بفضل التطور العلمي الكبير الذي شهده كل من علم الكيمياء ومجال البرمجيات، يتمكّن العلماء قريباً من تحديد تسلسل الجينوم البشري في يوم مقابل 1000 دولار.

Ad

في يوليو 2011، توقع رئيس مجلس إدارة «إيون تورينت» جوناثان روثبرغ أن تنجح شركته بحلول عام 2013 في تطوير رقاقة قادرة على تحديد تسلسل جينوم بشري كامل.

أخيراً، حوّلت الشركة، المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية ومقرها ولاية كونيتيكت، تصريح روثبرغ إلى حقيقة بكشفها النقاب عن Ion Proton المحمول على الطاولة، وهو جهاز قادر على تحديد تسلسل الجينوم البشري.

كشفت الشركة عن جهازها الجديد خلال معرض الإلكترونيات الاستهلاكية الذي أقيم في لاس فيغاس أخيراً، علماً أن نطاق استعماله ما زال محصوراً بالباحثين والعلماء.

يبلغ سعر هذه الآلة الجديدة 149000 دولار، أي ثلاثة أضعاف سعر آلة فك شيفرة الجينوم الشخصي التي كانت الشركة قد أطلقتها منذ نحو عام. لكن وفقاً لروثبرغ، رقاقة قراءة الحمض النووي الموجودة داخل الجهاز الجديد أقوى بألف مرة من سابقتها، ما يسمح للجهاز بفك شيفرة جينوم بشري كامل في يوم فقط لقاء مبلغ 1000 دولار، وهو سعر مقبول عملت الشركات المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية سنوات طويلة للوصول إليه لأنه يخفّض سعر فحص الكشف عن الجينوم الوراثي ليساوي سعر فحص طبي.

يتابع روثبرغ: «جاء تطور هذه التكنولوجيا أسرع مما توقعنا. حرصنا كثيراً على تطوير المزايا الكيماوية والبرمجيات المستخدمة، كذلك طورنا مجموعة جديدة من الرقائق باستخدام مسبك جديد». في النهاية، حصلنا على تكنولوجيا متطورة سرعة معالجتها تفوق «قانون مور» (غوردون مور)، ما يدفعنا إلى توقع أن تتضاعف قوة الرقائق الصغيرة كل سنتين تقريباً.

علم البصريات

مقاربة «إيون تورنت» لتحديد تسلسل الحمض النووي بالاعتماد على أنصاف النواقل فريدة من نوعها، إذ تسود حقلَ تحديد الجينوم البشري راهناً أجهزة تحديد تسلسل وراثي مصنوعة وفقاً لعلم البصريات، خصوصاً أجهزة من صنع شركة Illumina في سان دييغو.

صحيح أن أجهزة تحديد التسلسل الوراثي التي تعتمد على علم البصريات تتميّز عادةً بدقة كبيرة، إلا أن سعرها يتخطى النصف مليون دولار، ما يجعل معظم الأطباء غير قادرين على شرائها. يذكر ريتشارد غيبس، مدير مركز تحديد تسلسل الجينوم البشري التابع لكلية الطب في جامعة بايلور في هيوستن، أن سعر جهاز «إيون تورينت» الجديد يسمح لكل طبيب بالحصول عليه». يُذكر أن هذا المركز واحد من بين أوائل مراكز الأبحاث التي ستحصل على جهاز «بروتون».

كذلك يسمح الجهاز بشراء رقاقة قادرة على تحديد تسلسل الإكسونات فحسب، أي تلك المناطق في الجينوم البشري المسؤولة عن تشفير البروتينات. بحسب المعهد الوطني لأبحاث الجينوم البشري، تشكل الإكسونات 5% فقط من الجينوم البشري إلا أنها تنطوي على أهمية كبيرة لأنها تعد المنطقة التي يحدث فيها معظم التغييرات الجينية المسبّبة للأمراض، ما يجعل تقنية تحديد تسلسل الإكسون خياراً سريعاً وأقل كلفة بالنسبة إلى كثير من الباحثين. صحيح أن سعر رقاقة تحديد الإكسون الصادرة عن «إيون تورينت» يساوي سعر رقاقة تحديد الجينوم، إلا أنها تستطيع تحديد تسلسل إكسونيْن في آن مخّفضة بذلك كلفة تحديد تسلسل إكسون واحد إلى 500 دولار.

يقول روثبرغ: «فيما يرغب بعض الباحثين في فك شيفرة جينات منفردة، يرغب البعض الآخر في فك شيفرة إكسونات. كذلك ثمة آخرون، مثل علماء الأمراض السرطانية، يرغبون في فك شيفرة الجينوم البشري كاملاً. يسمح الجهاز الجديد بتحقيق هذه الأهداف الثلاثة كلها. تكمن المسألة في إيجاد الأداة المناسبة لحل المشكلة».

أفضل سعر

يصعب علينا اليوم معرفة ما إذا كانت تكنولوجيا «إيون تورينت» الجديدة ستكون كافية لجعل الشركة المورّد الأساسي لهذا النوع من الأدوات، فالإجابة عن هذا التساؤل رهن بالوقت. في اليوم التالي لإعلان الشركة عن جهاز تحديد التسلسل الوراثي Proton، أعلنت Illumina أنها توصلت بدورها إلى ابتكار جهاز يستطيع تحديد تسلسل الجينوم البشري لقاء 1000 دولار.

يقول غيبس: «مجال التكنولوجيا الحيوية عالم متحوّل، ولا شيء فيه يمنع الباحثين من التحوّل إلى تكنولوجيات جديدة». مع ذلك، يبدو واضحاً أن المبلغ الذي وضعته «إيون تورينت» هو السعر الأفضل للجهاز. فبالنسبة إلى الباحثين الذين حصلوا على تكنولوجيا تحديد التسلسل الوراثي التي ابتكرتها شركة Illumina، فإن سعر تطويرها سيصل إلى 50000 دولار فقط، في حين أن بيعها بالتجزئة سيصل إلى 740000 دولار، ما قد يخيف المستهلكين المحتملين ويدفعهم إلى عدم الشراء».