إلى أي مدى يؤثر الزواج بين فنان وفنانة على مستقبلهما الفني، ومتى يكون حافزاً لإبداعهما ومتى يقف عائقاً أمام نجاحهما؟ وهل ثمة ما يمنع من مساعدة الفنان لزوجته الفنانة وما حدود هذه المساعدة؟

هذه الأسئلة وغيرها برزت في الفترة الأخيرة بعد تزايد طلاق الفنانات من أزواجهن بسبب نزعة الاحتكار التي يمارسها هؤلاء عليهن.

Ad

انفصلت المطربة ديانا حداد أخيراً عن زوجها المخرج سهيل العبدول، بسبب  إصراره على إخراج كليباتها كافة، وفق ما صرحت للصحافة، ما يحول دون تألقها مع مخرجين آخرين، كذلك انفصلت المطربة نوال الزغبي عن زوجها ومدير أعمالها إيلي ديب بسبب تدخله في تفاصيل العروض التي توقع عليها.

قد تتزوج فنانة من فنان لا يتحمل اشتراكها في أعمال بمعزل عنه، وهو ما حدث مع ليلى مراد وأنور وجدي، إذ كان يضايقها لدى تصويرها فيلماً مع منتج آخر وتزداد الخلافات بينهما بعد نجاح الفيلم باعتباره الأولى بثمار أعمالها، حسب قناعته.

في المقابل ثمة أزواج لم يتأثر زواجهم بنجاحهم الفني، على غرار فاتن حمامة وعمر الشريف، وآخرون استمروا في التعاون مع بعضهم البعض حتى بعد انفصالهم مثل فاروق الفيشاوي وسمية الألفي، المطربة أنغام وزوجها الموزع الموسيقي فهد.

قد يساعد الزوج الفنان زوجته على أن تخطو خطواتها الأولى في الفن، وهو ما فعله المنتج والمخرج مجدي الهواري مع زوجته الفنانة غادة عادل في بداية مشوارها الفني، أو تعزيز مسيرتها الفنية كما يفعل المنتج والمخرج طارق العريان مع زوجته المطربة أصالة، إذ أخرج برنامجها الأخير «صولا» وأنتجه.

موهبة ومهارة

يرى الناقد رفيق الصبان أن نجاح الزوج في مساعدة زوجته أو العكس يتوقف على موهبة الفنان ذاته، وما إذا كان يمتلك مهارات فنية أم لا، «حاولت الفنانة فاتن حمامة إدخال ابنتها نادية ذو الفقار مجال التمثيل، فقدمتها في فيلم من إخراج حسام الدين مصطفى وتأليف إحسان عبد القدوس، لكنها فشلت ولم تكرر فاتن هذه التجربة ونصحت ابنتها  بالابتعاد عن التمثيل لأنها لا تتقنه، ما يعني أنه، مهما كانت واسطة الممثل، لن ينجح إلا من خلال رؤية الجمهور، فهو الحكم الأول والأخير.  ثمة حالات لا ينطبق عليها هذا الأمر منها: ليلى مراد وأنور وجدي، ومنى زكي وأحمد حلمي، لأن لكل من الزوجين شعبيته الخاصة التي حققها من دون مساعدة الآخر... «

يضيف الصبان: «لا مانع من أن يساعد الزوج الفنان زوجته الفنانة في اختيار أعمالها كما يحدث مع مجدي الهواري وزوجته غادة عادل، لكن إذا تعدت هذه المساعدة حدودها كأن يفرض الزوج خيارات معينة على زوجته من شأنها الحد من انتشارها الفني، عندها  يقع الانفصال كما جرى مع ديانا حداد وزوجها المخرج سهيل العبدول».

ظروف مختلفة

ترى الناقدة ماجدة خير الله أنه إذا فشلت تجربة زواج فنانة وفنان لا يجوز التعميم، فلكل تجربة ظروفها، مثلا من الطبيعي أن يضيق أنور وجدي الخناق على زوجته ليلى مراد لأنها عملت في فيلم من انتاج غيره، لأنه منتج ومخرج ومن غير الطبيعي أن تعمل  مع غيره مع أنه قدم، في الوقت نفسه، أفلاماً مع الطفلة فيروز ومع نعيمة عاكف ولم تتصرّف ليلى مراد معه مراد مثلما تصرّف معها.

تضيف خير الله أن ثمة فنانين قدموا أعمالا مشتركة ولم يكونوا متزوجين، على غرار منى زكي وأحمد السقا، وقديماً فاتن حمامة مع عماد حمدي مع أنها كانت متزوجة من عمر الشريف، الذي لم يتضايق من نجاحها بل كان يفرّق بين الزواج والعمل الفني.

تلاحظ خير الله أن ثمة أزواجاً كونوا دويتوهات ناجحة، وخير مثال على ذلك هدى سلطان وفريد شوقي، بوسي ونور الشريف، شويكار وفؤاد المهندس وهذا الأخير  قدم مسرحيتين أيضاً مع شريهان «سك على بناتك» و{علشان خاطر عيونك»، وبعدما انفصل عن زوجته  ظلا صديقين.

حياة مختلفة

«تختلف حياة الفنانين عن حياة أي شخص عادي» برأي الناقدة خيرية البشلاوي لأنهم  يعيشون تفاصيل ويلتزمون بمواعيد متباعدة، لا سيما  الفنانين الناجحين، فهم يمتلكون شبكة علاقات واسعة وينتابهم خوف وتوتر على الدوام حول نجاح أعمالهم واستمرار  شعبيتهم... {لا شك في أن هذه الأمور لا تترك لهم مساحة كبيرة للحب والتفاهم في حياتهم الزوجية ويزداد الأمر تعقيدا وحساسية إذا كان الزوجان يعملان كلاهما في الفن».

تؤكد البشلاوي أنه، في حالات كثيرة، يحدث انفصال بسبب غيرة الزوج من نجاح زوجته أو تعدد علاقاتها أو كثرة الحفلات التي تحييها... لذا لا بد من أن يكون كلا الطرفين على مستوى عالٍ من النضج، وهو ما لا يتوافر في الوسط الفني. وفي حال كان الزوجان يعملان في مجالين مختلفين عن بعضهما تقلّ المنافسة والغيرة.

توضح البشلاوي أن مسألة الاستقرار تمثل مشكلة لدى الفنانين في ظل تعدد القنوات الفضائية، إذ تزداد المنافسة وترتفع نسبة الطلاق، عكس ما كان قديماً، لأن كل طرف  ينتظر أن يلبي الطرف الآخر طلباته ويساند طموحاته، وعندما لا يجد ما كان يريده يحدث الانفصال.

تعاون مثمر

ترى د. سميحة نصر، أستاذة علم النفس، أن نجاح زواج الفنانين من الفنانات يتوقف على ذوبان الزوج في حياة زوجته، فيكون الصديق ويتعاون مع زوجته ويحاول إسعادها بعيداً عن الأنانية التي، إذا ما اقترب منها ولو بنسبة ضعيفة، ستتبدد هذه العلاقة على الفور.

تضيف نصر: «الزوج هنا هو رجل شرقي، في الأساس، قبل أن يكون فناناً لذا نجده يطمح إلى أن يكون متميزاً عن زوجته ويسبقها في النجاح حتى لا يشعر بأنه أقل منها فنياً».

تضيف د. سميحة: «قد تؤثر الثرثرة في الزوجة الفنانة  إذا لم تكن واثقة من نفسها ومن قدرتها على التمثيل أو الغناء، وتؤدي الحساسيات بينها وبين زوجها  إلى الانفصال الشخصي والفني».