ما قدمته الحكومة من مبادرات نال استحسان المعنيين بالعملية الانتخابية

Ad

شكلت عملية شطب المرشحين ومن ثم اللجوء إلى القضاء، واحترام الحكومة الأحكام، خارطة طريق كانت مفقودة خلال العمليات الانتخابية السابقة، وأدى الجميع دوره بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في القرارات والنهايات.

مرت الانتخابات البرلمانية خلال الشهر الماضي بعدة منعطفات شكلت سوابق في تاريخ الحياة البرلمانية، بدأت بمشاركة جمعيات النفع العام في متابعة الانتخابات بتكليف حكومي، وتشكيل لجنة فحص طلبات الترشح التي ضمت قاضيا والمحامي العام للدولة وممثلي بعض الجهات الحكومية ذات الصلة، وأيضا إحالة عدد من المرشحين في الدائرتين الرابعة والخامسة الى النيابة العامة بتهمة تنظيم الانتخابات الفرعية المجرمة قانونا.

ولعل الخطوات السابقة كانت بمنزلة رسالة صلح أولى قدمتها الحكومة الى الشعب عقب الأحداث السياسية التي مرت بها البلاد أخيرا، ومؤشرا الى الرغبة في الخروج من اختبار إدارة الانتخابات بأقل الخسائر الممكنة، وتحقيق انتصار نوعي يمهد لها طريقا أكثر استقرارا في علاقتها مع المجلس المقبل، فنزاهة الانتخابات عنوان لا يقبل القسمة على اثنين بالنسبة للقوى السياسية والشبابية والنواب السابقين والمرشحين، كل على حد سواء.

وما قدمته الحكومة من مبادرات نال استحسان المعنيين بالعملية الانتخابية، الا أن هذا الاستحسان لم يخف حذرا من عملية تسييس تلك القرارات لصالح أطراف أو لضرب أطراف أخرى، أو غياب الجدية في التطبيق، وهو ما بدا واضحا على ردود الفعل التي أشادت بالقرارات وانتقدت التطبيق لاحقا، فكل له – من المرشحين – وجهة نظر.

ولعل أكثر القرارات التي أثارت غبار معركة سياسية انتخابية، قرارات لجنة فحص طلبات الترشح والتحقق من مطابقة المرشحين لقانون الانتخاب، وما تلاها من مواقف وقضايا، وعودة المشطوبين الى سباق الانتخابات.

منظومة مؤقتة

وينظر المراقبون الى إجراء شطب المرشحين من زاوية قانونية بعيدة عن التشكيك السياسي في الإجراء، اذ شكلت منظومة مؤقتة مطلوبة لضمان نزاهة الانتخابات وصحتها في ظل غياب هيئة متخصصة تشرف على العملية الانتخابية من بداية التسجيل وحتى يوم الاقتراع.

ويقول المراقبون إن الحكومة، وتحديدا وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود اعطى لجنة الفحص خصوصية واستقلالية في عملها بالاضافة الى الشرعية القضائية بوجود قاض بعد موافقة مجلس القضاء، وهو ما يحسب له، مضيفين أن توصية اللجنة تضمنت أسماء كان لها وزنها السياسي مثل د. فيصل المسلم، ومرشحين مثيرين للجدل على الساحة المحلية، وهو ما يعكس حقيقة عمل اللجنة التي ابتعدت عن الخلفيات السياسية للمرشحين، وانطلقت من تفسيرها القانوني لبعض الأحكام القضائية وإسقاطها على شروط الترشح.

ردود فعل واسعة

الأسماء التي تضمنتها التوصية أثارت جدلا وردود فعل واسعة من قبل المرشحين والسياسيين، وهذا الجدل قائم على اختلاف التفسير في مساس الأحكام الصادرة بحق المشطوبين على شروط الترشح، ولعل هذا الاختلاف أمر متوقع لغياب تعريف واضح للقضايا الماسة بالشرف والأمانة وهي أحد شروط المطلوبة للترشح.

ويرى المراقبون في الجدل الذي دار حول عملية الشطب الجزء المكمل لمثلث العمل السياسي: الحكومة، والسلطة التشريعية – حاليا الشعب – والسلطة القضائية، مضيفين أن الحكومة اصدرت قرارها الذي عارضه المرشحون المشطوبون ومؤيدوهم، وبالتالي فإن السلطة القضائية ستكون هي الحكم ما بين الحكومة والشعب.

ويشير المراقبون الى تصريحات وزير الداخلية الشيخ أحمد الحمود الذي أكد في أكثر من مناسبة بعد صدور قرارات الشطب أن أمام المشطوبين خيار اللجوء الى القضاء للفصل في صحة القرار من عدمه، وهو ما تحقق، اذ كان للسلطة القضائية الكلمة الفصل في قرار الشطب، فأوقفته بعد أن تقدم المشطوبون بدعاوى مستعجلة، فأعادتهم جميعا الى سباق الترشح – باستثناء مرشح واحد - لحين الفصل في الشق المدني.

حراك سياسي

ويرى المراقبون أن الشطب ومن ثم عودة المرشحين بقوة القانون مثل صورة مطلوبة لمفهوم فصل السلطات، خاصة أن الأحكام أعادت الجميع، أي لم تتأثر بالحراك السياسي الذي رافق عملية الشطب، أو دعوات هذا الفريق أو ذاك الفريق وتحذيراتهم.

الحكومة من جهتها، أكدت احترام القضاء وسارعت الى اعادة قيد المرشحين تنفيذا للأحكام، بل وذهبت الى ما هو أبعد من ذلك لتأكيد حرصها على صحة الانتخابات، اذ قررت عدم اللجوء الى استئناف الأحكام، الأمر الذي أعطى عملية الفحص والشطب مصداقية أكثر، وأعطى القضاء ايمانا أقوى به.

ويقول المراقبون ان عملية الشطب ومن ثم اللجوء الى القضاء، واحترام الحكومة الأحكام، شكلت خارطة طريق كانت مفقودة خلال العمليات الانتخابية السابقة، مؤكدين أن الجميع أدوا أدوارهم كما هو مطلوب منهم بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في القرارات والنهايات.