«أقرب الصوايغ إلى نفوس المهنئين ماء زمزم ثم العجوة والعنبرة» من اجمل العادات الاجتماعية عند المسلمين في شتى بقاع العالم هدية او "صوغة" الحاج كما تقال في اللهجة المحلية حيث يحرص الحاج وبمجرد انتهائه من اداء مناسك الحج على شراء الهدايا للأهل والأقارب والجيران.وكانت هذه الهدايا قديما تتخذ أشكالا مختلفة وان كانت القناني المعبأة بماء زمزم الاكثر طلبا فهي من اهم رموز الحج لدى جموع المسلمين مرورا بتمور العجوة الاكثر طلبا ثم المسابيح وسجادة الصلاة والمسواك.ويقول الباحث في التراث صالح المسباح لـ"كونا" ان "صوغة" الحجاج قديما كانت بسيطة وغير مكلفة ولكنها كانت تثير البهجة والفرحة في نفوس الكبار قبل الصغار لكونها آتية من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكان من عادات وتقاليد أهل الكويت في الحج قديما في مثل هذه الايام ان يرافق الحملات حاج ولكنه يجهز نفسه للعودة مسرعا قبل قدوم الحملة الى الكويت بأيام.واضاف المسباح ان هذا الحاج كان يحرص على ذلك مجهدا نفسه ليزف البشرى لأهل الكويت باقتراب وصول أهاليهم من رحلة الحج ويطمئنهم على سلامتهم ويسمى البشير وحينما يطوف على البيوت يبادر الأهالي باعطائه من الثياب والبشوت والغتر والنقود كهدية له ويقوم الكويتيون بالخروج الى خارج السور لاستقبال حجاج بيت الله الحرام.واضاف انه بعد عودة الحاج يقوم بعمل وليمة للأهل والجيران المقربين ويوزع الهدايا وتسمى "الصوايغ" التي تم شراؤها من مكة المكرمة والمدينة المنورة ومن اشهرها الخواتم والمسابح والأسوكة وسجادة الصلاة والمصاحف والغتر والطاقية والنعال النجدية.وقال "ان أكثر الصوايغ طلبا والمحببة الى نفوس المهنئين كان ماء زمزم، وللعلم لم يكن يجلب ماء زمزم الا بشكل محدود جدا وليس مثل الان بكثرة لتوافر وسائل النقل المريحة والسريعة ومن ثم تمور المدينة (العجوة والعنبرة) وعرفت منذ الأزل في المدينة المنورة وتأتي فائدته من وروده في عدد من الأحاديث الشريفة وليس أفضل منه هدية ففيها كل البركة".واشار الى ان الصوايغ كثيرة "ولكن بعضها لازم ذاكرتنا خلال فترة الطفولة والشباب وهناك صوغة مشهورة يحرص على اقتنائها اطفال الكويت قديما وهي الكاميرا على شكل تلفزيون وتأتي بثلاثة الوان الاحمر والاخضر والازرق وهي عبارة عن العاب مجسمة على شكل تلفزيون من البلاستيك بحجم قبضة يد طفل فيها مجموعة صور للاماكن المقدسة المتنوعة.وتابع المسباح ان من الالعاب التي يأتي بها الحجاج كذلك السيارات الصغيرة التي نرجعها للخلف بقوة اكثر من مرة ربما لنشحنها ثم تنطلق للامام مسرعة لتصدم وتنقلب رأسا على عقب وايضا هناك الكتكوت الاصفر الدوار حول نفسه والناي الصغير وايضا لعبة الفرارة.وقال ان الحجاج يهدون إلى اقاربهم المصاحف وايضا المساويك (جمع مسواك) وسجادة الصلاة وغالبا ما تكون باللون الاحمر أو الاخضر أو الازرق وكذلك كانت تجلب بها قطع من البلور والبلاستيك من تراب الاراضي المقدسة ومصنوعة على شكل مخروطي بها حبل لتعلق على الرقبة وخصوصا المريض للتبارك وبعض الحجاج يحرصون على اهداء الاهل العطور الطيبة وخصوصا التي تباع بجوار الحرم النبوي الشريف حتى لو كان ثمنها غاليا مثل المسك وبعض أنواع العود والورد الطائفي والعنبر.وأضاف ان اهل الكويت جبلوا قديما وحديثا على زيارة الحجاج بعد عودتهم حتى يلتمسوا منهم الدعاء ويتباركوا بشرب ماء زمزم وكانت عودة الحجاج ولا تزال دائما محل احتفال واحتفاء لمكانتها ورمزيتها ويحرص المهنئون والزوار على الاستماع الى تفاصيل رحلة الحج وذلك من باب التشجيع على الطاعة ونقل المعاني التعبدية والايمانية للناس.
محليات
المسباح: صوغة الحجاج قديماً كانت بسيطة لكنها مبهجة
09-11-2011