تحلم بفن يمنحها القدرة على التحليق إلى أدوار وشخصيات مختلفة وواقع يسوده الحب والود والدفء الإنساني، همّها أن تصبح فنانة تسكن عقل المشاهد وقلبه... إنها الفنانة المغربية سناء موزيان التي قدمت أعمالاً فنية تثير الجدل. مع إيناس الدغيدي، أدت دوراً جريئاً في فيلم «الباحثات عن الحرية»، ولفتت الأنظار مع المخرج المغربي لطيف لحلو في فيلم «سميرة في الضيعة». أخيراً، جسَّدت موزيان شخصية أكثر جرأة في فيلم ربما لن يرى النور اسمه «الخروج من القاهرة». معها اللقاء التالي. كيف تعاملت مع الانتقادات التي وجهت إلى فيلمك الأخير «الخروج من القاهرة»، خصوصاً أن محامياً طالب بمنعه حتى قبل أن يشاهده؟لم يحصل «الخروج من القاهرة» على تصريح بالتصوير بسهولة، بل واجه مشاكل عدة من الرقابة التي اشترطت ضرورة تغيير بعض الألفاظ في الحوار وتعديل مشاهد في السيناريو.الفيلم من إخراج وتأليف هشام عيسوي الذي درس الإخراج خارج مصر، ومارس المهنة في أميركا وله رؤى جديدة مختلفة عن التيارات الفنية كافة التي تقدمها السينما المصرية.في نسخة السيناريو الأصلية، كشف هشام أنواع الاضطهاد كافة التي يعانيها أبناء الطبقة الشعبية والفقيرة في مصر، كذلك تطرق بشكل واضح إلى الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين في مصر من خلال قصة حب بين اثنين من ديانتين مختلفتين.ما هو دورك في الفيلم؟أجسد شخصية فتاة مسلمة لعائلة فقيرة ومتحفظة، تتلخص أحلامها في الاستقرار والحب، إلا أن أمنياتها تتبخر بعدما تتعرض قصة غرامها بشاب مسيحي لمشاكل عدة من المجتمع. مع الإشارة إلى أن الفيلم لا يمس الأديان، بل صاغه المخرج بذكاء لإيصال الرسالة من دون الخروج عن إطار قيم المجتمع المصري الذي يحترم الأديان ولا يميز بينها.متى ترفضين دوراً جريئاً؟بالتأكيد لا بد من أن أحافظ على نوعية الأدوار التي ميزتني، مع تقديم الأفضل والتنويع سواء في الموضوع أم المضمون أم الشكل. أرى أن لكل فنان خطوطاً عريضة ومبادئ يسير عليها، وخطوطي العريضة هي الجرأة التي تصنع فناً راقياً وهادفاً وغير مبتذل.لا تتحقق الجرأة في العري، بل في نوعية الأدوار التي تتجاوز ربما الخطوط الحمراء، لكنها تحتفظ في الوقت نفسه ببريق الفن الصادق الجميل. بالنسبة إلى العري، أرفضه إذا جاء بلا سبب يجيزه وأرفض الإثارة الرخيصة ولا أتعامل مع مخرجين يتعمدون تصوير مشاهد مثيرة لا علاقة بمضمون العمل.بعد فيلم «سميرة في الضيعة» للمخرج لطيف لحلو كانت لك خطوة ثانية في عالم السينما المغربية من خلال قصة تاريخية تعود إلى فترة الثلاثينيات. كيف جاء ترشيحك لهذا العمل؟يتميز فيلم «الطفل الشيخ» بأنه يتمتع بالأصالة العربية التي تبرز فيها الثقافة التاريخية المغربية، إضافة إلى أنه إنتاج وطني.هذه التجربة مختلفة تماماً عن الأعمال التي شاركت فيها سابقاً، لأنها تتناول قصة تاريخية درامية، رومنسية وإنسانية، تتطرق إلى أحداث مهمة عرفها تاريخ المغرب خلال أوائل القرن العشرين، خصوصاً في فترة الاستعمار الفرنسي، مع التركيز على منطقة آيت عطا في جنوب المغرب التي اشتهرت بشهداء وأبطال قاوموا جيش الاستعمار الفرنسي وناضلوا حتى أنفاسهم الأخيرة. كذلك يصف الفيلم الحياة والتقاليد والثقافات الأمازغية من خلال علاقات تربط بين «زهرة» وهي الشخصية التي أجسدها وزوجها شيخ القبيلة وابنهما بالتبني وخدم القصر وأعيان القبيلة، فزهرة تدير القبيلة وتحكمها من خلال دلالها على زوجها، وشخصيتها القوية الديكتاتورية تجعل الكل تحت أمرها.هل تشعرين أن التمثيل سرقك من الغناء الذي بدأت به مشوارك الفني؟منذ صغري وأنا أعشق الفن بأنواعه كافة، من تمثيل ورقص ورسم وغناء. لا أنكر أن تركيزي في السنوات الأخيرة كان على التمثيل، لكن كنت بين كل مشروع سينمائي أختار الأغاني وأسجلها لأضمها في أول ألبوم غنائي يصدر لي قريباً بعنوان «إنت عشاني» والذي استغرق التحضير له ثلاث سنوات كاملة.يكمل الغناء فن التمثيل بالنسبة إلي، ولولاه لما كانت بدايتي السينمائية موفقة. لكن تأكدت أخيراً أنه يتطلب تمويلاً وتكاليف كثيرة ودعاية ضخمة لها ميزانية كبيرة، بينما توقف معظم شركات الإنتاج الغنائي عن طرح الألبومات بعدما لحقت بها خسائر كثيرة سببها قرصنة الأغاني قبل طرحها في الأسواق.اعترض البعض على مشاركتك في لجنة تحكيم المسابقة العربية في مهرجان القاهرة السينمائي 33. كيف جاء رد فعلك؟شاركت الأفلام كافة التي قدمتها في مهرجانات عالمية ونالت جوائز عدة. حصلت على جائزة أحسن وجه جديد في مهرجان «روتردام» لدوري في فيلم «الباحثاث عن الحرية»، وعلى جائزة أحسن فيلم عربي في مهرجان «القاهرة» عام 2005، وعن فيلم «سميرة في الضيعة» حصلت على جائزة أحسن ممثلة في إفريقيا في مهرجان «بوركينا فاسو»، كذلك حزت 13 جائزة من بينها أحسن سيناريو وجائزة النقاد العالميين في مهرجان «مونتريال»، فيما نال الفيلم البلجيكي «الضائع» جوائز عدة من بينها أحسن سيناريو والهرم الفضي في القاهرة وشاهده مليونا متفرج وجاء في المرتبة الثانية في شباك السينما في بلجيك.حصول هذه الأفلام على جوائز كثيرة يؤكد مستواها الفني الجيد، وأعتقد أن مشاركتي فيها تؤهلني للحكم على الأفلام وتحليلها من زوايا فنية وتقنية عدة.تُعرض عليك المشاركة في أعمال كثيرة من زملائك في مصر والمغرب. على أي أسس تختارين عملاً دون غيره وهل يعيق اختلاف اللهجات عملك؟تأتيني هذه الفرص باجتهادي وتركيزي فالفن لا تتحكم به لغة محددة والسينما هي لغة الكون، لذا من المفروض ألا يشكل اختلاف اللهجات عائقاً أو حاجزاً بيننا كأمة عربية قبل أن يكون حاجزا ًكفن أو سينما.عموماً، على الممثل أن يجسد شخصيات مختلفة، وكلما أجاد لهجات أو لغات أتيحت أمامه فرص أكثر في الإبداع الفني، والدليل على ذلك أنني قمت ببطولة فيلم أجنبي وأجدت اللغة قبل التصوير.لم تقف محاربتك عند حدود أعمالك السينمائية بل وصلت إلى الكليبات أيضاً. هل هو تأمر ضدك، أم عدم استيعاب لرؤيتك الفنية؟«الشجرة المثمرة تقذف بالحجارة»، وكلما كنت متميزة وجريئة أثرت الانتباه والجدل. كممثلة أجد متعة في أن أتحدى نفسي وأجسد الأدوار الصعبة، وكمطربة أخاطب جيلي في موضوعات تحرك مشاعره، وكل ما يهمني تقديم فن صادق وتلقائي ليفتح نافذة مكشوفة أتواصل منها مع جمهوري.ماذا عن جديدك الفني؟فيلم مغربي للمخرج محمد إسماعيل بعنوان «سعد السعود»، يدور حول موضوع حساس جداً وهو عدم الإنجاب. أجسد شخصية «ربيعة» التي تتعرض للإهانة من زوجها الفلاح الرجعي وتشق طريق حياة جديدة في المدينة وتتعرض إلى مضايقات ومشاكل كثيرة. كذلك تم ترشيحي في مسلسل «عمر المختار» للسيناريست طارق البدوي، وسيضم العمل مجموعة كبيرة من الفنانين العرب من مصر، ليبيا، المغرب، سورية والخليج.
توابل
الفنانة المغربية سناء موزيان: الغناء أفادني في أولى تجاربي كممثلة
09-01-2012