالم العربي تآكلت وأكلتها مؤسسات الحكومة، والحكومة شيء تابع، والدولة منظمات ثابتة، وسلطة العدل وسلطة القوة في الجيش ومؤسسة الدعوة الدينية وسلطة الرقابة والمتابعة وسلطات التشريع مؤسسات ينبغي أن تبقى مستقلة لأن الدولة ثابتة بعيدة عن التنافس الحزبي لا بد من أن تتحرر من التنافس. ويبقى للحكومة التي تأتي من خلال التنافس الحزبي بالنشاط اليومي الدائم بشأن الخدمات والإنتاج والاستهلاك. أما ثوابت الحياة، من القضاء والقوة والتشريع والدستور والدين، فهذه قضايا لا بد من أن تسند إلى مؤسسات ثابتة تتولاها احترافياً أجيال متتابعة من داخلها على شاكلة تطور وتنامي المؤسسة القضائية منذ التعيين الأول حتى رئاسة المحاكم. فما زال العرب عموماً ومصر خصوصاً في حاجة إلى دولة ثابتة الأركان قبل حاجتهم إلى حكومة تنافسية.

هل يمكن وضع خارطة طريق للدول الإسلامية لتنمية حقيقية مستقبلاً؟

أتمنى للعالم العربي أن يستقل قطاعا الدفاع والقضاء  فيه عن الحكومة، وأن يتولى كل منهما مؤسسة متخصصة. كذلك أتمنى تأسيس هيئة للرقابة في المؤسسات الدينية، بداية من التفتيش على الأعمال اليومية إلى مراقبة السلطات نفسها في ممارستها. نحن في حاجة أيضاً إلى دستور جديد، ودولة بمؤسسات ثابتة وحكومة بمؤسسات متغيرة. فلو شاء الله لهذه الأمة أن تتوافر فيها مؤسسة دعوة واحدة راشدة مستقلة لازدادت قوة ولرسخت سلطتها واستردت ما فاتها، لأن المشكلة المعوّقة لأجيال هذه الأمة مشكلة التعامل مع الدين. فثمة سوء فهم للشريعة، وتطرف في ناحية وإفراط وتفريط في مشاكل لا يجرؤ على خوضها إلا مؤسسة مستقلة راشدة لا تلوكها ألسنة الإعلام .

كيف أسّس الإسلام لمبدأ تداول السلطة؟

حينما أشرف الرسول (صلى الله عليه وسلم) على لقاء ربه، وهذه حالة فريدة لا يقاس عليها لأن سلطته كانت ممتدة بفترة نبوّته، لم يشأ أن يعيّن من بعده وكان يتحرى أثناء أدائه لعمله طوال سنوات الدعوة ألا يجعل لبني هاشم وظائف في الدولة. فلم نجدهم إلا بقدر الآخرين، فلم يكن للنبي نائب ولا مساعد من بني هاشم وإنما قد نجد قائداً من بني هاشم بين مائة قائد وقد تجد قاضياً بين مائتي قاض. أما أن يرى الناس خليفة من أقارب الرسول أو من أصهاره أو مساعداً له، فهذا أمر لم يره أحد، فعل الجميع آنذاك أن السلطة لا تورث ولا تحال لأنها من حق الشعب يوليها من يشاء، وقد اختاروا أبو بكر بإرادتهم وعمر بإرادتهم وعثمان بإرادتهم، ثم توالت الفتن بعد ذلك .

إلى أي مدى ترى أن المسلمين في حاجة إلى إقرار مبدأ الشورى في حكمهم اليوم بعدما ثبت فشل الديمقراطيات الحديثة في تكريس الحرية على أرض الواقع؟

لا تتهم الديمقراطيات بالفشل، وإنما تتهم أنظمة الحكم وأساليبه لأنها فاشلة تقوم على الظلم. فدساتير الأمة العربية كلها تسند الفرعون سواء أكان رئيس جمهورية أو ملكاً أو أميراً. فلا يسأل إلا أمام أسرته وأمام حزبه ويعفى من المسؤولية على المستويات كافة. هذا أمر غاية في الخطورة، ولا بد من أن يُؤسس لنظام لمحاسبة الكبار قبل الصغار .

ما دور المؤسسات الدينية لحماية مبادئ الثورة؟

أن تثبت للناس جدارتها. هنا، لا تأتي جدارة المؤسسة الدينية بالانفراد بالتوجيه الديني، وإنما من استقلال مؤكد وتصحيح للمناهج وعدم السقوط في تأييد فئة على أخرى، أو نصرة مذهب على آخر. فإذا فلحت المؤسسة الدينية في أن تجد لها مكاناً في القلوب الكافة فتستطيع أن تؤدي دورها للمواطنين.

كيف تنظر إلى رفع شعارات دينية كدعاية انتخابية من القوى السياسية الإسلامية في العالم العربي؟

شعارات لا محل لها، وهي استجداء واستقطاب على أساس مرفوض. شخصياً، أرفض أن تسمى لافتات المحال التجارية بعبارات مثل «نور الإسلام» و{الهدى والنور»، فقد تكون السلعة ليست مطابقة أو مناسبة للتسمية، فلماذا يحمل الإسلام هذا الهراء!؟

أخبرنا عن واجبات الحاكم في الإسلام، وكيف يمكن تطبيقها على حكامنا في عالمنا العربي؟

كلمة الحاكم في العصر الحديث من وجهة نظر إسلامية لا تعني حاكماً فرداً في أي حال من الأحوال، فلا بد من أن يكون الحكم في أكثر من مؤسسة، وحينما نقول الحاكم أي النظام الحاكم وليس شخص الحاكم. وفي حال انتخاب رئيس جمهورية، فلا ينبغي أن تكون القرارات العليا في يده، إنما في يد مجلس تكون لرئيس الجمهورية رئاسته ساعة الانعقاد مع السلطة التشريعية والتخطيطية والقضاء. هؤلاء كلهم إذا توافقوا مع قرار يصدره الحاكم الفرد، لا يكون للأخير مكان في عالمنا العربي.

هل ظهور الإسلام في شبه الجزيرة كان في حد ذاته ثورة... ثورة على عبادة الأوثان التي كانت سائدة آنذاك؟

كل وحي نزل من السماء إلى الأرض هو ثورة تأخذ بيد البشر من خطأ إلى صواب ومن خطيئة إلى مكرمة. والشعائر والشرائع والكتب السماوية كافة، من القرآن الكريم وما سبقه، هي ثورات ضد التخلّف والظلم.

هل كان النبي (صلى الله عليه وسلم) نموذجاً لدعاة الإصلاح والتغيير؟

الأنبياء عموماً وخاتمهم محمد (صلى الله عليه وسلم) أسوة لكل الناس، إذا تفكر البشر في المبادئ وفي المقاصد ولمن يتحرى العدل ولمن تتحرى مباغتة ودحر الظلم ولمن يتحرى الانطلاق والتنمية، شرط ألا يجور على الآخرين.

كيف نؤصِّل لمدنية عربية بمرجعية إسلامية بعيداً عن المدنية الغربية التي تختلف في ثقافتها وهويتها عن مجتمعنا العربي؟

لا أفهم من كلمة المرجعية الإسلامية سوى أمر، وهو تحرّي العدل ومقاومة الظلم وتحرّي الإعمار. يتجلى الإسلام في العدالة والإعمار والكرامة الإنسانية، فإذا قلنا دولة إسلامية فتقاس إسلاميتها بتحري ذلك، والحرص الدائم على كرامة الإنسان. وهذا مطلب عالمي قبل أن يكون عربياً، وأي نظام يقوم على هذه الركائز يصبح إسلامياً قيل عنه إسلامياً أو لم يقل.

هل جعلتك الثورات العربية متفائلاً بشأن المستقبل؟

أنا متفائل بطبعي. حتى إن كان ما يُنشر عن الثورات غير مبشّر، يبقى الأمل في الله كبيراً. الإعلام يتحرى أن ينشر ما لا قيمة له قبل أن ينشر الأمور القيمة، ونراه يساوي بين السفاسف وبين الكبار، ويريد أن يملأ مكاناً فيأتي بأخبار مزعجة قبل أن يأتي بما يرشد. الإعلام ضوابط إنسانية، وعليه أن يعود إليها.

في سطور:

وُلد الشيخ جمال قطب عام 1949 في منطقة إمبابة التابعة لمحافظة الجيزة المصرية، ونشأ في جمعية المحافظة على القرآن الكريم، وعمل فيها مدرساً ثم رئيساً لها، إلى أن تركها حينما قرر الاشتغال بالسياسة. وقد مثّل دائرة إمبابة في مجلس الشعب في الفترة من 1990 إلى 1995 في تجربة لم يكررها.

كذلك عمل قطب خلال مسيرته الأزهرية باحثاً في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف، ثم عُين رئيساً للجنة الفتوى في الأزهر من عام 1998 حتى عام 2002، عندما قرر التخلي عن منصبه وقدم طلباً للسلطات لمنحه إجازة مفتوحة من دون راتب حتى أحيل للمعاش عام 2009. وظلت وسائل الإعلام تصف طلب الشيخ إجازة بأنه استقالة مهذبة، فيما قال قطب عن استقالته من رئاسة لجنة الفتوى: «بقيت في بيتي ثماني سنوات كي لا أشارك في هذا العمل المنقوص، إذ كانت مشيخة الأزهر كما هي الآن تدير أعمالها من رؤية محدودة وأحادية لا تستوعب مكانة الأزهر الشريف».

المسلمون جميعاً تم تخديرهم وأبعدوا عن دائرة الفكر السياسي والاجتماعي واكتفوا بالشعائر لذا نرى ما نراه من انحدار للأمة إلى قائمة الأمم المتخلفة

جاء الإسلام بآلية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتركها للناس كلهم ويسميها الفقهاء فريضة الحسبة لتقويم أي خطأ ولرد أي مظلمة

نعاني في العالم العربي سوء فهم للشريعة وتطرفاً في ناحية وإفراطاً وتفريطاً في مشاكل لا يجرؤ على خوضها إلا مؤسسة مستقلة راشدة

لا تلوكها ألسنة الإعلام

كلمة الثورة كتعبير حديث أو تعبير سياسي عن الحراك بين الناس تشير إلى آلية في الإسلام هي آلية المطالبة بالحق والتصدي للباطل