الحكومة ستجد نفسها أمام سيل من الاستجوابات قُدر لجلسة مجلس الأمة في 31 مايو الماضي أن تكون جلسة ذات معنى سياسي في غاية الأهمية في المشهد السياسي المحلي، فبخلاف كونها جلسة استجوابي رئيس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد ونائبه الشيخ أحمد الفهد، فإنها فجّرت بصورة علنية حقيقية الصراع الدائم بين أبناء الأسرة الحاكمة، وعمق الأزمة التي تعيشها في صراع أبنائها على النفوذ والبقاء، والاصطفافات النيابية مع طرفي الصراع.الارتدادات السياسيةولم تقف تداعيات الجلسة مع رفعها وتأجيل استجواب المحمد وإحالة استجواب الفهد للجنة التشريعية البرلمانية، بل استمرت ارتداداتها السياسية على وسائل الإعلام المملوكة أو المدعومة أو المقربة من طرفي الصراع، التي عكست بصورة واضحة طبيعة التجاذبات، حتى جاءت استقالة الفهد لتضع النقاط على حروف الأزمة الداخلية التي تعيشها الأسرة والحكومة على حد سواء.ويصف مراقبون سياسيون استقالة الفهد بأنها قرع طبول لبداية أزمات أخرى وليست نهاية للصراع الذي لن يعرف منتصراً، في ظل توفر أسلحة نيابية وإعلامية. إذ توقع المراقبون أن تجد الحكومة برئيسها تحديدا ووزرائها انفسهم امام سيل من الاستجوابات من شأنها ارهاق الحكومة وإضعاف الرئيس.ويضيف المراقبون أن الاتهامات طالت الفهد في أكثر من مناسبة، سواء في الحكومة الحالية أو السابقة أو حتى قبل عودته الى العمل السياسي بعد ابتعاده عنه في 2006، في دعم استجوابات قدمت للمحمد ووزراء آخرين، مشيرين الى أن عودة تكتيك الفهد السابق غير مستبعد لتعويض الخسائر الفادحة التي تعرض لها سواء على صعيد الأسرة داخليا أو على الصعيدين الشعبي والإعلامي.استقالة الفهدإلا أن المراقبين يرون أن امام الفهد خياراً آخر، يتمثل في الابتعاد عن المشهد السياسي لإعادة ترتيب أوراقه، خصوصا داخل الأسرة الذي استنفد الكثير من أوراقه داخلها خلال المرحلة الماضية، تمهيداً للعودة الى العمل السياسي في مرحلة ما بعد المحمد.ويرى المراقبون أن المرحلة المقبلة، بما تحمله من تبعات سياسية لاستقالة الفهد وأزمات مرتقبة، ستضع الحكومة ورئيسها في مواجهة أخرى مع أبناء عمومته، تتقاطع مع مواجهة نيابية تدعو لتنحيته من منصبه، وسيكون مجلس الأمة ساحة الصراع، وهو ما يشكل خطراً على الحياة الديمقراطية، حيث يكون التشريع والرقابة سلاحاً لجميع الأطراف في معاركهم المتبادلة.ويقول المراقبون إن الأنظار ستتجه الى جلسة الثلاثاء المقبل، حيث من المرتقب أن يواجه المحمد استجوابا مقدما له من النواب د. وليد الطبطبائي ومحمد هايف ومبارك الوعلان، وسيكشف عن أوجه جديدة للصراع، إذ ستكون وسائل الإعلام ومواقف النواب هي الأهم وليس الاستجواب.وأمام تلك الشواهد الحالية والمتوقعة مستقبلاً، يرى المراقبون أن أمام الرئيس خيارات عدة لتفادي الاستقطابات المقبلة، أهمها إسناد حقيبة الفهد لشخص من غير الأسرة، وهو خيار يتداوله بعض السياسيين، خصوصاً أن ملف التنمية قد أسند الى د. موضي الحمود وزيرة التنمية السابقة، أي لا يوجد مانع من أن يتولى الملف وزير من خارج الأسرة.الأزمة التي بدأت مع استقالة الفهد لن تنتهي إلا بوضع حلول جذرية لعلاقة أبناء الأسرة في ما بينهم، وتقنن مشروعية الطموحات لدى بعضهم من خلال معايير واضحة وبينة، هكذا يرى المراقبون الحل الأمثل لحالة التجاذبات التي تعيشها. ويضيف المراقبون أن عملية الوصول الى المراكز القيادية في سلم الحكم باتت تتحكم فيها موازين الاستقطابات وليس الكفاءة، مؤكدين أن أي حل آخر لن يكون سوى إبر مخدرة لأزمة دائمة ومستمرة.
محليات
تحليل سياسي ... استقالة الفهد... بداية أزمة وليس نهايتها
11-06-2011