نيكولاس كايج يواصل جنونه!

في فيلم Ghost Rider: Spirit of Vengeance، يلكم نيكولاس كايج الشيطان.  للحقيقة، يصفع كايج الشيطان على وجهه.

Ad

في فيلمه الجديد الذي يؤدي فيه دور غوست رايدر، ينقذ البطل نيكولاس كايج فتى ويساعد الناس ويقوم ببعض الأعمال البطولية. لكن مهما حاول أن يبدو شجاعاً وطيباً، لن تستطيع الشخصية التي يجسّدها أن تصبح محبوبة بقدر «الرجل الوطواط» و{سوبرمان». الدليل على ذلك عدم تهافت الناس على البطل وغياب مسيرات المعجبين بالفيلم. فشخصية جوني بلايز، سائق دراجة نارية بارع يتحوّل إلى هيكل عظمي مشتعل ويسلب الناس أرواحهم، ليست في الواقع شخصية خارقة. وجوني بلايز أقرب إلى رجل مجنون منه إلى بطل خارق، لذا نجد أن الدور يناسب كايج كثيراً.

بخلاف الأفلام الجديدة المقتبسة من كتب شركة «مارفيل» الهزلية مثلThe Amazing Spider-Man وThe Avengers التي تصدر في صيف 2012 وسط حملة إعلانية كبيرة، أطلق Spirit of Vengeance في صالات العرض شتاءً من دون عرضه مسبقاً على النقاد، أي وفقاً لمقاربة السرّية نفسها التي انتهجتها شركة Columbia Pictures عندما أصدرت الجزء الأولGhost Rider  في عام 2007. ولاقى هذا الفيلم موجة من الانتقادات الحادة، فقوبل بسخرية لاذعة في مواقع الإنترنت التي يسود فيها الفكر الكلاسيكي والرتيب.

مع ذلك، حقق Ghost Rider إيرادات بقيمة 228 مليون دولار في مختلف أنحاء العالم. كانت هذه الحقيقة كافية لاقناع كايج بتكرار التجربة، وهو معجب بالكتب الهزلية دفعه هوسه بها إلى تسمية ابنه « كال- ايل»، وإلى الموافقة على أداء دور سوبرمان في فيلم من إخراج تيم بورتون لم يُصوّر بعد، وإلى الظهور في الفيلم الهزلي الساخر kick-Ass بدور الأب الفخور بابنه القاتل.

عنصر المفاجأة

أخرج Spirit of Vengeance الثنائي مارك نيفيلداين وبراين تايلور وفقاً لأسلوبهما غير الاعتيادي القائم على عنصر المفاجأة. يضمّ الفيلم بعض المؤثرات الثلاثية الأبعاد المؤثرة، ومشاهد رعب متقنة، وحس دعابة غريباً لا يشبه كثيراً ذاك السائد في سائر الأفلام إنما يندرج في الخانة نفسها. مثلاً، ورد في البداية مشهد يحاول فيه بلايز المصاب إقناع الممرّضة بإعطائه جرعة من المورفين. ولمّا أخبرها أنه تحوّل إلى وحش في الليلة السابقة، ظنّت أنه مجنون. عندها صرخ في وجهها بقوة قائلاً: «اسمع يا رجل أنا لا أهلوس! أنا أغازلك كي تخرجي معي في موعد!».

يُشرق وجه كايج في كل مرّة يُذكر فيها أمامه هذا المشهد المضحك في فيلم مليء بمشاهد الحركة والإثارة القوية، وبعمليات مطاردة معقّدة، وبعبدة الشيطان وبرهبان يحملون الأوشام على أجسامهم.

في هذا السياق، قال كايج: «أجد أنه من المضحك أن يستخدم رجل في حضرة امرأة  عبارة  «يا رجل». هذا تصرّف غير لائق. في ذلك المشهد، يتعافى جوني بلايز من آثار الدوار الناتجة من تحوّل رأسه إلى جمجمة ملتهبة. أحبُ كثيراً تجربة الأمور الجديدة. أردتُ أن تكون روح الدعابة التي يتمتّع بها بلايز في هذا الفيلم أكثر سخرية وحدّة من الجزء السابق، فهو لا يشبه شخصيته في الفيلم الأول. أخذنا لقطات أخرى لهذا المشهد إلا أنها انطوت على المبالغة. لم يكن حتى المخرجان نيفيلداين وتايلور مستعدّين لتجربة مثل هذه الأمور».

في الإطار عينه، علّق نيفيلداين على تصوير ذلك المشهد قائلاً: «بالغ كايج فقد أراد أن يكون المشهد مخيفاً للغاية. جُن جنونه خلال التصوير، وصرخ في إحدى اللقطات في وجه الممرّضة قائلاً: «إذا كنت تنوين الاتصال بالشرطة، سأبرحك ضرباً وأكسر ذراعك الصغيرة». بدا المشهد طبيعياً للغاية وكأنه كان يعني ما يقوله. عندها طلبنا منه أن نلتقط بعض اللقطات الإضافية وكنا لا ننفك نذّكره بأن هذا الفيلم موجه إلى الأطفال دون الثالثة عشرة».

يمتد بعض المشاهد في Spirit of Vengeance على طول الفيلم وعلى مدار تطوّر حبكته، ويؤدي فيها كايج الدور بصورة جافة للغاية فيبدو مملاً بين الحين والآخر. كذلك وردت لحظات يحاول فيها بلايز تحذير الناس من روحه الشيطانية بقوله: «لا يملك هذا الشيء لا منطقاً ولا ضميراً! لا يملك سوى جوعاً...!». بالإضافة إلى ذلك، ثمة مشاهد يمصّ فيها كايج أرواح الناس من فمّهم. وبخلاف الجزء الأول الذي وُلّدت فيه الشخصية بالكامل بواسطة الكمبيوتر، أدى البطل في الجزء الثاني الدور بنفسه في معظم مشاهد الحركة والإثارة واضعاً عدسات لاصقة سوداء وتبرج الزومبي بارون سامدي. أما جمجمة الرأس المشتعلة فقد أضيفت لاحقاً بواسطة الكمبيوتر.

تسبّبت كثافة هذا الدور ببعض الآثار السلبية على حياة كايج، لا سيما وأنه من النوع الذي يأخذ عمله معه إلى المنزل. ذكر في هذا الإطار: «تقبّل نيفيلداين وتايلور لما أسمّيه «الأسلوب التمثيلي الشاماني الجديد» دليل على انفتاحهما كمخرجين وعلى شجاعتهما. لديّ آثار صغيرة من زمن مصر القديمة أُخذت من قبور بعض الشخصيات التاريخية المهمّة، وضعتها داخل سترتي الجلدية».

شرح: «تسمّى بأغراض القوة. لا يهمّ إن كانت تعمل أو لا، فالمهمّ أن يؤمن الممثل بأنها تحفّز خياله بطريقة أو بأخرى وتجعله يمثل بطريقة طبيعية. فأنا لم أعد أحب كلمة تمثيل لأنها تنطوي على الكذب أو على الخداع. أريد أن أكون حقيقياً في أدواري، وقد سمح لي نيفيلداين وتايلور القيام بذلك».

في فيلم  Spirit of Vengeance الذي صُوّر في أوروبا الشرقية وفي تركيا، يتغلغل كايج في شخصية غوست رايدر ويدخل معها في وحدة حال. خلال التصوير، كان يمشي بوجهه الذي رسم عليه شكل جمجمة وينظر إلى الناس بواسطة عدساته اللاصقة السوداء بطريقة مخيفة. لم يكن ينطق بكلمة واحدة في الموقع لأن جوني بلايز يتكلّم إلا أن غوست رايدر لا يفعل ذلك (فهو هيكل عظمي لا يملك لا لساناً ولا أحبالاً صوتية).

قال كايج: «كان الخوف الذي رأيته على وجوه طاقم العمل محفزاً بالنسبة إلي. أخبرني تايلور إنه شعر في بعض الأوقات بأن ثمة طاقة سلبية تخرج مني. وقد كمنت المشكلة في التخلّص من أجواء التصوير والعودة إلى المنزل بنفسية مختلفة. عندما تبقى في موقع التصوير حتى الثالثة صباحاً ثم تذهب لحضور حفلة نُظّمت بمناسبة قدوم عيد الميلاد في رومانيا... قد تفقد السيطرة على نفسك. هذا ما حصل معي».

خيارات منوعة

يعني كايج (48 عاماً) كل كلمة يقولها. فقد حققّت أفلامه مجتمعةً إيرادات تخطّت الأربعة مليارات دولار. كذلك يُعتبر أحد أكثر ممثلي جيله تنويعاً في أفلامه، وفاز بجائزة أوسكار عن فيلمه (Leaving Las Vegas) وأخرج فيلم Sonny الذي صدر في عام 2002. بالإضافة إلى ذلك، شارك في أفلام من إخراج مارتين سكورسيزي وأوليفر ستون وويرنير هيرزوغ وآلان باركر ودايفيد لينش ومايكل باي وجون ووه.

يمكنكم أن تقولوا ما تشاؤون عن خيارات نيكولاس كايج التي أثارت شكوكاً كثيرة أحياناً. (مثل مشاركته في فيلم Bangkok Dangerous وSeason of the Witch). لكن ما لا شك فيه أنه لا يمكنكم إلا أن تضحكوا عندما تشاهدون الأخطاء التي ارتكبت خلال التصوير (شاهد الجمهور الشريط المصور الذي تبلغ مدّته الدقيقتين والذي يعرض الأخطاء التي ارتكبت خلال تصوير فيلم The Wicker Man في عام 2006 لما يزيد عن الثلاثة ملايين مرّة على موقع اليوتوب).

يُذكر أن كايج يبدي في أعماله كافة درجة الالتزام نفسها بغض النظر عن نوعية الجمهور الذي يتوجّه إليه الفيلم، ويفعل ذلك عن وعي كامل. يعرف كيف يخفف من حدّة تمثيله عندما يكون في طور تصوير أفلام ترفيهية موجهة إلى الجمهور العريض مثل  National TreasureوThe Family Man. فهو يعتبر ألا ضرورة لإخافة الأطفال في هذه الأفلام. ويلاحظ أن غالبية أفلامه كانت من نوع الأفلام الصعبة لأنها تسمح له بتجربة أمور مجنونة مثل محاربة قتلى يلوّحون بفأس أثناء ضمّه بائعة هوى (Drive Angry) وأكل صرصور حيّ أمام الكاميرا (Vampire’s Kiss).

قال نيفيلداين: «يشبه نيكولاس الأطفال كثيراً، فهو يرغب دوماً في الخروح واللعب. يعمد دوماً إلى ابتكار أفكار جديدة أثناء تواجده في موقع التصوير وغالباً ما تكون 97% منها رائعة. ليس تمثيله اعتباطياً إنما خاضعاً لمنهجية معيّنة؛ فهو يعطي كل ما لديه لكل لقطة يقوم بها. نقدّر براين وأنا كثيراً هذه الميزة فيه، ونحب عندما يبدأ بالتصرّف بجنون. أحياناً، تجد نفسك مضطراً إلى الإمساك به والطلب منه تهدئة روعه. إلا أنه رجل شغوف ومليء بالمشاعر والعواطف. إنه يزخر بالطاقة والحيوية».

المعروف عن كايج أنه يرفض الاعتذار عن المشاركة في الأعمال المعروضة عليه. يعرف أن البعض ينظر إليه على أنه ممثل موهوب يكرّس نفسه للأدوار العالية الأجر. إلا أنه وصل في مسيرته المهنية إلى مرحلة جعلته لا يكترث بمثل هذه الأقاويل. قال إنه بغض النظر عن رأي النقاد والجمهور بفيلمGhost Rider: Spirit of Vengeance يشعر أنه فخور به لأنه لا يشبه سائر الأفلام المقتبسة من الكتب الهزلية، وقد أعطاه فرصة لغوص مغامرات جديدة واختبار موهبته. فما العيب في أن يبدو مثل الجمجمة في أفضل المشاهد التي أداها؟

يعبر  Spirit of Vengeanceعن ثقافة شعبية مجرّدة ومؤثرة في الأعصاب. ذكر كايج: «يشبه هذا العمل فيلم فرانكشتاين. أوجّه تحيّة تقدير إلى شركة Sony Pictures لتحلّيها بقدر كافٍ من الشجاعة لإنتاجه. إذ قلما تقبل شركات الإنتاج الضخمة بمثل هذه الأفلام. ولا أنسى المخرجين اللذين حرصا على إيصاله إلى فئات الجمهور كافة. إذ لا بد للتمثيل من أن يبقى مثيراً للفضول والاهتمام ومنعشاً، وإلا أصبح رتيباً ومملاً. لا شك فيه أن هذا الفيلم كان مثيراً ومشوقاً. مررت ببعض اللحظات التي شعرت فيها بأنه بدأ ينخر في رأسي، لكنه سمح لي أيضاً بتجربة أمور جديدة في عالم التمثيل. هذا أكثر ما يهمّني راهناً».