منذ تفجر قضية الإيداعات المليونية، والحراك السياسي في الكويت يسير باتجاه تصاعدي لغةً وحراكاً، حتى بات كل تجمع أو ندوة تقام هناك وهناك تكسر حاجزاً "سياسياً" جديداً في مستوى الخطاب، وتحقق سقفاً أعلى في المطالبات، لم يعهده الكويتيون في قضاياهم السابقة، ما يعكس واقعاً شعبياً بلغ فيه السخط من "الإيداعات" النيابية مداه. والحديث عن الحراك الشعبي وتجمعات "الأربعاءات" السابقة لا بد أن يقودنا إلى "اتحاد" القوى السياسية في متابعة القضية، وعودتها إلى الساحة كقوى ضاغطة وفاعلة، بعد أن اقتصرت تحركاتها الماضية على البيانات والندوات ذات الحضور الخجول.ويقول مراقبون إن تفاعل القوى السياسية وتوافقها على قضية محددة وهي "الإيداعات"، حيث لم تشهد هذه القوى توافقاً وتنسيقاً مثلماً شهدته من قبل في قضية الدوائر الانتخابية الخمس، له من الإيجابيات الكثير، فيرون أن القوى الفاعلة في المحيط السياسي تجاوزت الخلافات الفكرية والسياسية لتتوحد أمام الفساد النيابي والحكومي، فهم يرون فيه الضرر الأكبر على الحياة البرلمانية، وسلوكاً إن تحول عرفاً لقضى على النظام الديمقراطي.كما يرى المراقبون أن التنسيق المتواصل بين القوى السياسية فتح قنوات اتصال جديدة أذابت جليد الخلافات بينهم، وهي خطوة كانت مطلوبة منذ فترة لمواجهة قضايا فساد من ناحية، ومن ناحية أخرى لترتيب الأولويات المطلوبة للإصلاح والدفع بالقوانين التي تساهم في تقويم اعوجاج "سياسي" خلقته الخلافات السابقة.دفة القيادةوعن الإيداعات النيابية والقوى السياسية، يشير المراقبون إلى أن تحول دفة القيادة من النواب إلى القوى السياسية، مع وجود جسور تعاون بينهما، شكل ضغطاً كبيراً على أصحاب القرار، فاستمرار هذا التنسيق والتناغم في توزيع الأدوار كفيلان بتحقيق النتائج المطلوبة.وما هي النتائج المطلوبة في الفترة الحالية في مواجهة قضية "الإيداعات"؟ يقول المراقبون إن المعضلة الحالية التي تعيشها القوى السياسية والكتل النيابية تنحصر في تنوع المطالبات واختلافها، موضحين أن هذا الاختلاف قد لا يشكل أزمة حالياً، ولكنه مشروع أزمة مع مرور الوقت، قد تبرز بصورة لافتة مع قرب دور الانعقاد المقبل.ويتساءل المراقبون: هل المطلوب استقالة الحكومة وحل البرلمان؟ أم إقرار قوانين مكافحة الفساد؟ أم تشكيل لجنة تحقيق برلمانية؟ أم الاكتفاء باستقالة الحكومة ورئيس جديد؟ مشيرين إلى أن تعدد المطالبات شتت نوعاً ما الجهود بين القوى السياسية من جهة، والكتل البرلمانية والنواب المستقلين من جهة أخرى، وقد يفقد التركيز على قضية "الإيداعات" التي شكلت مدخلاً رئيسياً للتنسيق والتعاون، ومدخلاً كذلك للمطالبات.الاستجوابويشدد المراقبون على ضرورة توحد الرؤى في التعامل مع قضية الإيداعات، سواء على مستوى القوى السياسية أو الكتل البرلمانية. ويؤكدون أن حراك القوى السياسية والضغط الشعبي يمثل جزءاً له أهميته، إلا أن انعكاسه يجب أن يكون في قاعة عبدالله السالم، موضحين بقولهم: "دور الانعقاد المقبل سيشهد استجواباً في قضية الإيداعات وهو ما يتطلب حشد المؤيدين له، كما أن قوانين مكافحة الفساد قد ينظرها المجلس في الدور ذاته، وهو أيضا يتطلب الحشد النيابي لاقرارها"، لافتين إلى أن الحراك الحالي ذو اتجاهين؛ الأول لأصحاب القرار والثاني للمجلس والنواب.ويقول المراقبون إن أصحاب القرار أمامهم التوافق السياسي لتلك القوى والحشد الشعبي، فكلما زاد الحشد واستمر التوافق زاد اليقين بأهمية اتخاذ قرار ينفّس من هذا الغضب قبل فوات الأوان، أما الرسالة الى أعضاء المجلس فهي ضرورة التماسك للوصول إلى نتيجة توافقية تحت قبة البرلمان لتحقيق هدف محاربة الفساد النيابي والحكومي عبر الأدوات الدستورية المتاحة لهم.يبقى القول أن تماسك القوى السياسية والكتل البرلمانية وتوافقها في قضية "الإيداعات" هو الأساس الذي يمكن من خلاله مكافحة الفساد النيابي والحكومي، وأي خلاف واختلاف ينتج عنه عودة تلك القوى والكتل إلى مربع التشتت يعني استمرار الفساد بأنواعه.
آخر الأخبار
تحليل سياسي: تجمع القوى السياسية... رسالة لأصحاب القرار وأخرى للنواب
07-10-2011