أوصت دراسة قانونية تحت عنوان "الدائرة الانتخابية والتكاليف المالية" بضرورة إعادة النظر في تقسيم الدوائر في الكويت والتفكير في جعل الدولة دائرة انتخابية واحدة للقضاء على الظواهر الانتخابية السلبية.

واشارت الدراسة التي تقدم بها وكيل نيابة الأموال العامة عبدالله مشاري العوضي الى ان تقسيم الدوائر الانتخابية يجب ان تراعى فيه المساواة بين الناخبين من حيث الكثافة السكانية وعلاقة عدد المرشحين في كل دائرة مع عدد السكان في هذه الدائرة وذلك حتى تتحقق المساواة والعدالة.

Ad

وأوضحت الدراسة ان "المساواة هنا لا نعني بها تلك المطلقة التامة فمن حيث الأرقام قد يكون هناك تفاوت في العدد بين الناخبين في دائرة عن أخرى ولكن هذا التفاوت يجب ألا يكون كبيرا".

وذكرت انه سواء كان تنظيم الدوائر الانتخابية بنصوص دستورية صريحة أو وفقا للقانون فإن تقسيم الدوائر الانتخابية يجب أن تراعى فيه المساواة بين الناخبين من حيث الكثافة السكانية وعلاقة عدد المرشحين في كل دائرة مع عدد السكان في هذه الدائرة وذلك حتى تتحقق المساواة والعدالة.

خيارات متعددة

وقالت الدراسة ان خيارات عدة كانت أمام المشرع الكويتي عند وضع قانون الانتخاب فإما أن يقسم دولة الكويت إلى خمسين دائرة انتخابية كل دائرة تختار نائبا واحدا وإما أن يقسمها إلى عدد أقل من الدوائر بحيث تختار كل دائرة عددا من النواب بحيث يكون مجموع النواب خمسين نائبا وإما أن يجعل الكويت دائرة انتخابية واحدة.

وبينت أنه تبعا لذلك تم تقسيم الدوائر إلى عشر في الفترة بين أعوام 1961 و1976 ثم تحولت في الفترة بين 1980 و2006 لتصبح خمسا وعشرين دائرة تنتخب كل منها عضوين لمجلس الأمة وانتهى الحال بصدور القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية الذي قسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية.

وأضافت انه "وإن كان تطبيق الدوائر الانتخابية الخمس جيدا إلى حد ما فإننا نؤيد تحويل الكويت إلى دائرة انتخابية واحدة لاعتبارات كثيرة بعيدة عن القبلية والاستقلالية وأخطاء الكتل الأخرى للاتفاقات بينها وايضا يكون النائب نائبا للجميع ونائبا للأمة وليس لدائرته الانتخابية ولكي يكون من السهل تطبيق ذلك من الناحية العملية لابد ان يمر تطبيق الدائرة الانتخابية الواحدة بمراحل قانونية ودستورية".

ولفتت الدراسة الى ان التقسيم الجديد اراد تلافي سلبيات وعيوب كشف عنها التطبيق العملي للنظام السابق ومن ثم تم تطبيق نظام الدوائر الخمس في انتخابات عامي 2008 و2009 ولوحظ فيه الحد من بعض المظاهر السلبية التي صاحبت نظام الـ25 دائرة كشراء الأصوات والفرعيات وغيرهما.

وأضافت الدراسة انه على الرغم من التنظيم القانوني للحملات الانتخابية في الكويت وما تستلزمه من دعاية ومصروفات فان الملاحظ أن الانفاق العام على تلك الحملات محدود مقارنة بما ينفقه المرشحون ومن يدعمهم من المال الخاص.

واشارت إلى ان القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة وتعديلاته قد خلا من الأحكام المالية وعلى وجه الخصوص تلك التي تنظم التكاليف المالية في الدائرة الانتخابية سواء أكانت بالنسبة لمصروفات المرشح على حملته الانتخابية في الدائرة التي لا تقف عند سقف معين أو تعلقت بالانفاق العام للدولة على الدائرة الانتخابية وتمويل الحملات في كل دائرة انتخابية.

وأوضحت انه باستقراء القوانين التي تشترك في تنظيم العملية الانتخابية إلى جانب قانون الانتخاب مثل القانون رقم 12 لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والمرسوم رقم 15 لسنة 1959 في شأن الجنسية الكويتية وتعديلاته وقانون تحديد الدوائر الانتخابية رقم 25 لسنة 1961 وتعديلاته يتبين لنا من الوهلة الأولى أن الافتقار إلى نصوص تنظيم التكاليف المالية في الدوائر الانتخابية يسير في خط متواز مع عدم وجود قانون ينظم الأحزاب السياسية في الكويت ومن ثم وضع آلية لتمويله ودعمه من مالية الدولة.

وقالت الدراسة انه إذا كان المال السياسي بالمفهوم السالف الذكر يدخل في دائرة التجريم فإن الانفاق الخاص على دعم المرشحين في الانتخابات قد يتفق والحق في الخصوصية التي تكفلها الدساتير وكما هي الحال في أغلب دول العالم يوجد في الكويت ظاهرة سلبية في الانتخابات تعرف بـ"شراء الأصوات" التي تأخذ صورا عدة ابتداء من تقديم القروض النقدية بلا فائدة أو الهبات النقدية والهدايا العينية أو سداد نفقات العلاج أو التعليم دون استيفاء أي مبالغ أو تغطية مصروفات الناخب من أقساط سيارات أو عقارات أو سداد فواتير لمصلحته إلى غير ذلك مما يدخل في شراء ذمم الناخبين لمصلحة المرشح.

بلاغات أو شكاوى

وذكرت أنه قد ينفق المال السياسي من الأموال الخاصة للمرشح كما قد يكون هناك مال سياسي عام تدعم من خلاله الحكومة أصوات مرشح بعينه وهذا النوع الأخير من مالية الدولة لم يثبت في أي من انتخابات مجلس الأمة الكويتي على الرغم من الاشاعات التي أطلقها بعض المرشحين اذ لم تقدم أي بلاغات أو شكاوى أو بوقائع خاصة حول هذا الأمر في تاريخ الحياة النيابية الكويتية.

وافادت بأن شراء الأصوات يعد من الجرائم الانتخابية اذ ان مفهوم الرشوة الانتخابية لا يبعد كثيرا عن مفهوم الرشوة في قانون الجزاء الكويتي وعلة التجريم بالنسبة للرشوة في قانون الجزاء هو نزاهة الوظيفة العامة ومعاقبة من يستغل من الموظفين وظيفته للحصول من ورائها على فائدة محرمة.

واكدت الدراسة ان الرشوة الانتخابية تختلف عن مفهوم الرشوة في قانون الجزاء من حيث القصد أي من جانب ارتباط شراء الأصوات بالانتخابات وعدم اقتصارها على المال فحسب وانما يتسع نطاقها ليشمل أي منفعة أو فائدة للناخب أو لكل من يطلب أو يأخذ أو يتوسط في فعل من الأفعال التي نصت عليها المادة 44 ثانيا وثالثا من قانون الانتخاب.

واشارت إلى أن الركن المادي يتمثل في جريمة شراء الأصوات في سلوك المرشح الذي ينطوي على فعل العطاء أو التعهد بعطاء أموال للناخب أو لوسيط بينهما وقد ترد هذه الأفعال على الأموال أو الهدايا أو أي منفعة مادية أو منفعة غير مادية كالوعد بالتوظيف أو السعي للترقية. ( كونا)